البطولة العربية لألعاب القوى (اليوم ال2): 17 ميداليات جديدة للجزائر    شركة بريطانية تتهم المغرب بالاستيلاء على مشروع قيمته 2.2 مليار دولار وتجره للعدالة    انعدام الأمن في فرنسا: تزايد الدعوات المطالبة باستقالة وزير الداخلية    ربيقة يلتقي بمدينة "هوشي منه" بنجل الزعيم الفيتنامي فو نجوين جياب    رئيس الجمهورية يهنئ سيدات نادي شبيبة القبائل عقب تتويجهن بكأس الجزائر لكرة القدم    جيش التحرير الصحراوي يستهدف مواقع جنود الاحتلال المغربي بقطاع البكاري    مراد يشيد بالجهود المبذولة في سبيل تطوير مختلف الرياضات بالجزائر    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    الرابطة الأولى "موبيليس": انطلاق موسم 2025-2026 يوم 21 أغسطس 2025    المعرض العالمي بأوساكا باليابان: الرقص الفلكلوري الجزائري يستقطب اهتمام الزوار    غلق طريقين بالعاصمة لمدة ليلتين    حجز 4 قناطير من الموز موجهة للمضاربة في تلمسان    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    صدور المرسوم الرئاسي المحدد للقانون الأساسي لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية    افتتاح الطبعة الرابعة لصالون البصريات و النظارات للغرب بمشاركة 50 عارضا    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    خمس سنوات تمر على رحيل الفنان إيدير بعد مسيرة حافلة دامت قرابة النصف قرن    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    اليوم العالمي للعمال: المكتب الإعلامي في غزة يطلق دعوة لوقف الإبادة الجماعية وحماية حقوق العمال الفلسطينيين    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    الكشافة الإسلامية الجزائرية : انطلاق الطبعة الثانية لدورة تدريب القادة الشباب    حملاوي تستقبل وفدا عن المنظمة الجزائرية للبيئة والتنمية والمواطنة    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    رئيس الجمهورية يوجه رسالة للعمال بمناسبة اليوم العالمي للشغل    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    وزير المجاهدين يمثل الجزائر في فيتنام ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    باخرة محملة ب12 ألف رأس غنم ترسو بميناء تنس في إطار برنامج استيراد أضاحي العيد    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    إدانة شخص بسبع سنوات حبسا نافذا بسوق أهراس    إسبانيا "محطة هامة" في مسيرة الحرية    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    جاهزية قتالية وتحكّم تام في منظومات الأسلحة الحديثة    رئيس الجمهورية يتلقى دعوة لحضور القمّة العربية ببغداد    الحصار على غزة سلاح حرب للكيان الصهيوني    المتطرّف روتايو يغذي الإسلاموفوبيا    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    250 رياضي من 12 بلدا على خط الانطلاق    قافلة للوقاية من حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن ثقافة النسيان
نشر في الجمهورية يوم 15 - 02 - 2016

عندما أستحضر بعض الوجوه الثقافية التي غابت عنا منذ سنوات قريبة فقط، ولم تعد حاضرة في راهننا الثقافي أطرح هذا السؤال بحزن، ومرارة: هل نحن مجتمع يحب النسيان إلى هذا الحد؟ لماذا نعمل على ترسيخه في وجداننا الثقافي ، فنشعر أن كل من يذهب عن الحياة نقبر جسده وندفن معه مساره الثقافي، ونقول لأنفسنا ولغيرنا: انتهى هذا الشخص من حياتنا، وصار مآله الهامش المخيف، وقد ينجو من هذه المقبرة الكبيرة اسم أو اسمين إلى أبعد حد، حيث نسمى جائزة باسمه كما حدث مع الراحلة آسيا جبار، أو نعقد ملتقى كبير " كما كان شأن ملتقى بن هدوقة للرواية في برج بوعريريج وأصبح الآن في خبر كان، ثم نقفل الملف ونطويه في سجلات النسيان.، ولكن لما الاستغراب والحسرة ونحن نهمِش الكتاب وهم على قيد الحياة ؟ ، بل نهجرهم هجراً وهم يعيشون بيننا، وكثيرا ما تأسفت بيني وبين نفسي أننا لم نتعلم كيف نرفع رموزنا إلى أعلى قمة، ونبوئهم المكانة التي يستحقون، ولماذا ليس عندنا مثلما هو الشأن في فرنسا " أكاديمية جزائرية" على شاكلة الأكاديمية الفرنسية" مثلا أو " البانتيون للخالدين والخالدات، فهكذا تعظم الأمم العظيمة رموزها الثقافية والأدبية لأنهم رأسمالها الرمزي، ومعلم حضارتها، ورقيها الثقافي، وإذا كان هؤلاء الكتاب من طينة عارفة ومتواضعة فلا يبحثون عن الظهور في كل آن ووقت، وبمناسبة أو من دونها وهي سمة أهل العلم النافع والمعرفة النفيسة، إنهم أكثر ما يكرهون لباس ثياب النجوم، فثقافتهم العالية لا تسمح لهم بذلك، بل تخلق بداخلهم تواضعا جميلاً فلا يهمهم إلا أن يقدموا ما يخدم الآخرين، لا ما يخدم أنفسهم.
