الجزائر حريصة على تعزيز علاقات الأخوة بين البلدين    عسلاوي تشارك في أشغال المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية    حددنا مدة شهر بغرض منح وقت كاف للراغبين في التسجيل"    يربطان الجزائر بغوانزو الصينية وروتردام بهولندا    النفط يتراجع إلى (65.68 دولارا)    جامعة سوق أهراس تنجح في ترسيخ ثقافة المقاولاتية والابتكار    توغل قوات تابعة للجيش الصهيوني    استشهاد 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال الصهيوني    تساهم في "توجيه السياسات الصحية بصورة أكثر دقة وفعالية"    غيليزان : 31 جريحا في حادث مرور    يوم استعاد الجزائريون صوتهم وصورتهم    ميسي يتطلّع لمونديال 2026    ناصري يلتقي رئيس أنغولا    مقتل الآلاف وعمليات اختطاف في مجازر مروّعة    عملية ناجحة للشرطة بغرداية    أنطقتني غزة شعرا يصدح في مواجهة الاحتلال والخذلان    63 عاماً من السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون    إشادة بمواقف الجزائر ورئيسها وحرص على التعاون معها    الجزائر حريصة على تعزيز التنسيق حول القضايا الثنائية والقارية    نقص العقار أثّر على عدد السكنات والجانب الفني    700 عملية دفع مستحقات إلكترونيا    جريح في انحراف سيارة    "دينامو زغرب" يستعد لشراء عقد بن ناصر من ميلان    غياب الضبط يهدد سوق الزيوت الطبيعية    توقيف 25 مجرما خلال مداهمة    اكتشاف محل حجامة ينشط بطريقة غير قانونية    سأضحي لأجل الجزائر وأحقّق حُلم جدي    الفرنسيون يتحسّرون على غياب غويري عن مرسيليا    "الطيّارة الصفراء" يتوّج بثلاث جوائز في كندا    المهرجانات الثقافية محرّك اقتصادي للمدن المستضيفة    الفكر والإبداع بين جيل الشباب وثورة الذكاء الاصطناعي    الدكتور مصطفى بورزامة: الإعلام الجزائري منبر وطني حرّ وامتداد لمسار النضال    الإعلام الوطني مُطالبٌ بأداء دوره    سياسة الجزائر نموذج يحتذى به    الفلاحة رهان الجزائر نحو السيادة الغذائية    اتفاقية تنظم عملية تبادل البيانات    وزارة السكن تتحرّك لمعالجة الأضرار    مئات الاعتداءات على شبكة الكهرباء بالبليدة    التلقيح ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة    سيلا يفتح أبوابه لجيل جديد    إبراز اهتمام الجزائر بالدبلوماسية الوقائية لإرساء السلام في العالم    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    مراجعة دفتر شروط خدمات النّقل بالحافلات    مباشرة حملات تلقيح موسعة ضد الدفتيريا بالمدارس    ميزانُ الحقِّ لا يُرجَّحُ    ضرورة إدماج مفهوم المرونة الزلزالية    البوليساريو ترفض أية مقاربة خارج إطار الشرعية الدولية    دعوة إلى ضرورة التلقيح لتفادي المضاعفات الخطيرة : توفير مليوني جرعة من اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية    الشبيبة تتأهل    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    معيار الصلاة المقبولة    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متنفَّس عبرَ القضبان ( 108 )
نشر في الشعب يوم 25 - 03 - 2024

بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر جوان 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ تبيّن لي أنّ الكتابة خلف القضبان متنفّس للأسير، ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛
عقّب الصديق عبد الكريم زيادة: "لك حسن عبادي أجمل الصباحات وبوركت وأنت تنشر الأمل بين أهالي الأسيرات والأسرى، أنت صاحب الأفعال وليس الأقوال، زياراتك اليومية متطوعا مؤمنا بالفعل الإنساني للأسيرات والأسرى عطاء فاق عطاء مؤسسات دولية كالصليب الأحمر. الحرية لأسرى الحرية جميعا". وعقّب الصديق إبراهيم الخطيب أبو وسيم من الشتات: "طوفانك المستمر على الأسيرات والأسرى، نضال تميزت به. وواظبت عليه حملت للأسيرات والأسرى بشرى ولأهاليهم أملا وقلوبا على شكل أشواق. لك كل التحايا على دأبك المتواصل." وعقّبت الأسيرة المحرّرة أم عناد البرغوثي: "فك الله بالعز قيد الأسيرات والأسرى والله إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ونحن على ما تمر به الحركة الأسيرة لمحزونون ولكنْ عزاؤنا أن كل ذلك في سبيل الله. بوركت جهودك أستاذ حسن".نشرت يوم 29.11.2023 خاطرة بعنوان "صفّرنا الدامون".. وخاب أملي. عُدت لزيارة الدامون للاطلاع على وضع حرائرنا.
