أخي ميلود ؛ أسعدتَني كثيرًا بترجمتِكَ الرّاقية لبعضٍ منْ نصوصي العربيّة إلى اللّغة الإسبانيّة ، و قد تناثرَتْ بكتابِ ( بوتقة ُ المسْك )* ما يدلّلُ على قدرةِ مُترجمٍ ، لهُ في شاعريتِه ذاتُ الثّقلِ ، و الميزان .و كم تبادلنا من القضايا ، و أنتَ تشرحُ لي أسرارًا في ترجمتِكَ بهذه اللّغة المغرّدة.و لم أنتبهْ لجمالِ ،و روعةِ ترجمتِكَ إلاَّ حينَ سما إلى ذائقتي منها – و لا أخفيكَ سرًّا – سحرٌ ؛ جَرَّني إلى التّحسُّر على عدم انتهازِ الفرصةِ لِتَعَلُّم لغةٍ مثلِها ؛ لتُرِيَ للعالم هناكَ جمالَ لغتِنا ، و روعةَ إبداعِ أبنائها بها ! أخي ميلود ؛ حين تسامرْنا أنا و أنتَ و أخي الباشق – و قد شرّفتني بالحضور إلى بيتي – ذاتَ ليلةٍ شتويّةٍ ؛ لم تكنِ المتعةُ بسماعِ ،و تبادُلِ مفاهيمَ إبداعيّةٍ ،و قراءةِ نصوصٍ شعريّةٍ باللّغتين ، سوى طفرةٍ ،مشتهاةٍ ، قَلَّ وُجُودُها بنفسِ الصّفاءِ ،و الألقِ في جلساتِنا ،و ملاطفاتِنا الحميميّةِ .. و إنّهُ يعاودُني الأملُ إلى أفقٍ أرحبَ من ذي قبلٍ؛ حينما أجِدُنا نُؤصِّلُ - بتلكَ الحميميّةِ الخاصّةِ – إلى أدبٍ عامٍّ ، يلفُّ رهاناتِ المرحلةِ ، و يرسمُ ملامحَها ؛ و نحنُ لا نُلقي بالاً لهذا.. بل إنَّ اجتهادَكَ في بعثِ العربيّةِ بلغاتٍ أخرى ليَزيدُك شرفًا،و تكليفًا، لأنّنا نُهَيِّئُ الطّريقَ لها وَسْطَ حُدودِها ، و أنتَ ترسمُ لها طرائقَ خارجَ حُدودِها ..و شتّانَ بينَ الجُهْدَين ! أخي ميلود ؛ أداةُ التّرجمةِ حكمةٌ أُوتِيتَها هِبةً ربّانيّةً ،تُميّزكَ – بإبداعِكَ – عن غيرِكَ ، ممّنْ أوتيَ مثلَها لأنّكَ تتفضَّلُ على صفةِ المترجمِ بحُلَّةِ الشّاعر ! و إنّكَ لا تدري مدى النّشوةِ التي تتسلّلُ أحاسيسي بحرفِك،و أنا أُشرِّفُ نفسي بصداقتِكَ ، داعيًا لكَ بمزيدٍ من الفتُوحاتِ ، لتقدّمَ الأكثرَ ،و الأفضلَ ،و الأجلَّ من العربيّةِ و إليها ! و ها أنا أترقّبُ بشَغفٍ مستطيرٍ صُدورَ رسائلي ( بازيّات )* بكتابٍ ، يشْرَئِبُّ إلى ترجمتِك ، السّاحرةِ ، ليصلَ إلى العالمِ الآخرِ بفطنةِ قلمِكَ ، و سحرِ ذائقتِك.. ! إلى حين مصافحةِ حرفِك لكتابي تقبّلْ منّي أسمى معاني التّقدير و المودة.
أخوك / الباز بيرين/ سبتمبر 2011 م ( بوتقةُ المسْك )* / كتاب صادر عن مجلة " صدانا " الإمارتيّة . ( بازيّات ) * / كتاب للباز في باب الرّسائل الأدبية.