الحماية المدنية تسيطر على معظم حرائق الغابات في عشر ولايات والسلطات تواكب العائلات المتضررة    الرئيس يعزّي أردوغان    بوجمعة يلتقي نظيره الموريتاني    تشييع المجاهد محمد عبد القادر طواهير بمقبرة الرويسات بورقلة    جمعيات تاريخية وثقافية... جهود متواصلة لحماية الذاكرة الوطنية وترسيخ قيم الثورة    إنتاج الجزائر من النفط يرتفع    اتصالات الجزائر تُنبّه أصحاب الفواتير    منظمات دولية تدين تصاعد القمع في المغرب    فوز معنوي.. ومكاسب بالجملة    تتويج كينيا بالمراتب الأولى للسباق    بوغالي يستقبل وفدا من تندوف    الشرطة تواصل تدخّلاتها    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    منح 23 وسم "مشروع مبتكر" لطلبة من مختلف جامعات الوطن    تدابير عاجلة لمواجهة حرائق تيبازة الغربية وتنصيب خلية أزمة لمتابعة الوضع    السيطرة على حرائق غابات تيبازة بعد جهود مكثفة استمرت 36 ساعة    20 صحفيا في البرلمان الأوروبي لإسماع صوت الصحراء الغربية    المسؤولية التاريخية لإسبانيا تشمل منطقة شمال إفريقيا بكاملها    دعم العلاقات الاقتصادية وتثمين التوافقات السياسية    الجزائر تدعّم الجهود الأممية وترفض التدخّلات الأجنبية    النخبة الوطنية تواصل تألقها في الألعاب الإسلامية    "الجوية الجزائرية" تستلم طائرة "إيرباص أي 330 نيو"    تشخيص دقيق للوحدات الصناعية التي تواجه صعوبات    تفعيل شبكة المنصّات الصحية ذات الأولوية في أقرب الآجال    تفعيل لجنة البت في طلبات العضوية من صلاحيات منظمة المجاهدين    تسرب مياه الصرف الصحي يعمّق معاناة السكان    يوم دراسي حول الامتيازات الممنوحة للحرفيّين    كشف 27 طنّا من المواد الاستهلاكية الفاسدة خلال شهر    إعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر تتويج لنضال شعبها    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بيتكوفيتش يحدد إيجابيات ودية زيمبابوي    اللاعبون المحليون يرفعون سقف طموحاتهم في كأس العرب    غلق مؤقت وجزئي لحركة المرور بالعاصمة    اجتماع تقني لرفع مستوى المبادلات التجارية    العرابي: الشعب الصحراوي هو من سيقرّر مصيره    بن دودة: الجزائر شريك فاعل    بلمهدي يزور معرض الحج    خنشلة : توقيف فتاة نشرت فيديو مخل بالحياء    وزير الأشغال العمومية ينصب لجنة مرافقة ومتابعة تمويل المشاريع الهيكلية للقطاع    تفتك جائزة "لجدار الكبرى " للمهرجان الثقافي الوطني للأغنية الملتزمة    الأوضاع الإنسانية بغزة ما زالت مروعة    الجامعة العربية تعقد جلسة حول "التجويع كسلاح حرب"    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 69182 شهيدا و170694 مصابا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    نحو تجسيد شعار: "القراءة.. وعي يصنع التغيير"    مساحة للإبداع المشترك    ندوة دولية كبرى حول الشاعر سي محند أومحند    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    أسبوع القافلة السينمائية للأفلام الثورية " من 9 إلى 13 نوفمبر الجاري    إنطلاق "الملتقى الدولي للمبدعين الشباب" بالجزائر العاصمة    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تطبيق أنظمة التمويل تعزيز للثقة و مساءلة الأحزاب»
أستاذ العلوم السياسية بجامعة اسطمبولي بمعسكر فاتح كمال ل « الجمهورية» :
نشر في الجمهورية يوم 18 - 04 - 2021

@ الجمهورية: في ما تكمن أهمية تمويل الحملات الانتخابية عموما ؟
^ الأستاذ فاتح كمال : يكتسي الجانب المالي في العملية الانتخابية بوجه عام أهمية بالغة في النظم السياسية والقانونية المقارنة، وتزداد هذه الأهمية أثناء الحملات الدعائية لمختلف الاستحقاقات الرئاسية والتشريعية ، حيث تشترط الانتخابات التنافسية النزيهة أن يملك المرشّحون وسيلة لتمويل حملاتهم الانتخابية وأنشطتهم الدعائية. و يشير تمويل الحملات الذي يشكّل عنصراً من عناصر التمويل السياسي إلى كافة الأموال التي يتمّ جمعها وإنفاقها من أجل الترويج للمرشّحين والأحزاب السياسية والسياسات خلال المحطات الانتخابية.