ما في غيري برّه السجن
زرت صباح الخميس 1 فيفري 2024 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة زينب محمد أحمد سجدية؛ (مواليد 08.06.1973)، مخيّم الدهيشة/ بيت لحم، وفي الممرّ شاهدت أسيرات من غزة في طريقهن لعناق الحريّة، وما إن دخلنا غرفة لقاء المحامين أمطرتني برسائل ياسمين، إخلاص، سهام، دلال، ليندا، براءة، شاتيلا، ديالا إلى أهاليهن. حين قرأت لها رسالة ابنها محمد نزلت الدمعة من عينها، وأخبرتها برسالته حين سألته عن اسمه "محمد ما في غيري برّه السجن وثنين جوه". خبّرتني عن وضع القسم؛ وضعهن بعد نقلهن من قسم 3 إلى 4 (قسم الأشبال سابقاً)، زميلات الزنزانة (أحلام يونس، هيا حج يحيى، ليندا جعارة، ياسمين أبو سرور، دلال خصيب، زهرة خدرج وصلت حديثاً)، الفورة وقتها قصير، الأكل بنقص مرّات، فش تواصل بين الغرف، "بنحكي من ورا الحيطان"، وما في تواصل مع العالم الخارجي. حدّثتني عن ساعة الاعتقال؛ ع الثنتين ونص منتصف الليل، "كنت نايمة، فجّروا الباب (يحصل للمرّة الثالثة!)، لبست ع حالي جاكيت، مشّوني من المخيم لحدّ مقبرة الشهداء، دبّتني المجنّدة المرافقة ع الأرض بالميّة الوسخة، عصّبوني وكلبشوني، أخذوني ع المعتقل وزتّوني ع الأرض في الساحة وطلعت ع إجريّ الجراذين الكبيرة، نقلوني للتحقيق، كلّها فيس وإنستا، غلطوا عليّ كثير بالحكي، "بدّي أطخّ ابنك راني، إنت إرهابية وولادك إرهابيين، والله لأشلّخك تشليخ، بودّيك على غزة توكلي شوارما مع أبو عبيدة، وأجوّزك إياه". كلّ الطريق إلى سجن هشارون ضرب (من الساعة 11:00 للساعة 14:00) وحين وصلت تمّ استقبالها بالضرب "شلّخت المجنّدة كلّ الأواعي الّي عليّ، كلّها، بما فيه الداخليّة، معط شعر، خبط راسي بالحيط، حاولت تدخّل راسي بالكبّين وقاومت فطلّعت شخّة من الكبّينة بكاسة وزتّتها ع راسي".أوصلتُ رسائل أهل بدرية، براءة، تمارا وإخلاص.
أملت عليّ رسالتها للعائلة، فرداً فرداً، وخاصّة محمد وأولاده وأولاد مهند (ابنها الأسير)، ورندة ورزان، وكناينها شروق وفطّوم، والأحفاد جوجو وتوتي وسراج وسام (والبيبي الجديد، ولد خلال أسرها ولا تعرف اسمه بعد)، وزيدان وعيسى. وحين افترقنا قالت: "محمد حبيبي، ما تقلق عليّ، أنا كثير منيحة ورايحة أظل كيف أنت بدّك إيّاني، الأم يلّي بتفتخر فيها وبتظلّ رافعة راسك دايماً".
