❊ الخوف من وعي الشعب الجزائري حوّل المستعمر الفرنسي إلى وحش ❊ منعطف مفصلي للتحوّل من العمل السياسي إلى الكفاح المسلح أكد باحثون وأساتذة في مجال التاريخ، أن مجازر 8 ماي 1945 كانت حرب إبادة مبرمجة ضد شعب أعزل، وشكلت منعطفا مفصليا في تاريخ الحركة الوطنية للانتقال من العمل السياسي إلى الكفاح المسلح. اعتبر الأستاذ عامر رخيلة أن الوعي السياسي والاجتماعي الكبير السائد في أوساط المجتمع الجزائري في أربعينيات القرن الماضي، جعله ضحية لوحشية المستعمر الفرنسي الذي ارتكب واحدة من أبشع المجازر في حق البشرية. وأبرز رخيلة أن هذه المجازر كانت حرب مبرمجة لإبادة أكبر عدد من الجزائريين، مشيرا إلى أنها شكلت منعطفا حاسما في مسار الحركة الوطنية، حيث عززت قناعة الجزائريين بضرورة التحول إلى "العمل المباشر. كما ذكر الأستاذ رخيلة بانتهاج المستعمر الفرنسي سياسة تقزيم هذه المجازر، سواء من حيث عدد الضحايا (لم تتجاوز 1200 ضحية حسب التقديرات الفرنسية)، "بينما تؤكد التقارير الجزائرية أن عدد الضحايا تجاوز 45 ألف شهيد، أو من حيث الموقع الجغرافي بالتركيز على 3 مدن، سطيف وقالمة وخراطة، بينما شملت هذه المجازر غي الحقيقة، الشرق الجزائري كله، وامتدت إلى منطقتي القبائل والغرب، وحتى بوابة الصحراء". من جانبه، أبرز الباحث عيسى قاسيمي، أهمية هذه الحقبة في تاريخ الحركة الوطنية، التي اعتبرها "نقطة تحوّل تاريخية"، حيث كرّست الانتقال من النضال السياسي إلى بداية تبلور فكرة الكفاح المسلح، بغية مواجهة المستعمر بنفس أساليبه، وهي قوة السلاح والمقاومة في الميدان. وأشار إلى بعض أهداف فرنسا الاستعمارية من هذه المجازر، ومن أهمها تعويض السكان الأصليين بمستوطنين أوروبيين، وهو ما لم يتأت للمستعمر الغاشم، بفضل انكشاف أساليب التلاعب والخداع لديه في تلك الحقبة التاريخية. وقال الأستاذ دحمان تواتي من جامعة تيبازة، أن وحشية المستعمر الفرنسي في مجازر 8 ماي 1945، كانت بمثابة جريمة بشعة ضد الإنسانية، بسبب "استعماله لطائرات عسكرية وبوارج حربية لتدمير قرى ومداشر مبنية من الطين"، مشيرا إلى أنه من أسباب ارتكاب المستعمر الفرنسي لهذه المجازر التغيرات الكبرى التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية على الوعي السياسي في الجزائر. واستطرد قائلا في هذا الصدد، أن استسلام الجيش الفرنسي في مواجهة القوات الألمانية عندما دخلت باريس، أثر على مستوى الوعي لدى النخبة السياسية والشعب الجزائري على حد سواء. وهو ما سرع الأحداث وجعل الشعب الجزائري يتمرد ضد فرنسا الاستعمارية المنهارة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. كما أشار الأستاذ تواتي إلى أن هذا التحوّل، أفزع المستعمر ودفع به إلى قمع الشعب الجزائري وارتكاب جرائم في حقه، وهو ما شكل نقطة حقيقية للانتقال من العمل السياسي إلى الثورة والكفاح المسلح.