من المسلم به أنّ كلّ سوء توظيف للمال قد يمس بنزاهة الانتخابات وقد يصل
الأمر إلى توجيه التصويت إلى طرف معين
وبالتالي تصبح العملية السياسية مرهونة من طرف أصحاب الأموال. ومن أجل التخفيف من تأثير المال على صحة العملية الانتخابية، لذلك أولت النظم القانونية عناية فائقة لوضع تشريعات تعمل من خلالها على ضبط مسألة تمويل الانتخابات من إيرادات ونفقات بنصوص قانونية ودستورية ، مجرمة في ذلك كلّ مخالفة لهذه الأحكام ومخضعة لحساب حملات المترشحين للرقابة من طرف هيئات محاسبية مالية عمومية.
و عند تلقي المرشّحين تمويلاً عاماً لحملاتهم، قد يساعد هذا التمويل في توفير فرصٍ أكثر عدلاً وتعزيز مستوى التنافسية في الانتخابات. كما يمكن أن يقلّص فرص الاستفادة من المصادر الخاصة للتأثير على المرشّحين بشكلٍ غير لائق ، مما يُعدّ شكلاً من أشكال الفساد السياسي.
@ هل ثمة فرق من حيث الأهمية والوقع على الحملة الانتخابية بالنسبة للتمويل الخاص والعام ؟
^ يشمل التمويل العام للحملات التمويل المباشر وغير المباشر، فيشير التمويل العام المباشر للحملات إلى الأموال التي تخصّصها الدولة للمرشّحين في الانتخابات. أما التمويل العام غير المباشر، فيحدث عندما يحصل المرشّحون أو الأحزاب على بعض الخدمات مجاناً أو بكلفة أقل، مثل الظهور في وسائل الإعلام العامة، أو الاستفادة من ممتلكات الدولة بغرض تنظيم الحملات، أو طباعة المواد الانتخابية، أو استخدام الخدمات البريدية الخاصة بالدولة. فموارد الدولة تُعدّ ملكاً لجميع المواطنين، ويجب عدم استخدامها لما يصبّ في مصلحة أيّ حزب سياسي أو مرشّح .
بينما يشجّع التمويل الخاص للحملات على مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية، كما يجيز للناخبين أن يعبّروا عن آرائهم السياسية من خلال دعم المرشّح الذي يمثّل مصالحهم. و يمكن لهذا النوع من التمويل أن يقلّص من تدخل الحكومة في تنظيم الحملات، وبالتالي من إمكانية تلاعبها بالتمويل العام لما يصبّ في مصلحة جمهور انتخابي معيّن. يشير التمويل الخاص للحملات إلى الاستفادة من المواد والخدمات مجاناً أو بسعر منخفض (مساهمات عينية) بفضل مساهمة مانحين من القطاع الخاص، كأفراد أو شركات، فضلاً عن ذلك قد تقدّم الأحزاب السياسية هبات إلى المرشّحين، كما يمكن للمرشّحين أن يستخدموا مواردهم الخاصة لتمويل حملاتهم ، إلى جانب ذلك يمكن للأحزاب والمرشّحين أن يطلبوا قروضاً لتمويل نشاطات حملاتهم، لكن يُلزم المرشّحون والأحزاب بالإبلاغ عن الهبات الخاصة التي يتلقونها بما في ذلك مصدر الهبة وتاريخها وقيمتها .
