اتساع دائرة المصابين بداء كرون والتهاب القولون    طلبة الجالية سفراء الجزائر وكفاءاتها في المستقبل القريب    تحقيق الأمن الغذائي يتطلب استغلال كل الأراضي الفلاحية    الجزائر ماضية نحو انتقال طاقوي مستدام ومتوازن    لجنة ولائية تدخل على خط الاستثمار المعطّل    غزة.. 730 يوم من الإبادة الجماعية الصهيونية    ممثلة البوليساريو بألمانيا تدعو إلى دعم الجهود الأممية    تربص "الخضر" ينطلق على وقع هدف التأهل المونديالي    صادي يشارك في اجتماع اتحاد شمال إفريقيا لكرة القدم    الفارس إبراهيم آيت لونيس يواصل تألّقه    الجزائر بوابة للسوق الإفريقية بمناخ أعمال جذاب    نحو إنشاء معهد ثقاقي بالجزائر    من بؤس الأحياء القصديرية إلى ويلات الحرب    سكيكدة بألوان "أكتوبر الوردي"    "الشعارات الوردية" لا تكفي للانتصار على سرطان الثدي    غليزان بشعار ".. لنتحرّك الآن"    "ماوكلي" و"جومانجي" على شاشة سينماتاك عنابة    التراث الثقافي لمستغانم في ضيافة سطيف    توزيع الجوائز على الفائزين في مختلف المسابقات    انطلاق فعاليات معرض ومؤتمر "ناباك 2025" بوهران بمشاركة أكثر من 500 عارض من 60 دولة    سفيان شايب يدعو طلبة الجالية بجنوب أوروبا إلى التكتل في جمعيات وهياكل تنظيمية    مهرجان الجزائر الدولي للفيلم يفتح باب التسجيل للمشاركة في أول دورة من "سوق AIFF" المخصص للسينمائيين    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى يبحث مع رئيس مهرجان لحويطات سبل تعزيز التعاون الديني والثقافي    وفرنا أكثر من 385 ألف منصبا تكوينيا عبر مختلف المؤسسات    سكيكدة : حجز 630 قرص مهلوس    جلاوي، يترأس جلسة عمل وتقييم مع إطارات القطاع    فلسطين : 6 شهداء برصاص وقصف الاحتلال    غوستافو بيترو : "حانت ساعة الحياة أو الموت"    التكوين المهني دعامة أساسية لنهضة الجزائر الجديدة    أحمد طالب الإبراهيمي في ذمة الله    66 عاماً على اشتباك الحي الأسود بثنية الحد    غزّة.. إلى أين؟    هذا جديد البحث العلمي    توقيف شخص بتهمة نشر الكراهية عبر تيك توك    توقيع اتفاقية مع الهلال الأحمر    سعيود يشرف على تنصيب المدير الجديد    معالجة مليون حاوية بميناء الجزائر    الجزائر تقرّر زيادة إنتاجها من النفط    ربع مليون شهيد وجريح ومفقود فلسطيني    نعمل على توفير جميع الإمكانيات لهيئة التفتيش    الأدب ليس وسيلة للمتعة فحسب بل أداة للتربية والإصلاح    فتاوى : إنشاء صور لذوات الأرواح بالذكاء الاصطناعي    سر عظيم لاستجابة الدعاء الخارق    دعما لفلسطين.. إيقاف مباراة في إسبانيا    إبراز أهمية إدارة وثائق البنوك والمؤسسات المالية    الفاف تُحذّر    قفزة نوعية مُنتظرة بالعاصمة    تحسبا لمباراتي الصومال وأوغندا.. مفاجآت وأسماء جديدة في قائمة "الخضر"    قائمة المنتخب الوطني للاعبين المحليين : غياب مبولحي ومحيوص وعودة سعيود وبولبينة    إيلان قبال يوجه رسالة حماسية للحارس لوكا زيدان    عرض تجربة "كناص" في الابتكار بمنتدى كوالالمبور    هذه مخاطر داء الغيبة..    إلتزام الجزائر بترسيخ البعد الإفريقي في سياستها الصحية    ضبط نشاط شركات التنظيف في المستشفيات    أم البواقي : تنصيب أزيد من 100 مستخدم شبه طبي بالمؤسسات الصحية العمومية    الحكمة بين اللين والشدة    فتح التسجيلات في القوائم الاحتياطية للتكوين شبه الطبي    التعارف في سورة الحجرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنصال من الأخ الأكبر إلى الإخوان-جية
نشر في النصر يوم 17 - 11 - 2015


بعيدا عن أورويل قريبا من والبيك
«في كل مرة أصدر فيها كتابا (يقول الكاتب بوعلام صنصال) يمطر بريدي. أتلقى من ثلاثة إلى أربعة رسائل يوميا لمدة شهر. إلى أن تنصرف الصحافة الجزائرية إلى شؤون أخرى». أحقا يكون هذا الكاتب بهذا الحجم؟. وله قراء في فرنسا يحبونه وله قراء في الجزائر يحاربونه؟. وحسب أقواله يكون قد تلقى منذ ظهور كتابه الأول 1999 أكثر من 700 رسالة وعيد و تهديد. دون أن يتقدم بها إلى الأمن، دون أن يفكر في الاتصال بمؤسسة «غينيس». و دون أن يخصص لها معرضا مثيرا، على الأقل بفرنسا.
