اليوم الدولي للشباب: البرلمان العربي يدعو إلى استثمار طاقات الشباب بما يسهم في مواجهة التحديات الراهنة    إطلاق خدمة الدفع الإلكتروني للرسم على الوقود للمسافرين عبر الحدود البرية    السيد حيداوي يستقبل الوفود المشاركة في أشغال المؤتمر الكشفي العربي ال24    حوادث الطرقات: وفاة 50 شخصا واصابة 2180 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    أمن ولاية الجزائر : حجز أزيد من 116 ألف قرص مؤثر عقلي خلال يوليو المنصرم    بلمهدي: الذكاء الاصطناعي في مجالات الإرشاد الديني والفتوى "يستوجب الحذر والضبط"    سعداوي يكرم المتوجين في المسابقة الدولية (IYRC 2025)    منظمة التعاون الإسلامي: استهداف الاحتلال الصهيوني للصحفيين انتهاك صارخ للقوانين الدولية    آن الأوان لمعاقبة الكيان    ما هي معاهدة الدفاع العربي المشترك؟    استشهاد 29 من طالبي المساعدات    الجزائر تكتب صفحة جديدة في تاريخ الرياضة المدرسية    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025: المنتخب الوطني يستأنف التحضيرات لمواجهة غينيا    كرة القدم: المديرية الوطنية للتحكيم تنظم ملتقى ما قبل انطلاق الموسم لحكام النخبة بوهران    تدشين مركز الراحة العائلي بزمّوري    مقر جديد لسفارة الصومال بالجزائر    مزيان يوقع على سجل التعازي اثر وفاة مسؤولين سامين    أمطار رعدية مرتقبة لمدة يومين    نحو ارتفاع نسبة تغطية الاحتياجات من الماء    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى يشارك في المؤتمر العالمي ال10 لدار الإفتاء المصرية    وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات تدعو المستثمرين الصناعيين لإيداع البرامج التقديرية للاستيراد قبل 20 أغسطس    مسرحية على واجهة وهران البحرية    انتصار جديد للقضية الصحراوية    مبولحي في الدوري الجزائري    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    فخور بنجاح الجزائر تنظيميّاً وممثلاتنا فوق البساط    انعقاد الندوة السادسة للمجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الإفريقي    تحذير أممي من القرار الصهيوني بشأن إعادة احتلال غزة    دعوى قضائية ضد روتايو بتهمة التحريض على الكراهية    دبلوماسية الجزائر تفضح ماكرون وتفجر الطبقة السياسية في باريس    الجزائر تدعو إلى إنشاء آلية أممية مخصّصة للأمن البحري    أعالي الشريعة وجهة الباحثين عن هدوء الطبيعة    عين "الشفا" بسكيكدة.. هنا تجتمع الحقيقة بالأسطورة    النّسخة النّهائية لمشروع قانون تجريم الاستعمار جاهزة قريبا    تحديات الميدان في قلب التحول الرقمي    المحافظة على كل المواقع الأثرية التي تكتنزها تيبازة    مساع لتحصيل 5 ملايير مستحقات لدى الزبائن    بنفيكا البرتغالي يستهدف عمورة    مدرب نيس السابق يشيد ببوعناني ويتوقع تألقه في "الليغ 1"    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    مجلس الأمن الدولي: الجزائر تدعو الى إنشاء آلية أممية مخصصة للأمن البحري    تجارة: انعقاد الندوة السادسة للمجلس الاستشاري لمعرض التجارة البينية الإفريقي    وفاة مسؤولين سامين في تحطم مروحية بجمهورية غانا:مزيان يوقع على سجل التعازي    بحث تحديات صناعة الفتوى في ظل التحولات الرقمية.. بلمهدي يشارك في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمصر    محطة للثقافة وللمرح في صيف عنابة    اللجنة الوطنية تفتح باب الترشيحات    تجار مهلوسات في قبضة الشرطة    انطلاق سهرات المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    القضاء على إرهابيين بالحدود الجنوبية الشرقية للبلاد    هذا سبب استبعاد بلايلي    أدوات النقّاد ترصد كتابات أهل القلم    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    سيدي بلعباس: اختتام فعاليات الطبعة الرابعة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي    مناقشة الانشغالات المهنية الخاصة بنشاط الصيدلي    زينب بنت جحش .. أم المساكين    فتاوى : شروط صحة البيع عن طريق الإنترنت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاولات للوساطة بين الجزائر والقاهرة والإعلام المصري يتجاوز الخطوط الحمراء
نشر في صوت الأحرار يوم 28 - 11 - 2009

دخول العديدة من الأطراف الدولية على الخط في محاولة لاحتواء الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر ومصر، ينذر بقرب نهاية حالة التوتر القائمة بين البلدين بسبب مقابلة في كرة القدم، وأمام مواصلة الإعلام المصري، ومن ورائه جميع القوى الرسمية وغير الرسمية المرتبطة بنظام آل مبارك، الحملة المسعورة ضد الجزائر والتي تجاوزت الخطوط الحمراء، فضلت السلطات في الجزائر منطق الصمت بحنكة سياسية كبيرة،والتركيز على القضايا الجدية متجاهلة التهريج الدبلوماسي والإعلامي المصري.