دبلِة من خرز
عدتُ ظهر الأحد 04 فيفري 2024 إلى سجن الدامون لألتقي بالأسيرة ملاك رائد نعمان النتشة من الخليل (مواليد 25.06.2000)، خرّيجة هندسة طاقة تطبيقيّة، أطلّت بابتسامة قاهرة. بعد التحيّة مباشرةً قرأت على مسامعها رسالة خطيبها أحمد (كانت القعدة الشرعيّة يوم 29.11.2023، كتب الكتاب يوم 06.12.2023 والحبسِة يوم 13.12.2023 (قطعوا الفرحة) فدمعت عيناها فرحاً وحدّثتني عنه كثيراً (طالب دكتوراه في الفقه) عن الخطبة والتحضيرات للعرس وصوّرت لي تطريزة والدتها بمناسبة كتب كتابها. حدّثتني عن زميلات الزنزانة (أنغام، جنين، عرين، براءة، أميمة، تمارا، آية، نوال، حليمة، شهد) واحتفالهن بخطوبتها "البنات عملولي دبلِة من خرز". أخذت تصوّر لي وضع زميلات الأسر؛ 72 أسيرة، الاكتظاظ الكبير، الأكل أسوأ ما يمكن، فلفل حار كخضرة وحيدة، بقوليات (عدس بُنّي وأحمر) وحمص (حب وتدهين) ما يسبب مشاكل صحية، الغرف باردة جداً، البقّ ما زال يسيطر على فضاء الغرف، رطوبة بالغرف والدهان يتساقط من السقف، الشاي بدون سكر (السكر نوع من أنواع الرفاهية)، فتحة الغرفة مسكّرة ببلاستيك عازل، فصل تام الغرف عن بعضها، المرحبة خلال الفورة ممنوعة، الإهمال الطبي الصارخ سيّد الموقف، العلاج: اشربوا ميّة، والمياه ملوّثة مع صدأ وكلور، والكل صار معه قِشرِة في الشعر، الكاميرات على مدار الساعة في كلّ مكان، وما في خصوصيّة، 24 ساعة لابسات أواعي الصلاة خوفاً من التفتيش المفاجئ، فوط ومناشف حمام مفيش، ونقص حاد بالملابس الداخلية. أوصلت لها رسالة العائلة، ورسائل لخالدة، بدرية، إخلاص، فاطمة، حليمة، براءة. سمّعتني قصيدة لشهد، طلبت إيصال سلامات ورسائل لخطيبها أحمد وللعائلة فرداً فرداً، وأملت عليّ رسائل زميلاتها الأسيرات لأهاليهن؛ شهد، أميمة، أنغام، حليمة، تمارا، عرين، جنين، آية، نوال. بعد مرور ساعتين قالت لي فجأة: "مش حابب تعرف شي عن الاعتقال"؟ حدّثتني بتفاصيل الاعتقال، ورحلة العذاب ودرب الآلام من جعفرة إلى عتنائيل إلى الشارون، وطقوس الاستقبال هناك؛ سجانون استقبلوها يتمسخرون بأغاني أعراس (إجت العروسة)، سجّانة تدخّن بوجهها، تفتيش مُهين جداً، "قعّدتني السجانة ع الأرض وبلّشت تضرب فيّ بإيديها وإجريها وتخبّط راسي بالحيط، كل ما بحاول أوقّف بتدفشني ع الأرض، رفضوا السماح لي بالحمام عشان أصلّي، "العقربة السودا" شلّخت الأواعي وسرقت الجلباب، قنينة ماء واحدة لثلاث صبايا معتقلات لثلاثة أيام، استعملنا الجرايد بدل المحارم، ولما انتبهوا أخذوها ولما وصلت الدامون أعطتني الصبايا أواعي، كل وحدة أعطتني قطعة ملابس وصرت "مرقّعَة".
