الإعلام الوطني مُطالبٌ بأداء دوره    الإعلام الوطني صائنٌ للسيادة والهوية    حملاوي تدعو إلى تفعيل لجان الأحياء والقرى    تنصيب المجلس العلمي الوطني للأمن الغذائي    اتفاقية تنظم عملية تبادل البيانات    الفلاحة رهان الجزائر نحو السيادة الغذائية    سياسة الجزائر نموذج يحتذى به    وزارة السكن تتحرّك لمعالجة الأضرار    مئات الاعتداءات على شبكة الكهرباء بالبليدة    من نظرية علمية إلى رفيق فعّال في مكافحة السرطان    التلقيح ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة    تحويل 9 ولاة وترقية ولاة منتدبين وأمناء عامين    سيلا يفتح أبوابه لجيل جديد    المولودية تتأهّل    منع وفد من قيادة فتح من السفر لمصر..93 شهيداً و337 إصابة منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار    مراجعة دفتر شروط خدمات النّقل بالحافلات    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    رقم أعمال سوق التأمين يقارب 100 مليار دينار    تكثيف الوساطة لاستحداث مناصب عمل للشباب    ناصري يشارك في قمّة تمويل المنشآت في إفريقيا بلواندا    إبراز اهتمام الجزائر بالدبلوماسية الوقائية لإرساء السلام في العالم    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    الطبعة ال 28 لمعرض الجزائر الدولي للكتاب: المحافظة السامية للأمازيغية تشارك ب 13 إصدارا جديدا    في مهرجان الفيلم ببوتسوانا.."الطيارة الصفرا" يفتك ثلاث جوائز كبرى    سطيف..إعادة دفن رفات 11 شهيدا ببلدية عين عباسة في أجواء مهيبة    مباشرة حملات تلقيح موسعة ضد الدفتيريا بالمدارس    حملات مكثّفة لضبط المخالفين وحماية المواطنين    10 فرق في التجمع الجهوي    إصابة محرز وبلغالي قد تخلّط أوراق بيتكوفيتش    العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    الفاشر.. صراع دام بعيد عن أعين الإعلام    ضرورة إدماج مفهوم المرونة الزلزالية    حوارات في الذاكرة والهوية وفلسفة الكتابة    نسمات المهجر وطلة الصحراء ووقفات أخرى    دُور نشر تغازل القارئ كمّاً ونوعاً    ميزانُ الحقِّ لا يُرجَّحُ    الرياضي الصغير.. بذرة النخبة الوطنية    جامعة "بوقرة" ترافع من أجل أسلوب حياة صحيّ وسليم    دعوة إلى ضرورة التلقيح لتفادي المضاعفات الخطيرة : توفير مليوني جرعة من اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية    الشبيبة تتأهل    الشباب المغربي قادر على كسر حلقة الاستبداد المخزني    تم غرس 26 ألف هكتار وبنسبة نجاح فاقت 98 بالمائة    تنظم دورة تكوينية دولية بالعاصمة في مجال طب الكوارث    فلسطين : المساعدات الإنسانية ورقة ضغط ضد الفلسطينيين    ركائز رمزية تعكس تلاحم الدولة مع المؤسسة العسكرية    إكينور" النرويجي يبدي اهتمامه بمجالات البحث, والاستكشاف    الإطلاع على وضعية القطاع والمنشآت القاعدية بالولاية    يجسد التزام الجزائر بالعمل متعدد الأطراف والتعاون الدولي    توظيف خبرات الكفاءات الوطنية في خدمة المسار التنموي    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    معيار الصلاة المقبولة    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان السكوت للجميع
نشر في الحياة العربية يوم 25 - 05 - 2016


الشرق القطرية
حين يهدد رئيس البرلمان بمعاقبة النواب الذين ينتقدون سياسة الحكومة في مصر، فإننا نصبح إزاء كارثة متعددة الأوجه، ذلك أننا نفهم أن البرلمان هو المكان الوحيد الذي يستطيع النواب أن يعبروا تحت قبته عن كل ما يعن لهم من آراء، في حماية الدستور الذي أضفى على كلامهم حصانة خاصة لا تتوافر لغيرهم. لكننا فوجئنا برئيس البرلمان الذي هو أستاذ للقانون الدستوري بالأساس يطلب من أعضاء البرلمان عدم انتقاد السياسة النقدية، ويهدد بمعاقبة من يجرؤ على ذلك. وقد أعلن ذلك في جلسة علنية قال فيها إن لجنة القيم في انتظار أي نائب يهاجم السياسة النقدية. ولم تكن تلك الصدمة الوحيدة، لأن الدكتور علي عبدالعال، أراد أن يكحلها فأعماها كما يقول المثل الشائع، إذ إنه بنى تهديده على حجة خلاصتها أن بعض النواب الذين ينتقدون سياسة البنك المركزي يتلقون تدريبات في بعض المراكز المتخصصة التي تتبنى سياسة مرسومة تستهدف «هدم الدولة». وتبين أن من بين المراكز «المشبوهة» التي أشار إليها "مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية" بمؤسسة الأهرام. صدمنا الدكتور عبدالعال أيضا حين ذكر أن تقييد حرية التعبير معمول به في ديمقراطيات العالم واستشهد بالولايات المتحدة أثناء حرب الخليج، وكيف أن الشعار الذي رفع آنذاك كان يرفض أن يرتفع صوت فوق صوت الرقيب العسكري. في مفارقة مدهشة قارن فيها رئيس البرلمان بين انتقادات بعض النواب للسياسة النقدية المصرية تحت قبة البرلمان أو في البرامج التليفزيونية وبين قيادة الولايات المتحدة لتحالف ضم 34 دولة لتحرير الكويت من الغزو العراقي.