رحل الكثير من مفكرينا وكتابنا الكبار والمهمين دون أن نشعر أنهم كانوا معنا بالفعل، اجتهدوا وترجموا وكتبوا وقدموا ما يفيد الفكر والأدب وينفعنا في توعية عقولنا دون أن نشعر أننا بعد رحيلهم أو حتى قبل رحيلهم منحناهم ما يستحقون، قدرنا دورهم كما يليق بمقامهم الزكي، بل الأدهى والأمّر أننا لم نستفد حتى من تجربتهم العميقة ومن خبرتهم الكبيرة كما ينبغي، أتذكر الراحل الدكتور" أبو العيد دودو" وهو يخبرني بالهاتف أنه ترجم منذ سنوات رواية " الحمار الذهبي" لابوليوس، وأنه في تلك الفترة لم يجد من ينشرها له، كان الدكتور دودو أستاذي في الجامعة وصديقي في الأدب وكان أول من عبر لي عن إعجابه بروايتي الأولى " المراسيم والجنائز" ، ولقد أخبرني أنه كتب عنها في يومياته التي لا أظن سترى يوما النور، والتي كان حريصا على أن يدون فيها كل ما يحدث له أو يفكر فيه، أذكر كيف فرحت بترجمته وكنا حينها جمعية ثقافية ولائية صغيرة ، وأذكر كيف نشرنا كتابه المترجم بديون بقيت تطاردنا من المطبعة لفترة طويلة، لكن الأمر لم يكن هنا، كان دودو مترجما بارعا من لغة لم يكن يحسنها في العالم العربي إلا قلة قليلة، ومع ذلك كان يجد صعوبة في النشر حتى واتاه الأجل " وأتذكر أنه قبل وفاتة بأسبوع كان يتحدث لي بالهاتف عن ترجمة لقصائد للشاعر الألماني " ريلكه " ، وكنت أحثه بمحبة أن يترجم للشاعر البرتغالي " فرناندو بيسوا " وكان يضحك كثيرا من اسم هذا الشاعر الأخير الذي ترجم له قصائد جميلة هو الآخر، رغم أنه قدم ما عليه من ترجمات مدهشة كثيرة للمكتبة الجزائرية، ولكنه كان قادرا على أن يغني أكثر المكتبة العربية بترجمات من هذه اللغة العظيمة الجميلة لو كان المناخ الثقافي يسمح بذلك، ولو كنا نقدر المبدع أحسن تقدير، ليس دودو هو الاستثناء فلقد تشكلت عندنا فرديات مبدعة كثيرة اعتمدت على إرادتها الشخصية وتمكنها المعرفي الذاتي وقدمت ما لم تقدمه مؤسسات ضخمة تصرف عليها الملايير دون جدوى، فبربكم أية مؤسسة كانت قادرة على كتابة التاريخ الثقافي للجزائر كما فعل المرحوم أبو القاسم سعد الله مثلا؟ هذا الشخص المؤسسة، التجربة الفريدة والمتميزة يستحق أن نسمي جامعة باسمه، وأن نؤسس جائزة للبحوث التاريخية باسمه على الأقل كي نقول له نحن نحب ثقافة الاعتراف، وليس ثقافة النسيان، نحن بحاجة ماسة لثقافة الاعتراف التي تؤسس لتقاليد حضارية وترسخ معاني ثقافية رفيعة في بلدنا، نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر محبة لهؤلاء المبدعين الذين يقدمون في النهاية معرفتهم في سبيل توعية الآخرين وتطوير رأسمالنا الثقافي، وإلا فإننا سنستمر في قتل المبدعين وهم أحياء.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.