بوغالي يتوجه إلى القاهرة للمشاركة في أشغال المؤتمر ال6 للبرلمان العربي    وفاة صديقة الثورة الجزائرية "بريود أندري آليس جان"    ربيقة: الحفاظ على الذاكرة الوطنية وإيصالها للأجيال مرهون باستخدام وسائل الاتصال والتكنولوجيات الحديثة    ارتفاع أسعار النفط وسط تنامي المخاوف بشأن الإمدادات في الشرق الأوسط    بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    المغرب: أساتذة متعاقدون يحتجون تزامنا مع عرض زملائهم الموقوفين على المجالس التأديبية    المغرب: حقوقيون يطالبون بوقف التضييق على الحريات ومتابعة النشطاء والمدونين والإفراج عن معتقلي الرأي    جبهة البوليساريو تحمل مجلس الأمن الدولي مسؤولية تطبيق اتفاق عام 1991    البطولة الافريقية للجيدو فردي- اكابر: تتويج الجزائريين دريس مسعود وأمينة بلقاضي بالذهب    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يتعثر في بسكرة وفوز ثمين للبيض وعريض للساورة    "اتصالات الجزائر" الراعي الرسمي لدورة المبارزة المؤهلة للألعاب الأولمبية 2024 بباريس    المجلس الأعلى للشباب: انطلاق تسجيلات المخيم الربيعي الشبابي المتخصص للنوادي الجامعية    رياضة: مهرجان الجزائر للرياضات، فرصة لاكتشاف منتزه منبع المياه    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    المؤتمر ال9 للجمعية الجزائرية لتقويم الأسنان: إعطاء الأولوية للتكوين المستمر    "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"، موضوع ندوة في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    المغرب: موظفو القطاع العمومي يرفضون "مقايضة" الزيادة في الأجور ب "تقيد" الحق في الإضراب    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    تكثيف التبادلات الثنائية لتعزيز الروابط بين البلدين    اللقاء الثلاثي المغاربي كان ناجحا    استنكار تنصل المجتمع الدولي من مسؤوليته    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    التحضير لنصوص قانونية لدعم تشغيل الطلبة ما بعد الدكتوراه    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إطلاق عملية تجديد مسح الأراضي    نتائج مشجعة في الخدمات المالية والتغطية البنكية    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    اتحاد العاصمة:"الكاف لم يستند للقانون وموعدنا المحكمة الرياضية"    بن سماعين يطالب بالتفكير في مباريات البطولة قبل نهائي الكأس    4 أندية أوروبية مهتمة بالتعاقد مع عمورة    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    الشباب يبلغ نهائي الكأس    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    قصص إنسانية ملهمة    الجمهور.. النجم الأكبر    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    توقيف 48 شخصا كانوا محل أوامر بالقبض    الإطاحة بسارقي مبلغ مالي وكمية من الحلي    حجز 27 ألف قرص "إكستازي"    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسعود شيهوب: المجلس التأسيسي لن يأتي ب"البرلمان المعجزة" ولن يستورد نوابا من ال
نشر في صوت الأحرار يوم 19 - 09 - 2011

دافع الدكتور مسعود شيهوب، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني المكلف بالتشريع، في الحوار الذي خصّ به »صوت الأحرار« عن جدية مشاريع قوانين الإصلاحات التي بادرت بها الجزائر، وقال إنها تضعنا مقدمة الدول العربية في مسار الإصلاح السياسي والديمقراطي، حتى بالمقارنة مع الدول التي وقعت فيها ثورات. وردا على الأصوات المتمسكة بمطلب المجلس التأسيسي كشرط أساسي للإصلاحات، علّق شيهوب متسائلا» من يضمن أن المجلس التأسيسي سينتج برلمانا أكثر قوة أو لنسميه »برلمان المعجزة«؟ لأن في النهاية ومثلما يذهب إليه شيهوب حتى المجلس التأسيسي سينتخب برلمان من ضمن مواطنين جزائريين من نفس الفعاليات السياسية الموجودة كما تم انتخاب البرلمان الحالي، وسوف لن يستورد برلمانا.
أجرت الحوار: سميرة بن عودة
* ما هو تقييمكم للجرعة الأولى من الإصلاحات السياسية فيما صدر من مشاريع قوانين صادق عليها مجلس الوزراء وأصبحت بين أيدي النواب؟.
**في تقييمنا للحزمة الأولى من الإصلاحات السياسية، يمكننا القول إنها على العموم جيدة وترجمت الالتزامات التي قطعها رئيس الجمهورية في خطابه للأمة منتصف افريل الفارط كما عكست لحد كبير اقتراحات الطبقة السياسية خلال المشاورات السياسية، وقبل الخوض في الموضوع أسجل مجموعة من الملاحظات:
إننا نعتز بالثقة التي وضعها رئيس الجمهورية فينا كنواب عندما قرر إحالة هذه القوانين على البرلمان الحالي بدلا من انتظار إحالتها على البرلمان القادم أو إرجاء ذلك إلى إنشاء مجلس تأسيسي ينتخب برلمان لدراسة مشاريع الإصلاحات، هذه ثقة نقدرها ونعتز بها وتحفزنا لنكون في مستوى هذه الثقة ونولي هذه القوانين العناية اللازمة والمجهود اللازم لإثرائها وإخراجها في الشكل الذي يشرف الجزائر ويشرف البرلمان ويحقق طموحات شعبنا في الإصلاحات.
