مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    غزة: 500 شخصية رومانية توقع رسالة تطالب بوقف الإبادة على القطاع    الهند : تعليق الرحلات في مطار أحمد آباد بعد حادث تحطم طائرة "آير إنديا"    شراع/المنتخب الوطني: ثمانية عناصر وطنية تجري تربصا اعداديا بالجزائر الشاطئ    جامعة "جيلالي اليابس" لسيدي بلعباس: مخبر التصنيع, فضاء جامعي واعد لدعم الابتكار    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تضمن بقاءها وأولمبي أقبو وإتحاد خنشلة يقتربان من النجاة    الجيش يواصل تجفيف منابع الإرهاب    قافلة الصمود تعكس موقف الجزائر    قافلة الصمود تتحدّى بني صهيون    تنويه إفريقي بدور الجزائر    الاختبارات الشفوية ابتداء من 6 جويلية    رانييري يرفض تدريب إيطاليا    اختبار مفيد رغم الخسارة    جمع 721 ألف كيس من الدم في عام واحد    ارتفاع محسوس في استهلاك الماء    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    قضية الصحراء الغربية تبقى حصريا "مسألة تصفية استعمار"    المصادقة على مخطط العمل الوطني الخاص بموسم الاصطياف 2025    الجزائر تجدد التزامها بحماية وتعزيز حقوق الطفل    ولاية الجزائر : مخطط خاص لتأمين امتحان شهادة البكالوريا    غزة: استشهاد أكثر من 24 فلسطينيا وإصابة العشرات    الفواكه الموسمية.. لمن استطاع إليها سبيلاً    الجزائر نموذج للاستدامة الخارجية قاريا    بنك بريدي قريبا والبرامج التكميلية للولايات في الميزان    الاحتلال الصهيوني يتعمّد خلق فوضى شاملة في غزّة    الارتقاء بالتعاون الجزائري- الكندي إلى مستوى الحوار السياسي    فلاديمير بيتكوفيتش: سنستخلص الدروس من هزيمة السويد    تطوير شعبة التمور يسمح ببلوغ 500 مليون دولار صادرات    تأجيل النهائي بين ناصرية بجاية واتحاد بن عكنون إلى السبت    ميسي أراح نفسه وبرشلونة    إنجاز مقبرة بحي "رابح سناجقي" نهاية جوان الجاري    المرأة العنابية تحيك التاريخ بخيوط الفتلة والذهب    علكة بالكافيين.. مشروع جزائري للتقليل من إدمان القهوة    "الطيارة الصفراء" في مهرجان سينلا للسينما الإفريقية    تأكيد على دور الفنانين في بناء الذاكرة    برنامج نوعي وواعد في الدورة الثالثة    "كازنوص" يفتح أبوابه للمشتركين من السبت إلى الخميس    تحسين ظروف استقبال أبناء الجالية في موسم الاصطياف    رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفيرة كندا لدى الجزائر    عنابة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار رابح بيطاط الدولي    انطلاق التظاهرة الفنية الإبداعية "تيندا 25" بالجزائر العاصمة    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    قِطاف من بساتين الشعر العربي    مُخطّط خاص بالرقابة والتموين يشمل 14 ولاية ساحلية    الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    آيت نوري: أتطلع للعمل مع غوارديولا    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    جريمة فرنسية ضد الفكر والإنسانية    معرض أوساكا العالمي : تسليط الضوء على قصر "تافيلالت" بغرداية كنموذج عمراني بيئي متميز    صحة: اجتماع تنسيقي للوقوف على جاهزية القطاع تحسبا لموسم الاصطياف    الفنانة التشكيلية نورة علي طلحة تعرض أعمالها بالجزائر العاصمة    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    الجزائر تودع ملف رفع حصة حجاجها وتنتظر الرد    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكايات الشعبية.. روح يناير
الحكواتية فلورة ل «المساء»:
نشر في المساء يوم 12 - 01 - 2017

كانت ولا تزال الحكايات الشعبية تأخد حيزا هاما في حياتنا، كما تزين القعدات وترحل بالمستمع إليها إلى عوالم أخرى، حيث الأسطورة والبطولة وانتصار الخير على الشر، فحين تسرد الحكاية يستعد الخيال للإبحار في عالم «مقيدش» و»أفافا ينوفا» وشخصيات أخرى تعيش في أذهان الكبار وتعتبر فخرا للصغار، ومن بين الحريصات على حفظ هذا الإرث السيدة فلورة، التي اختارت التخصص في الحكايات وأغاني الأطفال التراثية لحفظها من النسيان، فهي كما وصفتها روح يناير.
