أثار عودة الأحزاب التقليدية لاكتساح المشهد السياسي وإخفاق الأحزاب المجهرية والقوائم الحرة في تحصيل مقاعدها بالبرلمان القادم ،العديد من التساؤلات ،بعد الكشف عن الإفرازات الأولية لتشريعيات ال 12 جوان في الجزائر، فبالرغم من ابعاد شبهة المال الفاسد عن هذا الموعد الاستحقاقي، أفرزت التشريعيات برلمانا دون أغلبية، خالف كل التوقعات التي رجحت باكتساح الأحرار لمبنى زيغود يوسف. في تصريح ل " الجزائر الجديدة"، قال الخبير في القانون الدستوري بوجمعة صويلح : " أن النتائج الأولية التي أفرزتها العملية الانتخابية لتشريعيات ال 12 جوان أبانت أن قضية العتبة التي كانت مطروحة قانونا،أفرزت إشكالات كبيرة بالنسبة للقوائم الحرة والأحزاب المجهرية، زيادة عن عزوف الناخبين ونسبة التصويت التي لم تزد عن 30,20 بالمائة، ما أثٍّر نوعا ما في الوصول إلى العتبة وتحقيق المترشحين لنسبة خمسة بالمائة، وبالتالي نالت الأحزاب التقليدية نسبتها من نتائج التصويت " . وأضاف بوجمعة أن :" العملية الانتخابية تحكمت فيها ظروف موضوعية سياسية وتشريعية قانونية، أثرت سلبا على النتائج بالنسبة للقوائم الحرة والأحزاب الصغيرة" ، واستبعد في المقابل شبهة التزوير. وأضاف الخبير الدستوري : " أن عامة الناس يرون أن القوائم الحرة وكذا الأحزاب المجهرية أخفقت في تحصيل مقاعدها في البرلمان، غير أن رجوع الأحزاب التقليدية إلى واجهة المشهد السياسي وفي مقدمتها حزب "الأفلان" و"الأرندي" و "حمس" ،نتيجة أنهم يمتلكون قاعدة نضالية واسعة ،سمحت لهم بتحصيل العتبة ". ودعا بوجمعة في الأخير إلى مراجعة اختلالات النص التشريعي، وإعادة النظر في مسألة العتبة خلال المواعيد الانتخابية المقبلة. من جهته قال الخبير في القانون الدستوري عامر رخيلة :" أن النتائج التي أفرزتها التشريعيات يمكن القول عنها أنها شبه نهائية، لأن دور المجلس الدستوري سيقتصر على ضبط النتائج من الناحية الإحصائية فقط ،وسينظر في بعض الطعون المؤسسة تأسيسا قانونيا " وأضاف رخيلة :" نحن مقبلون على مشهد سياسي يناقض تماما مع كان مرسوما بوجود أغلبية برلمانية أو أغلبية رئاسية " ، وعن عجز بعض الأحزاب في تحصيل ولو مقعد واحد بالبرلمان القادم، يوضح رخيلة قائلا : " أن الانتخابات تعتمد على نشاط الحزب السياسي من دون مناسبات، والكثير من الأحزاب المجهرية تعاني جمودا سياسيا و تملك جهازا انتخابيا معطلا، كما أن نتائج الانتخابات أظهرت هذه المرة أن اليد التي كانت تتدخل في كل مرة على مستوى التنظيمات الحزبية شلت ، طبقا للنظام الانتخابي الذي أبعد الجهات التي كانت تؤطر الانتخابات سابقا، كما أظهرت نتائج التشريعيات أن الكفاءة ، التثقيف والتشبيب، لم تكن بالعوامل الكافية لدخول القوائم الحرة والأحزاب الجوهرية إلى مبنى زيغود يوسف " . وعن الحزب العتيد الذي جاء في طليعة النتائج بافتكاكه ل 105 مقعد من بين 407 ، ليظلّ بذلك حجرا ثقيلا في ميزان الكفة البرلمانية ، قال المحلل السياسي علي ربيج : " إنه كان من المتوقع بقاء جبهة التحرير الوطني كقوة حزبية سياسية كبرى في الساحة السياسية وعلى مستوى البرلمان ،كما كان متوقعا تسجيل تراجع في المقاعد بالنسبة للأفلان وحتى بالنسبة للأحزاب الأخرى المنافسة، وهذا راجع للحراك الشعبي الذي نادى بضرورة التغيير، إلى جانب العزوف ومقاطعة الانتخابات . وأضاف ربيج : " أتوقع أن هذه النتائج ستكون لها انعكاسات على مستقبل الحكومة، من خلال المشاورات التي ستتم على مستوى قبة البرلمان"، والأكيد أن الأفلان سيشارك في توليفة الحكومة الجديدة ، وستكون الحكومة بأغلبية رئاسية وفقا لدستور 2020″.