والملاحظة الثانية: أننا كنواب ملزمون دستوريا أن نعكس طموحات شعبنا ونترجمها إلى قوانين وهاهي الفرصة قد أتيحت لنا لنثري النصوص في اتجاه ما يحقق طموحات شعبنا في تغيير هادئ وتغيير عن طريق المؤسسات بعيدا عن الفوضى والخروج عن المؤسسات ومتأكدون بأننا سننجح في المهمة رغم ما يقال عن البرلمان الحالي بالنظر للخبرة التي اكتسبها خلال عهدة تكاد تكتمل وسينجح في إخراج هذه القوانين بما يعمق الإصلاحات.
الملاحظة الثالثة هي أن النواب سيقومون بإثراء هذه النصوص ولن تمر هكذا كما جاءت في الصيغة التي أعدتها الحكومة وستكون في اتجاه تعميق الديمقراطية وتعميق الإصلاحات ولن تكون في الاتجاه المعاكس إطلاقا فنحن متفقون جميعا كطبقة سياسية ونواب وحكومة وشعبا على أن نقوم بإصلاحات جدية والتزامات رئيس الجمهورية واضحة في هذا المجال ولا نملك سوى أن نجسد هذه الطموحات.
* هل جاءت مشاريع القوانين التي أعدتها الحكومة وفقا لتوقعاتكم وانتظاراتكم كنواب للشعب وكطبقة سياسية؟
**بالفعل هي عكست الكثير من طموحاتنا كما عكست الكثير من اقتراحاتنا كقيادات في أحزابنا وكممثلين للشعب ولكننا نعتقد أن هناك بعض التفاصيل وبعض الجزئيات تستحق الإثراء وهو الدور الذي سيقوم به النواب، لكن في العموم المحاور الكبرى والأهداف الكبرى لمشاريع القوانين جيدة وتستحق التشجيع فهي ركزت على محاور الديمقراطية ومحاور حرية التعبير السياسي وحرية التعبير في إطار الجمعيات وحرية الانتخاب ونزاهته وشفافيته وحرية الإعلام وحرية الأحزاب، هذه الحزمة الأولى من مشاريع قوانين الإصلاحات تهدف إلى توفير الإطار التشريعي الملائم للممارسة الديمقراطية بركائزها المعروفة في العالم وهي: قانون الأحزاب، استقلالية القضاء، قانون الانتخابات وقانون الإعلام وقانون الانتخابات وهذه جميعها تمحورت حول فكرة تعميق الديمقراطية وتعميق الممارسة السياسية، وما يتبقى إذن هو التطبيق لأن القوانين مهما كانت سامية ومهما كانت جيدة تبقى حبرا على ورق إذا لم تجد من يطبقها التطبيق الصحيح، وعليه فمسألة الإصلاح هي مسألة الجميع : السلطة والأحزاب والرأي العام ومطلوب تكاتف الجهود لتطبيق هذه النية السياسية في الواقع العملي من خلال هذه القوانين.
والنظرة العامة على مشاريع هذه القوانين تبين أننا في مقدمة الدول العربية في مسار الإصلاح السياسي والديمقراطي، ودون فخر ودون شوفينية ضيقة أقول من وجهة رأي الأستاذ الجامعي والباحث، نحن متقدمون جدا على الدول العربية، وحتى الدول التي وقعت فيها ثورات، الباكورة الأولى من الإصلاحات الواقعة فيها ليست متقدمة علينا، بل نحن في مقدمة الركب، ودون عقدة أيضا ودون غرور ودوما ومن وجهة نظر الأستاذ الباحث المطلع على الدراسات المقارنة، أقول إننا لسنا أقل من الدول العريقة في الديمقراطية وسبقنا حتى الدول المتقدمة في بعض الأحكام الواردة في إطار الإصلاحات السياسية على غرار مشروع القانون المحدد لكيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة لو نجري مقارنة مع فرنسا وهي المصدر التاريخي لتشريعاتنا سنجد أن تمثيل المرأة فيها هو في حدود 17 بالمائة بينما مشروع القانون عندنا يقترح الثلث.
