إشراق..

تَنَفَسَ الصُبْحُ مِنْ عَيْنَيْكِ وَانْسَكَبَا
لَحْنًا توضأ .. صلى فِيهِمَا عَجَبَا
كَأَنَ رُؤْيَا رَأَتْ في النومِ دَالِيتِي
نَامَتْ على صَدْرِهَا واسّاقَطَتْ عِنَبَا
يَا شِعرُ لا تقْصُصِ الرُؤْيَا فَلِي شَفَتِي
أنَا سَأَعْصِرُ في وَاحاتِهَا رُطَبَا
في كُلِ زَاوِيةٍ دَبَابَةٌ صَهَلَت
يَعْوِي على سَرْجِهَا مَوْتٌ لَكَمْ نَعَبَا
مَوتٌ يحاصرهُ موتٌ . . يُحَاصِرُهُ
مَوْتٌ.. وَقَبْرِي أنا من جُثَتِي هَرَبَا
بَغْدَادُ يا وَجَعَ النَهْرينِ .. هلْ سَنَةٌ
مِن نومنَا سَرَقَتْ منْ عِرقِنَا العَرَبَا؟
بالأمْسِ كَانتْ هُنَا ما زَالَ عِطرُ قَصِي
دَتِي علَى شَعْرهَا يَثْغُو ومَا نَضَبَا
مَا زَالَ نورٌ بِعينيْهَا يُحَاصِرُنِي
مَا زالَ ورْدٌ علَى الخَدَينِ مَا تَعِبَا
وَوَشْمُ قُبلتِهَا مَرْسُومًا على شَفَتي
مَا زالَ .. هلْ تَذْكُرِينَ العِشْقَ وَالأدَبَا
هَلْ تَذْكُرِينَ حَكَايَا السِندِبَادِ وَهَلْ
يَا ظَبْيتِي تَذْكُرينَ الفُلَ وَالكُتُبَا
وَشَارعَ المُتَنَبِي ... وَالحُسَينَ.. َودَمْ
عَتِي أَنَا.. وَأَبِي الحَجَاجُ إنْ غَضِبَا
وَالذَاهِبُونَ لسَامُرَاءَ فِي حُلَلِ النُس
َاكِ كَمْ سَبَحُوا إذْ عَانَقَتْ سُحُبَا
بَلقيسُ يَا وَجَعِي هَاذِي خُطُوطُ يَدِي
الموتُ يقرَأُهَا وَالمَوتُ مَنِْ كَتَبَا
فلْتَحْمِلِي في جِرَارِ الحُبِ أَوْرِدَتِي
مَاءً زُلاَلا لمنْ صَلَى وَمَنْ شَرِبَا
لَوْ دَنْدَنَ العُودُ في بغدادَ أَسمَعُهُ
أوْ نَاحَ طِفْلٌ بهَا سَافَرْتُ وَالشُهُبَا
لِي دَجْلَتَانِ وَنَخْلِي مَلَ منْ ضَمَإ
والنيلُ صُودِرَ وَالصُومَامُ قَدْ صُلِبَا
لا الشمسُ عَادتْ لنا منْ بعدِ غَفْوَتِهَا
لا البدْرُ طَلَ علَينَا بعدَمَا احْتَجَبَا
لا الماءُ عَادَ إلى الشَطَيْنِ مُغْتَسِلا
ًلا الشعْرُ رَدَ إلَى السيابِ ما سَلَبَا
والضَادُ مَا بالُهَا بَاعَتْ ضَفِيرَتَهَا
لليلِ .. يَا حَسْرَةَ التَارِيخِ لَو كَتَبَا
شعر / عبد الكريم العيداني
الإهداء : إلى أنامل من ذهب تستنطق عودا من خشب...