الفَرشات بتنَخِّز
عدتُ مرّة أخرى صباح الاثنين 05 فيفري 2024 إلى سجن الدامون لألتقي بالأسيرة فاطمة محمد سليمان صقر من الشرفة/ البيرة (مواليد 15.08.1976)، أم لأربعة أولاد وجدّة لأربعة أحفاد (أصغرهم خالد، لم تشاهده ولم تحتضنه بعد). بعد التحيّة مباشرةً أملت عليّ رسائل زميلاتها الأسيرات لأهاليهن (لا يوخذنا الوقت، على حد تعبيرها)؛ أنغام، زينب، سهام، بسيل (أسيرة جديدة، أم لثلاثة أطفال وحامل)، أسيل، بدرية، سجى، دانا، أختها دلال، شاتيلا. حدّثتني عن زميلات الزنزانة، ووضع السجن؛ الوضع سيئ للغاية، الأكل سيئ جداً، كاسة لبن (كلّها ملعقة واحدة)، فش ملح، فش سكّر، بنشتهي زيت الزيتون، أكثر شي متوفّر الفلفل الحار، القهوة مرة بالأسبوعين/ ثلاثة، الغرف باردة جداً، الفرشات مليانة حشرات وبتنخّز كل الليل، فصل تام الغرف عن بعضها وكلّ من ترفع صوتها تُعاقب وتُعزل (اليوم الدور على دانا)، الفورة كل غرفة لحالها، نقص حاد للفوط الصحيّة والملابس الداخلية. أوصلتُ لها رسالة العائلة، أبكتها فرحاً، ورسائل لتمارا وأميمة (من صديقتها تيماء) وملاك (من خطيبها أحمد) وزينب (خبرّتُها اسم حفيدها الصغير – وسام). طلبت إيصال رسائل مؤثّرة للعائلة، فرداً فرداً، وخصّت الأحفاد كلّهم (وبالأخص خالد الصغير "يلّي بعدني ما شُفتُه").حدّثتني بتفاصيل الاعتقال، من الشرفة إلى عوفر، عتصيون، هداريم، هشارون (فيلم رُعب) والدامون. وحين ذكرَت الشارون بكت بكاءً مريراً (نحيباً)، مشهد التعذيب هناك يلاحقها، "تفتيش مهين جداً، الضرب كلّ الوقت (ما زالت العلامات على جسمها)، الضرب وإحنا عراة، المسبّات والإهانات (كل الليل بناديني السجان لعند الباب وبغلط عليّ وبسبّ على حياة صالح)، أحاول الوقوف فتقعدني السجانة بالقوة". أخذت تبكي وقالت لي: "مش رايحة أنسى صورة السجّانة (العقربة السودا) لو حطّوها بين مليون واحد"! رغم ذلك افترقنا بابتسامة أمل وثبات، ومعنويات عالية تناطح السحاب.