* تعرف الدورة البرلمانية الحالية ازدحاما غير مسبوق في حجم وحساسية مشاريع القوانين المعروضة للمناقشة، هناك من يعتقد بصعوبة أو استحالة مناقشتها -على الأقل بالجدية المطلوبة- الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول جدية السلطة في التعامل مع مسار الإصلاحات؟
** سؤال هام لأنه، تردد الكثير من التشكيك من قبل البعض، وهناك أبواق ترى أنه ليس بإمكان البرلمان الحالي أن يكون في مستوى ثقل وأهمية وعمق قوانين الإصلاحات والحقيقة الجواب، هو بالنفي ونحن لها كنواب وسنكون في المستوى وسننجز المهمة في الوقت المحدد وتوضيح ذلك كما يلي: أولا البرلمان في نهاية عهدته أي أنه اكتسب خبرة ما يقارب 5 سنوات، ومن جهة ثانية البرلمان يمتلك العديد من الكفاءات التي تمتلك الخبرة الضرورية، هناك وزراء سابقون وهناك أساتذة جامعيون وحتى رؤساء أحزاب أعضاء في البرلمان أي أن هناك نوعية قادرة على لعب الدور المنوط بها.
ثانيا أن مشاريع القوانين هذه كانت محل نقاش في كثير من الأحزاب منذ فترة طويلة، تقريبا منذ بداية العهدة على غرار نحن في حزب جبهة التحرير الوطني شكلنا أفواج عمل واشتغلت على قوانين الأحزاب، الانتخابات، الإعلام، الجمعيات، ولدينا دراسات جاهزة منذ سنوات، وهو حال أحزاب كثيرة قامت بعمل مماثل، إذن الدراسات موجودة والنواب من خلال أحزابهم سبق وأن اشتغلوا على هذه القوانين من قبل، لا ينقصهم سوى رأي الحكومة المعبر عنه في مشاريع القوانين التي أحيلت عليهم والاطلاع على الدراسات المقارنة وهي موجودة أيضا، وحينها سنقرر وندعم ما يتوافق مع المعايير الدولية في مجال الديمقراطية لان هناك نظريات سياسية في مجال قانون الأحزاب أو قانون الانتخابات وقانون الإعلام، سنحاول أن نكون منسجمين مع هذه المعايير ومندمجين في النظام الدولي الديمقراطي ومن جهة أخرى سنعمل على الحفاظ على ثوابتنا وعلى خصوصية الوضع في الجزائر وعلى الديمقراطية التي شرعنا فيها سنة 1989 .
كما أننا في حقيقة الأمر شرعنا في الإصلاحات منذ العهدة الأولى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فنحن لم نبدأ الإصلاحات من اليوم مثلما يعتقد البعض، فنحن نملك كل الإمكانيات والمعطيات التي تؤهلنا للقيام بهذه المهمة والنواب واعون جدا بهذه الثقة.
* لكن لم تعلق على من يعتقدون أن طرح ومناقشة قوانين حساسة وإستراتيجية في هذه المدة القصيرة إنما يعكس عدم جدية السلطة في مسار الإصلاحات السياسية؟
**بالعكس هناك جدية واضحة للسلطة للذهاب بالإصلاحات بعيدا وإلى العمق وإحالتها على البرلمان في شكل مشاريع قوانين واحدة من هذه المراجع، كان يمكن إحالتها في شكل أوامر رئاسية لا تخضع للمناقشة والدستور يسمح بذلك، لكن جدية السلطة في الإصلاح كان وراء تمريرها كمشاريع قوانين قابلة للنقاش والتعديل من قبل النواب، أما المرجع الثاني الذي يعكس جدية السلطة في الإصلاح هو خضوع مشاريع القوانين هذه المتعلقة بالإصلاحات السياسية لتعديلات ومراجعات عدة مرات على مستوى مجالس الحكومة وحتى على مستوى مجلس الوزراء نفسه، ثم وبما أن الشعب يمارس سيادته من خلال منتخبيه ونوابه وإحالة مشاريع القوانين على البرلمان معناه الأخذ برأي الشعب.
يتبقى الشق الثاني وهو كثافة هذه المشاريع، حوالي 13 مشروعا وعمر العهدة البرلمانية المتبقي إن كانت كافية؟ أنا أقول إنها كافية لأن النظام الداخلي للمجلس يحدد للجان مدة شهرين كأقصى حد لمناقشة مشاريع القوانين وقد سبق وأن ناقشنا مشروع قانون في ضخامة مشاريع قوانين الإصلاحات مجتمعة مرتين أو ثلاث، اقصد هنا مشروع قانون الإجراءات المدنية والجزائية، وصل حجمه إلى 1063 مادة وأنجزته لجنة الشؤون القانونية والإدارية آنذاك في المدة المحددة أي شهرين ولم تتجاوزها.
