وزير العدل حافظ الأختام يؤكد: على المحامين تحقيق الأمن القانوني و القضائي جذبا للاستثمار    وزير خارجيتها عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية: سلطنة عمان تتطلّع إلى المزيد من الازدهار في علاقاتها مع الجزائر    المدرسة العليا للإدارة العسكرية "أخاموخ الحاج موسى" بوهران: استعراض تكتيك لوجيستي افتراضي لصد العدو عبر الحدود    تكرس لتعاون مثمر يعزز دور القطاع في الاقتصاد الوطني: توقيع 3 اتفاقيات لمشاريع منجمية و تعدينية مع شركاء أجانب    لمرافقة حاملي المشاريع و ترقية الفكر المقاولاتي: اتفاقية إطار بين مجمع سونلغاز والمجلس الأعلى للشباب    إنتاج الصفائح المعدنية الخاصة بالسيارات قبل نهاية السنة: مشروع لتصنيع الألمنيوم بالجزائر    تصويت الجمعية الأممية على مشروع قرار بشأن فلسطين: مكسب سياسي يعطي زخما أكبر للعضوية الفلسطينية    وزير المجاهدين لدى إشرافه على ختام ملتقى دولي بقالمة: مجازر 8 ماي جريمة لا يمكن أن تُنسى وتُطوى بالتقادم    مع اشتداد القصف الصهيوني على رفح    تأخّر لعدة سنوات: فلاحون يثمّنون قرب الانطلاق في إنجاز سد واد لزرق بخنشلة    حجز 6 آلاف قرص مهلوس و كمية من الكوكايين    لذوي الاحتياجات الخاصة    الرابطة المحترفة: مهمة معقدة تنتظر الرائد وصراع الوصافة عنوان الجولة    توّج بثاني ألقابه في أوروبا: عمورة أفضل عربي في الدوري البلجيكي    خنشلة: حجز 49 كلغ من الدجاج غير الصالح    الفيلم عرض بقسنطينة بحضور صناعه ونجومه    بغرض تسهيل تنقلهم نحو أرض الوطن دون تأشيرة مسبقة: نواب ممثلون للجالية الوطنية يثمنون قرار رئيس الجمهورية    مجلس أعلى للصحافة هو الحل..!؟    جيشنا قوّي وسيتقوى أكثر لصون استقلال الجزائر    عرقاب يستقبل من قبل نائب الرئيس التركي    منتخبنا لأقل من 20 سنة يحرز9 ميداليات جديدة    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بإسبانيا    بلمهدي يعطي إشارة انطلاق بناء "المسجد القطب" بعنابة    البوليساريو تحصي مكاسبها في ذكرى التأسيس    بداني: حريصون على تحسين ظروف الصيادين المهنية    حسب مصالح الأرصاد الجوية: أجواء مشمسة على معظم الوطن    سكيكدة..حديقة إيكولوجية لمواجهة "تغوّل الإسمنت"    وزارة المالية تطلق دعوة للترشح.. قريبا    مولوجي تفتح الآفاق أمام إبداعات المرأة    إقبال كبير على الفيلم الفلسطيني "معطف حجم كبير"    9 روايات في القائمة القصيرة لمسابقة "فواصل"    استئناف حجز تذاكر الحج لمطار الجزائر    برج بوعريريج..نحو تهيئة متنزه بومرقد وجعله متنفّسا للعائلات    تمديد عقود توظيف الأعوان لاستكمال الإحصاء العام للسكان    مستوطنون يحرقون مكتب "الأونروا" فيذالقدس المحتلّة    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا    أونروا : وقف إطلاق النار "الأمل الوحيد لتجنب إراقة المزيد من الدماء ويجب إعادة فتح طرق المساعدات"    رخروخ يستقبل وفداً    عين الدفلى : توقيف 7 أشخاص وضبط 56340 قرص مهلوس    فيما يسلم نفق جبل الوحش للسيار شهر جوان : والي قسنطينة يبدي استياءه من بطء أشغال نفق الزيادية    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    غرداية: الفلاحون مدعوون إلى توحيد الجهود لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    مشاركة 37 ولاية في اليوم الوطني للفوفينام فيات فوداو    طاقم طبي مختص تابع لمنظمة أطباء العالم في مهمة تضامنية في مخيمات اللاجئين الصحراويين    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر القيادات النسائية لدعم المرأة والطفل الفلسطيني يوم السبت المقبل بالدوحة    دورات تكوينية لفائدة وسائل الإعلام حول تغطية الانتخابات الرئاسية بالشراكة مع المحكمة الدستورية    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    انطلاق لقافلة شبّانية من العاصمة..    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة النسق والسياق
نشر في الجزائر نيوز يوم 18 - 02 - 2013

النص الإبداعي يحيل إلى نسق وسياق، بين النسق والسياق علاقة جدلية تفاعلية، النسق متصل بالتشكل عبر التراكم التاريخي لمنظومة الأفكار والعلامات، والتشكل يحدث خلال سياقات والسياقات متصلة بأنساق قيمية وثقافية. وإحالة النص مرتبطة بمكونات ومؤثرات يظل المبدع يكابد لكي لا يظل أسيرا لها لأن رهانه كمبدع مرتبط بما يسميه نيتشه ب “النسيان الفعال".