@ كيف يستطيع التمويل المقنن إرساء العدل بين الأحزاب أو المترشحين الأحرار؟
^ تتضمّن النفقات على الحملات عادةً أيّ نفقات تُسدّد لأهداف انتخابية سواء كانت نقدية أم عينية، من قبل المرشّح أو الحزب خلال حملة انتخابية، في بعض الدول يُفرض عادةً سقفٌ معيّن على نفقات الحملات التي يمكن أن يتكبّدها المرشّحون أو الأحزاب (تنص المادة 92 من الأمر رقم 21-01 المؤرخ في 10 مارس 2021 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات على أن لا تتجاوز نفقات حملة المترشح للانتخابات الرئاسية 120 مليون دينار في الدور الأول ويرتفع هذا المبلغ ليصل إلى 140 مليون دينار في الدور الثاني - في حين نصت المادة 94 من نفس القانون ألا تتجاوز نفقات الحملة الانتخابية لكل قائمة في الانتخابات التشريعية حداً أقصاه مليونين وخمسمائة ألف دينار عن كل مترشح في القائمة .
و بمقدور هذه الحدود أن تعزّز فرصاً متساوية للمرشّحين، لكن يجب أيضاً أن تكون متوازنة مع حاجة شرعية لا تقلّ أهمية هي حماية حقوق أخرى، مثل حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير.
يتشكّل سقف الإنفاق عادةً من مبلغ مطلق أو مبلغ نسبيّ، استناداً إلى عدّة عوامل مثل عدد السكّان الناخبين في دائرة معيّنة، وكلفة المواد والخدمات المتعلقة بالحملات. لكن مهما كان النظام المعتمد، يجب أن تكون هذه الحدود منصوصا عليها في القانون، كما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عوامل التضخم المالي للتأكد من أنها ستكون ملائمة للدورات الانتخابية اللاحقة.
كما ينبغي تطبيق هذه الحدود على جميع المرشّحين المتنافسين، حتى تكون حائلا دون لجوئهم إلى أساليب للالتفاف على سقف الإنفاق. كما يجب أن يُسمح للمرشّحين بإنفاق ما يكفي من الموارد لنقل رسالتهم السياسية. وينبغي أن تكون حدود النفقات الانتخابية منصوص عليها بشكل واضح في القانون. فيستند المرشّحون إلى المعلومات المتعلقة بحدود الإنفاق للتأكّد من أنهم يتصرّفون وفقاً للقانون، بينما يستند إليها المواطنون لمساءلة الأحزاب والمرشّحين، بالإضافة إلى ذلك يجب أن تتضمّن البيانات المتعلقة بالنفقات في المقام الأول معلومات عن الصفقات التي أجريت، بما في ذلك قيمة الأموال أو السلع والجهة المستفيدة منها، ويمكن للمواطنين أن يستفيدوا من المعلومات المتعلقة بنفقات الحملات للاختيار بين المتنافسين بنسبة أكبر من الوعي.
@ نظّرت كثير من المواد في قانون الانتخابات الجديد لشكل وأسلوب تمويل الحملة فهل تطبيقها على أرض الواقع ممكن ؟
^ بفضل رفع التقارير والكشف عن المعلومات المتعلقة بتمويل الحملات، يصبح المرشّحون والأحزاب السياسية مساءلين أمام هيئة الإشراف على تمويل الحملات (لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية بموجب نص المادة 115 من الأمر رقم 21-01 المؤرخ في 10 مارس 2021 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات) وعامة الناس بشأن طريقة تمويلهم لحملاتهم.
رغم تنوّع مدّة رفع هذه التقارير ومضمونها، يجب أن تكون التقارير التي يرفعها المرشّحون والأحزاب إلى لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية مرسلة في حينها وشفافة.
