مائة مكتب اقتراع بقيت مغلقة لأسباب أمنية أجمع المراقبون الذين تابعوا الانتحابات البرلمانية في ليبيا يوم أمس، على أن غرب ليبيا عرف إقبالا مكثفا وسيرا عاديا للعملية، بينما تعثرت في شرق البلاد لانعدام الأمن حسب تأكيدات المفوضية العليا للانتخابات، التي أكدت أن عملية الاقتراع لم تجر بحوالي مائة مركز انتخابي، وهو الأمر الذي يترك علامات استفهام عن كيفية التعامل مستقبلا مع هذه المناطق وسكانها. شرع الليبيون في اختيار ممثليهم في المؤتمر الوطني العام، يوم أمس،، وهو البرلمان الذي ينتظر أن يضع الأسس الدستورية والسياسية لمستقبل ليبيا ما بعد القذافي، وحسب الأخبار التي وردت من ليبيا، فإن سكان غرب البلاد توجهوا إلى مراكز الاقتراع بنوع من الاندفاع والرغبة الجامحة في المشاركة، وعلى العكس من هذا خيم نوع من القلق وعدم الرغبة في المشاركة بالشرق، بل حدث وأن أحرقت صناديق الاقتراع وأتلفت بطاقات التصويت واللوائح الانتخابية كما حدث بأحد مخازن مدينة اجدابيا التي منع بها مسلحون الناس من التوجه للمراكز الانتخابية، كما تحدثت العديد من الوكالات عن تعذر فتح مكاتب انتخابية بعدد من مدن شرق ليبيا تحت ضغط دعاة الفدرالية الذين يرفضون هذه الانتخابات لعدم قناعتهم بجدواها، باعتبار أنها تمنح تفوقا في عدد مقاعد البرلمان لصالح مناطق على حساب مناطق أخرى، وهو الأمر الذي سيحسم في نظرهم كل المشاريع السياسية في المستقبل لصالح الأغلبية البرلمانية التي صنعت وحسمت من الآن، والحل في نظرهم يكمن في تبني نظام فدرالي يمنح استقلالا ذاتيا لمناطق ليبيا التاريخية ''شرق وغرب وجنوب''، وبالجنوب الليبي، ذكر مسؤولون أن مكاتب التصويت في مدن الواحات مثل جالو وأوجلة بالجنوب الشرقي، لم تفتح أصلا لأن متظاهرين حاصروا الطائرة التي كانت ستسلمهم اللوازم الانتخابية في مطار الزويتينة القريب من المدينة المضطربة اجدابيا، ونفس هذه الأجواء سادت مدينة القبة القريبة من مدينة درنة التي قاطع عدد كبير من سكانها الموعد، لكن على عكس ذلك سارت الأمور حسب العديد من المصادر بشكل سلسل وعادي بمدينتي سرت وبني وليد المحسوبتين على القذافي وأتباعه. أما بالعاصمة طرابلس، فقد سارت العملية بشكل عادي وبمشاركة مكثفة، على عكس مدينة بنغازي، رغم أنها كانت معقل الثورة التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي، وعن الأجواء بشكل عام انطلقت عمليات الاقتراع وسط توتر وقلق رغم وضع وزارتي الدفاع والداخلية نقاط تفتيش لتأمين المحيط الخارجي لكل مدينة ووضعت قوات للتحرك عند الضرورة، حسب تأكيدات رئيس الأركان العامة بالجيش الليبي اللواء ركن يوسف المنقوش، الذي أكد نشر ثلاثة عشر ألف عنصر من الجيش النظامي على مختلف المواقع، كما تم تنظيم طلعات استطلاعية جوية لحماية الحدود من أي تسلل لقوات مناهظة للحكومة الليبية المؤقتة. أما عن المنتظر من هذه الانتخابات فيتوقع المراقبون للشأن الليبي فوز الإسلاميين بأكبر عدد من المقاعد. وحسب هؤلاء المراقبين فإن التنافس سيدور بين أربعة أحزاب كبيرة وهي حزب العدالة والبناء القريب من الإخوان المسلمين المتميز بقوة التنظيم وعمر التجربة والإمكانيات المادية والإعلامية بالإضافة إلى حزب الوطن الذي يقوده الإسلامي عبد الحكيم بلحاج الذي شارك في ثورة فبراير 2011، وحزب تحالف القوى الوطنية الذي ينادي بالديمقراطية وحزب التيار الوسطي، لكن هناك من يقول من ساسة ليبيا إن هذه التوقعات تبقى مجرد تكهنات، لأن ما يحرك المجتمع الليبي هو الخلفية القبلية وليست الإيديولوجيا، وعليه فإنه لا يستبعد أن تكون النتائج مخالفة لكل التوقعات.