اعتبر المحلل السياسي والكاتب الصحفي اللبناني فيصل جلول في حوار ل »صوت الأحرار« أن انتصار غزة في حرب أوت علامة فارقة في الصراع العربي الصهيوني، وقال إن أهل غزة حطم أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، ورأى أن دعوة الجمعية العامة لنصرة غزة علامة مضيئة وسط تخاذل عربي معيب، وأوضح أن الجزائر كسرت قاعدة التخاذل العربي، داعيا إلى حل الجامعة العربية بعدما وصفها ب»الجثة الهامدة« »مبادرة الجزائر شجاعة وتحسب للدبلوماسية الجزائرية ، نحن نطمح لأن تعود الجزائر إلى الساحة الدولية كما كانت في عهد بومدين«. ● بعد 30 يوما من العدوان الصهيوني على غزة، كيف تقرؤون الوضع الفلسطيني؟ لقد عاش أهل غزة أياما صعبة ، هدمت منازل الآلاف منهم واستشهد مئات الأطفال والنساء ودمر الصهاينة البنية التحتية الغزاوية وساد الخوف والهلع والشعور بالمرارة تجاه الحكام العرب الذين ساعد بعضهم إسرائيل في عدوانها .. لكن بالمقابل حطم أهل غزة أسطورة الدولة الصهيونية التي لا تقهر وأماطوا اللثام عن وجهها البشع وعن جيشها الجبان الذي يقتل المدنيين، وسجلت المقاومة أهدافا مهمة في مرمى الصهاينة من بينها إرغام الملايين منهم على البقاء في الملاجئ لثلاثين يوما و التأثير جديا على حركة الطيران وتبيان فشل كل الأسلحة الإسرائيلية البرية والجوية والبحرية في تحطيم إرادة المقاومة وفرض شروط وقف القتال فضلا عن التسبب بخسائر اقتصادية غير مسبوقة.. باختصار شديد يمكن القول إن غزة دفعت ثمنا باهظا لكنها انتصرت ولا انتصار بلا ثمن والجزائريون يعرفون أكثر من غيرهم معنى هذا الكلام فقد خسروا مليونا ونصف المليون من أهلهم حتى تعيش بلادهم حرة. ● في نظركم هل حققت المقاومة الفلسطينية أهدافها؟ ■لا بد من انتظار صيغة الخروج من الحرب فان تبين أن المقاومة قد حصلت على ضمانات بفك الحصار والتمتع بأجوائها وبحرها وحدودها البرية ، وان حصلت على مرفأ وعلى ميناء وعلى طريق يصل غزة بالضفة الغربية والقدس تكون المقاومة قد حققت أهدافا عظيمة في هذه الحرب ويكون هذا اليوم فارقا في الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن في كل الحالات أكدت المقاومة في هذه الحرب كما في الحروب السابقة على عدم جدوى الآلة الحربية الصهيونية وعجزها عن فرض إرادتها على الفلسطينيين، لقد كرر الفلسطينيون درسا جزائريا معروفا ذلك أن فرنسا كانت متفوقة عسكريا عليهم لكنهم جعلوا هذا التفوق بلا قيمة سياسية وعطلوا مفاعيله ونالوا حريتهم، القوة مهمة إذا كانت وسيلة لإخضاع العدو ولكنها تفقد قيمتها حين لا يخضع العدو. هذا الدرس الجزائري كرره الفلسطينيون حرفيا في غزة . ●وماذا عن العدوان الصهيوني، هل حقق أهدافه؟ ■ لم تحقق إسرائيل أيا من أهدافها، نعرف أن الأنفاق كانت رهان هذه الحرب فقد استخدمها الفلسطينيون بفعالية وقالت إسرائيل إنها تريد تدميرها وتريد نزع سلاح غزة، ربما تمكن الصهاينة من تدمير بعد الأنفاق لكن شبكة الأنفاق الفلسطينية يبدو أنها لم تمس بصورة جدية والسبب البديهي أن المقاومة حولت غزة إلى مدينة أنفاق تحت الأرض ولا يمكن تدمير هذه الشبكة إلا عبر تدمير المدينة وأرى أن هذا الهدف بعيد المنال، أما نزع سلاح الفلسطينيين فهو كان صعبا للغاية قبل الحرب فما بالكم بعد الانتصار فيها، سلاح غزة يساوي حريتها وأملها الوحيد بالتخلص من الاحتلال ولن نجد غزاويا واحدا يوافق على نزعه . ● طرحت الجزائر مبادرة تقوم على استدعاء جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ما تعليقكم؟ ■ من حسن الحظ أن الجزائر كسرت قاعدة التخاذل العربي وقدمت هذه المبادرة لنقاش القضية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذه حقا مبادرة شجاعة وتحسب للدبلوماسية الجزائرية ، نحن نطمح لأن تعود الجزائر إلى الساحة الدولية كما كانت في عهد بومدين هذا مفيد للشعب الجزائري وللعرب ولكل الذين لا صوت لهم في هذا العالم القاسي . ●لا ترون أن وحدة الصف الفلسطيني قد أصبحت حتمية، لمواجهة العدوان الصهيوني؟ ■ لقد أحسن الفلسطينيون صنعا هذه المرة بأنهم لم ينشروا انقساماتهم على الملأ، ومن حسن الحظ أن حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت عشية الحرب قد صمدت ولعبت دورا مهما في الأممالمتحدة وفي الاتصالات والمباحثات الإقليمية والدولية ، لذا يمكن القول إن الوحدة الوطنية الفلسطينية قد خرجت من هذه الحرب أقوى من ذي قبل. ● هناك تخوفات من تحول القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية إنسانية؟ ■ كل قضايا التحرر من الكولونيالية هي في أحد وجوهها قضايا إنسانية بيد أن الطابع الإنساني لا يعني في الحالة الفلسطينية أن يسلّم الناس أسلحتهم، بعد الحرب صار بوسع الفلسطينيين أن يتصدوا لكل محاولات حصر القضية بالجانب الإنساني البحت، الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى شفقة وعطف المجتمع الدولي لأسباب إنسانية هو بحاجة إلى الحرية والكرامة، هذه المطالب لا تحصل بالشفقة والعطف ولا تهدى إنها تنتزع من براثن المحتل وكل تفسير آخر لا يعول عليه. ● في كل مرة يتجدد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، نجد صمتا للنظام الرسمي العربي، في نظركم ماذا يستوجب فعله لحمل الأنظمة على نصرة القضية الفلسطينية؟ ■ تكوين الأنظمة العربية وشروط وجودها واستثني هنا نظامين أو ثلاثة تقضي بالامتناع عن المشاركة في المجابهات المتصلة بالقضية الفلسطينية وبخاصة بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة، صمت النظام العربي هو شرط لبقائه مع الأسف الشديد وهذا ما اختبره المقاومون في فلسطين وسوريا ولبنان . ● صرّح رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو مؤخرا أن عدوانه على غزة قد أحدث تقاربا وتفهما من قبل عديد الدول العربية، وهي مواقف من شأنها أن تفتح آفاقا لمستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية، ما رأيكم؟ ■ سمعنا هذا التصريح الذي اعتبر فيه نتنياهو أن احد انجازاته في هذه الحرب هو التحالف مع بعض الدول العربية، وذكر بعض المحللين محورا من هذه الدول يضم مصر والأردن والمملكة العربية السعودية وقيل أن هذه الدول تتعاون مع إسرائيل، في كل الحالات لم يؤكد أي من مسؤولي الدول المذكورة ما جرى على لسان نتنياهو وفي ظني أن من الصعب على مسؤوليها الاعتراف بهذه الحقيقة، حالة واحدة ظهرت فاقعة وتمثلت بتصريح أدلى به الأمير السعودي تركي الفيصل معتبرا أن حماس هي المسؤولة عن مجازر غزة وهذا الكلام تكرار حرفي لوجهة النظر الإسرائيلية. فهل يكفي تصريحا واحدا للحديث عن تحالف ؟ بين محور عربي والدولة الصهيونية؟ ربما يكفي لمن لا يشك في كلام نتنياهو وللمتابعين عن كثب للتخاذل العربي، لكن تبقى أهمية التحالف مع الصهاينة رهن بالإعلان عنه وهو أمر لم يتم حتى الآن وربما لن يقع في القريب العاجل. ● كيف تعلقون على دور المنظمات الدولية والإقليمية على غرار مجلس الأمن الدول؟ ■ هذه المنظمات يديرها حلفاء إسرائيل ويستطيعون تعطيل دورها إن لم توظف لصالح إسرائيل، المنظمة الوحيدة التي لا يتحكمون بها هي الجمعية العامة للأمم المتحدة وهي التي توجهت إليها الجزائر لكن مع الأسف قرارات الجمعية ذات طابع معنوي وهي غير ملزمة. ● وماذا عن الجامعة العربية، هل تساندون الرأي الداعي إلى حلها؟ ■ تنطبق عليها الحكمة الشائعة .. يجب أن يكرم الميت بدفنه ، على العرب إذن أن يدفنوا هذه الجثة وان يرسلوا أمينها العربي إلى بيته في أقرب وقت. ●ما رأيكم في التهدئة التي توصل إليها الطرفان ؟ ■التهدئة مقدمة لاتفاق ينهي الحرب ويعكس انتصار الغزاويين.