أكد الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم،أبو جرة سلطاني، أمس، أن الأحزاب السياسية في الجزائر تعاني أزمة خطاب، موضحا أن الأخيرة- الأزمة- موجودة على ثلاثة مستويات لكل مستوى منها انعكاساته السلبية على التعبئة الشعبية والتحريك والتحشيد. وقال سلطاني في منشور له على صفحته الرسمية ب"فايسبوك" تحت عنوان"المراجعات الكبرى في فقه الدعوة وفقه الدولة بين الأمس واليوم، الدرس الأخير"، إن أزمة الخطاب في الجزائر عامل كبير من العوامل التي كرّست العزوف وعمقت مشاعر الخيبة وجعلت الوعاء يتناقص والحلم يتقلص والأنصار يصابون بالإحباط الذي يقعد الرواحل عن قيادة الركب ويزهّد الرأي العام في تيار قوي. وأوضح أبو جرة سلطاني بالقول:" الانخراط في لعبة الكبار يتطلب خطابا كبيرا واسعا مستوعبا لقضايا الحياة كلها، خطابا يجد فيه الرأي العام أمله في الخلاص، أما اللعب على سياسة عمى الألوان فلعبة لم تعد مستساغة بعد أن صار العالم مفتوحا وصار بمكنة كل مواطن أن ينشئ قناته الخاصة في ركن من نسيج الشبكة العنكبوتية"، وأضاف:" بخصوص المستوى الداخلي الخاص، مازالت أحزابنا تخاطب المناضلين من داخل أقبيّة مغلقة وكأنهم هم الشعب والدولة والسلطات الثلاث، فإذا خرجوا من مقراتهم اكتشفوا أنهم غرباء عن المجتمع، تؤذيهم الأضواء ويؤلمهم ما يقول عنهم الناس، لأن خطابهم محكوم بفكر المؤامرة التي تجعل كل مناضل يخاف أن يذوب في محلول الجماهير". واستطرد المتحدث"بخصوص المستوى الثاني وهو المستوى الاستهلاكي العام..مازال الخطاب السياسي يدندن حول الخوف على الإسلام وعلى الوطن والتاريخ والحريات والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة"، مؤكدا أن الأخير خطاب متوجّس لا يقطع أرضا ولا يبقي ظهرا، ولا يقنع عازفا بالذهاب إلى استخدام حقه في تغيير منكر كبير بورقة انتخابيّة يقول فيها نعم لهذا البرنامج أو ذاك، ثم يتحمل مسؤوليته في التغيير، مشيرا بهذا الخصوص:" ..على المستوى الحزبي الانتخابي مازال خطابنا السياسي مربكا للرأي العام، يساءل زعماء الأحزاب عن الفروق بين البرامج والسياسات والخطاب.. وعن قدرة كل تشكيلة سياسية على تغيير الواقع أو المساهمة في تقديم قيمة مضافة للجهد الوطني". هذا وأطلق أو جرة سلطاني تحذيرات لمن أسماهم ب" قواسم الظهر الثلاثة" والمتمثلة في -كثرة التصريحات والخوض في كل صغيرة وكبيرة، وركل القطط الميّتة انتقاما من الأسود الرّابضة والفهود المتربصة والقردان المقلدة لأسيادها-، وقال:" ..يعلم الرأي العام أنه وجميع مناضليه لا يمثلون في أحسن الأحوال سوى زكاة الكتلة الناخبة (ربع العشر) التي لا تغنم إذا شاركت ولا تسلم إذا قاطعت"، داعيا المتحزبين إلى تجنب تقسيم أبناء الوطن الواحد. وأشار رئيس "حمس" الأسبق، إلى أن الإنجاز الميداني مهم ولكنه يأتي بعد الخطاب الجاذب وبعد التعبئة الكافيّة وبعد كسب رأي عام يحضن الحزب ويضمن استمراريّة تراكم التجربة ويمدّه بالمال والرجال والأفكار والمبادرات وينسج له العلاقات داخل النسيج الاجتماعي الممتد.