شرعت القاهرة خلال الأيام الأخيرة في تحضير طبخة جديدة من خلال خفض مستوى الحملة الإعلامية التي أخذت منعرجا خطيرا طيلة الأيام التي أعقبت مقابلة الفصل بين الفريقين الجزائري والمصري بالخرطوم، والظاهر أن التهدئة ليست بريئة، فهي ممزوجة بالكثير من الخبث في محاولة يائسة لجر الجزائر إلى معركة أخرى، بعدما عجز الإعلام المصري والنظام المصري ككل عن تحقيق أي نقاط لصالحه طيلة الأيام الماضية التي شهدت مستوى غير مسبوق من الشحن الإعلامي والتطاول الرسمي على الجزائر.
وإذا كان البعض يعتقد بان تراجع وتيرة الحملة القذرة التي يقودها النظام المصري ضد الجزائر هدفه ترك المجال أمام محاولات الصلح التي عرضتها العديد من الأطراف كالجامعة العربية والسودان وليبيا، فإن بعض المهتمين يرون بأن نظام مبارك يخاف من انعكاس الحملة على الجزائر، وعملية الشحن الإعلامي على النظام المصري والاستقرار في مصر، فالاعتداء الذي تعرضت له سفارة الجزائر بالقاهرة، والشعارات المعادية لآل مبارك التي رفعت خلال أعمال العنف التي استهدفت السفارة الجزائرية، كانت رسالة واضحة للنظام المصري الذي اعتقد بان توجيه الرأي العام نحو الفضاء الرياضي والسعي إلى اختلاق عدو جديد يسمى الجزائر بدلا من العدو الإسرائيلي الذي يقبع على صدور المصريين فضلا عن عدو الفقر والتهميش والمشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الضخمة التي يعاني منها هذا البلد، سوف يخلصه من الغضب الشعبي ويجعله في منأى عن الهزات السياسية والاجتماعية التي تهدده.
لكن ومن وجهة نظر أخرى فإن الحملة التي استهدفت الجزائر بعد مقابلة الخرطوم، حققت جزءا من أهدافها المتمثلة في امتصاص الغضب الشعبي في مصر، وجعل المصريين يصطفون وراء النظام ضمن إطار سيناريو التوريث الذي فشل في طبعته الأولى المتمثلة في تحويل التوريث إلى مطلب شعبي يؤسس على قاعدة الفوز على الجزائر والتأهل للمونديال وهو ما لم يتحقق طبعا، وادخل النظام المصري في أزمة لم يتوقعها ولم يعرف مثيلا لها من قبل.
لقد دخلت الجامعة العربية على الخط في محاولة لرأب الصدع، وما قاله الأمين العام للجامعة عمرو موسى المصري يؤكد على وجود خوف حقيقي من أن يؤدي التوتر الحاصل بين البلدين إلى ما هو أسوأ أي قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، علما أن قطع هذه العلاقات سوف يجعل مصر تخسر الكثير على الصعيد السياسي والدبلوماسي، فالجزائر دولة كبيرة في منطقة المغرب العربي، ولها وزنها الذي لا يستهان به على الصعيد العربي والإفريقي والدولي، ويظهر أن تحريك آلية الصلح عبر الجامعة العربية تقف وراءه مصر التي تضم مقر هذه الجامعة، ونفس الشيء يقال أيضا عن دخول كل من السودان والجماهيرية الليبية على الخط في إطار مسعى جاد لتلطيف الأجواء وتفادي تطور الأزمة ووصولها إلى نقطة ألا رجوع.
ويبدو أن الرد الذي جاء على لسان الناطق باسم الخارجية البريطانية من على منبر الفضائية المستقلة التي تبث من لندن، هو أحسن دليل على التهريج الإعلامي والسياسي المصري، فممثل الخارجية البريطانية الذي دعا إلى الوحدة كما قال، رغم اعترافه بان بريطانيا معروفة بسياسة فرق تسود، تهكم بشكل واضح على التخبط المصري وأكد ساخرا انه من غير المعقول أن تنشب أزمة دبلوماسية بسبب مقابلة في كرة القدم.
