رئيس الفيفا يعزّي الجزائر    معاً لموسم اصطياف دون حوادث    قانون جديد لاستغلال الشواطئ    معرض الجزائر الدولي: رئيس الجمهورية يؤكد على أهمية مواصلة تعزيز تنافسية المنتوج الوطني    قسنطينة: حملاوي تؤكد على أهمية التحلي بالوعي لمواجهة مختلف التحديات    مسابقات الاندية الافريقية 2025-2026: الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية مشاركة في المنافسات القارية بأربعة أندية    انطلاق أشغال الدورة 16 للجنة التنمية الاجتماعية بالجزائر العاصمة    اختتام تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" لعام 2025.. الاحتفاء بالثقافة الحسانية وتعزيز حضورها كأحد روافد الهوية الثقافية المشتركة    ضمن البرنامج الثقافي الخاص بموسم الاصطياف.. المدية تحتضن الطبعة الثانية من تظاهرة "لمة الأندلس"    مجلس الأمن الدولي : الملف النووي الإيراني..الجزائر تجدد نداءها لوقف فوري لإطلاق النار والعودة الى المفاوضات    تطوير الخدمة العمومية : إبراز دور الجامعة في توفير الحلول الرقمية    السلطة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي:عرض حول تطبيقات "ميكروسوفت" في مجال الذكاء الاصطناعي    ملتقى ملاقا الدولي: مشاركة اربعة جزائريين في المنافسة    تيبازة.. تخرج 14 دفعة من المدرسة العليا للإشارة    وزير التجارة العماني يثمن حرص رئيس الجمهورية على توطيد العلاقات مع سلطنة عمان    قال إنها لا تحتاج إلى إعادة النظر فيها، بن طالب:الجزائر تملك منظومة ضمان اجتماعي متكاملة    المدية : 24 ألف طفل يستفيدون خرجات سياحية إلى المسابح والشواطئ    الدفاع الجوي الإيراني: إسقاط أزيد من 130 طائرة مسيرة للكيان الصهيوني منذ بداية العدوان    إبادة غزة..إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بينهم منتظرو مساعدات    إبراز الدور الهام للسينما في خدمة الثقافة الحسانية    قسنطينة: تنظيم الطبعة ال3 للصالون الدولي "ويب إكسبو الجزائر" من 25 إلى 28 يونيو    رئيس الجمهورية يجدد التزام الجزائر بتقوية التعاون الطاقوي الإفريقي    وزير الثقافة والفنون يتباحث مع نظيره الموريتاني سبل توسيع آفاق التعاون الثقافي بين البلدين    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    انطلاق عملية فتح الأظرفة الخاصة بالمزايدة    خارطة طريق لتحسين تسيير النفايات    الجزائر تُعرب عن بالغ قلقها وشديد أسفها    حادث ملعب 5 جويلية: بتكليف من رئيس الجمهورية، وفد وزاري يقدم واجب العزاء إلى عائلات الضحايا    مأتم المُدرّجات يُفسد عُرس المولودية    غالي يشدد على أهمية الاستمرار في الكفاح وبذل كل الجهود من أجل حشد مزيد من المكاسب والانتصارات    نتمنى تحقيق سلام عالمي ينصف المظلوم    أطول أزمة لجوء في العالم    الضربات الأمريكية على المنشآت الإيرانية "منعطف خطير في المنطقة"    دعم الوساطة المالية غير المصرفية بتطوير كفاءات التمويل    لا حل للملف النّووي الإيراني إلا النّهج السياسي والمفاوضات    استزراع 3 آلاف من صغار سمك "التيلابيا"    بداية مشجعة لموسم جني الطماطم الصناعية    الرئيس إبراهيمي يريد جمعية عامة هادئة ودون عتاب    الزمالك يصر على ضم عبد الرحمن دغموم    أولمبيك مرسيليا يقدم عرضا لدورتموند من أجل بن سبعيني    علامات ثقافية جزائرية ضمن قوائم الأفضل عربيّاً    فتح باب المشاركة إلى 20 أوت المقبل    قصة عابرة للصحراء تحمل قيم التعايش    خزان مائي بألفي متر مكعب هذا الصيف    الجزائر - روسيا.. بحث سبل التعاون في الشأن الديني    مناورات ميدانية لمكافحة الحرائق بسكيكدة وجيجل    استعراض التجربة الجزائرية في التكفّل بالفئات الهشّة    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    بلايلي يكتب التاريخ    اتحاد العاصمة يغرق    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنصال من الأخ الأكبر إلى الإخوان-جية
نشر في النصر يوم 17 - 11 - 2015


بعيدا عن أورويل قريبا من والبيك
«في كل مرة أصدر فيها كتابا (يقول الكاتب بوعلام صنصال) يمطر بريدي. أتلقى من ثلاثة إلى أربعة رسائل يوميا لمدة شهر. إلى أن تنصرف الصحافة الجزائرية إلى شؤون أخرى». أحقا يكون هذا الكاتب بهذا الحجم؟. وله قراء في فرنسا يحبونه وله قراء في الجزائر يحاربونه؟. وحسب أقواله يكون قد تلقى منذ ظهور كتابه الأول 1999 أكثر من 700 رسالة وعيد و تهديد. دون أن يتقدم بها إلى الأمن، دون أن يفكر في الاتصال بمؤسسة «غينيس». و دون أن يخصص لها معرضا مثيرا، على الأقل بفرنسا.
