وزير العدل: استضافة الجزائر للقاءات الأفرو-أوروبية للمحضرين القضائيين تأكيد لمكانتها الدولية    عطاف: الحوار والتفاوض السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة الروسية-الأوكرانية    إحياء الذكرى ال 69 لاستشهاده بولايتي قسنطينة وسكيكدة : زيغود يوسف كان مدرسة في الوطنية والوفاء لقيم نوفمبر    ممثل الجبهة الشعبية بالجزائر: الجزائر أول من اعترف بدولة فلسطين وموقفها ثابت في دعم القضية    رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين القضائيين: الجزائر تعود بقوة إلى الساحة القانونية الدولية    المهرجان الدولي للمالوف: مزج موسيقي سوري وروسي في السهرة الرابعة    انضمام الجزائر كعضو ملاحظ وحيد إلى الآيبا: البرلمان العربي يهنئ المجلس الشعبي الوطني    الإجماع الدولي هو "أبلغ رد على أوهام الاحتلال الإسرائيلي"    خوفاً من اعتقالها بسبب دعمها لفلسطين..    فلسطين : شهداء وجرحى بقطاع غزة    نشجع على "تعزيز التعاون الثقافي والعلمي بين الجزائر والصين"    الجزائر سخرت ترسانة قانونية هامة لحماية عالم الطفولة    الشلف : تطيح بشخصين حاولا سرقة مسكن    وفاة 28 شخصا وإصابة 1679 آخرين    الجزائر تسعى لبناء شراكات متعددة ومتنوعة مع دول صديقة    دعم مبادرات تعزيز مكانة الجزائر في الفضاء الرقمي    الاعتماد على المعرفة والتكنولوجيا والكفاءات الشابة    محاولات الإجهاز على القضية الفلسطينية لم تزدها إلا شرعية    موقف الجزائر ترجمة حية لثوابت سياستها النبيلة    نصر لفلسطين وانتصار للجزائر    "الجزائر تستلم شهادة النضج 3 من "الصحة العالمية" أكتوبر القادم    الحكومة نجحت في كسب رهان الدخول الاجتماعي.    الجزائر تواجه فلسطين ودياً    تكريم الأندية العاصمية المتوّجة    الجزائر تحتضن اللقاءات الأفرو-أوروبية السابعة    والد لامين جمال: ابني الأفضل    خلق ألفة بين الجيل الصاعد والتراث الشعبي المحكي    مكتب المجلس الأعلى للشباب يعقد دورته العادية    تخصصات جديدة للتكيف مع التحولات الاقتصادية    التألق رهان "الخضر" في نيودلهي    الجزائر مبعث فخرنا وقادرة على احتضان بطولات عالمية    حملة تحسيسية حول داء الكلب    شلُّ نشاط أربعة مروّجي مخدرات    انهيار جدار مقبرة يعزل سكان حي أرض شباط    الهولنديون ينصفون حاج موسى    فضاء لإنتاج المعرفة وتسويق الابتكار    دعوة للغوص في أعماق النفس    بن دودة تصطدم بحالة انسداد بقطاع السينما    دخول مدرسي ناجح بكل المقاييس    العداء "جمال سجاتي": أنا سعيد بميداليتي الفضية وهدفي الذهب في الألعاب الأولمبية 2028    تصفيات مونديال 2026 (الجولة 9 - مجموعة 7) : وهران تستعد لمباراة الصومال - الجزائر    كيف تدمر الحروب الغربية حضارة الشرق الأوسط؟    الصيدلية المركزية للمستشفيات: نحو ارتفاع مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية بأزيد من 25 بالمائة في 2026    صناعة صيدلانية: ضرورة مضاعفة الجهود لإدماج الابتكار والرقمنة في الانظمة الصحية الوطنية    وزيرة الثقافة والفنون تشرف على اجتماعين لدراسة واقع السينما الجزائرية    سحر الموسيقى التركية يلقي بظلاله في ثالث سهرة للمهرجان الدولي للمالوف    ارتفاع مستمر للدفع عبر الأجهزة الإلكترونية    مهمتنا خدمة المواطن..    هذا جديد إذاعة القرآن    ضرورة وضع المواطن في صميم اهتمامات القطاع    المشاريع المنجمية الكبرى ستخلق الثروة ومناصب الشغل    الكونغو الديمقراطية : تفشي "إيبولا" عبء إضافي يُفاقم أزمة البلاد    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر التي بإمكانها أن تنجح!