أكدت السيدة فلورة، التي وجدتها «المساء» بصدد التحضير لقعدة مميزة مع الصغار رفقة صديقاتها الحكواتيات، أنها تبحث عما كانت تغنيه الأمهات والجدات بالأمس من دشرة لأخرى، لأنها تختلف من مكان لآخر، وتعمل على عرضها للجمهور بالموسيقى والألوان على المنصة حفاظا على التراث، حيث قالت «تختلف الحكايات من منطقة لأخرى، فمثلا أغنية «حجنجل» العاصمية تقابلها «يا تشوتشو» في بلاد القبائل، وشخصيا أحرص على أن تكون الأعمال التي أقدمها غنائية وراقصة حتى يحبها الطفل ويتابع تفاصيلها دون ملل، كما نسعى في أوقات أخرى إلى تحريك لغة الحوار بين الآباء والأبناء من خلال الحكاية التي نجمعها من هنا وهناك، وأعمل في هذا الباب على فتح لغة الحوار بقول «أماشاهو .... أهو»، موضحة أنها تحكي قصة العجوز التي سبت يناير فكان عقابها الموت، إلى جانب قصة «غريبة» (أغنية للمطرب إيدير «أفافا ينوفا») وهي مستوحاة من التراث لطفلة ذهبت إلى بيت جدها وتغني «يلي اغريبة»، وأشارت إلى أن جماليات الحكاية نتقاسمها مع الأطفال الأصحاء وحتى الصم البكم، حيث تترجم لهم المختصة تفاصيلها وفي موضع الموسيقى يترنم الطفل بالإشارة».
وأضافت محدثتنا قائلة بأن الحكاية هي «يناير»، حيث كان البرد والصقيع في الخارج وكانت البيوت باردة ويلتف الأطفال والأمهات حول «الكانون» للدفء، كما كان الجوع وقتها مستفحلا مع قلة العولة، لذا كانت الأمهات تقص الحكايا لساعات حتى ينام الأبناء، كما نتطرق من خلال الحكايا إلى الحياة في بلاد القبائل وبيت الطوب، حيث توجد الحيوانات في الإسطبل وتشهد المنطقة جمال الربيع.
عادات الشلف راسخة للأجيال
تستقبل العائلات الشلفية أول أيام السنة الأمازيغية الجديدة 2967 أو ما يعرف بالناير أو العام بعادات وتقاليد متوارثة عن الأجيال وضاربة في عمق التاريخ، حيث لا تزال تحافظ على هذا الموروث الثقافي لحد الأن بل وتحتفل به كل الأسر منذ سنوات خلت إحياء لهذه المناسبة التي تصادف ( 12 جانفي 2017 )، وغايتها واحدة هي التفاف أفراد العائلة حول أطباق تقليدية يطبعها حضور المكسرات والحلويات في أجواء تسودها المحبة والإخاء.
لا تختلف الاحتفالات بالناير بولاية الشلف عن باقي الولايات، حيث تستعد العائلات الشلفية لإحياء الناير أو بما يسمى «بالعام» وهو الاسم المشهور بولاية الشلف، نشاطات متعددة تعرفها الولاية من معارض تبرز الموروث الحقيقي للولاية المرتبط بطقوس وعادات قائمة بذاتها، من خلال الألبسة والصناعات التقليدية إلى جانب إلقاء العديد من المحاضرات تجسد المفهوم الحقيقي للناير الذي يبقى فرصة لالتقاء العائلات وتحضير العديد من الأطباق والتي يأتي على رأسها طبق الكسكسي بالدجاج، أو البركوكس بالدجاج وهو ما تفضله بعض العائلات الشلفية، ناهيك عن حضور المكسرات وأنواع الحلوى، إلى جانب الفواكه الجافة مع التفاح، البرتقال والتين المجفف، التمر بنوعيه، الكعبوش (الطمينة محشوة بالتمر، الفول السوداني، العسل والتوابل)، الجوز، البندق، اللوزو الشوكولاطة على الرغم من ارتفاع أسعارها هذه السنة، وكلها تزين سهرة العائلات مع صنع الفرحة في أوساط أفراد العائلة في وجود الأطفال.
كما تجتمع العائلات حول إبريق الشاي وبعض المكسرات في مودة وصلة رحم يمرح فيها الصغير قبل الكبير ويتجاذب الجميع أطراف الحديث في حضور روايات الجد والجدة والتي تجسد المعنى الحقيقي لاحتفالات الناير، ليتم كذلك توزيع مختلف الحلويات والفواكه وما جادت به طاولة الناير، ليتم وضعها في أكياس بلاستيكية صغيرة توزع على أفراد العائلة بعد العشاء.
بداية دخول السنة الأمازيغية الجديدة حاضرة بالبلديات الساحلية وبالضبط ببلدية بني حواء الضاربة في عمق تاريخ المنطقة تسهر الجمعية الثقافية والفنية «تيفاوين» على تنظيم العديد من النشاطات المتعددة والمتنوعة بهذه المنطقة والتعريف بالجانب التاريخي والفلكلوري للناير، كما تشهد العديد من البلديات على غرار بلدية الزبوجة احتفالات متنوعة بدخول السنة الأمازيغية الجديدة في أجواء كلها تفاؤل بسنة زراعية وفيرة، ويبقى التقويم الأمازيغي من أقدم التقويمات التي استعملها البشر، ويعود إلى سنة 950 قبل الميلاد والذي يؤرخ لذكرى انتصار الملك الأمازيغي ششناق على ملك الفراعنة رمسيس الثاني.
