أذناب الاستعمار يدركون الوزن والتّأثير الجزائري دعا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمناسبة اليوم الوطني للشّهيد، إلى استشعار أمانة الشهداء الأبرار، من أجل أن يبقى الانتماء الوطني متجذّرا، ويظل الوفاء للشهداء رابطة وطنية مقدّسة، تحصن تماسك نسيج الشعب الاجتماعي، ضد من يتورّطون في تكرار تجاوزاتهم وانزلاقاتهم الرامية إلى التشويش على مسار التنمية الوطنية المستدامة، والهادفة إلى التأثير في مواقف الجزائر، وتفاعلها مع محيطها الإقليمي والدولي، وفق قاعدة التعاون على أساس تبادل المصالح، المقرون بالاحترام الكامل لمبدأ استقلال الدول، ولمفهوم الندية. أكّد الرّئيس تبون في رسالته أنّ أغلى رصيد آل إلى الأجيال من الثورة المجيدة، وشهدائها الأبرار، هو الارتباط الأبدي بالرسالة النوفمبرية التي يستمد منها الشعب الجزائري القدرة على كشف نوايا دوائر من ورثة العار الاستعماري، يسكنها عداؤها الدائم للجزائر، مشدّداً على أنّ الاحتفاء باليوم الوطني للشهيد، يأتي «انطلاقا من هذه القناعة، التي تغيب من حساباتهم، فللتذكير بغيرة شعبنا الأبي على سيادة أرض الشهداء، وللتأكيد على أنّ الجزائر، التي تكسب في هذه المرحلة وفي كل القطاعات والمجالات رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ستواصل على نطاق واسع التوجه نحو تعزيز الإنجازات، وتثبيت أركان الدولة الحديثة». وفي هذا الصدد، يوضّح الدكتور عبد الرحمن بن شريط، أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة الجلفة، في تصريح ل «الشعب»، أنّ رسالة رئيس الجمهورية تحمل الكثير من الدلالات، وقد أكّد من خلالها على أن المرجعية الأساسية لجزائر ما بعد الاستقلال تبقى دائما وأبداً رسالة أول نوفمبر، وقد كانت هناك إشارات واضحة في هذه الذكرى الوطنية، إلى المحاولة الأخيرة لدوائر من ورثة العار الاستعماري وفرنسا الكولونيالية، لاختراق سيادة الجزائر وزعزعة استقرارها، وإلحاق الضرر بها، وذلك نتيجة المواقف الجديدة الشجاعة ذات الامتداد التاريخي، التي تكرّس فيها الجزائر رغبها في تقوية سلطة قراراها السياسي السيادي، ولذلك. فبقايا فرنسا الاستعمارية، يفيد الدكتور بن شريط، ينظرون بعين الريبة والحقد لكل ما يحدث في الجزائر من نجاحات في مختلف القطاعات، بعد إطلاق رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع شعار الندية التي أشار إليها الرئيس في رسالته، والجزائر حسب ذات المتحدث، اليوم تعيش حقبة جديدة، وأصبحت فاعلاً ورقما مهمّاً في المنطقة، ومن يركبون موجة الإساءة لبلادنا يدركون أهميتها ودورها الاستراتيجي والإقليمي، الذي بات يزعج اليوم فرنسا وأذنابها. وبحسب الدكتور محمد الأمين سويعد، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فقد ركّزت رسالة الرئيس عبد المجيد تبون بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، على محورين أساسيين، أولهما تضمّن تذكيراً بتضحيات الشهداء الأبرار في مواجهة الطغيان والظلم واستبداد الاستعمار الفرنسي في سبيل تحرير الأرض، وإقامة دولة جزائرية مستقلة، وهذا في حد ذاته عنصر من عناصر الوحدة الوطنية، فالجزائريون من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، كلّهم ضحّوا بالغالي والنفيس من أجل تحرير الجزائر من براثن الاستعمار والاستبداد، وعليه فهذا إرث مشترك لابد على الجزائريين المحافظة عليه، والعمل من أجل الحفاظ على قيم ومبادئ وأسس ووحدة الدولة الجزائرية والمجتمع الجزائري، وكذا الصمود في وجه كل محاولات التخريب والتفرقة، هذا ما أراد الرئيس من خلال رسالته التذكير به، عرفانا لتضحيات الشهداء، الذين ينعم بفضل تضحياتهم، الشعب الجزائري اليوم، بالحرية والاستقلال. أما الشق الثاني من كلمة الرئيس - يفيد الدكتور أمين سويعد - فكان رسالة واضحة وجّهها إلى من لا زالوا متمسّكين بأفكار مستعمر الأمس، والعاملين على عرقلة مسار بناء الجزائر الجديدة، أساسها أن الوفاء برسالة الشهداء يظل رابطة وطنية مقدسة، تحصن تماسك النسيج الاجتماعي للشعب الجزائري، وتقف في وجه كل المؤامرات وكل ما يحاك ضد الدولة الجزائرية وضد وحدة شعبها، مؤكّداً أنّ الجزائر ستواصل على نطاق واسع التوجه نحو تعزيز الإنجازات، وتثبيت أركان الدولة الحديثة، التي تسود فيها قيم المواطنة، وينعم فيها المجتمع بالاستقرار والسكينة.ويضيف ذات المتحدث، أنّ الرئيس تبون جدّد الدعوة في رسالته إلى مواصلة السير على نهج الشهداء في التضحية ونكران الذات، من أجل عزة وسؤدد الوطن، في وقت تدعو فيه فرنسا اليوم الجزائر والجزائريين إلى تجاوز وتناسي ملف الذاكرة ونسيان التاريخ، من أجل النظر «زعماً» إلى المستقبل، وإقامة علاقات ودية بين البلدين، بالرغم أنها من أكبر الدول التي تستحضر التاريخ في علاقاتها مع الدول، مثلما تفعل في علاقتها مع تركيا باستحضارها لقضية الأرمن كوسيلة للضغط، لكنها تحاول تجاوز كل جرائم الإبادة التي اقترفتها طيلة 132 سنة في علاقتها مع الجزائر، وهو ما لا يمكن نسيانه أبدا أو التجاوز عنه في يوم من الأيام. من جهته، يرى المحلل السياسي، الدكتور فيصل مقدم، أنّ الرئيس تبون توجّه بمناسبة اليوم الوطني للشهيد، برسالة قوية جداً، مفادها أن الأمة الجزائرية لا تزال على ارتباط تاريخي بمبادئ ثورة أول نوفمبر وقيمها المجيدة، ولا تزال حريصة على وديعة الشهداء الذين حرّروا هذا الوطن، مذكّراً بما تركوه من مبادئ وأسس ومرتكزات وثوابت للأمة، جوهرها بيان أول نوفمبر، الذي رسم معالم الدولة الجزائرية، ومعالم سياستها الداخلية والخارجية، مبيّناً في نفس الوقت أن الجزائر ستظل متمسّكة بملف الذاكرة، الذي لا يزول بالتقادم ولا يخضع للمساومة.وعلاوة على هذا، فرسالة الرئيس - يوضّح الدكتور مقدم - كانت موجّهة أيضا إلى دوائر العداء، التي تحاول كبح تقدّم وتطور الجزائر الجديدة، بعدما انزعجت الأخيرة من عودة الجزائر إلى مكانتها في الساحة الدولية كفاعل محوري وإقليمي، وعليه، فقد بات من الضروري والمحتوم عليها، التحرر من فكرة الإرث الاستعماري، والتعامل بمنطق الندية، فجزائر اليوم ليست جزائر الأمس.