نشر في صوت الأحرار يوم 01 - 12 - 2009

رب ضارة نافعة، هذا مثل يمكن أن نسقطه على لحظة الوعي الوطني، التي أحدثتها في الجزائريين الحالة المصرية المشينة التي ابتدأت قبل الرابع عشر نوفمبر، وتطوّرت يوم المقابلة الكروية بين الجزائر ومصر، وبلغت ذروتها بعد لقاء الخرطوم، وافتكاك الجزائر تأشيرة الذهاب إلى جوهانسبورغ .
استغل نظام القاهرة المباراة المؤهلة إلى مونديال جنوب إفريقيا بينه وبين الجزائر بشوفينية مقيتة، عرّت مصر كلها، وكشفتها من »غير هدوم« أمام العرب كلهم والعالم أجمع، وقوقعتها بشكل يدعو للرثاء، ووظفها الجزائريون باحترافية في استعادة وعيهم بحب الوطن، فكانت لحظة مبهرة لإجماع وطني كان البعض يراه بعيدا، وقد يكون بداية إقلاعهم بعد تأجيل رحلتهم المتكرر نحو التطور...
صحيح أن الدولة استجابت للعرس الشبابي بكيفية مذهلة، استطاعت في ظرف وجيز أن تجنّد ملايين الشباب، وأكملت لهم فرحتهم، بتحقيق واحد من أعز انتصاراتهم - ولو كان مؤقتا - في مجال الرياضة، وباستطاعتها أن تعمم الفرحة إلى ميادين أخرى منتجة للعمل والتطور والأفراح بشكل دائم، ولكن الصحيح أيضا أن الشبيبة الجزائرية، أكدت من خلال التفافها حول الفريق الوطني لكرة القدم، مجموعة من الحقائق، على المؤسسة السياسية أن تضعها في الحسبان، في كل عمليات التخطيط وإعادة البناء، ولعل أبرز الحقائق، أن هذه الشبيبة هي طاقة كبرى تنتظر من يعرف الاستثمار فيها جيدا، لأنها يمكن أن تصبح سيلا جارفا يأتي على كل ثابت ومتحرك، وأنها ستأخذ الأمور إلى الأمام بسرعة وأمان، متى شعرت أنها محل ثقة، تتجاوز الحسابات الحزبية والعشائرية والأيديولوجية، لأنها تملك جميع مؤهلات الإبداع والخلق في كل الميادين، وقد تكون أكثر نشاطا وإبهارا في مجال توظيف العلم والمعرفة، لصالح إنهاض المجتمع طبقا لمواصفات الدولة الحديثة المتأصلة .
عندما تحدد الهدف بوضوح، ووضعت له الإمكانيات اللازمة بصدق، لم تتعثر عملية تجنيد الأنصار لتحقيق الغاية، فكانت النتائج أكثر من النصر الذي تحقق، إذ أن الراية الوطنية التي سرى في الأوقات الصعبة إحساس رهيب بالزهد في امتشاقها، أصبحت زيّ الجزائريين بمختلف أعمارهم ومستوياتهم ومراكزهم لمدة فاقت العشرة أيام، حتى أضحى في كل قلب علم لا يتوقف عن الخفقان، والسلام الوطني الذي انزعج بعض الوطنيين من حالة غيابه عن حديث الشباب في مدارسهم وثانوياتهم ومنتدياتهم، عاد ليدقّ بقوّة، ويهز الأرض، ويعيد قسم الجزائريين المتجدد بأنهم الخلف الأمين عندما يحصحص الحق ويجد الجد للسلف البطل .
الشباب الجزائري سيّر الاحتفالات بنصر فريقه الوطني، بطريقة تدعو للإعجاب والتقدير والاحترام، فالتجمعات التي أقامها في كل مكان من الجزائر، والأهازيج التي ردّدتها حناجره في جميع مدنها وقراها، وتراتيل النصر التي عبّر بها عن هوية الانتماء التي لا تحيد عن وطن ظن كثيرون أنه أصبح مهربا لذاته، اتسمت بالتنظيم الممتاز، والتأطير الجيد، وسيادة سلوك الأخلاق العالية، التي لم يشبها ما يعكر صفو الأفراح، حتى تجاوزت نتائجها ما كان يمكن للمؤسسات الرسمية أن تقيمه للمناسبة نفسها، وهي كلها إشارات من جيل تجاوز مرحلة المراهقة، وكأنه يقول إنني كبرت بكل المقاييس، ويمكن أن أستلم المشعل الذي طال في أيدي حامليه ممن انتصروا للجزائر في وقتهم، وأن الجزائر ستكون أفضل لو استلمها فعلا جيلها بدون التخلي عن تجربة الكبار وحكمتهم، ولكانت معجزة تطور المجتمع الجزائري، تماما كما كانت معجزة ثورته النوفمبرية وانتصاره العظيم .