م. عبد الكريم
ثوبرت (البويرة) ....صورة من صور التفاعل والرقي بحضارتنا
2967 سنة أمازيغية أخرى، منذ بداية هذا التقويم الذي يعتبر أقدم التقويمات التي استعملها البشر واحتفل بها الجزائري تعبيرا عن تاريخه وحضارته الأمازيغية، كتأريخ للنصر الذي حققه شاشناق على أحد ملوك مصر، وبداية لسنة فلاحية تعبر عن غد سيأتي بالجديد، ليكون يناير جزءا من الثراث الأمازيغي بما يحمله من دلالات ونظرة جديدة متفائلة للمستقبل، تشترك فيها جميع العائلات الجزائرية، مما يذيب كل ما يدعو إلى الطائفية والقبلية.
يختلف الاحتفال بيناير أو السنة الأمازيغية الفلاحية من ولاية إلى أخرى ومن عائلة إلى أخرى، فنجد مظاهر الاحتفال متعددة بالبويرة التي تضم 45 بلدية، تحسب منها أزيد من 15 بلدية على منطقة القبائل، ولا تختلف عاداتها في الاحتفال عن العائلات القاطنة ببلديات جنوب وغرب الولاية التي قد يقتصر إحياء ليلة يناير فيها على طبق تقليدي يطبخ لذلك اليوم، فيما قد يمتد الاحتفال إلى أسبوع كامل تتنوع فيه الأطباق، لتكون فألا بموسم متنوع الخيرات، مع تغيير الأثاث والموقد ضمن نظرة جديدة للبيت تفاؤلا بنعمة جديدة وسنة جديدة، يذاب فيها السمن دلالة على سيلان وذوبان مياه الأمطار والثلوج، وتطبخ في ليلة «رأس السنة» سبع أنواع من الحبوب، سبعة أعشاب خضراء، ومظاهر أخرى تعتبر سننا سنها الأجداد ولايزال الحاضر يستحضرها حفاظا على الموروث الثقافي الذي يحوي في طياته معاني سامية وروابط اجتماعية.
في هذا السياق، تحدث الدكتور الصالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية وخلال ملتقى نظم بالولاية وتمحور حول القيم الحضارية في التراث الوطني الأمازيغي، عن يناير الذي سن قانونا سمي بقانون الأجداد وأرخ لسنة فلاحية وتقويم زراعي يعتمد عليه الفلاح من خلال سنن فلاحية تؤدى بطرق مختلفة من منطقة إلى أخرى، يكون الاشتراك فيها تاريخ 12 من شهر جانفي كتقويم ثابت سنويا، فنجد العديد من الفلاحين من أجدادنا يعتمدون على هذا التقويم الذي يشير إلى اعتماد 12 من شهر جانفي بداية السنة الفلاحية، 28 من شهر فيفري بداية فصل الربيع، 29 من شهر ماي بداية الصيف و29 من شهر أوت بداية فصل الخريف، فيما ينطلق الشتاء من تاريخ 29 نوفمبر من كل سنة.
أكد السيد صالح بلعيد أن ليناير بعد وطني روحاني يحمل دلالات ورثناها عن أجدادنا، ونحن اليوم مطالبون بأن نورثها لأبنائنا على اعتباره دليلا على ماضينا الذي كان بداية لسن نظام الأسرة وقانون «تاجماعت» وقيم أخرى حضارية لا تزال تدرج ضمن قائمة كنز الأجداد وطريقا للتواصل والانسجام، ليكون للأمازيغ أول دولة عرفت منظومة قيم حضارية إلى غاية مجيئ الإسلام الذي هذبها وأدرجها في باب لا ضرر ولا ضرار.
ونفت الأستاذة زبيدة إيقروفة من جامعة بجاية من جهتها، أن يكون الاحتفال بيناير حكرا على منطقة دون الأخرى، ولا بدعة كونه لا يمس بالعقيدة، بل هو دعوة وترسيخ لقيم إنسانية تهدف إلى وحدة الرأي والتشاركية والقوة، بالإضافة إلى التزاور بين العائلات وفرصة ل»تامشرط» التي لاتستغني عنها العائلات القاطنة بالقرى والمداشر والتي لا تزال الأكثر احتفاظا بأصول هذه المناسبات، كما أن ليناير دعوة سنوية في سبيل تبني مبدأ الاعتماد على الذات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وذاكرة الشعوب التي يستند إليها في اتخاذ القرار من أجل صنع المستقبل، ليكون يناير ضمن التراث الأمازيغي الذي انصهرت فيه مجموعة من القيم وشكلت عصبة قوية لا يمكن أن تضيع وسط زحمة استهداف تذويب القيم والتشكيك في ثوابت الأمة الجزائرية.
ع.ف.الزهراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.