يواصل الروائي الجزائري محمد جعفر تألقه، فبعد ترحيب القراء والنقاد بروايته ”هذيان نواقيس القيامة” يعود هذه السنة ليقدم لنا روايته الجديدة ”مزامير الحجر” الصادرة عن منشورات الاختلاف الجزائر ومنشورات ضفاف لبنان في حوالي 344 صفحة. تضمنت الرواية مقدمة مطولة وتسعة فصول (مزامير). وقسَّم كل مزمور إلى مشاهد مرقمة تراوحت بين الطول والقصر، بالإضافة إلى مزمور الاستهلال ومزمور الختام. وحاول الكاتب في عمله تقديم فترة التسعينيات من تاريخ الجزائر كما رصد التحولات العميقة التي شهدتها مدينة وهرانالجزائرية بعد المد الإسلامي وأثر العشرية السوداء على الفرد والمجتمع. بالإضافة إلى ذلك تطرق الكاتب، ومن خلال بطل روايته الرئيسي إلى أزمة المثقف (اليساري المؤمن بالفعل الثقافي) المشكوم بين المبدأ والواقع وبين سلطة متعسفة وإرهاب قاتل. إن القارئ سيجد نفسه رهن واقع لا يكاد يختلف عما تشهده البلاد العربية اليوم وتبعات ما عرف بالربيع العربي على أن العمل ينتهي إلى إدانة الطرفين (الإسلاميين والسلطة) باعتبار أن كليهما مارس قمع الحريات وضيق على الأفراد وحاول إقصاء الصوت المعارض. من سمات التجريب في الرواية الاهتمام بالهامش أو التدييل، ومنحه دورا مختلفا عما درجنا عليه عادة. فصوت الراوي (صوت الراوي = صوت الكاتب) يظهر جليا، وكأننا إزاء العلاقة بين الكاتب والراوي، ثم ما أثر الشخصية الكاتبة في الشخصية البطلة من خلال عملية التأثير والتأثر. كل ذلك في نسق معين يصور لنا وكأننا بصدد قراءة رواية داخل رواية.