التوقيع بإسطنبول على مذكرة تفاهم بين المحكمة الدستورية الجزائرية ونظيرتها التركية    رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني تستقبل ممثلين عن المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين    بتكليف من رئيس الجمهورية, عطاف يحل بروما من أجل تمثيل الجزائر في مراسم جنازة البابا فرنسيس    انطلاق فعاليات الطبعة الخامسة لحملة التنظيف الكبرى لأحياء وبلديات الجزائر العاصمة    أبواب مفتوحة على التوجيه المدرسي    استقبال حاشد للرئيس    قانون جديد للتكوين المهني    المجلس الشعبي الوطني : تدشين معرض تكريما لصديق الجزائر اليوغسلافي زدرافكو بيكار    رئيس الجمهورية يدشن ويعاين مشاريع استراتيجية ببشار : "ممنوع علينا رهن السيادة الوطنية.. "    تنصيب اللجنة المكلفة بمراجعة قانون الإجراءات المدنية والإدارية    الخطاب الرياضي المقدم الى الجمهور : وزير الاتصال يدعو إلى الابتعاد عن "التهويل والتضخيم"    الدخول المدرسي القادم 2025/2026 : بداية التسجيلات الأولية لتلاميذ السنة أولى إبتدائي    عطاف يوقع باسم الحكومة الجزائرية على سجل التعازي إثر وفاة البابا فرنسيس    توقيع عقدين مع شركة سعودية لتصدير منتجات فلاحية وغذائية جزائرية    الأغواط : الدعوة إلى إنشاء فرق بحث متخصصة في تحقيق ونشر المخطوطات الصوفية    سيدي بلعباس : توعية مرضى السكري بأهمية إتباع نمط حياة صحي    سقوط أمطار الرعدية بعدة ولايات من البلاد يومي الجمعة و السبت    عبد الحميد بورايو, مسيرة في خدمة التراث الأمازيغي    انتفاضة ريغة: صفحة منسية من سجل المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي    الرابطة الثانية هواة: نجم بن عكنون لترسيم الصعود, اتحاد الحراش للحفاظ على الصدارة    النرويج تنتقد صمت الدول الغربية تجاه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين في غزة    نشطاء أوروبيون يتظاهرون في بروكسل تنديدا بالإبادة الصهيونية في غزة    تصفيات كأس العالم للإناث لأقل من 17 سنة: فتيات الخضر من اجل التدارك ورد الاعتبار    جمباز (كأس العالم): الجزائر حاضرة في موعد القاهرة بخمسة رياضيين    عرض الفيلم الوثائقي "الساورة, كنز طبيعي وثقافي" بالجزائر العاصمة    معسكر : إبراز أهمية الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    غزّة تغرق في الدماء    صندوق النقد يخفض توقعاته    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    بلمهدي يحثّ على التجنّد    معرض أوساكا 2025 : تخصيص مسار بالجناح الوطني لإبراز التراث المادي واللامادي للجزائر    أمطار رعدية ورياح على العديد من ولايات الوطن    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    استحضار لبطولات وتضحيات الشهداء الأبرار    جريمة التعذيب في المغرب تتغذّى على الإفلات من العقاب    شركة عالمية تعترف بنقل قطع حربية نحو الكيان الصهيوني عبر المغرب    145 مؤسسة فندقية تدخل الخدمة في 2025    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    قمة في العاصمة وتحدي البقاء بوهران والشلف    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد القادر علولة.. عرّاب الرّكح الجزائري الذي اغتال الرداءة
تعلّم من الجمهور.. فارتقى الجمهور معه لمصاف الإبداع
نشر في الأيام الجزائرية يوم 17 - 03 - 2011

في ذكرى الرحيل نترك المجال بوحا دافئا وحزينا لرفيقة دربه وشريكة حياته؛ السيدة رجا علولة تقول: ''أجتهد منذ 17 سنة لجمع ما تركه عبد القادر. وأصدقكم القول أنه يرهقني. ففي كل مكان أقصده أجده سبقني إليه، وأكتشف فيه أنه ترك أثرا في النّاس. سأواصل العمل حتى أجمع كل تراثه ليكون مخزونا لمجموع الجزائريين، الذين يجب أن يعرفوا أن وقوف الرّاحل في سلم المسرح الجهوي الذي يحمل اليوم اسمه بوهران، هو الذي أنقذه من الحرق في أكتوبر 1988 وبعد يومين من إنقاذه لهذا الصرح الفني تم اعتقاله بتهمة التمرد.
