أجمع المشاركون في الملتقى الدولي حول موضوع "إفريقيا في الآداب والفنون" الذي اختتم امس الجمعة بالجزائر العاصمة على تنوع تمثيل الوقائع الإفريقية في الفنون والآداب لكن مع طرح نفس التساؤل حول مستقبل هذه القارة مما يستدعي تعاون أكبر بين مختلف الفاعلين الثقافيين. وجمع اللقاء —الذي انطلقت فعالياته يوم الخميس على هامش الطبعة ال18 لصالون الجزائر الدولي للكتاب (سيلا)— 26 جامعيا من 11 بلدا عكفوا على تحليل سبل إثراء الفنانين والكتاب من إفريقيا وغيرها خيالاتهم خلال مختلف فترات الفضاء الجغرافي والتاريخي والاجتماعي الإفريقي. ولدى تطرقهم إلى التراث الإفريقي الشفوي واللغوي والمتعلق بالرسم أكد الباحثون على ضرورة الحفاظ على هذه الثروة الثقافية المهددة بانعكاسات العولمة والعمل على ترقيتها من خلال تضافر جهود جميع الفاعلين. وتناولت كل من كريستيان شولي عاشور (الجزائر-فرنسا) وإليان المالح (فرنسا) في هذا الصدد "جرح" التاريخ الذي شكلته العبودية من خلال تحليل هذه الذاكرة وانعكاساتها على كتاب ورسامين من إفريقيا وأوروبا وأمريكا. وفي قراءة لرواية "سيزون دو لومبر" (فصل الظل) للكاتبة الكامرونية المقيمة في فرنسا ليونورا ميانو أبرزت السيدة شولي عاشور خيار هذه الكاتبة التطرق لذاكرة العبودية المؤلمة بدون تسميتها مباشرة مع سرد حياة شخصيات تعيش في "العالم المفقود" ما قبل قدوم الأوروبيين. من جهتها أشارت اليان المالح —التي تهتم بالفن الإفريقي-الأمريكي— إلى "السخرة" و"التهكم" التي كان يلجأ لها رسامون في الولاياتالمتحدة من خلال قلب "التمثيلات المقولبة" العنصرية ضد السود المنتشرة في هذا البلد منذ العبودية وذلك بإعادة استعمالها في أعمالهم. أما الباحثة جاكلين جوندو (فرنسا) فقد تطرقت لواقع حالي كالهجرة غير الشرعية من منظور كتاب فرنسيين وإيطاليين تساهم رواياتهم في إعادة "الكرامة" لهؤلاء المهاجرين من خلال تطلعاتهم الإنسانية. وتطرق علي محمد برهانة (ليبيا) وأحمد المولود الهلال (موريتانيا) من جهتهما خلال اللقاء إلى جغرافيا القارة الإفريقية وتأثيرها على الآداب والفنون التصويرية القديمة والحديثة. تراث لغوي وغير مادي يجدر الحفاظ عليه وإلى جانب التحاليل الأدبية والفنية اختار مشاركون آخرون تناول ثراء الآداب الشفوية واللغات الإفريقية من خلال اقتراح تفكير حول القيم المشتركة التي تنقلها وسبل الحفاظ عليها وحمايتها من "النمط الموحد" للثقافات بفعل عولمة الاقتصاد. وأشار خالد أبو الليل (مصر) في هذا الإطار إلى أوجه التشابه بين الملاحم الشعبية في مالي والبلدان العربية التي تدل -كما قال- على مبادلات وتأثيرات مفعمة ب"القيم المشتركة" بين هؤلاء الشعوب على مر الزمن. وأكد الباحث جوليان كيلانغا موسيندي (الكونغو) على ضرورة استحداث "شبكات بين المؤسسات الثقافية الإفريقية" من أجل ضمان الحفاظ على اللغات الإفريقية. وتجدر الإشارة إلى أن المشاركين في الملتقى أشادوا بقرار منظمة اليونسكو إعطاء موافقتها على إنشاء مركز حفظ التراث الثقافي الإفريقي غير المادي بالجزائر في جانفي 2014 كما أعلنه يوم الخميس مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ منظم الملتقى.