كما ينبغي أن يحدّد القانون بشكل واضح نوع المعلومات المطلوبة في التقارير، والمهلة الزمنية لإرسالها، وطريقة كشفها للعامة وهو العنصر الغائب في النص القانوني المتعلق بنظام الانتخابات الجديد. ومن المفيد أيضاً طلب تقارير أولية ومتوسطة ونهائية بشأن تمويل الحملات، حيث أنّ نقل المعلومات إلى لجنة مراقبة تمويل الحملة الانتخابية يمكّنها من مراقبة مدى التزام المرشّحين والأحزاب والقوائم المترشحة بالقوانين. ولا يخفى على أحد أنّ المعلومات المتعلقة بتمويل الحملات تساعد في إعلام المواطنين بالجهات التي تقدّم الدعم المالي إلى الأحزاب السياسية والمرشّحين متيحةً للناخبين إجراء خياراتٍ أكثر وعياً ونضجاً.
كما أنّه من غير الممكن ضبط نفقات الحملة الانتخابية وتسقيفها وإلزام المرشّحين والأحزاب والقوائم المترشحة من خلال نصوص قانونية بحتة فحسب، لأن الأمر مرتبط أساساً بأهمية العقوبات وصرامتها في الحدّ من استعمال المال بغير وجه حق وبشكل غير مشروع قصد التأثير على توجهات الناخبين والإخلال بشفافية ونزاهة العملية الانتخابية.
@ من خلال المواد المتضمنة في الدستور والقانون العضوي للانتخابات هل ستقضى تماما على المال الفاسد الذي شاب الانتخابات في الجزائر على مرّ أزمنة كثيرة ؟
^ لا أعتقد إطلاقاً حدوث هذا الأمر، لأن مسألة توظيف المال الفاسد التي عرفتها الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر سابقاً كان مردها الأساسي هو غياب الردع القانوني والعقاب الزاجر لكل من تسول له نفسه التلاعب بمصير الأمة وتزوير الانتخابات من خلال شراء الذمم والمناصب دون وجود حسيب أو رقيب.
لذلك فإنّ تطبيق أنظمة تمويل الحملات بشكلٍ فعّال أمرٌ ضروري للمحافظة على نزاهة نظام تمويل الحملة الانتخابية وحسن مراقبتها، وتعزيز ثقة العامة في العملية ومساءلة الأحزاب السياسية والمرشّحين، والعقوبات هي جزاءٌ تفرضه لجنة مراقبة تمويل الحملة ، تكون في بعض الحالات محكمة جنائية، على المرشّحين الذين ينتهكون أنظمة تمويل الحملات.
و تهدف العقوبات إلى إلغاء أيّ منافع يحصل عليها المرشّح جرّاء عدم الالتزام بالقانون، ومعاقبة المرشّحين غير الملتزمين
وردع أيّ محاولات عدم التزام في المستقبل. يجب أن تكون العقوبات محدّدة في 5 القوانين ن أو النظام بشكل واضح، ومعروفة لدى الشعب والمرشّحين الانتخابيين، وقابلة للتطبيق ومتناسبة مع الهدف المحدّد الذي ترمي إليه.
يجوز تطبيق مجموعة متنوّعة من العقوبات، مثل إرسال الإنذارات، وفرض الرسوم الإدارية، والحرمان من الأموال العامة بشكل جزئي أو كليّ، فضلاً عن رفع دعوى جنائية في حالة الانتهاكات الخطيرة. جديرٌ بالذكر أنّ جميع القرارات يجب أن تُسجّل خطيّاً وأن تكون مبرّرة، كما ينبغي إعلام الأطراف المعنيّة بالقرار في الوقت المناسب.