هيكل عظمي متحرّك
غادرت حيفا الخامسة صباحاً (حرصاً على الوقت وأزمة السير المعتادة صباح كلّ أحد) ووجهتي سجن النقب الصحراويّ، وبعد انتظار استمر ثلاثة ساعات ونصف، أطل الصديق الأسير هيثم جمال علي جابر (مواليد 10 . 12 . 1974، وفي الأسر منذ 23 . 07 . 2002) مبتسماً، وبعد القبلات عبر الزجاج المقيت أخذ يستفسر عن مشقّة السفر وطول الانتظار والاطمئنان على زوجتي سميرة والأحفاد، ودوّنت في أوراقي "هيكل عظمي". عبّر عن سروره بلقاء زملاء الأسر، عزيز الدويك وإياد أبو خيط (التقاهم في بوسطة النقل داخل السجن حين تجميعهم للقاء معي وأمضوا مع بعض عدّة ساعات بانتظار اللقاء). أوصلت له بداية سلامات العائلة، وخبر صدور كتابه "رسائل إلى امرأة" ومشاركته بمعرض الكتاب الدولي في القاهرة وبطريقه للبلاد، ورسالة الأسيرة إخلاص صوالحة المعنوَنة "بابا هيثم.. صرِت خرّيجة حبوسِة أنا". حدّثني عن زملاء الزنزانة؛ سميح الجعبري، محمود الواوي، أيوب خضور، حسن أبو الرب، صلاح المحتسب، أحمد عيسى، عارف الحج محمد، مصعب عادل، حمزة أبو هليل. صاحبته لحية طويلة شعثاء (وليس كما اعتدته في الزيارات السابقة على مرّ السنين، كان مهندماً طيلة الوقت وداير باله ع حاله)، (آخر مرة حلقت يوم 11 أكتوبر، البنطلون غسلته مرتين بآخر 6 أشهر، والبلوزة كمان، استشهد في النقب 28 أسير، نزلت عشرات الكيلوات، صرت أرتعب من صوت المفاتيح، فش طقوس رمضانيّة كيف تعوّدنا في سنين الأسر السابقة، لا تسحير ولا آذان والصلاة ع السكت، هناك تسهيلات بسيطة: الكهرباء من الخامسة حتى العاشرة مساءً، صار مصحف في كل غرفة، وصار ميّة في الحمامات كل الوقت بعد ما كانت معدومة فترة طويلة)، وقال بحسرة : "أخذوا كل شي، اغتالوا ديوان الشعر الأخير". حتلنني بوضعه الصحّي منذ العمليّة (نسيت الوجع من الوضع اللي إحنا فيه)، وطلب إيصال سلاماته للعائلة وخص بالذكر أخواته أسيل ونسرين، وأخيه بلال، ووالديه، وبارك لضرار بولادة فاطمة.. وعلي، ورسالة للأسيرة إخلاص (بنتي الوحيدة التي لم أنجبها). طلب إيصال سلاماته الحارة لزوجتي سميرة، لفراس حج محمد وإسراء عبوشي وهناء فياض وديمة السمان ومنى قعدان وسلوى الطريفي. وفجأة قال " قل لإمي إعمليلي طبخة معكرونة ع الترويحة القريبة، طبخَت معكرونة يوم 17 . 03 . 1991 وكانت الحبسة الأولى، حرّمتها فترة طويلة وبعد إلحاح طبختها يوم 20 . 02 . 1995 وكانت كمان حبسِة، وهاي المرّة بدّي أوكلها جكَر". وحين افترقنا قال لي فجأة "شايف أستاذ، صرت هيكل عظمي متحرّك". لك عزيزي هيثم أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك الأحرار (حيفا 17 آذار 2024).
وِجهك شمّمنا أجواء الحريّة
بعد لقائي بهيثم وإياد في سجن النقب الصحراويّ أطلّ الأسير عزيز سالم مرتضي الدويك (مواليد 01.01.1948، الخليل عمره أكبر من عمر الكيان)، وبعد التحيات والتعارف أخبرته بداية عن لقائي بحفيدته عرين في سجن الدامون وحين ودّعتها قالت: "بالله عليك، طمنوني على سيدي عزيز" وتبيّن لي أنّ جدّها عزيز الدويك أسير، وحين نشرت حول اللقاء تواصل معي صديقي فراس حج محمد وزوّدني بالاسم الرباعي ورقم الهوية وأضاف: "رجاء تزوره، سجن النقب" (تتلمذ فراس على يده في جامعة النجاح/ مساق جغرافية فلسطين) وتذكّره بالخير. أوصلته بداية رسائل العائلة؛ وأبكيته عدّة مرّات، حين قراءة رسالة ابنه سعد الدين وحين سمع الأخبار العائلية المفرحة (تحديد موعد أعراس الأحفاد، وعقّبت حينها بعفويّة "أجّلوها ع شان تحضر أنت وعرين") وحين أخبرته بوفيّات أعزاء. ما أصدق دموع الرجال! وتنهّد طويلاً وعبّر عن فرحته وقال لي بعفويّة مطلقة "وِجهك شمّمنا أجواء الحريّة".