تنظم الجمعية الثقافية اثافراراب يوم السبت 28 جانفي بمدينة ذراع بن خدة، تظاهرة ثقافية تكريما للفنان القبائلي القدير الراحل سليمان عازم بمناسبة الذكرى ال 29 لوفاته بفرنسا، هذا الفنان الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الأغنية القبائلية والجزائرية. في أول ظهور للجمعية الثقافية ا ثافراراب إلى الوجود، كونها حديثة النشأة، قررت أن تكون بداية نشاطاتها الثقافية في الميدان بتكريم الأب الروحي للأغنية الأمازيغية الراحل سليمان عازم، حيث اغتنموا فرصة ذكرى وفاته في 29 جانفي 1983 لتكريمه. هذا الفنان الذي مات في الغربة منفيا ولم يحقق حلم وضع رجليه من جديد في أرض أجداده، الذي رحل منها بحزن شديد سكن كيانه ووجدانه طيلة حياته. لا تزال إلى يوما هذا رفاته مدفونة بفرنسا، وهو الفنان الذي لم يكن مرغوبا فيه من طرف السلطات الجزائرية إلى غاية التسعينيات بسبب أغانيه المرتكزة على النقد اللاذع بأسلوب حكائي واستهزائي. وقد سطر المنظمون في هذه التظاهرة التكريمية برنامجا مكثفا يدوم يوما كاملا تحتضنه قاعة سينما الهفار بمدينة ذراع بن خدة. وبرمج في التظاهرة معرض صور سليمان عازم بمفرده وبفرقة عدة شخصيات فنية وثقافية، ومعرض للكتب ومقالات صحفية تناولت سيرته وحياته. ويعقد من حسين عازم ابن أخ الفنان سليمان عازم وعضو بالمؤتمر العالمي الأمازيغي، محاضرة، يتناول فيها مسيرة وحياة عمه الذي صنع تاريخ الأغنية الأمازيغية، كما سيتطرق إلى عدة قضايا تهم الفنان، وستشارك في المحاضرة نفسها شقيقة الفنان سليمان عازم انا حجيلةب التي ستقدم شهادتها حول العديد من الأمور الشخصية والعائلة لشقيقها سليمان عازم. وتتطرق إلى قرحته من الغربة والآلام التي تكبدها خلال نفيه. وفي فترة بعد الزوال سينظم حفلا غنائيا يشارك فيه مجموعة من الفنانين القبائليين الشباب. وبعدها يقدم عرض مسرحي لفرقة اثافرارا ا التي ستتطرق إلى موضوع اجتماعي ينقل قضايا حساسة تعتبر كإسقاطات لحياة سليمان عازم. وبالعودة لحياة الفنان القبائلي سليمان عازم الذي ولد سنة 19 سبتمبر 1918 بأغني يغران، وهي قرية تتواجد بمنطقة واضية المحاذية لجبال جرجرة، يعرف عنه أنه كان رفض كل أنواع المساومات، وكان مسكونا بهاجس الدفاع عن المظلومين وإظهار الحقيقة، لم يكن يوما يبحث عن الشهرة والمال، بل استعمل الغناء والموسيقى للتعبير عن أوجاعه ومحاربة الفساد وفضح كل الحقائق المخفية. وبدأ سليمان عازم حياته بمعاناة مثله مثل كل أطفال وشباب القبائل والجزائر. ففي سن الحادية عشر كان يشتغل لدى أحد المستعمرين بمنطقة اسطاوالي بالعاصمة، قبل أن يهاجر إلى فرنسا في ,1937 وبالضبط إلى مدينة لانغوي للبحث عن حياة اقتصادية واجتماعية أفضل، لكن الحرب العالمية أخلطت أوراقه، حيث ظل لعدة سنوات ضحية العمل الإجباري المفروض من طرف النازيين الألمان، وفي 1945 بدأ يشتغل كمسير لمقهى بباريس. ورغم كل تلك المعاناة والصعوبات المهنية والبعد عن الوطن إلا أن سليمان عازم تعلق بالغناء والموسيقى، حيث أصدر أول ألبوم حقق نجاحا كبيرا بأغنيته الشهير اأموح أموحب التي خصصها للمهاجرين والغربة. سليمان عازم الذي اتهمته بعض الأطراف بوقوفه ضد الثورة محاولة للمساس بسمعته، ظهر أنه كان يعاني من قسوة الاستعمار وخصص لهذا الغرض أغنية اأفاغ أيجراذ ثمورثيوب بمعنى اأيها الجراء.. أخرج من بلاديب يستنكر فيها الاستعمار والاحتلال الفرنسي بالجزائر. وقد تحوّل سليمان عازم إلى الفنان الذي يؤنس الجزائريين بالغربة، وذلك بأغانيه المؤثرة على أمواج إذاعة باريس في حصة ربع ساعة ليوميات القبائلي. وقد تناول سليمان عازم في أغانيه كل المواضيع السياسية والاجتماعية والعاطفية والغربة، معتمدا بشكل كبير على أشعار سي موح أومحند الذي تأثر به كثيرا، وهي الأغاني التي تعري الواقع المعيشي، وخصص جزءا هاما من أغانيه للمغتربين في المهجر والحنين إلى زيارة أرض الوطن. ويعتبر مصدر إلهام لعدد معتبر من الفنانين القبائليين أمثال معطوب الوناس، تاكفاريناس وإيدير... ويتمنى محبو الفنان سليمان عازم إعادة الاعتبار لهذا الفنان بحجم مشواره الفني، وأن تنظم له تظاهرة وطنية تخرج عن النطاق المحلي.