تحوّل حسني مبارك إلى مسمار جحا صدئ مغروس في الجسد المصري وفي جسد الشرق الأوسط ككل ..مسمار جامد بلغة المصريين منذ ثلاثين سنة وهو يحفر في اللحم المصري ويوجع هذا الجسد ..لا يريد أن يرحل ويترك الناس تقرر مصيرها بنفسها ..إنه عنيد وله دكتوراه في العناد كما قال مستشاره السابق حسنين هيكل نقلا عنه. في خطابه الأخير قال لنا فيما معناه هنا يموت قاسي ولو يطيح راسي.. ولتذهب المظاهرة المليونية إلى الجحيم. مسمار جحا المصري يريد تعطيل مسار التاريخ ..فالتغيير حتمية والعالم سيتغير رغم أنفه. وأنف كل مسامير جحا المغروسة في الجسد العربي ..ما يحدث في مصر الآن لم يعد شأنا مصريا فقط، إنه يعني كل الشعوب المقهورة في الجزء المظلم من كوكب الأرض ..فبعد أن استطاع التوانسة اقتلاع مسمارهم سيفعل المصريون ويفتحون المجال للآخرين لاقتلاع مساميرهم الموجعة.. مسمار جحا صفة الدكتاتور العربي الذي اكتشفنا مع حالة حسني مبارك أنه مصاب بحالة باتولوجية عسيرة ونادرة قد نسميها ''جنون الرئاسة مدى الحياة'' وهي حالة مرضية لم ينتبه لها لا فرويد ولا يونغ ولا ادلر ولا حتى لاكان. مسمار جحا المصري بلاء تاريخي يشبه الطاعون الأسود الذي ضرب أوربا في القرون الوسطى والذي تحوّل إلى حالة فكرية مفصلية في تاريخ الفكر الأوربي ..مثلما سيتحوّل مبارك في السنوات القادمة إلى حالة فكرية في الفكر العربي المأزوم أبدا ..لكن الأمل موجود وهو أن تتحوّل مرحلة ما بعد مبارك إلى حالة تفاؤل عكس اللحظات السوداء الأخرى مثل الهزيمة والنكسة.. هذا المسمار سيقتلع أكيد إما أن يرحل أو أن يموت فوق عرشه الكرتوني ..وقد استطعت اليوم بصعوبة أن أكلم صديقي أحمد الصعيدي المرابط بميدان التحرير وسمعت صراخ الناس هناك ارحل ارحل ..وقال لي أحمد إن ما يحدث في مصر الآن لن تنقله أي قناة تلفزيونية مهما كانت احترافيتها ولو بصورة مقربة. مسمار جحا المصري سيعمل المستحيل للبقاء في كرسيه جاثما وكاتما أنفاس الغلابى.. ولمن شاهد فيلم ''حين ميسرة'' للفنان المبدع خالد يوسف يستطيع أن يفهم حقيقة مجتمع القاع المصري المطحون بالفقر والحرة والظلم والعنف .ومسمار جحا كان دوره في كل هذا أن يذل الناس ويرهبهم حتى لا يفكرون في التغيير . مسمار جحا لا يريد أن ينقلع ولكنه سينقلع رغم كل المناورات والتلفيقات.. سينقلع ويرمى في مزبلة التاريخ.