لكن مهما كان نوع العقوبات المفروضة، يجب أن تتمتّع الأطراف المعنيّة بحقّ الطعن في القرار واستئنافه لدى محكمة قضائية مختصّة. وينبغي أن توفّر الهيكلية القانونية المعتمدة مُهلاً زمنية منطقية لتقديم طلب الاستئناف، ودراسته والبتّ فيه. بفضل الاطلاع على معلومات عن العقوبات والطعون، تضمن الأحزاب السياسية أنها تلقى معاملةً عادلة ، كما تحدّد طريقة للطعن في العقوبات المفروضة عليها. في غضون ذلك الوقت فالبيانات المتعلقة بالعقوبات المفروضة تمنح المواطنين معلومات عن المرشّحين والأحزاب الملتزمين بأنظمة تمويل الحملات، وتؤكّد لهم إن كانوا قد تلقّوا عقوبات مناسبة جزاء انتهاكاتهم أم لا. وبفضل الاطلاع على المعلومات الواردة في التشريعات بشأن العقوبات، يمكن للمجتمع المدني أن يقيّم إن كان القانون ينصّ فعلاً على مجموعة مناسبة من العقوبات جرّاء عدم الالتزام. كما يمكن للمجتمع المدني، إذا جمع هذه البيانات : ببيانات الكشف عن إنفاق الحملات، أن يتأكّد من مدى تطبيق هذه العقوبات بطريقة غير منحازة
@ ثمة جزء معيّن من التمويل تتكفل به الدولة لصالح الشباب فهل ستكون هذه الخطوة دافعاً لمشاركة هذه الفئة في استحقاق تجديد البرلمان ؟
^ حسب ما نصت عليه المادة 87 من الأمر رقم 21-01 المؤرخ في 10 مارس 2021 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات: تمول الحملة الانتخابية بواسطة موارد يكون مصدرها: مساهمة الأحزاب السياسية من اشتراكات أعضائها، المساهمة الشخصية للمترشح، الهبات النقدية أو العينية المقدمة من طرف المواطنين، وكذلك المساعدات المحتملة التي يمكن أن تمنحها الدولة للمترشحين الشباب في القوائم الحرة المستقلة بمناسبة الاستحقاقات التشريعية والمحلية، غير أن هذه المادة لم تحدد على وجه التدقيق قيمة التمويل لصالح الشباب ضمن هذه الفئة المترشحة ، ناهيك عن عدم إجبارية وإلزامية هذا المسعى الرامي إلى إشراك الشباب في خوض غمار المنافسة الانتخابية ، وبالتالي فإنّ هذه الإجراءات لن تكون عنصراً محفزاً للشباب في استحقاق تجديد المجلس الشعبي الوطني نظراً لغياب الطابع الإلزامي ، ناهيك عما يشوب العملية الانتخابية برمتها من تعقيدات ومسائل غامضة أمام الرأي العام المحلي والوطني من قبيل صيغة الانتخاب بالقائمة المفتوحة الذي يثير جدلا واسعاً بخصوص مدى نجاعته وهو ما يطرح بإلحاح ضرورة تحسيس وتوعية الناخبين بطريقة الانتخاب وأهميته في صناعة مستقبلهم، بالإضافة إلى تقسيم المقاعد على القوائم الفائزة من خلال طريقة الباقي الأقوى وكذلك في حالات تساوي الأصوات بين المترشحين ضمن نفس القائمة أو بين قائمتين متنافستين.
يمكن أن تحصل قوائم المترشحين للانتخابات التشريعية التي أحرزت على 20 بالمائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها على تعويض
بنسبة 20في المائة
من النفقات المدفوعة، ولا يتم التعويض إلا بعد إعلان المحكمة الدستورية عن النتائج النهائية واعتماد الحسابات من طرف لجنة مراقبة تمويل حسابات الحملة الانتخابية حسب ما نصت عليه المادة 95 من الأمر رقم 21-01 المؤرخ في 10 مارس 2021 المتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، وهو إجراء آخر الهدف منه زيادة نسب المشاركة السياسية دائما دون مراعاة أنّ الحوافر المادية لا يمكنها زيادة الإقبال على المشاركة في الانتخابات تزامناً مع غياب الوعي والإحساس بأهمية إشراك المواطن ضمن العملية الانتخابية وتوفير المناخ الملائم لتعبئة الرأي العام المحلي والوطني.