»الشعوذة« الإعلامية والسياسية التي برع فيها النظام المصري المهزوم على جميع المستويات حولت العرب إلى أضحوكة أمام العالم، خاصة لما تعلن تل أبيب التي تبيد الفلسطينيين بتواطؤ نظام مبارك أنها مستعدة للوساطة من أجل رأب الصدع بين الجزائر ومصر، ولعل إسرائيل تدرك جيدا بان القاهرة تصغي لما يأتيها من جيرانها اليهود أكثر مما تصغي للعرب والمسلمين، فمبارك الذي حاول تهديد الجزائر بأسلوب يدعو للضحك في خطابه الأخير أمام مجلس الشعب المصري، لم يتوان في استقبال السفاح شيمون بيريز ويتبادل معه العناق بقاهرة المعز، ليؤكد للعالم وللمصريين بان بالجزائر هي التي تهين »أم الدنيا« وليست إسرائيل التي تصول وتجول في سيناء التي قيل أن السادات حررها باستسلامه المهين، أو إسرائيل التي ارتكبت اكبر مجزرة شهدتها البشرية في العصر الحديث بغزة وقبلها بجنوب لبنان.
وما من شك أن أكثر ما تفطن إليه العالم أجمع، بعد التهريج المصري الذي أعقب مقابلة الفصل بين الفريقين الجزائري والمصري بأم درمان بالسودان، هو أن مصر التي كان يعتقد الكثيرون أنها دولة كبيرة هي في واقع عملاق من ورق، وأمة يحكمها نظام غبي وتسيرها نخبة يغلب على الجزء الأكبر من أطرافها السذاجة التي لا يمكن إيجادها حتى في دول الموز، فالنظام المصري وانطلاقا من سيناريو التوريث الأعمى الذي نسجه، دخل منذ الوهلة الأولى في أزمة دبلوماسية خطيرة مع الجزائر وحتى مع السودان، وإذا كان التوتر مع الجزائر مقصود ومبيت فإن ما حصل مع السودان كان سببه صحافة مصرية جاهلة لا تفقه في السياسة والدبلوماسية، صحافة، يقودها »نجوم« تخرجوا من ملاعب كرة القدم، وتحولوا بقدر قادر إلى محللين سياسيين وخبراء في الدبلوماسية والأمن والقضايا العسكرية المعقدة، فهؤلاء »النجوم« لم يكونوا يدركون بان الهجوم الإعلامي على السودان معناه توريط مصر في أزمة غير مسبوقة مع بلد يعتبر امتدادا حقيقيا لأمن مصر، فضلا على أن السودان هي عنق النيل الذي من دونه سوف تتحول مصر إلى صحراء قاحلة لا تصلح للحياة.
فالتطاول المصري الرسمي على الجزائر، الذي جاء على لسان بعض الوزراء، وعلى لسان علاء وجمال مبارك، والوقاحة التي سمعناها من أفواه العصابة التي استعملت الفضائيات لشتم الشعب الجزائري وشتم الشهداء والنيل من رموز الجزائر، جعل مصر تتعرى أمام العالم وتتكبد شر هزيمة، مع العلم أن هؤلاء لا يمثلون الشعب المصري ولا حتى نخبته الشريفة بهذا البلد في جميع المجالات.
بقد نصحت الخارجية الفرنسية الرعايا الفرنسيين بتفادي وجهة مصر بعد تصاعد الروح العدائية على خلفية مقابلة مصر والجزائر، ورئيسة الميداف وصلت إلى الجزائر من أجل تفعيل الاستثمار الفرنسي، وكلها رسائل تبعث اتجاه القاهرة التي لم تعد تفقه لا في السياسة والدبلوماسية ولا في الاقتصاد ناهيك عن الفن والرياضة.
وما من شك أن الزيارة الأخيرة التي قام بها المشرف الأول على القيادة العسكرية الأمريكية لإفريقيا الأفريكوم الجنرال ويليام وورد قد وضعت النقاط على الحروف بخصوص العديد من القضايا التي تهم الجزائر بالدرجة الأولى، فالمسؤول العسكري الأمريكي أكد أنه ليس هناك أي وجود عسكري أمريكي بجنوب الجزائر، وجاء ذلك كرد على بعض التحاليل الإعلامية التي تحدثت عن وجود أمريكي في الصحراء الجزائرية ضمن التنسيق الأمني مع واشنطن في إطار الحرب على الإرهاب، كما أن القيادي العسكري الأمريكي نفى وبشكل قاطع رغبة واشنطن في نقل الأفريكوم إلى أي بلد من بلدان القارة السمراء، علما أن الجزائر وإلى جانب جنوب إفريقيا وليبيا اعترضت بشدة على أي وجود أمريكي عسكري بالقارة السمراء وأكدت بشكل صريح رفضا لأي وجود عسكري أجنبي على أراضيها، وهو موقف ينم عن غيرة كبيرة عن السيادة الوطنية تضع الجزائر في خانة الكبار، خلافا للصغار المتطاولين، الذين يرهنون شرفهم للصهاينة ويتحدثون عن »الشقيقة الكبرى« أو بالأحرى »المنبطحة الكبرى« .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.