أساء الدكتور عبدالعال إلى نفسه وإلى مجلس النواب، حين تصرف كناظر مدرسة وتعامل مع النواب باعتبارهم تلاميذ يتلقون التعليمات التي تحدد لهم ما ينطقون به وما يسكنون عليه. ورغم أن الحجج التي أوردها مردود عليها، فإن دعوته إلى إسكات النواب وترهيبهم تظل الأخطر، ليس فقط في ذاتها ولكن أيضا في سياقها ودلالاتها.
إذ في حين نشرت جريدة «الشروق» مع الصحف الأخرى تحذيرات رئيس البرلمان وتهديداته يوم الإثنين 23/5 فإن العدد الصادر في اليوم التالي (24/5) تضمن على صفحته الأولى خبرا تحت العنوان التالي: وزير العدل للقضاة: ممارسة السياسة ممنوعة قولا وفعلا. وكان ذلك أبرز ما صرح به وزير العدل في لقاء له مع وفد نادي القضاة، لأن حظر ممارسة القضاة للسياسة أمر مفروغ منه، رغم أن وزير العدل الذي أقيل في السابق كان يتصرف باعتباره زعيما سياسيا، إلا أن الجديد في الحظر التحذير من مجرد التعبير عن الاهتمام بالسياسة وليس ممارستها. يؤيد ذلك أن النائب العام أصدر في 3 مايو الحالي كتابا دوريا عممه على أعضاء النيابة العامة طالبهم فيه بعدم التدوين على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أي أحداث تتسم بالطابع السياسي أو حتى التعبير عن الإعجاب بأي صفحات أو أخبار ذات دلالة سياسية. وذكر في كتابه الدوري أنه «تلاحظ في الآونة الأخيرة قيام بعض أعضاء النيابة العامة بالتدوين على المواقع الإلكترونية في شأن بعض الأحداث الجارية في البلاد والتي تتسم بالطابع السياسي بالمخالفة لما توجبه التعليمات القضائية من عدم الجهر بالآراء السياسية أو التعليق على ذلك بما ينال من حيدة النيابة وهيبتها». وسبق صدور هذا الكتاب الدوري قرار لوزير العدل بإحالة عشرة قضاة للصلاحية بسبب انتقادهم للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير.
لا يحتاج المرء لبذل أي جهد لكي يستنتج أن التحذيرات التي أطلقها رئيس البرلمان والنائب العام ووزير العدل وراءها سبب واحد يتمثل في محاولة إسكات الأصوات المعبرة عن التململ والنقد التي علت نبرتها خلال الآونة الأخيرة لأسباب مختلفة، كان على رأسها موضوع الجزيرتين. إلا أننا إذا وسعنا الدائرة بعض الشيء فسنجد أن مؤشرات الإسكات والحظر تتزايد حينا بعد حين. إذ في الوقت الذي تطلق دعوات مراقبة المواقع الإلكترونية وملاحقة نشطائها. تخضع المساجد للمراقبة الدقيقة. ويتم الشيء نفسه في الجامعات، حيث يراقب مدير الجامعة السلوك السياسي للعمداء، وهؤلاء يراقبون الأساتذة، والأستاذة يراقبون الطلاب، والطلاب يراقبون بعضهم البعض. والحاصل في قطاع التعليم له نظيره في مجال الإعلام الورقي والتليفزيوني وبالتوازي مع ذلك تتم ملاحقة منظمات المجتمع المدني الحقوقية المستقلة، إلى حد توجيه الاتهام لمن أعد مشروع قانون لوقف التعذيب وتقرير إغلاق مركز لعلاج ضحايا التعذيب. وليس بعيدا عن ذلك المسار توالي صدور قرارات حظر النشر في قضايا لا علاقة لها بالأمن القومي، وقد صدر منها حتى الآن نحو 16 قرارا خلال السنتين الأخيرتين.
يحدث كل ذلك في الوقت الذي يقال فيه إن مصر تشهد تطورا غير مسبوق في حرية التعبير، كما ينص الدستور على حرية تداول المعلومات التي تعد ملكا للشعب، وهو ما يعني أن الهوة تتسع بين الأقوال والأفعال وأن الذي يشوه صورة مصر ليس معارضوها في الخارج، ولكنها السياسات المتبعة في الداخل التي باتت أحوج ما تكون للإصلاح وليس الإسكات، وللتصويب والترشيد وليس التكميم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.