حدّثني عن القسم وزملاء الزنزانة؛ أمجد زاهدي، عمر إسلامية، عبد الهادي أبو خلف، عدنان عصفور، فادي أبو عطيّة وكريم عيّاد. حتلنني عن حال الأسرى ووضعهم؛ رغم رمضان فهناك شحّ في الأكل، فش تمر/ ططلي، فش شي يحلّي الريق، الرز مرزّز، كبت (سحور/ تراويح/ آذان ع السكت، على مستوى الغرفة)، فش غيار (نفس اللباس 5 أشهر، لما بدّي أغسل بنطلون بستعير من الشباب بنطلون)، فش أسير نزل وزنه أقل من 20 كيلو، والعزل عن العالم وأخباره قاتل. طلب إيصال سلاماته برسائل للعائلة، وتوصية ابنته نداء بصلة الرحم في رمضان كما عوّدها، وعزاء لزوجته بوفاة أخيها (أبو عثمان)، وسلامات للأبناء والأحفاد، ومباركة للعرسان المقبلين على الزواج على أمل أن يشاركهم فرحتهم، وسلامه الخاص للحفيدة الأسيرة عرين. لك عزيزي عزيز أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك الأحرار. (حيفا 17 آذار 2024 )
جهّزوا تختي عند إمّي
بعد لقائي بهيثم في سجن النقب الصحراويّ أطلّ الأسير إياد حسين راجح أبو خيط (مواليد 24 . 05 . 1987، وفي الأسر منذ 08 . 11 .2004 / مخيم عسكر القديم) مبتسماً، وبعد التحيات هنأني بالسلامة من مشقّة السفر وطول الانتظار، وعبّر عن غبطته بلقاء زملاء الأسر، عزيز الدويك وهيثم جابر (في بوسطة النقل داخل السجن حين تجميعهم للقاء معي وخلال انتظارهم اللقاء). أوصلته بداية سلامات العائلة ورسالتهم، ورسالة الصديقة هناء فياض ليزول همّ كبير، فلا تواصل مع العالم الخارجي منذ السابع من أكتوبر. حدّثني عن القسم وزملاء الزنزانة؛ رأفت نصر، عوض عبيّات، يسري زيدان، محمد عريقات، محسن كميل، أحمد بشارات، محمد حمارشة، الشفاعمريّ مالك الأسدي. حتلنني عن حال الأسرى ووضعهم؛ خفّ موضوع الضرب، تحسينات تدريجيّة، أزمة الفورة، وأخيراً وصلت ماكينة الحلاقة للقسم لكن الدور كبير، أمراض جلديّة بسبب الرطوبة، وتيرة الضغط خفّت، 4 "قتلات" في الفترة الأخيرة، نزل 20 كيلو بالوزن زي باقي الشباب، والمعنويات عالية (بضمّ صوتي لصوت أحمد عارضة؛ مروّحين، يعني مروّحين)، ما في غيارات ولا تواصل مع برّا. طلب إيصال سلاماته برسالة للعائلة، ومباركة لأخته دالية (انبسطت كثير بالمولود) ورسالته الواضحة: "جهّزوا تختي في الدار عند إمّي، مروّح عن قريب"، ورسالة مطوّلة لهناء يبارك فيها ميلاد زينب، ويقول "الذكريات الحلوة فيما بينا كانت وما زالت سر صمودي رغم شراسة الهجمة"، ويعلمها بأنّ لديه فيصلا جديد. طلب منّي إيصال سلامات الأسرى لأهاليهم؛ مالك الأسدي (جيب يابا كعكة عيد ميلاد لابني بكر وكأنها منّي)، يسري زيدان، حسان كميل (جهّزوا لي الكبسِة عن قريب)، محمد حمارشة، أحمد بشارات، يحيى زهران، حسن أبو كاملة، مصعب عادل، عارف حنني وسامي الكعبي (بشّرته بترويحة سلّوم).
لك عزيزي إياد أحلى التحيّات، الحريّة لك ولجميع رفاق دربك الأحرار.( حيفا 17 مارس 2024).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.