وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي يؤكد: تشجيع الإشراف التشاركي في العملية الانتخابية المقبلة    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    مديرية الفلاحة أكدت العمل على إيجاد حلول: مربّون يواجهون صعوبات في تسويق الحليب بميلة    سيشمل نحو 23 ألف مستثمرة: تجنيد 125 إطارا للإحصاء العام للفلاحة بأم البواقي    المكتب الإعلامي بغزة: الأسرى في سجون الإحتلال الصهيوني تتضاعف أعدادهم ومعاناتهم    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    قصف مكثف للكيان الصهيوني على جنوب لبنان    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    تابع تدريبات السنافر وتفقّد المنشآت الرياضية: بيتكوفيتش يزور قسنطينة    كأس الجزائر/الدور نصف النهائي: م.الجزائر-ش.قسنطينة، ش.بلوزداد- إ. الجزائر    الجهوي الأول لرابطة باتنة: شباب بوجلبانة يعمق الفارق    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    في ختام اللقاء الوطني البيداغوجي الأول لمفتشي المادة : دعوة لوضع مقاربة وطنية للتعميم التدريجي لتعليم الأمازيغية    مشروع محيط السقي بالإعتماد على المياه المستعملة بتبسة "خطوة عملية لتجسيد الإستراتيجية الوطنية في القطاع"    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    العدوان الصهيوني على غزة: الأرقام بشأن إستشهاد أكثر من 12 ألف طفل "أقل من الواقع"    صفقة مشبوهة تطيح بثلاثة متّهمين    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    الجزائر ترافع لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    عطّاف يؤكّد ضرورة اعتماد مقاربة جماعية    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    توزيع الجوائز على الفائزين    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    من يحرر فلسطين غير الشعوب..؟!    دعوة لضرورة استئناف عملية السلام دون تأخير    تعزيز مهارات الطلبة الصحراويين    منصة رقمية للتوقيع الإلكتروني على الشهادات    40 سؤالا ل8 وزراء    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    بطاقة اشتراك موحدة بين القطار والحافلة    البعثة الإعلامية البرلمانية تختتم زيارتها إلى بشار    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    نادي كاراباخ يطمئن بخصوص إصابة بن زية    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    وفق تقرير لجامعة هارفرد: الجزائري سليم بوقرموح ضمن أهم العلماء المساهمين في الطب    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد القادر علولة
عرّاب الركح الجزائري في وقفات من ذاكرتنا
نشر في الجمهورية يوم 10 - 03 - 2015

في ذكرى الرحيل نترك المجال لطفولتنا تعود من جديد عندما شاهدت لأول مرة في حياتي عرض "حمام ربي" مع والدي للمرحوم عبد القادر علولة،ربما ديكور المسرحية لازال عالقا في ذهني الصغير،لأشاهد فيما بعد العديد من العروض المسرحية رفقة عائلتي التي كانت تعشق ربما الكثير من الممثلين أمثال أدار محمد وسيراط بومدين وخاصة علولة لكن لحد ذلك الوقت،الرجل لم يكن يمثل لي شيئا إلى غاية مشاهدة "الأجواد" وبدأ يدخل إلى عقلي المراهق آنذاك اسم علولة الذي كانت تتحدث عنه الجرائد إلى غاية سنة التحاقي بجريدة الجمهورية .
التقيته عدة مرات ببهو المسرح الجهوي لوهران لكنني لم أتحدث إليه إلا مرتين فقط ،خاصة بعد عرض مسرحية "أرلوكان خادم السيدين " عام 1993م،حيث شدتني آنذاك الفنانة القديرة فضيلة حشماوي بأدائها المتميز،سألته عن العرض وعن أسباب اختياره لحشماوي ،ومدح كفاءتها على الركح،كان يتحدث بنوع من الحماسة و ربما بالفخر لرؤية ذلك النجاح الذي رآه في تصفيقات الجمهور كنت اعلم من الزملاء أنه كان يتنجب الحوارات ولا يتحدث إلا بعد صدور مسرحية تعرض له ،وحتى تلك اللحظة ربما كان أمر علولة يمر بذهني بالشيء العادي كنت أعلم أنه كان يكرس جهده لفنه بعيدا عن التعريف بشخصه ويساعد ويتعاطف مع هواة الفن الرابع ويقدم لهم كل الدعم لأن نظرته المستقبلية كانت تشير إلى أنهم هم من سيحملون المشعل كان رجلا بشوشا،ربما اعترف أنني في بداية حياتي المهنية لم أقدر الرجل ،وربما لم أعطه حقه بسبب جهلي لوزنه الفني،لكن لم أكن أتوقع أنني كتبت بعد اغتياله العديد من المقالات لو جمعت في كتاب لكانت تخليدا لاسم أيقونة حقيقية في تاريخ المسرح الجزائري وهذا من خلال الحوارات والانطباعات والمقالات التي خلدت ذكراه في كل شهر مارس كان يمر علينا ، ولا انسي حوليته التي كانت بالفعل حرقة حقيقية لعشاقه عندما قدمت عدة عروض من قبل فرق مسرحية أرادت أن تمجد ذكراه ولا أنسى مسرحية كاتينا لمسرح برج بوعريريج أين سقط الفنان القدير حليم زدام على الخشبة يبكى علولة بعد الانتهاء من عرضه وصعد على الخشبة رفقاء وعشاق علولة ،كان منظرا بقى إلى حد الآن في مخيالي الماضي،هناك علمت أن الرجل تم اغتيال عقله المستقبلي وحبه للجزائر،كما قدمت العديد عبر صفحات الجريدة الدراسات الأكاديمية التي تطرقت إلى حياته وأعماله التي أرخت لمرحلة مهمة من حركية الخشبة علما أن الأجيال اللاحقة تأثرت بمساره ولم تحاول أن تخلق لنفسها طريقا جديدا يضاف إلى الركح الذي تميز ربما ببعض الأسماء الأخرى التي خرجت عن خريطة علولة .