والحديث عن نقد ثقافي صار يشغل الدارسين بعد تراكمات الدراسات التي اشتغلت على النص من زوايا مختلفة فأصبح النص مفتوحا لدرس أوسع من نطاق الحصر في الأدبية وما يتصل بها من جوانب. النص بشيفراته ينتج القيم المضافة المراكمة لرصيد الرساميل الرمزية التي تتأسس عليها الكيانات المجتمعية والهويات التي تتشكل باستمرار، تتشكل بالمخيال الذي يمتد أساطيرا مؤسسة ورموزا علاماتية مؤشرة، وريكار تحدث عن هوية سردية، هوية تصاغ بجماليات تنزاح عن العابر لتعبر نحو ديمومة التدفق بصيرورة التاريخ.
النقد الثقافي تبلور في سياق تراكم معرفي ونقدي تنظيري وإجرائي، تبلور غربيا بالدراسات التي حفرت وفككت لتفحص وتباشر التشريح للنفاذ إلى عمق الأنساق التي تتبلور في إطارها النصوص كعلامات ثقافية. تبلور في تيارات أنجلوساكسونية، لكن هناك تقاطعات عابرة للثقافات والتيارات وخرائط التفكيرات، تقاطعات خصوصا مع التحولات التي عرفتها اشتغالات ما بعد ثورة ماي 1968 في فرنسا، اشتغالات مؤسسة كحفريات فوكو وتفكيكيات دريدا وأعمال دولوز وبارت وغيرهم.
ودون الدخول في تفاصيل التعريفات المتعلقة بالموضوع، فإن النقد الثقافي هو التعاطي الذي يباشر الحوارية التي تحضر معها الرؤية المتكاملة التي تستضيف الفلسفة والعلوم الإنسانية لتتوسع في توليد الدلالات المضمرة وتفكيك وتشفير الشيفرات المحمولة بالدوال فلكل دال ظله، كما قال بارت. فالإبداع انزياح وتشكيل لما لا يتقولب ولكنه في تشكله وتداوله وتلقياته متصل بسياق وبنسق، سياق التاريخ ونسق المنظومة القيمية والرمزية والثقافية للمجتمع.
والنقلات النوعية، كما يقول عبد الله الغذامي، تنقلت (في مجال النظر النقدي من أطروحة ريتشاردز في التعامل مع القول الأدبي بوصفه عملا إلى رولان بارت الذي حول التصور من العمل إلى النص، ووقوفه على الشيفرات الثقافية كما فعل في قراءته لبلزاك وفي أعماله الأخرى التي فتح فيها مجال النظر النقدي إلى آفاق أوسع وأعمق من مجرد النظر الجمالي للنصوص، وكذا كان إسهام فوكو في نقل النظر من النص إلى الخطاب، وتأسيس وعي نظري في نقد الخطابات الثقافية والأنساق الذهنية. وجرى الوقوف على فعل الخطاب وعلى تحولاته النسقية، وبدلا من الوقوف على مجرد حقيقته الجوهرية التاريخية أو الجمالية)، وهذه التحولات اقترنت بالعلامات التي تتجاوز الحصر النمطي للنص والخطاب، تجاوزا عبر عنه رولان بارت في “إمبراطورية العلامات" والعلامات الثقافية متصلة بتلقي متعدد يؤشر لاتجاهات مجتمعية، جعلت المتحركون رفضا للوضع القائم وللشمولية المتكرسة، يستعيدون قصيدة أبو القاسم الشابي ويرفعون صور تشي غيفارا ويتحركون بإيقاع موسيقى الراب ويحولون ضحايا كخالد سعيد ومحمد البوعزيزي وحمزة الخطيب إلى أيقونات.