محمد رابحي
وجاءت هذه التصريحات عقب صدور روايته «2084 نهاية العالم» مؤخرا. التي يحاكي فيها رواية أورويل الشهيرة «1984». يتخيل فيها بلدا «أبيستان» مغلقا على نفسه بعد حرب مقدسة يحكمه «آبي» بتفويض من رب فظيع يسمى «يولّه»، ويدير شؤونه «مفتشو الإيمان». فيما يكتشف «عاطي»، الذي يشكك في المعتقدات السارية، أن هناك شعبا بأكمله من «الكفار» يعيش داخل غيتو تحت الأرض.
ويذهب صنصال في تصريحه إلى أبعد من هذا إذ يقدم للصحافة الفرنسية جملا من هذه الرسائل «سنسلخك» و»عد إلى الفرنسيين» و»إنك تدنس أرض الشهداء» و»أنت لا تستحق أن تعيش» و»أيها اليهودي الوسخ».. سيميائيا هي كلمات بلهاء من الممكن أن تقال بشكل عابر على الأرصفة لكن لا أحد من قائليها يتفرغ ليكتبها وأدهى أن يرسلها. في عصر ربما لا يعرف صنصال عنه الكثير. إذ لم تشهد مواقع التواصل الاجتماعي أي نقاش حول رواية الكاتب الجديدة، بل لم يسمعوا بها بعد. أما على الويب فلا يتجاوز الحديث عنها في صحافتنا الجزائرية الصيغ الخبرية المحايدة سواء في المفرنسة منها أو المعربة..
نتفهم أن يبادر الكاتب بالتخطيط ل «باز ماركيتنغ» بحثا عن ترويج أمثل لمؤلف جديد، لكن لابد لمثل هذه المبادرة، كي تؤدي وظيفتها، أن تمتثل للواقع والمنطق والذكاء.. لا يمكننا أن نصنع بروباغندا بالكليشيهات والوسائل التقليدية. واضح أن موهبة كاتبنا لم تلهمه الحكاية المواتية واللغة المناسبة. فنحن في الجزائر ليس باستطاعتنا تصديقه، لأننا نعرف حق المعرفة ألا وجود لقراء، لاسيما إذا كنا نقصد منهم صناع الرأي العام. ولأنه كمثقف فرانكفوني يظل مغمورا في أوساط المعربين الأقرب إلى الإسلاموية الذين يعرفون أكثر ياسمينة خضرة، الحاصل أن كل ما يتعلق بتصريحات الكاتب لا يتطابق معها. فهي تنفي نفسها.
على أننا في المقابل نعرف سهولة أن ينطلي الأمر على الصحافة والقارئ الغربي. طالما أن التلقي عندهم يتم عبر قرون «الاستشراق»، وهي طبعا غير كافية لتقصي الحقيقة. والدليل أن الرواية تلقى منذ نزولها نجاحا ملحوظا في السوق الفرنسية.