17 سنة بعد اغتيال عبد القادر علولة
وهران تعيد الزمن إلى لحظة الرحيل الغادرة
استحضرت مدينة وهران، بداية هذا الأسبوع، الذكرى ال 17 لاغتيال فقيد المسرح الجزائري عبد القادر علولة بحسرة. وقال الأستاذ الجامعي رشيد محمد إبراهيم ''إن علولة يتعرض للاغتيال كل يوم، منذ رحيله، بالنظر إلى ما آلت إليه الثقافة والإبداع في بلادنا''.
وشاهد الجمهور، الذي تنقل إلى قاعة محمود درويش، بمعهد تنمية الموارد البشرية بوهران، ل''أول مرة'' الشريط الوثائقي، الذي أنجزه بوعلام كمال وكان من المفروض أن تبثه التلفزة الجزائرية بعد 40 يوما من اغتيال عبد القادر علولة، لكنها منعته، لأن الشريط استرجع تصريحات سابقة للراحل يقدم فيها وجهة نظره حول أداء وسائل الإعلام العمومية الجزائرية ومنها التلفزة. وكشف سعيد كاتب، رفيق المرحوم، أنه أنجز معه العديد من الأعمال السمعية البصرية في السبعينيات ''لم يشاهدها أحد'' لأنها تعرضت للحجز.
وشهد الأستاذ محمد بهلول مدير المعهد، الذي اشتغل مع عبد القادر علولة، في النضال المدني وحقوق الإنسان أن الراحل ''كان سخيا وإنسانيا وكان متجذرا في الأصالة ومناضلا حداثيا ينبذ الإقصاء''. كما تحدّثت السيدة دليلة علولة شقيقة المرحوم، كيف أنها في كل مرة كانت تسأله عن مبررات الاغتيالات التي تعرض لها العديد من الجزائريين وقالت ''كان في كل مرة يجد ما يقول. لكن عندما اغتيل أحمد عسلة وابنه، سألته لماذا؟ رد عليّ: ''لم يعد لي جواب الآن ما دامت آلة الموت تستهدف الفن والثقافة''.
وتنوّعت الشهادات حول حياة الراحل ونشاطاته المتنوعة، لكنها صبت كلّها في أنه ''كرس كل حياته للآخرين''. وأنه ''اجتهد لتأسيس مسرح جزائري متجذّر في الموروث الثقافي والفني الأصيل المرتبط بالإنسان الأكثر حرمانا''. وروى من جهته الشاذلي بن قاسمية المعاناة التي تكبّدها مع عبد القادر علولة لتأسيس جمعية ''رعاية الأطفال المصابين بداء السرطان''. وإصرار الراحل على خدمة هؤلاء الأطفال وإنفاقه من ماله الخاص عليهم. وكشف سيد أحمد سهلة الكاتب المسرحي ''كيف أنقذه'' عبد القادر علولة بعد رحيل والدته والمأساة التي حلّت بعائلته بعدها. وقال ''لقد جاء إلى بيتنا في معسكر، وكان حينها والدي ممتنعا عن الكلام والأكل لمدة قاربت أربعة أشهر، وأصيب أفراد عائلتي بانهيار كبير، وأنا منهم. واختلى بوالدي ولا أحد يعلم ما كان يهمس في أذنه. وفي اليوم الموالي عدنا جميعا إلى طبيعتنا. لن أنساه أبدا''.
