على مقاعد الدراسة، اختار طريق النضال والمقاومة على خطى شقيقه القائد زياد العامر الذي أسس وقاد مجموعات الفهد الأسود خلال انتفاضة الحجر، ورغم صغر سنه، طارد الاحتلال الطالب محمد إبراهيم عمار حتى اعتقل بسن 15 عاماً، ومن يومها لم يتوقف الاحتلال عن استهدافه وعائلته التي قدمت الشهيد والجريح ولم يسلم أحد منها من المطاردة والاعتقال الذي تذوق مرارته عدة مرات أخرها رغم حصوله على عفو رسمي من الاحتلال الذي زجه خلف القضبان حتى أنهى محكوميته، وقبل أن تكتمل فرحته بالحرية وعودته لعائلته المكونة من 6 أنفار، اعتقل الاحتلال ولديه البكر أيسر وأيهم اللذان لا زالا يقبعان خلف القضبان. عائلة مناضلة.. في مخيم جنين، أبصر الأسير المحرر محمد النور قبل 43 عاماً، فعاش معاناة أبناء شعبه وجيله بفعل ممارسات الاحتلال، فكان شقيقه الشاب المناضل زياد العامر من أوائل الذين تمردوا على الاحتلال وحمل راية المقاومة كما يقول محمد " انتمى زياد لحركة فتح، وعندما ارتكب الاحتلال الجرائم والمجازر خلال انتفاضة الحجر، أسس مع رفاقه مجموعات الفهد الأسود، فقاتل حتى اعتقل وهدم منزلنا وحوكم مؤبد، تحرر في صفقة أوسلو وتزوج وأسس أسرة "، ويضيف " شارك كل أشقائي في مقاومة الاحتلال وتعرضوا للمطاردة والاعتقال في الانتفاضة الأولى، وعندما اندلعت شرارة انتفاضة الأقصى، تقدم زياد الصفوف وساهم في تأسيس وقيادة كتائب شهداء الأقصى ومقاومة الاحتلال حتى استشهد في اليوم الأول من معركة نيسان في مخيم جنين والتي استشهد خلالها عمتي سميرة الزبيدي وابنها القائد طه الزبيدي، بينما اعتقل أبنائها يحيى وجبريل وبقي زكريا مطاردا ومستهدفا وادرج الاحتلال اسمي ضمن قائمة المطلوبين. اعتقالات متتالية.. وسط هذا الواقع، نشأ وكبر محمد، وخلال تعليمه في مدارس وكالة الغوث، التحق في صفوف حركة "فتح "، وأصبح ناشطا في مقاومة الاحتلال في ذروة تصاعد وتيرة انتفاضة الحجر، ويقول " ربتنا والدتي المناضلة أم زياد أطال الله بعمرها على قيم النضال وروح الانتماء للوطن والارتباط بالأرض ورفض الاحتلال والتمسك بحق العودة، فشاركت مع رفاقي المناضلين في المسيرات والمواجهات حتى أصبحت مطلوباً "، ويضيف " اعتقلت المرة الأولى عام 1990، وأنا بعمر 15 عاماً، تعرضت للتحقيق وحوكمت رغم كوني قاصر مدة عام قضيتها في سجون الأشبال، وبعد تحرري عدت للمدرسة لإكمال دراستي الثانوية "، ويكمل " بعد عام، اعتقلني الاحتلال مرة ثانية وأمضيت خلف القضبان عامين ونصف. انتفاضة الأقصى.. تزوج محمد، ورزق بالأبناء وأكمل حياته حتى اندلعت انتفاضة الأقصى، ويقول " لم يكن أمامنا خيار سوى مقاومة الاحتلال وخوض المعركة، فشاركت في الدفاع عن شعبنا والمخيم بقيادة شقيقي القائد زياد حتى أصبحت مطلوباً مثله، وأصبحت محروماً من رؤية عائلتي وأطفالي "، وتضيف " استشهاد زياد شكل صدمة لنا، لكنه حفزنا على مواصلة المشوار، فاستمر الاحتلال باستهدافي حتى تعرضت للإصابة برصاص الوحدات الخاصة في قدمي اليمني عام 2005، عندما اقتحمت بيت عزاء الشهيد فداء قنديل أثناء تواجد مجموعة من المطاردين وقادة المقاومة "، ويكمل " أطلقت الوحدات الخاصة النار بغزارة، فاستشهد الإبطال أسامة الطوباسي وعمار الحنون ومحمود السعدي واحمد نغنغية، وأصيب 17 شاباً بين جراح متوسطة وطفيفة وقضيت عدة شهور في العلاج من اثر الإصابة. العفو والغدر.. في ظل الحديث عن التهدئة وترتيب الأوضاع والعودة للمفاوضات، وافق الاحتلال على العفو عن المطلوبين عام 2007 شريطة التزام المقاطعة وعدم حمل السلام والمشاركة في أي فعاليات، ويقول محمد " التزمنا بشروط الاتفاق بشكل كامل حتى حصلنا على عفو كامل مع السماح بالعودة لمنازلنا وممارسة حياتنا، فعشنا بشكل طبيعي حتى تعرضنا للغدر من قبل الاحتلال الإسرائيلي "، ويضيف " في مطلع عام 2013، حاصرنا الاحتلال دون مبرر، واعتقلني مع أصدقائي شادي أبو صويص ومحمد نغنغية ورائد ضبايا وعلى الفور الغي العفو عنا رغم