لم ينكر الفنان ومدير المسرح الجهوي لبجاية، عمر فطموش، أن العديد من الأعمال المسرحية التي وصفت في مناسبات عديدة ب”الرديئة جدا” تستفيد من الدعم المالي لوزارة الثقافة· وقال خلال استضافته مساء أول أمس ب”قاعة الأطلس” في العاصمة ضمن برنامج ”موعد مع الكلمة” الذي ينظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام، إن هناك إرادة حقيقية من الوصاية لمراقبة هذا الدعم بشكل أكبر حتى يذهب إلى مستحقيه الفعليين من خلال المطالبة بتقديم حصيلة عن كل عمل استفاد من الدعم، مؤكدا وجود جهود حقيقية لدعم الإنتاج المسرحي في الجزائر تمكن من إنتاج أعمال جادة· وذهب فطموش إلى أهمية دعم الدولة للمسرح لأنه مسرح شعبي يجب أن يكون في متناول الجميع، بناء على تجربته في المسرح المستقل كمؤسس لمسرح ”السنجاب” ل”برج منايل” وفي المسرح العام ”ليس بإمكان الفرق المستقلة إنجاز مشاريع كبيرة بسبب التمويل، ونتيجة هذا الدعم تتجلى في المتعة التي يشعر بها الجمهور البسيط وهو يتفرج على هذه الأعمال”· واستشهد صاحب مسرحية ”النهر المحول” المقتبسة من رواية الكاتب الراحل رشيد ميموني في هذا الإطار بما قام به مسرح بجاية من عمل جواري، حيث انتقل إلى عدة قرى نائية بالمنطقة وأعطى لحظات من الفرجة لأبنائها بتذاكر قيمتها رمزية، وهو ما لا يمكن، حسبه، أن يقدمه المسرح الخاص لأنه يسعى إلى تحقيق الربح· وعاد ضيف ”موعد مع الكلمة” إلى الحديث عن واقع المسرح الجزائري بشكل عام، فقال ”نحن في بداية التأصيل لنوع من المسرح الجزائري بفضل جهود وتجارب مسرحيين أمثال ولد عبد الرحمن كاكي وعبد القادر علولة الذي اشتغل كثيرا على الموروث الشعبي”، موضحا ”نحن كشعوب مغاربية لم نعرف المسرح الكلاسيكي إلا في بداية القرن العشرين لكننا عرفنا نوعا من التعبير يمكن تعريفه كمسرح من خلال الإيرد والفرافوز والفوال وغيرها من الأساطير والرقص الشعبي”· في السياق ذاته، تأسف عمر فطموش لعدم الاهتمام بالبحث في الموروث الثقافي الجزائري، داعيا المهتمين ب”أبي الفنون” إلى التجوال في الجزائر العميقة لمعرفة دلالات ومعاني بعض العادات والفنون التي يزخر بها التراث الجزائري· كما تحدث عن أهمية اقتباس المسرح من الأدب الجزائري الذي يملك أقلاما وصفها ب”الكبيرة”، مؤكدا أن الاقتباس إبداع أساسي وأن كبار المسرحيين كانت أعمالهم مقتبسة من قصص وأساطير وتجارب مروا بها·
من ناحية أخرى، عرج مدير مسرح بجاية على إشكاليات النقد المتخصص، وقال إنه يكتسي أهمية بالغة في إنعاش الحركة المسرحية وتطويرها، ذلك أن النقد المسرحي في بعض الدول المتطورة، حسبه، يلعب دورا كبيرا في نجاح مختلف العروض· ورأى المتحدث أن الناقد يجب أن يكون مهنيا وعارفا بالمسرح وقريبا منه، موضحا أنه يجب أن يكون للجامعات دور في تكوين نقاد أكفاء وملمين بكل تقنيات المسرح·