والابداع في كل مرحلة، كان متصلا بسياقات تبلوره وتداوله، وكل نص مهما كان موغلا في تجريديته يظل محيلا إلى عصره وروح عصره، وفي كل نص تحيلنا هواجس منتجه إلى ما يصلنا بهواجس مجتمع وهواجس تاريخ من هوميروس إلى ماركيز ومن زهير بن أبي سلمى إلى سليم بركات. والابداع هو التأسيس الجمالي للمنظومة الرمزية، التأسيس المكثف للثقافي، تكثيفا يمد بالنسغ والدم والماء، يمد بالحياة، بالمضاد للسقوط والزوال والموت، يقول درويش: “يا موت هزمتك الفنون". والنقد الثقافي يتيح بناء الرؤية التي تجعل القراءة مستحضرة لكل الأبعاد ومتجاوزة لآليات القراءة الإجرائية التي تنحصر في القولبة التقنوية المصادرة للجمالية. النقد الثقافي يخترق الحجب الحاجبة والعازلة عن بؤرة تكون النص.
يحضر النقد الثقافي ليتقصى المضمر في نصوص تهافتت مع أصحابها الذين ظهر أنهم قطيع. والنسق المضمر، كما يقول الكاتب الفلسطيني عبد الوهاب أبو هاشم: “نص غير معلن يتخفى بين ثنايا النص الجمالي البلاغي.. لا يدركه المبدع ولا الناقد إلا باستخدام أدوات خاصة ويعبر دائما على نقيض المضمر البلاغي. ومن خلاله سيبدو الحداثي رجعيا، المفترق الجذري بين النقد الأدبي والنقد الثقافي هو سؤال النسق بديلا عن سؤال النص وما النصوص إلا حوامل تحمل هذه الأنساق"، عن موقع ملتقى الإبداع الأدبي. وفي النقد الثقافي كما يقول: “يقرأ النص ليس لذاته وإنما لكشف حيل الثقافة في تمرير أنساقها وهذه نقلة نوعية في مهمة العملية النقدية".
كشف حيل التمرير، كما عبر أبوهاشم، يبرز في المنجز المتداول وما يحمله من مضمرات، مضمرات التناقضات الناجمة عن الجمع بين حمولة التقاليد وأنساق القبيلة والطائفة وبين شكليات الحداثة ومفاهيمها المعزولة عن أطرها، وهذه التناقضات هي بعض ما تفصح عنه مجددا الأحداث التي تعرفها البلاد العربية منذ بداية السنة.
والحديث عن النسق والسياق يحيل إلى الكثير مما يحتاج لتشريح وتفصيل، فالالتباسات تكتنف بين ما يجره وما يحمله الخطاب المتداول وبين السياق الذي يتميز بهيمنة الميديا ووسائطها التواصلية الجديدة التي أحدثت تأثيراتها التغييرية للمعجم وللسمات وللتيمات.
ومنذ مدة كتب الكاتب والصحفي، أحميدة عياشي، عن المثقف الميديائي... وكان طرحه معبرا عن خصوصيات السياق الحالي وما يتسم به من تطور فائق لتكنولوجيات الإعلام والإتصال.
وبصدد الموضوع نشر الناقد السعودي عبد الله الغذامي، كتابا بعنوان: “الفقيه الفضائي: تحول الخطاب الديني من المنبر إلى الشاشة"، ونشر، سابقا، كتابا عن الظاهرة التلفزيونية. وشغل موضوع الميديا اهتمام الكثير من المفكرين والعلماء كلايكوف وبودريار ودوبري وتشومسكي وبورديو وامبرتو إيكو ودريدا، عن العقل التلفزي التكنولوجي العلمي الذي هيمن نافيا العقل الفلسفي والشعري المرتبط بما هو أبعد من نمط استهلاكي موصول بالحساب الاقتصادي. وما أفرزته التطورات الهائلة في تكنولوجيات الإعلام والاتصال يحيلنا إلى قول موجز ومكثف في بلاغته، قول نيتشه: (يعتقد عادة أن الحاجة تخلق الشيء، إلا أن الشيء، غالبا، هو ما يخلق الحاجة). تكنولوجيا الوسائط التواصلية صاغت التداولية التفاعلية وهذا هو صلب حقيقة العولمة. والتداولية المذكورة كانت البؤرة لتشكل موازي لها إبداعا وتلقيا.
ربما هذه عتبات لقراءة الخطاب المتداول في سياق مشحون بالتغيرات والصراعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.