التزامنا بالاتفاق ونقلونا للتحقيق. خلف القضبان .. فشلت كل جهود السلطة الوطنية للإفراج عن محمد ورفاقه والالتزام بقرار العفو، ويقول " تم اثارة قضيتنا على أعلى المستويات، لكن الاحتلال أصر على اعتقالنا والتحقيق معنا، فاحتجزت 50 يوماً في أقبية التعذيب في سجن الجلمة وتعرضت للتحقيق على تهم تتعلق بالقضايا التي حصلنا على عفو عنها "، ويضيف " على مدار 20 شهراً عانيت بين المحاكم حتى حوكمت بالسجن الفعلي لمدة 3 سنوات وغرامة مالية بقيمة 2000- شيكل – (مايقارب 600 دولار امريكى)، وتنقلت مابين سجني مجدو وجلبوع حتى أفرج عني. حياة صعبة ويقول الأسير المحرر محمد العامر الحياة الاعتقالية خلف القضبان في الوقت الراهن، صعبة جدا على صعيد السياسة والمعاملة والممارسات والعقوبات التعسفية خاصة المنع الأمني الذي يطال غالبية الأسرى "، ويضيف " في بداية اعتقاله، منعوني من الزيارات 6 شهور، وهذه مرحلة مؤلمة وأصعب من السجن والتحقيق خاصة عندما تجلس وحيداً في الغرفة وتشاهد باقي الاسرى يزورون حيث يتحكم السجان بحياتنا "، ويكمل " بعد معاناة تمكنت من رؤية أسرتي، لكني أعيش اليوم نفس الوجع لان الاحتلال يحرمني من زيارة ولداي. وجبات الطعام .. يوضح المحرر محمد، أن الأسرى يعيشون على حسابهم في السجون بسبب سؤ وجبات الطعام نوعاً وكماً، ويقول " يتعمدون تقديم الطعام السيئ حتى نشتري من الكانتين على حسابنا بأسعار عالية ومرهقة للأسير وعائلته، ونقوم بطهي الطعام على البلاطة داخل الغرف وهناك تعاون بين الاسرى لنعيش حياة طبيعية بالحد الأدنى "، ويضيف " حتى الملابس منعتنا الإدارة من إدخالها ولا يوجد أمامنا خيار سوى الشراء من الكانتين بأسعار باهظة جدا، كذلك، أدوات التنظيف لا توفرها الإدارة ونعاني من انتشار الحشرات والبق وغيره. الإهمال الطبي.. يؤكد المحرر محمد، أهمية الدعم المستمر للأسرى المرضى الذين يتعرضون للموت البطيء من خلال الإهمال ورفض علاجهم، مشيراً إلى المخاطر الكبيرة التي تواجه المصابين بإمراض مزمنة ومضاعفات دائمة، ويقول " العلاج يقتصر على حبوب الاكمول لكل أنواع المرض، ولا يوحد رعاية طبية والمريض ينتظر فترة طويلة للخروج للعيادة التي لا توفر الأدوية والطبيب المختص، وبألم اقول كل أسير معرض للموت او انتكاسات خطيرة بسبب سياسة الإهمال الطبي المبرمجة. السجان الحاقد.. "بالأمل والإرادة والعزيمة، يواصل الأسرى حياتهم في غرفهم الاعتقالية ".. يقول المحرر محمد " فرغم القصص المؤلمة لكل واحد منا، نسعى لاستعادة الفرح ومواصلة الحياة بطقوسنا وتقاليدنا ولقضاء وقت جميل نغادر فيه دائرة الوجع وذكريات الألم، لكن الاحتلال ينغص علينا أوقاتنا المرحة والفرحة بالمداهمات والقمع والتنكيل والعقوبات "، ويضيف " يريد أن يتحكم السجان الحاقد حتى بضحكاتنا لانه لايريد أن يرى الفرحة على وجوهنا كونها تعبر له عن قوتنا وصلابتنا وحبنا للحياة والفرح وفشل محاولاته لحبس أرواحنا وأنفاسنا، لكننا نصبر ونتحدى ونستمر لان حياتنا وضحكاتنا رغم آلامنا ستبقى بارقة أمل لكل سجين خلف تلك القضبان. الأبناء بعد الأب .. بعد تنسمه عبير الحرية، عاش المحرر محمد العامر، ألم ووجع اعتقال ولديه أيسر 19 عاماً وأيهم 18 عاماً، ويقول " اقتحموا المنزل واعتقلوهما واحد تلو الآخر، ورغم تجربتي نبقى كبشر نتألم ونحزن عندما يتعرض أبنائنا للاستهداف، فكان اعتقالهما صعب جداً لمعرفتي بماهية السجون الإسرائيلية وما يتعرض له الأسير "،ويضيف " ما زلت معاقب بمنع زيارتهما، بينما يستمر الاحتلال باحتجازهما في قسم الأشبال في سجن مجدو، والحمد لله، لم ينال السجن والسجان من عزيمتهما ومعنوياتهما فقد صمدا وكبرا قبل أوانهما واصبحا من أبطال الحركة الأسيرة التي سنبقى نعمل ونناضل حتى كسر قضبان سجونها وتحرير جميع أبطال شعبنا خلف القضبان "، ويكمل " رسالتي كوالد لأبنائي وللأسرى : الصبر والإرادة والأمل، كونوا ثابتين واصمدوا فنحن لها ومعكم ولن يغلق السجن بابه على أحد.