عبد القادر علولة في بطاقة التّعريف
عبد القادر علولة كاتب مسرحي جزائري ولد عام 1929 واغتيل عام 1994. وقد ولد في مدينة الغزوات بتلمسان في غرب الجزائر، ودرس الدراما في فرنسا. وانضم إلى المسرح الوطني الجزائري وساعد على إنشائه في عام 1963 بعد الاستقلال. أعماله عادة كانت بالعامية الجزائرية والعربية منها : «القوَّال» (1980) و«اللثام» (1989) و«الأجواد» (1985)، و«التفاح» (1992) و«أرلوكان خادم السيدين» (1993)، وكان قبل مقتله في يناير 1994 يتهيّأ لكتابة مسرحية جديدة بعنوان «العملاق»، ولكن يد الإرهاب الأعمى كانت أسرع.عندما اغتيل شهر رمضان في 10 مارس 1994، على يد جماعة مسلحة لكن شهرة عبد القادر علولة (1939 1994) في توظيف شكل الحلقة في مسرحه (وهو رفيق قديم لولد عبد الرحمان كاكي على درب الفن) غطت على كل التجارب الأخرى، لكونه صرف كل جهوده في الأعوام الخمس عشرة الأخيرة من حياته لبناء مسرح مستلهم من «الحلقة» شكلاً وأداء، بعد أن توصل من خلال الممارسة العملية إلى قناعة شخصية أنّ القالب المسرحي الأرسطي ليس هو الشكل الملائم الذي يستطيع أن يؤدّي به رسالته الاجتماعية، في البيئة التي يتعامل معها، وقدم خلالها خمسة أعمال فنية ثرية.
التّجربة من السّطر الأوّل
المتفرّج والمسرحي في بوتقة التميز
في محاضرة له ألقاها في برلين سنة1987 في المؤتمر العاشر للجمعية الدولية لنقاد المسرح، يتحدث عبد القادر علولة عن الطريق التي قادته إلى اكتشاف مسرح الحلقة، ويبدو من حديثه أنه اكتشف هذا الشكل بالمصادفة، وبالتحديد عن طريق احتكاكه بالواقع الحي حين أصبح يتنقل بفرقته في جولات فنية لتقديم العروض خارج صالات العرض المعروفة، أي على طلاب الثانويات والجامعات، وعلى عمال الورشات والمصانع، وعلى الفلاحين في الحقول، مع العلم أنه كان قد أحس من قبل بضرورة البحث عن شكل جديد يبعد العروض المسرحية عن التكرار الممل، وعن طغيان الخطاب السياسي المباشر الذي يكاد يحولها إلى بيانات سياسية. ويقول علولة شارحا تجربته الجديدة التي قادته إلى اكتشاف مسرح الحلقة: «وفي خضم هذا الحماس، وهذا التوجه العارم نحو الجماهير الكادحة، والفئات الشعبية، أظهر نشاطنا المسرحي ذو النسق الأرسطي محدوديته، فقد كانت للجماهير الجديدة الريفية، أو ذات الجذور الريفية، تصرفات ثقافية خاصة بها تجاه العرض المسرحي، فكان المتفرجون يجلسون على الأرض، ويكونون حلقة حول الترتيب المسرحي (La disposition scénique)، وفي هذه الحالة كان فضاء الأداء يتغير، وحتى الإخراج المسرحي الخاص بالقاعات المغلقة ومتفرّجيها الجالسين إزاء الخشبة، كان من الواجب تحويره. كان يجب إعادة النظر في كل العرض المسرحي جملة وتفصيلا».
