الاهرام المصرية سمعت بالصدفة في محطة إذاعية بالسيارة، مواطنا يتصل بمقدم البرنامج ويصرخ فيه ويطالبه بإفساح المجال والوقت له لينبه قيادة الدولة الى ضرورة إغلاق مواقع الفيسبوك والتويتر، باعتبارهما أدوات تحريض وتأليب الرأي العام ضد كل ما تتخذه الدولة من قرارات ومراسيم واتفاقيات. المواطن قدم نفسه للمذيع بوصف واسم غريبين ، فقال :«وظيفتى خائف على مصر واسمى أمين عليها». وزيادة فى المزايدة، طالب المواطن بمحاسبة الإعلام المنفلت الذى حمله كل خطايا السلطة، واتهمه بتعريض سمعة مصر فى الخارج للخطر وتأليب العالم لاتخاذ مواقف متشددة ضدها بسبب ما ينشره من قضايا مثارة. كما اتهم الإعلام بإثارة قضايا مقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجينى وجزيرتى تيران وصنافير وغيرها، ثم ينصح الدولة بتكميم الأفواه والإعلام حتى لا يعرف العالم شيئا عن مصر. ويضرب المواطن مثلا غريبا جدا ليدلل على نصائحه، إذ يطالب الإعلام بأن يكذب على الشعب وأن يكتب ما تطلبه السلطة فقط، من أجل الحفاظ على كيان مصر وعدم تعريضها للخطر عالميا، كأن تكذب الأم على ابنها وتبلغه أن والده الذى يعالج من مرض عضال بالمستشفي، فى مهمة بالخارح فى الوقت الذى يستعد فيه الابن لامتحان الثانوية العامة. فالكذب هنا مبرر ولمصلحة الابن لكى يؤدى امتحانه بعيدا عن الضغوط النفسية والعصبية لمرض والده. هذا بالضبط ما طلبه المواطن المتصل بالبرنامج الذى لم يكفيه عدد الإعلاميين المطبلين فى البلد ، ليكيل اتهامات عديدة للإعلام «المهني» وبسببه قد يتعرض الوطن لمخاطر التدخلات الأجنبية ومنع المساعدات الدولية.. وللأسف إذا كان «المواطن الأمين» خاف على مصر ونصح قيادتها بقهر الإعلام وتخوينه علانية وتهديده بقطع ألسنته، فإن بعض المسئولين بمصر يتبنون وجهة نظر المواطن المسكين. ويدعى هؤلاء أنهم يرون الأمور من زاوية تختلف عما يراها الإعلاميون، فالمسئولون أخيار وأمناء على مصر، في حين يقع الإعلاميون تحت خانة «الأشرار والخونة والجهلاء». ونسى المواطن الأمين ومعه بعض المسئولين، أن الإعلام ناقل للحدث وليس صانعه، وأن الإعلامى يعبر عن الواقع وليس جزءا من المشهد الذى يصنعه المسئولون أنفسهم. ولدينا ما يكفى من القرائن للتدليل على هذا، ولكن جوقة معينة من ضعاف النفوس البشرية والذين يصفون أنفسهم بأنهم «مسئولون» يدمرون الدولة بأفكارهم الرجعية، ونسى هؤلاء أن الإعلام المتهم بالتخوين هو نفسه الذى حرك 25 يناير، ولولاه أيضا ما كانت 30 يونيو بعكس ما يتردد عن قوة «تمرد» وغيرها آنذاك.