محمد رابحي
وجاءت هذه التصريحات عقب صدور روايته «2084 نهاية العالم» مؤخرا. التي يحاكي فيها رواية أورويل الشهيرة «1984». يتخيل فيها بلدا «أبيستان» مغلقا على نفسه بعد حرب مقدسة يحكمه «آبي» بتفويض من رب فظيع يسمى «يولّه»، ويدير شؤونه «مفتشو الإيمان». فيما يكتشف «عاطي»، الذي يشكك في المعتقدات السارية، أن هناك شعبا بأكمله من «الكفار» يعيش داخل غيتو تحت الأرض.
ويذهب صنصال في تصريحه إلى أبعد من هذا إذ يقدم للصحافة الفرنسية جملا من هذه الرسائل «سنسلخك» و»عد إلى الفرنسيين» و»إنك تدنس أرض الشهداء» و»أنت لا تستحق أن تعيش» و»أيها اليهودي الوسخ».. سيميائيا هي كلمات بلهاء من الممكن أن تقال بشكل عابر على الأرصفة لكن لا أحد من قائليها يتفرغ ليكتبها وأدهى أن يرسلها. في عصر ربما لا يعرف صنصال عنه الكثير. إذ لم تشهد مواقع التواصل الاجتماعي أي نقاش حول رواية الكاتب الجديدة، بل لم يسمعوا بها بعد. أما على الويب فلا يتجاوز الحديث عنها في صحافتنا الجزائرية الصيغ الخبرية المحايدة سواء في المفرنسة منها أو المعربة..
نتفهم أن يبادر الكاتب بالتخطيط ل «باز ماركيتنغ» بحثا عن ترويج أمثل لمؤلف جديد، لكن لابد لمثل هذه المبادرة، كي تؤدي وظيفتها، أن تمتثل للواقع والمنطق والذكاء.. لا يمكننا أن نصنع بروباغندا بالكليشيهات والوسائل التقليدية. واضح أن موهبة كاتبنا لم تلهمه الحكاية المواتية واللغة المناسبة. فنحن في الجزائر ليس باستطاعتنا تصديقه، لأننا نعرف حق المعرفة ألا وجود لقراء، لاسيما إذا كنا نقصد منهم صناع الرأي العام. ولأنه كمثقف فرانكفوني يظل مغمورا في أوساط المعربين الأقرب إلى الإسلاموية الذين يعرفون أكثر ياسمينة خضرة، الحاصل أن كل ما يتعلق بتصريحات الكاتب لا يتطابق معها. فهي تنفي نفسها.
على أننا في المقابل نعرف سهولة أن ينطلي الأمر على الصحافة والقارئ الغربي. طالما أن التلقي عندهم يتم عبر قرون «الاستشراق»، وهي طبعا غير كافية لتقصي الحقيقة. والدليل أن الرواية تلقى منذ نزولها نجاحا ملحوظا في السوق الفرنسية.