رغبة الرقي الفني.. تتحقق
وأمام هذا الوضع وجد الكاتب وزملاؤه في الفرقة أنفسهم مرغمين على إدخال بعض التعديلات، فألغوا في البداية جزءاً من الديكور، لكنهم وجدوا أنفسهم بعد عشرة عروض بدون ديكور، ولم يبق في الفضاء المسرحي حسب رواية الكاتب دائما إلا بعض الإكسسوارات ذات الضرورة القصوى. ثم أعقب هذا التعديل في الديكور تعديل مماثل في الأداء التمثيلي أيضا، يتلاءم مع الوضع الجديد، لأن رد الفعل لدى هذا الجمهور كان مختلفا تماما عما ألفوه من جمهور الصالات المغلقة، فهو لا يريد أن يكون منعزلا عن اللعبة وعن الممثلين، وهنا يتساءل علولة قائلا: «ما العمل عندما يكون المتفرج أمامك ووراءك ؟ لقد وجب إذن إعادة النظر فيما كان عليه أداء الممثل». وقد اكتشف الكاتب شيئا آخر في هذا الجمهور عندما لاحظ أن بعض المتفرجين كانوا يديرون ظهورهم للعرض، لكي يتسنى لهم حسب تفسيره التركيز على السمع، وهو ما جعله يستنتج من هذا السلوك أن ما يعنيهم بالأساس ليس هو ما يشاهدونه ولكن ما يسمعونه، ولاحظ أيضا أنهم كانوا يتمتّعون فعلا بطاقة إنصات وحفظ خارقة للعادة، وتجلى له ذلك من خلال النقاش الذي كان يتبع العرض عادة. يقول: «لقد كان بمقدورهم إعادة حوارات شبه كاملة لمشاهد برمتها». ويخلص في الأخير إلى القول: «عن طريق هذه التجربة التي استدرجتنا إلى مراجعة تصورنا للفن المسرحي، اكتشفنا من جديد حتى وإن بدا هذا ضربا من المفارقة الرموز العريقة للعرض الشعبي، المتمثل في الحلقة، إذ لم يبق أي معنى لدخول الممثلين وخروجهم، كل شيء كان يجري بالضرورة داخل الدائرة المغلقة، ولم تبق هناك كواليس، وكان يجري تغيير الملابس على مرأى من المتفرجين، وغالبا ما كان الممثل يجلس وسط المتفرجين بين فترتي أداء لتدخين سيجارة، دون أن يعجب من ذلك أحد».
الجمهور أستاذ علولة الأول
وعلى هذا النحو يمكن القول أن الأدوار انقلبت، فعوض أن يعلم الكاتب الجمهور، مثل ما يدعي معظم الكتاب الملتزمين، نجد علولة هنا يعترف بكل تواضع بأنه تعلم من الجمهور، وأنه اكتشف عن طريقه مسرح الحلقة، أو فن الدراما الشعبية، حيث يلتحم الممثلون والمتفرجون في بوتقة واحدة ليصنعوا معا فن الفرجة.. ولعل هذا الرأي يلتقي تماماً مع ما اكتشفه الكاتب المسرحي عبد القادر علولة الذي سنتحدث عن تجربته في الميدان العملي، وذلك حين يقول: «إن النقطة التي ننطلق منها لتحقيق المسرح المحكي ليست ماثلة في أن لنا تراثاً قصصياً يمكن إعادة تشكيله مسرحياً، وإنما القضية هي أن لدينا تراثاً قصصياً ذا طبيعة مسرحية، يصدر عن خيال مسرحي، وفهم متميز لمطالب المشهد، والموقف، والشخصية، وسائر عناصر البناء المسرحي، غير أنه كتب بأسلوب الحكاية (وليس الحوار)، لأن أسلوب الحكي كان الأسلوب المستقر والممكن، ولأن الأذن العربية هي الطريق المدرب لالتقاط الجمال (وليس العين)، ولأن التمثيل لم يكن نشاطاً فنياً اجتماعياً يتعامل مع المستويات الأدبية الكتابية». «وأخيراً، ليكن منطلقنا في رعاية هذه الظاهرة الفنية في تراثنا الحكائي ما ندعو إليه من تأصيل لفنون الإبداع العربية (المعاصرة والقادمة) بتحريرها من شروط أنتجتها حضارات أخرى».
لابد للمسرح من خدمة المشكلات الاجتماعية
مسرح علولة بين "الحلقة" و"القوال"
يعد المؤلف والمخرج المسرحي عبد القادر علولة واحد من أهم المخرجين الجزائريين بل العرب الذين يعملون على تكييف أفكار برشت وانجازات المسرح الملحمي للجمهور الجزائري من خلال ربطها مع المخزون الهائل من التراث والثقافة الشعبية العربية عموما . معتمدا على أهم وسائل التوصيل التي تحقق العلاقة الفعالة بين الفنان والمشاهد . ولهذا فانه يبحث في التراث الجزائري والعربي عن تلك الأشكال الماقبل المسرحية أو الدرامية وربطها بمفاهيم المسرح الملحمي لتكييفها حتى تنسجم مع متطلبات عرض مسرحي لجمهور ومجتمع ليس أوربيا .
