الجزائر تعيش مرحلة جديدة من التنمية    اتفاقية بين الجزائر وقطر    آيت مسعودان يؤكّد ضرورة تجسيد رؤية مشتركة    وزير الفلاحة: قسنطينة تحقق محصولا استثنائيا من الحبوب هو الأكبر منذ الاستقلال    وزير الداخلية يعلن إعادة 17 قطار "كوراديا" إلى الخدمة بعد صيانتها    دورة تكوينية في الملكية الفكرية    وزير الصناعة يترأس اجتماعا    وزارة البريد تطلق مسابقة "أحسن محتوى رقمي تاريخي" بمناسبة الذكرى ال71 لاندلاع الثورة    70 عاماً على إدراج القضية الجزائرية في الأمم المتحدة    عن "سلام" ترامب المزعوم في غزّة    الإعلام… و"حُثالة الذكاء الاصطناعي"    صادي يُشدّد على تحسين إدارة الأندية    وزير الداخلية يشرف على إطلاق مشاريع تنموية جديدة بولاية النعامة    865 نقطة سوداء مهددة بالكوارث الطبيعية عبر الوطن: وزارة الداخلية تكشف خطة وطنية للوقاية    حملة وطنية لحماية الأطفال من حوادث المرور تحت شعار "ضاعف الحذر.. الطفل لا يدرك الخطر"    وزير الاتصال يشدد على الإسراع في إعادة هيكلة مؤسسات الطباعة وإيجاد حلول لأزمة ورق الجرائد    مبروك زيد الخير يبحث مع وزير الأوقاف القطري سبل تفعيل العمل الديني المشترك    الجامعة سترافق أصحاب المشاريع من خلال تمويل النماذج النهائية    كانت عهدة الوفاء لهوية الجزائر وتاريخها النضالي    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة    هلاك 8 أشخاص وإصابة 205 آخرين    سكيكدة : انقاذ عامل من انهيار ترابي    عمال ميناء جنوة يتبنّون"أسطول الصمود العالمي    يعزي في وفاة الفنان فوزي صايشي    عهدة الجزائر بمجلس الأمن كانت وفاء للهوية والقيم الأممية    فتح التسجيلات في القوائم الاحتياطية للتكوين شبه الطبي    سفير الجزائر في الترويج للموروث المحليّ    مساع لضبط المنتجات الفلاحية بعنابة    "عدل" تقترح تسديد المستحقات الشهرية إلكترونيا    ناصري يبرز متانة العلاقات الجزائرية - الفيتنامية    تاشريفت يتفقد مركز تجهيز معطوبي الثورة التحريرية    25 حرفيا في معرض للمنتجات التقليدية بالبليدة    دعوة للتقليل من مسببات الفيضانات    نادي "العقيبة" يواصل التعثر    "الفاف" تدعو لمساندة "الخضر" وتشدد على رقابة الأندية    الترجمة بين الإنسان والآلة    التسامح مفتاح الحياة    أداء ثنائي مكثف يطرح أسئلة الاغتراب والمعنى    الإصابات تخلط أوراق بيتكوفيتش قبل مباراتي الصومال وأوغندا    مروِّجو مخدرات في قبضة الشرطة    عشرات الآلاف من النازحين في الشوارع بلا خيام أو مأوى..شهداء بنيران الاحتلال ونسف مبان في غزة    تابع لمجمع "صيدال".. إطلاق مشروع لإنتاج اللقاحات في عنابة    الساورة والرويسات يحافظان على الريادة    عمار بن جامع مثّل الجزائر باقتدار داخل أروقة الأمم المتحدة    فتاوى : إتيان بركعة بعد سلام الإمام وسجود للسهو    من أسماء الله الحسنى.. "البر"    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي : تكريم المخرج الراحل محمد الأخضر حمينة    (كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ)    التعارف في سورة الحجرات    وزير الصحّة يأمر بالاستماع لانشغالات المواطن    الإنسان الفلسطيني يجسد البطولة    العناية بالمواطن حقا أساسيا مكرسا في دستور الجمهورية    رسالة إليك أيها المعلم..    خطة جزائرية للاستفادة من محترفي أوروبا في كأس العرب    استعدادا لكأس أفريقيا.. وديات نارية ببرنامج المنتخب الوطني    وزير الصحة: تحسين المنظومة الصحية يمر عبر المتابعة الميدانية والاستماع لانشغالات المواطنين    الفوز الأوّل للشبيبة    وزيرة الثقافة تفتتح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة مجددا.. توجهات أمريكية خطيرة وقصيرة النظر
نشر في الحياة العربية يوم 26 - 02 - 2025

مجددا، أشدد على أن إدارة دونالد ترامب ستتصرف بغير حكمة في الشرق الأوسط، إذا هي احتضنت أجندة التهجير التي يتبناها اليمين الإسرائيلي المتطرف على حساب الحقوق الفلسطينية. فهي بذلك ستخاطر بالعلاقات المستقرة بين الولايات المتحدة وبين مصر والأردن، وستقوض آفاق إحياء الحلول السلمية وفرص التطبيع في الشرق الأوسط. ولن يحدث أي من الأمرين أبدا دون حل مشروع للقضية الفلسطينية.
فمازالت تداعيات تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي حث فيها مصر والأردن على استقبال الفلسطينيين "لتطهير" غزة تثير ضجة وتستدعي العديد من ردود الأفعال في الشرق الأوسط.