بقي من عمر العهدة الحالية الآن ما يقارب 7 أشهر، وهي كافية لأن هذه المشاريع تتوزع على مجموعة لجان وليس لجنة واحدة فقانون الإعلام من اختصاص لجنة الثقافة والإعلام وهي لديها مشروع قانون واحد، ولديها كل الوقت لدراسته وإثرائه. لعلّ الضغط سيكون على لجنة الشؤون القانونية لأن لديها مجموعة من المشاريع ولكن الحكومة طلبت في اجتماع مكتب المجلس الأخير أن يسجل لها في جدول الأعمال على سبيل الاستعجال والأولوية قوانين الإصلاحات وإرجاء بعض القوانين إلى نهاية الدورة.
وأخيرا نحن تعودنا كنواب أن نشتغل حتى ليلا إذا لاحظنا أن الوقت غير كاف، ببرمجة جلسات ليلية مثلما نفعل عادة مع القوانين ذات الطابع الاستعجالي.ونحن مستعدون لذلك في سبيل أن تنجح الإصلاحات وان نرفع التحدي داخليا ودوليا وإقليميا وأن نثبت للجميع أننا قادرون على إصلاحات هادئة رزينة من خلال المؤسسات دون حاجة إلى ثورات خارج الأطر الرسمية.
* إذن لن يكون هناك أي إجحاف في حق هذه القوانين وستأخذ حقها من النقاش والإثراء على مستوى مجلسكم رغم ضيق المدة الزمنية؟
** لن يكون هناك أي إجحاف وسيرى الرأي العام عند الشروع في المناقشات أن كل هذه المشاريع أخذت حقها من الدراسة والتمحيص والإثراء بكل جدية، وهو ما سيتجلى في حجم التعديلات التي ستطرأ على هذه النصوص في اتجاه تعزيز الديمقراطية والشفافية وحماية أصوات الناخبين وتجسيد الأهداف المعلن عنها في خارطة طريق الإصلاحات، ولن تمرّ هكذا سطحية مثلما يعتقد البعض.
* في المقابل فقد تضمنت بعض مشاريع القوانين التي أحيلت على مجلسكم تناقضات، سواء مع قوانين أخرى مثلما هو الحال في مشروع قانون الانتخابات الذي جاءت إحدى مواده متناقضة مع مادة في قانون البلدية، أو التناقض في مواد المشروع الواحد مثلما هو الحال بالنسبة لمشروع قانون الولاية، ألا تعتقدون هذه التناقضات هي نتيجة السرعة التي أنجزت بها مشاريع القوانين؟ وأن المتخوفين من عامل الوقت محقون في تخوفهم؟
** هذا التناقض طبيعي وعادي ويحدث في جميع الدول، ويحدث أن تتناقض النصوص التشريعية فيما بينها بسبب غزارة المنظومة التشريعية وكثرة القوانين وضخامة النظام التشريعي لمواكبته للتنمية وتجسيد المشاريع، وطريقة حل هذه التناقضات يكون أحيانا عن طريق قواعد التفسير وإما عن طريق تصحيح هذه التناقضات من خلال القوانين اللاحقة عند تعديل القوانين، بالنسبة لنا الفرصة مواتية سنحقق الانسجام بين هذه النصوص من خلال تعديل مشروعي قانوني الانتخابات والولاية لتنسجم مع النصوص السابقة، لأن هذه الأخيرة صدرت وأصبحت واجبة النفاذ.
* هل تعتقدون أن مشاريع القوانين هذه التي أعدتها الحكومة وتستعدون لإثرائها كنواب كفيلة بإحداث إصلاح جذري يتناسب والظرفين الوطني المنادي بالتغيير والإقليمي الماضي في طريق الثورات؟
** بكل تأكيد، أنا مقتنع أنها ستنعكس على المؤسسات الجزائرية وتنقل النظام السياسي الجزائري إلى مرحلة الجمهورية الثانية خاصة عندما تتوج هذه الإصلاحات بالتعديل الدستوري المرتقب في العهدة القادمة، هذا ليس كلاما من منظور الغرور ولكن بمقارنة مشاريع النصوص الموجودة أمامنا بما يجري إقليميا ودوليا، يبين أننا في الطريق الصحيح وأننا على طريق التغيير الهادئ وأننا نواصل الإصلاحات ولا نبدؤها لأن الإصلاحات الأولى بدأت في 1989، وجاءت الجرعة الثانية منها سنة 1999 ، ما يحدث في الإقليم العربي من ثورات مررنا منه نحن سنة 1988 وشرعنا في تطبيق الديمقراطية وعمقنا هذه الإصلاحات ابتداء من 1999، من خلال لجنة وطنية لإصلاح الإدارة وهياكل ومهام الدولة، وكذا لجنة وطنية لإصلاح العدالة، ولجنة وطنية لإصلاح المنظومة التربوية وأخيرا بتعديل الدستور، إذن الإصلاحات لم تنقطع، شرعنا فيها في 1989 واعددنا خارطة طريق بداية من 1999 وما نشرع فيه اليوم هو تعميق للإصلاحات ومواصلة لخارطة الطريق فالإصلاحات عندنا مستمرة وليست ظرفية.