@ هل باللجوء إلى هذه الترسانة من القوانين في طريق تأطير الانتخابات وإعادة إصلاحها سنشهد ثراءً للمشهد السياسي وتعديلاً في الخارطة الحزبية بما يجعل الأحزاب ذات دور مفصلي في توجيه سياسة الدولة ؟
^ تتّسم الانتخابات حقاً بالديمقراطية عندما يكون الناخبون واعين للتمايز القائم بين المتنافسين، فيتمكّنوا من القيام بخيار مدروس عند الإدلاء بأصواتهم. يجب أن يفهم الناخب أيضاً كيف تجري عملية الاقتراع في اليوم الانتخابي، حتى لا يُفوت على نفسه تلك الفرصة فتعتبر ورقة اقتراعه غير صالحة لأنه أخطأ استعمالها، أو حتى لا يواجه عائقاً آخر يقيّد أو يحدّ من قدرته على المشاركة في الانتخابات.
من هنا ضرورة نشر المعلومات المتعلقة بالمتنافسين وإجراءات التصويت قبل فترة طويلة من الانتخابات. كذلك يتعيّن على حملات التوعية التي قد تنظّمها هيئة إدارة الانتخابات أو منظمات المجتمع المدني أن تسعى إلى تزويد جميع الناخبين بالمعلومات اللازمة. لا بدّ أيضاً من توعية المواطنين الذين يعانون من ضعف البصر أو السمع، إضافة إلى ضرورة توفير المعلومات اللازمة بلغات الأقليات. يجوز ألاّ يتمكّن ناخبون كثُر من اتخاذ قرار واعٍ أو معرفة كيفية الإدلاء بأصواتهم إذا كانت المعلومات منشورة باللغة العربية فقط فيما شريحة واسعة من المواطنين تقرأ بالفرنسية أو الانجليزية.
كما أنّه أماتم هذه الترسانة من القوانين مزيد من العمل في نجاح الاستحقاق الانتخابي القادم، لأنّ الأمر يتعلق في المقام الأول بنموذج غربي مستحدث يتم تطبيقه في إطار إعادة إصلاح الاختلال وسد الفجوات التي حدثت في الانتخابات السابقة ، غير أنّ الإصلاح الانتخابي الجاد والصحيح هو الذي يسعى جاهداً من أجل تعديل وتطوير منظومة إدارة العملية الانتخابية وفق رؤية إستراتيجية تأخذ في الحسبان الموروث الثقافي والحضاري المتميز للشعب الجزائري الأصيل المتجسد ضمن الحراك الشعبي .
من أجل أن تتسم الانتخابات بميزة التشاركية والتنافسية - وتعكس في نهاية الأمر إرادة الشعب- من الضروري أن يتمكّن المرشّحون المتنافسون من تنظيم الحملات وأن يدلي المواطنون بأصواتهم بطريقة واعية
وأن يتمكّن المسؤولون من إدارة العملية بنجاح، وأن يضطلع المجتمع المدني والإعلام والأحزاب بالمشاركة والمراقبة دونما خوف من أيّ أذى في إطار ما يعرف بضمان أمن الانتخابات وحسن سيرها وجودة إطار العمل القانوني للانتخابات الذي يشير إلى مجموعة من التشريعات والقواعد المتعلقة بالانتخابات في الدولة وهو يتضمّن الأحكام المعتمدة في الدستور، والقانون الانتخابي وغيره من القوانين التي تؤثّر على الانتخابات، مثل قانون الأحزاب السياسية، كما يشمل أيضاً أيّ أنظمة مرتبطة بالقانون الانتخابي وبقية القوانين ذات الصلة.
وختاماً من الضروري إفساح المجال أمام مساهمة النخب المثقفة والباحثين في المجال السياسي والقانوني في الإصلاحات المتعلقة بالنظام الانتخابي، ومن خلال تقييم إطار العمل القانوني للانتخابات أو إصلاحه، ومن الجدير بالذكر أن تفكّر الجهات المعنيّة سواء كانت هيئات إدارة الانتخابات أو الهيئات الحكومية أو منظّمات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية في انعكاس إطار العمل القانوني على الشفافية والشمولية والمساءلة في كلّ مرحلة من مراحل الحلقة الانتخابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.