هكذا يتفق كتابنا الفرانكوغراف المعاصرون دون سابق اتفاق على أن يقدموا أنفسهم للآخر. على أنهم مظلومون ومطاردون ومهددون: لكل واحد منهم حكاية مؤسفة، محمد مولسهول هرب من قبضة جيش وبوعلام صنصال دمر الإسلامويون حياته وأسرته، وكمال داود ما إن نجحت روايته الأولى بفرنسا حتى طاردته فتوى حمداش،، إنهم غير كتاب الفرنسية الجزائريين الرواد: فالفرنسية بالنسبة إليهم إما غنيمة أو منفى، وغير كتاب الفرنسية العرب كأمين معلوف، بن جلون، هادي قدور،،
وصنصال في عمله 2084. يبدو في الظاهر وللعامة أقرب إلى رواية أورويل. لكنه في العمق يلتقي بعنصري الثقافة الفرنسية المعاصرة ومتطرف الأدب الفرنسي رقم واحد «ميشيل والبيك» المعروف عنه عداءه السافر للمهاجرين العرب والمسلمين. والذي يحقق خلال الفترة الأخيرة نجاحا مهولا بروايته «خضوع» على خلفية ارتباطها بمجزرة شارلي ايبدو. فلابد أن صنصال مبهور بالنجاح الكاسح لوالبيك. وهو أمر لا محالة مغر بالنسبة إلى أي كاتب (فرنسي أو محسوب على الأدب الفرنسي) ويدفع أيا منهم لتقفي «أثره». بيد أن أهم وأكثر من إغراء النجاح وتسارع الأرقام هو كون صنصال يتقاطع مع زميله أولبيك في موضوعه الأثير محاربة المسلمين حتى لا نقول الإسلام.
سأله صحافي فرانس تيفي انفو ما علاقته بال والبكية؟ وعلق المحاور بأنه «ضحك قبل أن يرد» وأضاف بين قوسين بأنه «معروف عن الكاتبين استلطافهما لبعضهما البعض». ثم أجابه صنصال «أنا إسلاموي- فوبي ولست إسلامو- فوبي».
في حين هو حينما يسأل عن علاقة روايته برواية أورويل يتحدث عن الشمولية الديكتاتورية وتسلط الدين كواحد أحد على رقاب الناس وعلى الإنسان وعلى الحضارة. ولكن الكاتب في مقال خص به الفيغارو وسمه ب «رسالة إلى صديقي الفرنسي العزيز عن العالم القادم» يتحدث عن الإسلام الذي عفن الجزائر بعد أن دمر حياته وحياة أسرته وكيف أنه يزحف بسنابكه ليغزو فرنسا. وهذا للتذكير فحوى رواية «خضوع» التي قلبت فرنسا وشغلت أوروبا وأنطقت حتى ماري لوبان فأثنت عليها قبل أن تقرأها. وتأكيدا مرة أخرى على كذب وإدعاء الكاتب نشير إلى أن هذه الرسالة التي يمكن عدّها «خطيرة جدا» تناولتها قلة من الصحافة المحلية ممن اطلعت عليها، بشكل محايد خبري.
يسبق أولبيك الزمن لينسج قصته عام 2020 ويذهب كاتبنا إلى أبعد من ذلك أي 2084.. يستنجدان بالمستقبل لتوضيح وتبسيط وترويج فداحة ما يزعمان،، ويستخدمان لغة العجائبي لتمرير خطاب واحد: ضرورة إعلان الحرب الصليبية المعاصرة. يعالجان موضوع الشمولية دون أن ينتبها إلى أنهما يعالجانها بمفردات وأفكار وتخطيطات شمولية. على ذلك نجحت «2084» تجاريا. في حين فشلت فنيا حيث أنها لم تحز أي تقدير يذكر وقد كانت من أكثر الأعمال ترشيحا ضمن جوائز الدخول الأدبي 2015 في فرنسا. واتفق النقاد على أن المؤلف ركيك فنيا يغلب عليه التلقين والوعظ. وهذا يشهد على أن بالرغم من انحطاط الحركة الثقافية المعاصرة بفرنسا إلا أنها تظل تحافظ على المعايير والضوابط التي تحكمها. فهي تميز بسهولة بين احترام الكاتب والتعاطف مع مؤلفه والنقد الأدبي الفني الصارم غير المهادن.
ويختلف صنصال عن والبيك في أمر واحد لا غير هو أن الإعلام الفرنسي يعرف جيدا واقعه ويعرف كاتبه والبيك الذي يكيل له برغم شهرته ونجاحه ما يستحق من الإدانة واللعن. بينما لا مرجع له في قضايانا وقضايا كاتبنا الجزائري إلا صنصال نفسه وتاليا سوف لن يكذّب مزاعمه أحد ولن يتعرض للتوبيخ أو الاستنكار..
من جهتنا كجزائريين وكتاب الداخل -إن صح التعبير- لا يمكننا الاعتراض على أن يلجأ صاحب «قسم البرابرة» إلى الفرقعة الإعلامية أو يلعن المسلمين ويكفر بالإسلام. لكن نعترض أن يكون ذلك على حساب بلد بأكمله. بناسه وموروثه وهويته وتاريخه. بئس الكذب والإدعاء وتشويه صورة بلد بدافع الأنانية، من أجل غاية شخصية محدودة وغير أصيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.