فالديمقراطية حتى في أوروبا لم تبن هكذا دفعة واحدة بل بنيت خلال قرون عندما نقيس عمر الديمقراطية عندنا هو عمر قصير مع ذلك قطعنا أشواط هامة، ما يحدث في المنطقة العربية هو شروع في الديمقراطية التي شرعنا نحن فيها منذ 1989 ولا أعتقد أن الشعب بجميع شرائحه ومنها الطبقة السياسية لا يعرف خصوصية هذه المرحلة وما أنجزتاه من بناء ديمقراطي وهو حريص على الاستقرار والأمن والسلم الداخلي بما يسمح لنا بمواصلة الإصلاحات ومواصلة التنمية لأن التنمية مرتبطة بالديمقراطية فما تحقق من مشاريع تنموية لم يكن يتحقق لولا وجود مناخ ديمقراطي ولولا وجود نتيجة ايجابية لباكورة الإصلاحات السياسية.
*لو نطرح السؤال بشكل آخر، الغرب في الظرف الحالي يطالب الأنظمة العربية بإصلاح سياسي وبمزيد من الانفتاح الديمقراطي، وداخليا أحزاب وجمعيات تطالب بالتغيير وبمزيد من الانفتاح، هل ما حملته مشاريع الإصلاحات تستجيب لهذه الطلبات؟
** بكل تأكيد، أغلب الأحزاب أعلنت مواقفها المبدئية الراضية على مسار الإصلاحات وعن طريق البرلمان يمكن التكفل بالمطالب الأخرى التي تطمح إليها الطبقة السياسية ولم تحملها مشاريع الحكومة، على المستوى الدولي نحن في مصاف الدول التي تستجيب تشريعاتها للمعايير الدولية للديمقراطية، وسمعنا وقرأنا أن عديد من الدول الغربية باركت مسار الإصلاحات في الجزائر ولم تفعل ذلك »لسواد عيوننا» لأنها رأت أن نصوص القوانين تتماشى مع المعايير الدولية للديمقراطية بل تتجاوزها أحيانا، مثلا قانون تمثيل المرأة المعدل الدولي حسب توصيات الأمم المتحدة هو 25 بالمائة إلى غاية 2025 بينما مشروع القانون عندنا يقترح الثلث، من هذه الناحية ليست لنا عقدة لا في واجهة الغرب ولا في مواجهة المحيط الإقليمي نحن سباقون وفي المقدمة.
* هل هذه الإصلاحات في رأيكم قادرة على تحصين الجزائر ضد الهزات التي تعرفها الأنظمة العربية الواحد تلو الآخر؟
** أعتقد أنها ستحصن البلاد من الهزات التي تشهدها المنطقة العربية، لأسباب:
أولا: جدية الإصلاحات السياسية فهي تستجيب لطموحات وانشغالات المواطنين لا سيما إذا ترافقت باستمرار عملية التكفل بالانشغالات الاجتماعية، وأشير هنا إلى أن مشروع قانون المالية يضمن ذلك ويتكفل بالعديد من الانشغالات والمطالب الاجتماعية، السبب الثاني هو التجربة التي عاشها الشعب الجزائري، وهي تجربة مريرة في نهاية الثمانينات من خلال أحداث 5 أكتوبر وفي التسعينات بعد خروج حزب معين إلى العصيان المدني وما تلي ذلك من سنوات الإرهاب، حيث قضى الجزائريون ما يقارب عشرية كاملة يمكن تسميتها بسنوات الجمر كنا آنذاك نحارب الإرهاب بمفردنا بل حتى الدول الغربية آنذاك كانت تأوي الإرهاب وتدعمه ولم تكن تعتقد أن الأمر يتعلق بالإرهاب بل كان في منظورها مجرد معارضة سياسية، خلال هذه العشرية توقفت التنمية فضلا عن ما سجل من خسائر في الأرواح والممتلكات، لا أعتقد أن الشعب مستعد لأن يعود إلى هكذا تجربة وهو واع بأهمية الاستقرار وأهمية استمرار التنمية، وهو ما يريده المواطن حقيقة.
