إستيقظ سكان بوزريعة قبل يومين على وقع حادث مُروّع: رجل يضرب ابنته ضربا مبرحا يرمي بها في المستشفى، بعد أن أرسلت له صورها وهي عارية، أو شبه، على شاطئ البحر، حسب أخت الفتاة فإنّ تلك الصور التقطت خلسة، وتمّ معالجتها عبر المونتاج، ونُشرت على الأنترنيت، وفي المنتديات، وفي كلّ مكان، ولكنها ليست الأولى، ولا الأخيرة من نوعها، في بداية صيف هذه السنة. مصطفى مهدي. مع تطوّر الوسائل التكنولوجية الحديثة، صار المونتاج هواية من لا شغل له، وقد يستعملها في أمور مفيدة، وقد لا يفعل، بل العكس من ذلك يجعلها أداة للانتقام من الغير، أو فقط لمجرد التسلية، وأيّة تسلية، تسلية بالشرف، يُمكن أن تؤدي إلى ما وقع لذلك الرجل، الذي لم يستطع التحكم في نفسه، وهو يتلقى على هاتفه النقّل صورة إبنته بملابس فاضحة، على شاطيء البحر، تقول لنا أختها التي تحدثنا إليها في مستشفى بني مسوس، تقول أنّ تلك الصور مفبركة، وأنها أختها كانت ترتدي ملابس بحر عادية، ولكن صديقها السابق، تضيف الأخت، عمد إلى التقاط صور لها، وفبركتها، من أجل الإساءة إليها، ثمّ إرسالها إلى الأب، ومن غير ذلك الصديق، تقول الأخت بغضب، من غيره يعرف رقم هاتف والدها؟! هذه الحادثة ليست الوحيدة من نوعها، بل إن هناك ما يشبه العصابات التي تتاجر بتلك الصور، هذا ما قاله لنا حسّام، وهو خبير في المونتاج، ولكن له حدود لا يتخطاها، ليس مثل البعض، يضيف، والذين يلتقطون يُفبركون الصور مقابل مبالغ مالية، هذا ما قاله لنا حسام الذي رافقنا إلى شاطئ "لابيروز" والذي كشفنا فيه عن عصابة، أو شبه، مختصّة في تلك الصور، وحتى الفيديوهات، التي تلتقطها قبل أن تضيف عليها بعض اللمسات. الإنتقام، الغيرة، الحسد، والكره، أو ربما فبركتها لبيعها للضحية بمبالغ خيالية، كلها محفزات هؤلاء الأشخاص، يقول لنا حسام، الذي وعدنا أن يقودنا إلى أحد أبناء حيّه، والذي إحترف هذه المهنة، ومقابل مبالغ ضخمة، قد تصل إلى الخمسة آلاف دينار، فهو محترف في عمله، يقول حسام، ويجيد فبركة تلك الصور، ولكن، وإن سمح حسام لنفسه بأن يكشف أمر إبن الحي هذا، فإنه أصرّ أن لا نذكر إسمه، فوعدناه، وإتجهنا إلى الجهة الغربية من الشاطئ، حيث توجد الصخور، التقيناه، شاب في الخامسة والثلاثين من العمر، كان يحمل جهاز حاسوب متنقل، ولكنه لا يفبرك الصور على شاطئ البحر، لأنه يخشى أن يقبض عليه، قال حسام:"السلام عليكم، مرحبا، هل أنت تعمل؟" يُجيب الشاب:"لا، لست أحمقا، حتى أفعل شيئا مثل هذا، أنا لا أعمل إلاّ في البيت، هنا يمكن أن يراقبوك" ولم ينتظر حسام طويلا ليدخل معه في تفاصيل عمله، ما مهد لنا نحن أيضا الطريق لكي نتحدث معه عن الأمر يقول:"صديقي "..." يعمل في الشاطئ، يفعل كلّ شيء لوحده، يُصوّر، ويفبرك، وكأنه "فوتو مينوت" يضحك الشاب ثمّ يضيف:"أنا لا أفعل هذا، لا التقط الصور، بل يُحضرها لي الشخص المهتم بالموضوع، يلتقط صورا عادية، ثمّ يُحضرها لي، أقوم بوضعها في ذاكرة الحاسوب، ولا يعرف الرقم السرّي إلاّي، أنا محترف" وبعد حديث طويل، سألناه عن الأشخاص الذين يقصدونه، وعن نواياهم، يجيب:"هذا خانته صديقته، وآخر يريد أن ينتقم لآخر بتصوير أخته، وآخر مريض نفسيا، وآخر يفعل ذلك للتسلية"..."وأنت؟" هو السؤال الذي طرحناه عليه، فأجبانا بعد تردد:"أنا أفعل ذلك من أجل النقود طبعا". ويقول لنا حسام أنّ هذه العمليات عادة ما تخرب البيوت، خاصّة إن كانت الصورة المفبركة متقنة، وإن كان والد الضحية محافظا، ولا يتقن التكنولوجيا الحديثة، فيُصدق تلك الصور بسرعة، وتكون ردّة فعله عنيفة، وسريعة، والأدهى من ذلك أنّ تلك الصور لا تمسّ الفتيات فحسب، ولن حتى الذكور، الأمر الذي جعلنا نحتار، ولكن حسام إتجه إلى إبن حيه و حثّه على أن يحكي لنا ما فعله بأحد الشباب، فابتسم الشاب قبل أن يقول:"كان الأم مضحكا ومسليا للغاية، فبركت مرّة، صورة شاب في التاسعة عشرة من عمره، وهو في وضعية مشبوهة مع شاب آخر، هو لبناني، أحضرت صورته من الأنترنيت، ولم أكن لأقبل ذلك لولا أنّ الشخص الذي جلب لي الصورة، أعطاني خمسة آلاف دينار كاملة، وفي الحقيقة كنت بحاجة إلى بعض الأموال فقبلت بالأمر" وعن نهاية تلك الصورة يقول:"لا أدري ما حدث بعدها، قد يكون قد أضاعها، أو راجع ضميره، أو أنّ الأب تفطن لها، المهم أنني رأيت الشاب الذي فبركت صورته على الشاطئ، وكأنّ شيئا لم يكن، أو ربما باعها له، مثلما فعل شخص بعته صورة عشيقته المفبركة، بألفي دينار، فباعها لها بثلاثة ملايين، أي أنه كان يبتزها، آخرون يفضلون أن يأخذوا مقابلها الشرف، وهكذا". كان الشاب يقول هذا ببرودة عجيبة إحترنا لها، ولكنه وللأسف ليس وحده من يفعل ذلك، هي مجموعات كثيرة شبيهة بالعصابات تنتشر على الشواطئ، وتفعل نفس الشيء، من أجل دنانير معدودات.