وتحقيقا لهذا الهدف قام علولة بإحلال القوال بدلا من الراوي البرشتي الشرق الجذور أصلا ، حيث يمكننا أن نجدها في التراث الشعبي العربي وتراث المغرب العربي بالتحديد. ومهمة هذه الشخصية هي رواية وتمثيل الأحداث والقصص التاريخية التي لها مكانتها في الذاكرة الشعبية وكذلك الأحداث المعاصرة في الأسواق والساحات العامة وأماكن تجمع الناس الذين يشكلون جمهوره عادة. ويمكن حتى يومنا هذا مصادفة القوال في أسواق الجزائر والمغرب العربي الشعبية وهو يقص على الجمهور حكاياته التاريخية أو المعاصرة مازجا إياها ببعض المشاكل السياسية التي تثير جماهير السوق ..
وبهذا فإن الممثل في مسرحيات هذا المخرج أصبح قوالا ووظيفته "كراوية" أصبحت أكثر تأثيرا، عندما امتزجت بتقنية التجربة العالمية، بحيث أصبح القوال يلعب الدور الأساسي في الحدث.وأصبح العرض المسرحي سرديا وبهذا فإنه اقترب من المسرح الملحمي البرختي. فيقوم الراوي ( القوال ) بكسر مجرى الأحداث ليس في النص فحسب ( إن المخرج هو الذي يكتب مسرحياته عادة) وإنما في الأداء والعرض. ولهذا فإن الممثلين هم رواة أو قوالين، إضافة إلى كونهم يؤدّون أكثر من دور. (ويعتبر هذا متماشيا مع طبيعة الحياة الاجتماعية العربية و المسرح والجمهور العربي).
ومن اجل التأكيد على كسر الإيهام في الحدث والأداء، فإن علولة يمزج في عروضه بين ماهو واقعي وماهو رمزي وأحيانا خيالي (فنتازي)، بحيث يتمّ التأكيد للجمهور بأنهم في مسرح وأنّ هنالك ممثلون على الخشبة يروون حكاية ما. فالمسرح لا يكتفي بالسّرد من قبل الرّاوية وإنما يجب أن يخضع كل شيء لمتطلبات اللغة المسرحية بحيث يخدم المشكلة الاجتماعية. وبغية الوصول إلى تغريب الحدث والشخصية فإن المخرج الجزائري يعمد إلى خلق تلك المسافة بين الممثل والشخصية باستخدام صيغة الشخص الثالث كما هو الحال لدى برخت . أي أن الممثل يمثل الشخصية ويستعرضها بشكل مبدع وليس بشكل ميكانيكي . وبهذا فان الجمهور يمتلك تصوره عن الشخصية .
عمل علولة على تحقيق مسرح "الحلقة" شكلاً وأداء وإنتاجية وفرجة، بعد أن توصل من خلال الممارسة العملية إلى قناعة شخصية أن القالب المسرحي الأرسطي ليس هو الشكل الملائم الذي يستطيع أن يؤدي به رسالته الاجتماعية، في البيئة التي يتعامل معها، وقدم خلالها خمسة أعمال فنية ثرية.
ونتيجة لارتباط مسرح الحلقة بتراث وتاريخ الجمهور العربي يحتم فرض شكل ومضمون وتكنيك الفرجة المسرحية والتواصل مع الجمهور مما فرض أن يجري كل شئ داخل الحلقة المغلقة،. وفرض أيضا اختزال الديكور إلى ادوار ضرورية فقط .وتغير في تكنيك الأداء المسرحي أيضا، يتلاءم مع الجمهور الذي يحيط العرض والذي يصغي ويشاهد هذا السرد (الحكي) الذي يبنيه علولة في عروضه. وأصبح الممثل قريبا من الجمهور وحققا فن الفرجة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.