* هناك في التيار المعارض من يرى في هذه الإصلاحات التي بادرت بها الجزائر مجرد ماكياج لإطالة عمر النظام، ويطالب بتغيير جذري للنظام، ما رأيكم؟ هل الحل في التغيير الجذري؟
** لنتفق أولا عن ماهية الإصلاح الجذري، إذا كان المقصود بالإصلاح هو المعنى الموضوعي، أي القواعد السياسية والقانونية التي تجسد النظام الديمقراطي، فهذه القوانين التي بين أيدينا هي ركائز نظام ديمقراطي، أما إذا كان المقصود هو تغيير النظام كلية عن طريق إنشاء مجلس تأسيسي ودستور جديد وبرلمان جديد وجمهورية جديدة وأعتقد هذا هو المقصود في الطرح الذي تتبناه هذه الأطراف المطالبة بالتغيير الكلي للنظام، أقول إن هذا هو التغيير الشكلي، أولا لماذا نعود إلى نقطة الصفر وكأننا ننكر كل ما تم انجازه خلال كل هذا المسار الديمقراطي ونعود إلى 162 ثانيا من يضمن أن المجلس التأسيسي سينتج برلمانا أكثر قوة أو لنسميه »برلمان المعجزة« سيتم انتخاب برلمان من ضمن مواطنين جزائريين كما تم انتخاب البرلمان الحالي، سوف لن نستورد برلمان سيتشكل برلمان من نفس الفعاليات السياسية الموجودة الآن ومن نفس المواطنين وقد يكون هناك بعض الاختلاف عن البرلمان الحالي لكن لن تكون هناك المعجزة، بل سيكون هناك برلمان جزائري بسلبياته وايجابياته ويعكس نوعية المجتمع ونوعية الطبقة السياسية فيه، ثالثا بعد المجلس التأسيسي وانتخاب برلمان، تتم صياغة الدستور، من يصنعه؟ نفس الطبقة السياسية الحالية، ونحن ذاهبون إليه بعد الانتخابات التشريعية القادمة، في نهاية المطاف أعتقد أن المطالب التي تتمسك بالمجلس التأسيسي هي التي رهنت أصحابها في محيط ما بعد الاستقلال وتنكر ما تم انجازه وتنطلق من نظرة شكلية، وتصرّ على أن الديمقراطية في رأييها تقتصر على إنشاء المجلس التأسيسي، بينما يمكن أن تكون هناك ديمقراطية دون الذهاب إلى مجلس تأسيسي. فالمجلس التأسيسي تاريخيا يتأسس مرة واحدة لإعلان الدولة بعد ذلك يمكن تعديل الدستور، وهذا الأخير يحدد طريقة تعديله وليس في الدستور الحالي ما ينص على ضرورة الرجوع إلى مجلس تأسيسي، بل يتحدث عن التعديل عن طريق البرلمان أو عن طريق الاستفتاء أو الطريقتين معا، إلا إذا كنا ننطلق من فكرة أنه ليس هناك دولة وليس هناك بناء مؤسساتي وأننا سنعود إلى مجلس تأسيسي لنعلن الدولة الجزائرية.
ولو نذهب إلى المقارنات في العالم، فرنسا في عهد ساركوزي عدلت الدستور وعدلته تعديلا جوهريا مس توازن السلطات، دعّم صلاحيات البرلمان وأنشأ أجهزة الرقابة القضائية على الكثير من العمليات ومع ذلك لم يلجأ إلى مجلس تأسيسي واكتفى بلجنة دستورية أعدت دستورا معدلا.
وحتى في الإقليم العربي وفي الدول التي عرفت ثورات لم تلجأ جميعها إلى مجلس تأسيسي، مصر لم تلجأ إلى مجلس تأسيسي رغم عمق الثورة التي وقعت بها، تونس لجأت إلى مجلس تأسيسي والكل على علم أنهم إلى الآن لم يتمكنوا من إجراء الانتخابات التأسيسية، لماذا نخلق وضعا انتقاليا ونحن تجاوزنا هذا الوضع الانتقالي منذ عشرات السنين.
*يبدو أن السلطة حسمت خيارها في التوجه نحو اعتماد صيغة انتخاب برلمان قوي وشفاف قبل الحديث عن التعديلات الدستورية، هل تعتقدون أن هذا الخيار هو الأنسب لتسيير قطار الإصلاحات السياسية؟
**حقيقة لو كان هناك متسع من الوقت لتم البدء بتعديل الدستور وتأتي قوانين الإصلاحات تجسيدا لمبادئ الدستور، هذا هو الوضع المنطقي، ولكن لأن الأحداث في المنطقة العربية داهمتنا والخوف من الانعكاسات التي قد تصيبنا جعلنا نقتنع بضرورة تسريع الإصلاحات وهذا يأتي من خلال البدء بهذه القوانين، في انتظار الإصلاح الشامل الذي سيتوج بتعديل الدستور. من حيث الموضوع هذه الحزمة من الإصلاحات التي سيتم تطبيقها بعد ما يدخل عليها من اثراءات النواب ستؤدي إلى انتخاب برلمان قوي وتعددي يواكب مرحلة الإصلاحات ومرحلة الجمهورية الجديدة أو المرحلة المعمقة من الإصلاحات، كيف؟ ومن خلال ما لاحظته في النصوص هناك تركيز شديد على حياد الإدارة في الانتخابات، بإحكام نظام صارم على العملية الانتخابية، متعددة الصور، رقابة شعبية، سياسية وقضائية.