ربما لم أعرفه في حياته كثيرا لكن بعد رحيله إلى العالم الأخر،عرفت عنه الكثير من التفاصيل الدقيقة من قبل عائلته أو أصدقائه المقربين لكن ما شد انتباهي أن الكثير من المحسوبين على الخشبة أو من التقط فقط صورة بجانبه أصبح يتحدث عنه بحميمية وكأنه رفيق عمره ،وهذا ما عرفنه بعد توغلنا لمدة أكثر من عقدين في أسرة المسرح الجزائري.
وفي ذكراه ال 21 نجد دائما رفيقة دربه رجا علولة تتحدث عنه قائلة :'أجتهد لجمع ما تركه عبد القادر. وأصدقكم القول أنه يرهقني. ففي كل مكان أقصده أجده سبقني إليه،وأكتشف فيه أنه ترك أثرا في النّاس. سأواصل العمل حتى أجمع كل تراثه ليكون مخزونا لمجموع الجزائريين،الذين يجب أن يعرفوا أن وقوف الرّاحل في سلم المسرح الجهوي الذي يحمل اليوم اسمه بوهران،هو الذي أنقذه من الحرق في أكتوبر 1988 وبعد يومين من إنقاذه لهذا الصرح الفني تم اعتقاله بتهمة التمرد. إن فقيد المسرح الجزائري عبد القادر علولة حسب الكثير من عشاقه وأصدقائه يؤكدون دائما في لقاءاتنا الثقافية أن علولة يتعرض للاغتيال كل يوم،منذ رحيله،بالنظر إلى ما آلت إليه الثقافة والإبداع في بلادنا.و كل من عرفه يقول عنه أنه كان سخيا وإنسانيا وكرس كل حياته للآخرين وكان متجذرا في الأصالة ومناضلا حداثيا ينبذ الإقصاء. تكبّدها عبد القادر علولة تأسيس جمعية 'رعاية الأطفال المصابين بداء السرطان'. وأصر الراحل على خدمة هؤلاء الأطفال وإنفاقه من ماله الخاص عليهم.
ويقول علولة في إحدى ندواته ببرلين شارحا تجربته الجديدة التي قادته إلى اكتشاف مسرح الحلقة: «وفي خضم هذا الحماس،وهذا التوجه العارم نحو الجماهير الكادحة،والفئات الشعبية،أظهر نشاطنا المسرحي ذو النسق الأرسطي محدوديته،فقد كانت للجماهير الجديدة الريفية،أو ذات الجذور الريفية،تصرفات ثقافية خاصة بها تجاه العرض المسرحي، فكان المتفرجون يجلسون على الأرض،ويكونون حلقة حول الترتيب المسرحي وفي هذه الحالة كان فضاء الأداء يتغير، وحتى الإخراج المسرحي الخاص بالقاعات المغلقة ومتفرّجيها الجالسين إزاء الخشبة،كان من الواجب تحويره. كان يجب إعادة النظر في كل العرض المسرحي جملة وتفصيلا .وعلى هذا النحو يمكن القول أن الأدوار انقلبت، فعوض أن يعلم الكاتب الجمهور،مثل ما يدعي معظم الكتاب الملتزمين،نجد علولة هنا يعترف بكل تواضع بأنه تعلم من الجمهور،وأنه اكتشف عن طريقه مسرح الحلقة، أو فن الدراما الشعبية،حيث يلتحم الممثلون والمتفرجون في بوتقة واحدة ليصنعوا معا فن الفرجة.. عمل علولة على تحقيق مسرح "الحلقة" شكلاً وأداء وإنتاجية وفرجة، بعد أن توصل من خلال الممارسة العملية إلى قناعة شخصية أن القالب المسرحي الأرسطي ليس هو الشكل الملائم الذي يستطيع أن يؤدي به رسالته الاجتماعية،في البيئة التي يتعامل معها،وقدم خلالها خمسة أعمال فنية ثرية.ونتيجة لارتباط مسرح الحلقة بتراث وتاريخ الجمهور العربي يحتم فرض شكل ومضمون وتكنيك الفرجة المسرحية والتواصل مع الجمهور مما فرض أن يجري كل شيء داخل الحلقة المغلقة،. وفرض أيضا اختزال الديكور إلى أدوار ضرورية فقط .وتغير في تكنيك الأداء المسرحي أيضا، يتلاءم مع الجمهور الذي يحيط العرض والذي يصغي ويشاهد هذا السرد (الحكي) الذي يبنيه علولة في عروضه. وأصبح الممثل قريبا من الجمهور وحققا فن الفرجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.