جاءت هذه التصريحات في وقت لم تستقر فيه ترتيبات وقف إطلاق النار في غزة ولبنان بعد، وما زالت المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار التي تشتد الحاجة إليها تكافح للوصول إلى المحتاجين. إن احتمال تهجير السكان الفلسطينيين يقدم مزيجا خطيرا من الاستقطاب وعدم الثقة وعدم الاستقرار الإقليمي الذي من شأنه أن يرتب نتائج كارثية لجهة الأوضاع الأمنية والسياسية في الشرق الأوسط، ويقوض القانون الدولي، ويؤثر بشدة على الشركاء العرب الرئيسيين للولايات المتحدة.
تكافئ تصريحات ترامب اليمين المتطرف الإسرائيلي على حرب الدمار التي شنها ضد غزة على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية. كما إنها تشير إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة ليس لديها اهتمام كبير بحشد المساعدات أو إعطاء الأولوية لجهود الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين للانتقال من وقف إطلاق النار الحالي إلى هدنة طويلة الأمد وإحياء مفاوضات السلام التي تركز حول حل الدولتين.
وتترجم تصريحات ترامب سياسيا ومن قبل الدولة العظمى الهدف النهائي لسياسة الحكومة اليمينية المتطرفة: جعل قطاع غزة غير صالح للسكن ودفع الفلسطينيين إلى مصر والأردن. وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش سريعا في الإشادة بتصريحات ترامب والإعلان عن أن مجلس الوزراء سيضع خطة «لتشجيع» الفلسطينيين على مغادرة غزة أو عدم العودة إليها.
على المستوى العالمي، يتناقض التهجير مع القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة الملزمة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتي تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير في أراضيه. والواقع أن تصريحات «تطهير» غزة، إذا ما نظرنا إليها باعتبارها بيانا سياسيا، تلغي الحقوق الفلسطينية وتشجع جريمة التهجير.
إدارة دونالد ترامب ستتصرف بغير حكمة في الشرق الأوسط، إذا هي احتضنت أجندة التهجير التي يتبناها اليمين الإسرائيلي المتطرف على حساب الحقوق الفلسطينية
وهي، من جهة أخرى، تمثل تراجعا عن عملية السلام في الشرق الأوسط التي بنيت على مبدأ الأرض مقابل السلام، الذي يضمنه قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على طول الحدود التي حددتها الأمم المتحدة في عام 1967. وقد رد العديد من الرسميين العرب على تصريحات ترامب بالرفض القاطع. أما المسؤولون السعوديون قد أرفقوا رفضهم الصريح لتصريحات ترامب بالتشديد على أن المملكة لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل، وهو ما ضغطت من أجله الإدارات الأمريكية السابقة، إلا إذا تم ضمان إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
أما في مصر والأردن، أي في الدولتين اللتين حثهما ترامب على استقبال المزيد من الفلسطينيين، كان الرد هائلاً وواسع النطاق، من قبل قادة الحكومات والمثقفين والمؤثرين والمواطنين العاديين على حد سواء. رفضت القاهرة وعمان على الفور هذه التصريحات باعتبارها انتهاكا لسيادتهما الوطنية وإنكارا للحقوق الفلسطينية المشروعة. كانت البيانات والافتتاحيات والمقابلات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تغطي الطيف الإيديولوجي متحدة في معارضتها لتصريحات ترامب. وفي مصر، لاحظ مراقبو الحالة السياسية في البلاد بشكل خاص الدعم الفوري الذي قدمه بعض أشد المعارضين في المنفى لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي. فعندما يتعلق الأمر بحماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها، فإن اعتبارات الوطنية المصرية تسمو على كل ما عداها من أمور وتدفع إلى عدم الالتفات إلى الخلافات السياسية أو اختلافات الموافق.
ولأن لدى مصر والأردن معاهدات سلام وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فإن ذلك يجعل من تصريحات ترامب أكثر تحديًا ويرتب عليها من الآثار ما يتجاوز مجرد رفض تهجير الفلسطينيين. ولقد حافظت الدولتان على التزامهما بالسلام مع إسرائيل طيلة حرب غزة، ولعبتا دوراً بناء في التوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين (مصر) أو في احتواء تهديدات حرب إقليمية موسعة (الأردن). ولقد تمسكت القاهرة وعمان بالتزامهما بالسلام باعتباره المبدأ الاستراتيجي لسياساتهما الخارجية، حتى في حين كانت الحرب الإسرائيلية في غزة تدمر القطاع، وتخلف مأساة على سكانه، وتنتقل إلى مسرح إضافي في الضفة الغربية، وتهدد أمن الحدود في البلدين. كما أن القاهرة وعمان أشارتا باستمرار إلى عزمهما على العمل مع الشركاء لتحقيق الاستقرار في غزة والضفة الغربية، والعمل في الشرق الأوسط لإحياء محادثات السلام والتطبيع.
لقد حافظت مصر والأردن على علاقات تعاون وشراكة مع الولايات المتحدة ودعمتا جهود احتواء الصراعات في الشرق الأوسط، خاصة في الأشهر الخمسة عشر الماضية. وخلال حرب غزة، عملت مصر مع المسؤولين الأمريكيين على تنفيذ الضمانات الأمنية لخفض التصعيد على طول الحدود مع إسرائيل، وخاصة في ممر فيلادلفيا منزوع السلاح. ومن جهة أخرى، شاركت الأردن في الجهود التي قادتها الولايات المتحدة لإسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية في الهجومين اللذين شنتهما الجمهورية الإسلامية ضد إسرائيل.
تتجاهل تصريحات ترامب وتوجهات إدارته حقيقة مفادها أن الركيزة الأولى للسياسات المصرية والأردنية كانت دائما وستظل حماية سيادتهما الوطنية وعدم قبول أي محاولة لتقويضها من خلال تهجير الشعب الفلسطيني. والركيزة الثانية كانت دعم القاهرة وعمان الطويل الأمد للتطلعات الوطنية الفلسطينية ولإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.