* بنظرة شاملة على مشروع قانون الانتخابات نجد أن هناك تطور نوعي في السلوك السياسي للسلطة في تعاملها مع المنظومة الانتخابية، ولا سيما من خلال استحداث الرقابة القضائية، أولا هل هي كافية لضمان الشفافية خاصة عند الأخذ بتجارب دول مماثلة ومنها مصر؟ وهل لدى الجزائر إمكانية تطبيقها بتوفير قضاة بالعدد الكافي للإشراف على العملية الانتخابية على المستوى الوطني؟
** الرقابة القضائية هي من أهم أنواع الرقابة في القانون الدستوري لأنها أكثر فاعلية بحكم أن الذين يقومون بها قضاة متخصصون كما أنها تأتي من جهاز محايد ومستقل، ولقضاتنا تجربة في مجال الانتخابات، ففي المواعيد السابقة كانت اللجان المحلية يرأسها قاض وقد وفقت وزارة العدل في ذلك، أكيد كان هناك ضغط لكنها تمكنت من توفير القضاة لهذه المهمة، من خلال انتداب القضاة من مختلف المناطق لتغطية اللجان البلدية والولائية كاملة، الجديد في مشروع القانون، أنه إضافة إلى القضاة العاملين في المحاكم الإدارية وفي مجلس الدولة هناك لجنة جديدة قضائية يعينها رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العدل، وأكيد ستجد الوزارة المخرج لذلك، المهم أن قضاتنا مختصون ولهم تجربة، وإذا أجرينا المقارنة مع مصر، فإن القضاء الإداري في مصر قوي ومشهود له بالكفاءة العالية، ربما ما كان ينقص التجربة المصرية هو عدم استقلالية القضاء، هذا هو المشكل، بينما نحن حسمنا استقلالية السلطة القضائية في دستور 1989 وتخضع للمجلس الأعلى للقضاء وليس للسلطة التنفيذية.
* إذا تحدثنا عن مشروع القانون الذي يحدد كيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، نشير إلى تململ عدد من الأحزاب السياسية من خلال تصريحات قياداتها في الصحف في التعامل مع مقترح الكوطا، ما هي قراءتكم السياسية والقانونية للمقترح؟ وما هو تعليقكم على المواقف التي عبرت عنها بعض التشكيلات السياسية؟
* أولا مشروع القانون جاء تجسيدا لمادة دستورية وهي المادة 31 مكرر التي وضعت المبدأ لتوسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، ومشروع القانون جاء بالكيفيات التي تحقق ذلك، في القوانين المقارنة هناك عديد من الكيفيات ليس هناك طريقة واحدة مجمع عليها، هناك أولا الطريقة التي لا تأخذ بالكوطا فالبعض يرى في الكوطا انتقاص من قيمة المرأة وقانونيا خروج عن مبدأ المساواة الذي يفترض المساواة بين الجنسين في الوصول إلى فرص الترشح، والكلمة للناخب، فالمادة 31 مكرر من الناحية القانونية هي استثناء عن المبدأ العام، وهناك اتجاه في بعض التطبيقات وهي عدم اللجوء إلى الكوطا احتراما لقاعدة المساواة مع تطبيق مبدأ الترتيب الأنسب في القائمة أي أنها تلزم الأحزاب على ترشيح المرأة في مراتب تسمح لها بالفوز، وتنتخب بشكل عادي دون تحديد مسبق لحصة أو كوطا، ولكل بلد ومجتمع ظروفه، لا يمكننا القول هذه الطريقة أو تلك هي الأفضل أو الأمثل.
وبالعودة إلى نظام الكوطة الوارد في مشروع القانون، هناك تطبيقات مختلفة بعض الدول ذهبت إلى 50 بالمائة أي المساواة المطلقة هناك أمثلة في تونس وفي دول افريقية وهناك دول أخذت حد أدنى وحتى الأوروبية ومنها فرنسا التي لا تتجاوز النسبة فيها 17 بالمائة باستثناء الدول الاسكندينافية التي بها نسبة مرتفعة لاعتبارات خاصة، فبين الدول التي اختارت سقفا مرتفعا حتى 50 بالمائة وأخرى نسبا منخفضة بين 15 و20 بالمائة، مشروع القانون عندنا حسم الأمر بنسبة وسط وهي الثلث.
أعتقد أننا وفقنا لأن المبالغة ليست مفيدة لأنها قد تؤدي إلى إجهاض المبادرة ولن تمكن يومها من تعزيز حضور المرأة في المجالس المنتخبة، ولا يجب أن نهمل دور المرأة التي تمثل نصف المجتمع ونحرمها من المساهمة في الحياة السياسية.
وكثير من الأحزاب اعترضت على الكوطا لأسباب تقنية وليست قانونية، لأنها رأت أنه من الصعب توفير هذا النصاب لضعف انخراط المرأة في الأحزاب بينما في المقابل القائمة ترفض إذا لم تتوفر على النصاب المحدد، يمكن التفكير في الصيغة المعتمدة في فرنسا مثلا قبول القائمة ودفع الغرامة المالية، وشخصيا أميل إلى الحل الوسط لا إفراط ولا تفريط والنسبة التي حددتها الأمم المتحدة 25 بالمائة تستحق التفكير والوقوف عندها.
