أسعار البقوليات ارتفعت 100 بالمائة في ظرف شهرين سجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية وخاصة البقوليات ارتفاعا كبيرا منذ بداية السنة الجديدة، وسط تبادل للتهم بين وزارة التجارة والتجار حول مسؤولية كل طرف في هذا الارتفاع، فيما توقع مختصون في الشأن الاقتصادي استمرار كابوس ارتفاع الأسعار بسبب تهاوي الدينار. ودقت جمعيات حماية المستهلك في الجزائر ناقوس الخطر بسبب استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وحذرت في نفس الوقت من صدمة مقبلة في الأسعار ما لم تتدخل الدولة لحماية المواد الغذائية الأساسية من لهيب الأسعار، وذلك بتعزيز الإجراءات الرقابية على أسواق الجملة والتجزئة، ومحاربة الأسواق الفوضوية، إضافة إلى وقف التهريب بعدما أصبحت معظم المواد الغذائية الأساسية المدعمة عرضة للتهريب نحو ليبيا وتونس والمغرب. وحسب تصريحات الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي، فإن استمرار سقوط قيمة الدينار الجزائري في السوق المالية ستكون له عواقب وخيمة على القدرة الشرائية للمستهلك الجزائري ذي الدخل المحدود، حيث سيدفع هذا التراجع المستوردين الجزائريين إلى رفع الأسعار لمواجهة تقلبات أسعار الصرف. وأضاف "المواد الغذائية الأساسية التي تستوردها الجزائر تخضع لسوق الصرف، وتهاوي الدينار سيعود بنتائج عكسية على الأسعار في الجزائر حتى في حالة استمرار دعم الدولة للعديد من المواد الغذائية". بدوره، أكد رئيس جمعية حماية المستهلكين، مصطفى زبدي، أن الجزائر تستورد 80 بالمائة من غذائها، وبالتالي فإن الاستيراد مرتبط بقيمة صرف العملات، لذلك فإن انخفاض قيمة الدينار ستنعكس بالضرورة على أسعار المواد الغذائية المستوردة خاصة البقوليات. ولدى تجوالنا في بعض أسواق العاصمة، وقفنا على حجم تذمر المستهلك من الزيادات المتتالية للأسعار، حيث يستيقظ المواطن يوميا على أسعار جديدة لاسيما البقوليات التي ارتفعت أسعارها بنسبة 100 بالمائة منذ شهر ديسمبر الماضي، فبات سعر اللوبيا والحمص والعدس ينافس أسعار اللحوم البيضاء. ورغم أن الدولة الجزائرية تخصص سنويا ما يقارب 300 مليار دينار لدعم المواد الغذائية الأساسية وحماية القدرة الشرائية للمواطن، غير أن هذا الدعم يبقى مجرد إجراء روتيني في ظل تفشي مظاهر المضاربة في الأسعار بدءا من أسواق الجملة ومرورا بأسواق التجزئة وانتهاء بالأسواق الفوضوية، حيث يبرز الفارق في الأسعار بنسبة أكثر من 50 بالمائة عن سعره الحقيقي، فمثلا سعر اللوبيا في سوق الجملة هو 120 دينارا للكيلوغرام الواحد، في حين أن سعره لدى تجار التجزئة هو 190 دينارا ولدى التجار الفوضويين 210 دنانير، وهو فارق شاسع يعكس فظاعة المضاربة. ويعتقد الأمين العام للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، الحاج طاهر بولنوار، أن الإنتاج الوطني يعاني عجزا كبيرا بمقدار 30 بالمائة على الخضار و40 بالمائة على اللحوم و50 بالمائة على الحبوب و70 بالمائة على الحليب، وهذا يدفع بالدولة لاستيراد أكثر من 50 بالمائة من المواد الغذائية. كما أرجع المتحدث مسألة ارتفاع الأسعار في الجزائر إلى غياب التنسيق بين مصالح وزارة الفلاحة والتجارة، الأمر الذي تسبب في خلل كبير على مستوى شبكة التوزيع، إضافة إلى نقص عدد الأسواق الجوارية النظامية مقابل تفشي الأسواق الفوضوية. وبخصوص قضية المضاربة في الأسعار وعلاقتها المباشرة بارتفاع الأسعار، فقد أكد الخبير الاقتصادي محمد حميدوش، أن ارتفاع الأسعار لا علاقة له برفع الدعم من طرف الحكومة، أو بانخفاض أسعار النفط، وإنما يعود للمضاربة التي تعد السبب الرئيسي وراء الارتفاع المستمر وغير المبرر للمواد الأساسية، وقال "أسعار المواد الغذائية لم تشهد أي ارتفاع في السوق العالمية لكنها بالمقابل تشهد ارتفاعا يوميا في بلادنا بسبب المضاربة".