تابع الجمهور المستغانمي أول أمس شريطا وثائقيا الأول بعنوان "في هذا الصمت أسمع الأرض تتدحرج " للمخرج محمد لخضر تاتي الذي حاول بشكل واضح أن يكشف عن الانعكاسات التي نجمت عن انهزام الجمهوريين والتقدميين الإسبان أصحاب شعار "لا تمرون " أمام القوات الوطنية التي كان يقودها " فرانسيسكو بهامندو " المدعو "فرانكو" خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936/1939) . وخوفا من بطش وانتقام فرانكو فرت القوات المهزومة وأتباعهم من إسبانيا إلى كل الجهات ، فمنهم من اختار إلى فرنسا ومنهم من اختار الهجرة إلى الجزائر القريبة من حدود بلادهم ، وهكذا استقبلت الإدارة الفرنسية في الجزائر سنة 1939 ما يفوق 12000 إسباني من كل الأعمار والأصناف ، ثم وضعتهم في محتشدات شيدت خصيصا لهم في كل من وهران " حي كارنو" ، بني صاف ، بشار ، عين تموشنت ، الجلفة " عين سرير " إلا أنه لم يبق من هذه المحتشدات أي شيء بعدما تعرضت إلى التخريب والتدمير بفعل الإنسان تارة والطبيعة تارة أخرى ، كما لم يجد المخرج خلال بحثه أية وثيقة تدل عن وجودهم في هذه المحتشدات، وهذا بالرغم من زيارته لعدد من المؤسسات والإدارات بكل من مدينة وهران، الجلفة. حسب أعوان الإدارة الجزائرية فإن الفرنسيين أخذوا كل الوثائق بما فيها تلك التي ينعت فيها رئيس حكومة فرنسا "إدوار دالاديي " في 1939 أن هؤلاء الإسبان هم فئة خارجة عن القانون، ما فسح المجال للجلادين تسليط كل أنواع التعذيب والإهانة عليهم داخل هذه المحتشدات . محمد لخضر تاتي لم توقفه هذه العوائق ، حيث غير وجهته في طريقة بحثه عن الإسبان المنفيين في الجزائر فراح يستنطق الحجارة (مواقع تواجد المحتشدات) ، الأشخاص المسنين الذين احتكوا بهم في كل من وهران وعين تموشنت ، كما استغل كتب الناقد الأدبي والشاعر "ماكس أوب موهرانفتس " المعروف ب " ماكس أوب " صاحب الجنسيات الأربع الذي اعتقل في فرنسا بعد 1939 ، لينقل بعدها إلى المحتشد الإسباني بالجلفة. وبهذه الخطوات حاول المخرج محمد لخضر تاتي أن يرفع الغطاء عن فترة سوداء من تاريخ الإسبان المهجرين إلى الجزائر وكذا طريقة تعامل الإدارة الفرنسية بالجزائر بعد الحرب الأهلية الإسبانية مع هذه الفئة التي كانت تبحث عن الأمن والأمان .