* تضمن مشروع قانون الانتخابات إجراء يحرم النائب من عهدته الانتخابية في حال استقالته من الحزب الذي انتخب ضمن قوائمه والتحاقه بتشكيلة سياسية أخرى لوضع حد لما بات يعرف بالتجوال السياسي، ألا تعتقدون أن هذه المادة من شأنها تكريس الديكتاتورية داخل التشكيلات السياسية وتفتح المجال واسعا للقيادات الحزبية للتعسف اتجاه النواب الذين يمثلون الشعب قبل تمثيلهم لقيادات الأحزاب؟
** مسألة التجوال السياسي فيها قولان: هناك رأي يرى أن النيابة هي نوع من ممارسة السيادة الشعبية وأن النائب في ظل الدستور الحالي يتمتع بنيابة شعبية وليس بالنيابة الآمرة ومن ثم فإن النيابة هي ملك للشعب والذين يؤيدون هذا الرأي يرون أن النائب لا يمكن أن تسقط عنه النيابة إذا غادر الحزب الذي انتخب في قوائمه.
وهناك من يرى أن النائب تم انتخابه على ضوء برنامج حزبي ولأنه قدم وعودا ضمن البرنامج والتوجه الحزبي وبالتالي من غير المعقول بعد وصوله إلى البرلمان أن يتخلى عن التزاماته وعن الخط والبرنامج المنتخب من أجله وهذه وجهة نظر سياسية مطروحة أيضا.
ومشروع الحكومة اختار وجهة النظر الثانية، وردود فعل الأحزاب ليست واضحة لحد الآن باستثناء حزب أو اثنين، من حق الأحزاب أن تسعى للحفاظ على النواب الذين انتخبوا في قوائمها لكن المشكل ليس هنا، لكن في الجزاء لأن إسقاط العضوية بحكم الدستور محددة في حالات معدودة، منها ارتكاب جريمة معينة ووفق إجراءات محددة، وفي حالات الاستقالة وحالات الوفاة والانتداب لمهمة في الحكومة وليس من ضمنها حالة التخلي عن الحزب الذي انتخب في قوائمه، وعليه فإن إسقاط العضوية عن النائب في هكذا حالة ومن الناحية الدستورية مستبعدة، يمكن اقتراح إجراء آخر كأن يبقى نائبا حرا ويمنع من الالتحاق بكتلة برلمانية أخرى، هذا إجراء يمكن مناقشته، النيابة هي للشعب وليس للحزب مثلما ينص عليه الدستور الحالي.
* من خلال المقترحات التي رفعتها الأحزاب السياسية للجنة المشاورات هو أن تشكل الحكومة بما فيها الوزير الأول من الأغلبية البرلمانية، في حال الأخذ بهذا المقترح وهو المرجح بما أنه يحظى بتأييد عدة تشكيلات ومنها حزبكم الذي يمثل حاليا الأغلبية، هل الجزائر جاهزة للذهاب إلى حكومة بهذا الشكل، أي هكذا حكومة منتخبة ستضمن الاستقرار للبلاد؟
** لجنة تعديل الدستور عندما تشكل هي سيدة في خياراتها والنمط الذي تراه مناسبا، أكيد أنها ستطلع على مقترحات الأحزاب السياسية التي رفعتها إلى لجنة المشاورات السياسية، وأشير هنا إلى أن مبدأ تشكيل الحكومة من قبل أعضاء البرلمان تشكيلا كليا هو من خصائص النظام البرلماني، ولم يتقرر بعد فيما إن كانت الجزائر ستذهب لنظام برلماني كامل أم أنها ستذهب إلى نظام شبه رئاسي، هذا متروك للجنة وهي ستفصل فيه، في رأيي الخاص فإن تشكيل الحكومة كلية من البرلمان، أعتقد أن الوقت ما زال غير مناسب لهكذا خيار، لابد من التريث إلى أن تنضج التجربة البرلمانية بشكل أفضل قبل الذهاب إلى التطبيق الكامل لخصوصية النظام البرلماني.
في الظرف الحالي الجزائر بحاجة إلى جهاز تنفيذي قوي لإنجاز مشاريع التنمية وأعتقد أن الأفضل هو تشكيل أغلبية الحكومة من البرلمان وليس الحكومة كلها مثلا انتخاب الثلثين من نواب الحزب الفائز في الانتخابات ونترك الثلث ليعينهم رئيس الجمهورية من الكفاءات الوطنية ومن الشخصيات المستقلة، وبهذه الطريقة نجمع بين حكومة منتخبة في أغلبيتها خاضعة لرقابة البرلمان ومن جهة أخرى نضمن عدم استبعاد أو إقصاء بعض الكفاءات التي نحتاج خبرتها وكفاءتها حتى وإن لم تكن متحزبة أو لم تكن تحت قبة البرلمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.