روافد البناء يجب أن تنطلق معا، بعيدا عن الكوابح المسجّلة كعلامة للتخلف الحاصل، في اتجاه الهدف الذي لا يختلف حوله جزائريان، وهو المجتمع الحاضن لأبنائه، والذي لا مكان فيه لمرتشي يباهي يارتشائه، ولا لفاسد يجاهر بفساده، ولا حرّاڤ يعلن عن هروبه، المجتمع الذي يدنو فيه المستقبل من أصحابه حتى يكون ظلا لهم، وتعدّ نقاط انطلاق المسيرة بداية الثورة الثانية، التي أثبت الجزائريون أنهم سيربحونها متى تم الإعلان عن الوقت الدقيق لبدء زحفها، الثورة تبدأ من تفعيل دور الجامعة، وتحويلها إلى ورشة علمية كبرى، تسند المسئولية فيها إلى من يؤمن بإمكانية البحث العلمي وحده في إحداث الطفرة والإشعاع اللذين بدونهما لن تكون النهضة التي تأتي أساسا من تحكيم الأفهام وليس من تحريك الأقدام، ففي ثورة البحث العلمي يخترع المخترع ويبدع المبدع ما هو مفيد للمجتمع، ويضاف خريجو الجامعة بذلك، إلى جنود العمل الدائمين، بدل وضعهم الحالي كأرقام كثيرة قبل الصفر، ومؤسسة تسيير الموارد البشرية، عليها أن تغيّر خطة تشييد المؤسسة بناء على القدرات البشرية التي يكاد ينفجر طاقمها، إما نتيجة تحييده عن موقعه الأصلي، وإما بسبب إقصائه أو تهميشه أو تهجيره، وهنا يتجلى دور الأحزاب التي عليها أن »تتطهّر« مما يخنقها من الانتهازيين والوصوليين الذين جعلوا الحزب -أي حزب - مجرّد دكانا لتحقيق أرباح شخصية ضيقة، وأفكاره ومبادئه إلى مجرّد سجل تجاري، تتغيّر بتغير السلعة السياسية التي يعرضها من يدير دفة الحكم، والمؤسسة القضائية، أمامها تحديات كبرى في الانتصار للقانون والقانون وحده، كي تنشر العدالة بين الناس، على مختلف مشاربهم ومستوياتهم حتى يثقوا في الأرضية التي يقفون عليها، لأن العدل هو دائما أساس الملك، ويعتبر استقلال القاضي بسد قنوات التدخل عليه، حجر الأساس في هذه العملية .
إذا كانت الشبيبة الجزائرية، أثبتت أنها وطنية ومسئولة ومعطاءة متى أحسن الظن بها وأتبع ذلك بتوفير الإمكانيات اللازمة، فإننا ندعو من يعنيهم الأمر أو هو بيدهم، أن يتركوا أهل الرياضة- مزوّدين بما يحتاجون- في ملاعبهم يصنعون أعراس الأنصار وفرحة الأمة، ويروّجون لأخلاق الرياضة، من محبة وإخاء وشرف، ويوجهوا الاهتمام الأكبر، إلى العناصر الأخرى الأكثر أهمية في حياة المجتمع، ذلك أن جيل نوفمبر، افتك الاستقلال بقوة الحديد والنار، وبعث الدولة الجزائرية بعد تغييب أكثر من قرن وثلث القرن، بمليون ونصف المليون من الشهداء، واستطاع مع الجيل الذي تلاه، أن يؤسس للدولة الوطنية الحديثة، والجيل الحالي مطالب - تاريخيا - ويريد – واقعيا - أن يعيد صياغة مشروع مجتمع هذه الدولة على أسس بيان نوفمبر، وان يطبّقه بسرعة العصر وأدواته، من غير إفراط في العصرنة أو تفريط في الأصالة ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.