هكذا يتفق كتابنا الفرانكوغراف المعاصرون دون سابق اتفاق على أن يقدموا أنفسهم للآخر. على أنهم مظلومون ومطاردون ومهددون: لكل واحد منهم حكاية مؤسفة، محمد مولسهول هرب من قبضة جيش وبوعلام صنصال دمر الإسلامويون حياته وأسرته، وكمال داود ما إن نجحت روايته الأولى بفرنسا حتى طاردته فتوى حمداش،، إنهم غير كتاب الفرنسية الجزائريين الرواد: فالفرنسية بالنسبة إليهم إما غنيمة أو منفى، وغير كتاب الفرنسية العرب كأمين معلوف، بن جلون، هادي قدور،،
وصنصال في عمله 2084. يبدو في الظاهر وللعامة أقرب إلى رواية أورويل. لكنه في العمق يلتقي بعنصري الثقافة الفرنسية المعاصرة ومتطرف الأدب الفرنسي رقم واحد «ميشيل والبيك» المعروف عنه عداءه السافر للمهاجرين العرب والمسلمين. والذي يحقق خلال الفترة الأخيرة نجاحا مهولا بروايته «خضوع» على خلفية ارتباطها بمجزرة شارلي ايبدو. فلابد أن صنصال مبهور بالنجاح الكاسح لوالبيك. وهو أمر لا محالة مغر بالنسبة إلى أي كاتب (فرنسي أو محسوب على الأدب الفرنسي) ويدفع أيا منهم لتقفي «أثره». بيد أن أهم وأكثر من إغراء النجاح وتسارع الأرقام هو كون صنصال يتقاطع مع زميله أولبيك في موضوعه الأثير محاربة المسلمين حتى لا نقول الإسلام.
سأله صحافي فرانس تيفي انفو ما علاقته بال والبكية؟ وعلق المحاور بأنه «ضحك قبل أن يرد» وأضاف بين قوسين بأنه «معروف عن الكاتبين استلطافهما لبعضهما البعض». ثم أجابه صنصال «أنا إسلاموي- فوبي ولست إسلامو- فوبي».
في حين هو حينما يسأل عن علاقة روايته برواية أورويل يتحدث عن الشمولية الديكتاتورية وتسلط الدين كواحد أحد على رقاب الناس وعلى الإنسان وعلى الحضارة. ولكن الكاتب في مقال خص به الفيغارو وسمه ب «رسالة إلى صديقي الفرنسي العزيز عن العالم القادم» يتحدث عن الإسلام الذي عفن الجزائر بعد أن دمر حياته وحياة أسرته وكيف أنه يزحف بسنابكه ليغزو فرنسا. وهذا للتذكير فحوى رواية «خضوع» التي قلبت فرنسا وشغلت أوروبا وأنطقت حتى ماري لوبان فأثنت عليها قبل أن تقرأها. وتأكيدا مرة أخرى على كذب وإدعاء الكاتب نشير إلى أن هذه الرسالة التي يمكن عدّها «خطيرة جدا» تناولتها قلة من الصحافة المحلية ممن اطلعت عليها، بشكل محايد خبري.
يسبق أولبيك الزمن لينسج قصته عام 2020 ويذهب كاتبنا إلى أبعد من ذلك أي 2084.. يستنجدان بالمستقبل لتوضيح وتبسيط وترويج فداحة ما يزعمان،، ويستخدمان لغة العجائبي لتمرير خطاب واحد: ضرورة إعلان الحرب الصليبية المعاصرة. يعالجان موضوع الشمولية دون أن ينتبها إلى أنهما يعالجانها بمفردات وأفكار وتخطيطات شمولية. على ذلك نجحت «2084» تجاريا. في حين فشلت فنيا حيث أنها لم تحز أي تقدير يذكر وقد كانت من أكثر الأعمال ترشيحا ضمن جوائز الدخول الأدبي 2015 في فرنسا. واتفق النقاد على أن المؤلف ركيك فنيا يغلب عليه التلقين والوعظ. وهذا يشهد على أن بالرغم من انحطاط الحركة الثقافية المعاصرة بفرنسا إلا أنها تظل تحافظ على المعايير والضوابط التي تحكمها. فهي تميز بسهولة بين احترام الكاتب والتعاطف مع مؤلفه والنقد الأدبي الفني الصارم غير المهادن.
ويختلف صنصال عن والبيك في أمر واحد لا غير هو أن الإعلام الفرنسي يعرف جيدا واقعه ويعرف كاتبه والبيك الذي يكيل له برغم شهرته ونجاحه ما يستحق من الإدانة واللعن. بينما لا مرجع له في قضايانا وقضايا كاتبنا الجزائري إلا صنصال نفسه وتاليا سوف لن يكذّب مزاعمه أحد ولن يتعرض للتوبيخ أو الاستنكار..
من جهتنا كجزائريين وكتاب الداخل -إن صح التعبير- لا يمكننا الاعتراض على أن يلجأ صاحب «قسم البرابرة» إلى الفرقعة الإعلامية أو يلعن المسلمين ويكفر بالإسلام. لكن نعترض أن يكون ذلك على حساب بلد بأكمله. بناسه وموروثه وهويته وتاريخه. بئس الكذب والإدعاء وتشويه صورة بلد بدافع الأنانية، من أجل غاية شخصية محدودة وغير أصيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.