أدانت محكمة القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسبدي امحمد، الاثنين شقيق والمستشار الشخصي للرئيس المتوفي السعيد بوتفليقة ب 8 سنوات حبسا نافذا في قضية التمويل الخفي للحملة الانتخابية لرئاسيات أفريل 2019 الملغاة. وأدانت المحكمة رجل الأعمال علي حداد في القضية نفسها ب 4 سنوات حبساً نافذاً بتهم "تبييض الأموال واستغلال النفوذ وعدم التصريح بالممتلكات"، فيما تمّت تبرئته من تهمة التمويل الخفي للرئاسيات المذكورة لصالح المترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وألزمت المحكمة ذاتها سعيد بوتفليقة بتعويض الخزينة العمومية بمبلغ قيمته 3 ملايين دج. وفي 31 ماي 2022، أسدل الستار على محاكمة المتهمين في ملف "قناة الاستمرارية" في حدود الساعة الثامنة مساء ، بمنح المتهمين الكلمة الأخيرة، أين طالبا بالإنصاف ورد الاعتبار أمام الشعب الجزائري، قبل أن يعلن رئيس القطب الجزائي الاقتصادي والمالي عن رفع الجلسة وإحالة القضية للمداولة للنطق بالأحكام بتاريخ 6 جوان الجاري، فيما اعتبر المحامون أن ملف الحال فارغ ويهدف للإيقاع بموكليهما. حداد وسعيد بوتفليقة يطلبان البراءة ورئيس القطب يحيل دون الخروج عن الوقائع وفي كلمته الأخيرة، توجه سعيد بوتفليقة إلى الجزائريين محاولا استعطافهم وتبرئة ذمته أمامهم من التهم المنسوبة إليه قائلا: "كنت جريحا ومازلت كذلك، لكنني مطمئن.. عام ونصف والتحقيق جار في هذا الملف. سيدي الرئيس نزاهتي هي رأس مالي، فأنا اليوم أمثل أمام هيئتكم الموقرة للدفاع عن شرفي وذمتي". وأضاف المتهم: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فلو استقال أخي رئيس الجمهورية عبد العزيز ألف رحمة عليه، وأنا رحت للتقاعد، فإن تهمة الفساد ستبقى تلازمني طوال حياتي، لكن الله أعطاني فرصة وها أنا أمثل اليوم لكي أدافع عن نفسي أمام الشعب الجزائري الذي أخطأ في تقدير شخص سعيد بوتفليقة وسامح الله كل من شوهني وشوه سمعتي". وواصل شقيق الرئيس المتوفى: "سيدي الرئيس.. أنا قلت لكم وأكرر ما قلت.. إذا كنت مذنبا بالأدلة والقرائن سلطوا علي أقصى عقوبة.. وإن كنت بريئا- وأنا بريء- من فضلكم وبالله عليكم أنصفوني". واسترسل سعيد بوتفليقة في الدفاع عن نفسه: "من الخطير، أن يقوم قاضي التحقيق بإخفاء جميع الأدلة التي تثبت براءتي من خلال إخفاء 52 إنابة قضائية سلبية، ما يجعل هذا الملف سياسيا بامتياز والهدف من كل هذا هو إبقاء سعيد في السجن مدى الحياة". وهنا تدخل القاضي طالبا منه التقيد بالكلمة الأخيرة في قضية الحال، لينهي كلامه بالقول: "إذا وجدتم مليما واحدا، غير مستحق، فإن رقبتي فدية لكم وللشعب الجزائري". من جهته، فإن المتهم علي حداد استهل كلمته الأخيرة، بالاعتذار إلى رئيس القطب الاقتصادي والمالي على ما بدر منه من غضب وقلق خلال استجوابه قائلا: "سيدي الرئيس.. أطلب منكم العفو، كل الاحترام والتقدير لكم ولهيئة المحكمة الموقرة، وأطلب منكم البراءة ولكم واسع النظر". وحاولت هيئة الدفاع عن شقيق الرئيس المتوفى ومستشاره الخاص سعيد بوتفليقة، اللعب على الوتر الحساس من خلال وصفها للملف ب"الفارغ" من محتواه. واستهل المحامي سليم ديراش حجوطي مرافعته أمام هيئة القطب الاقتصادي والمالي بالتطرق إلى تهمة "الإثراء غير المشروع" المتابع فيه موكله سعيد قائلا: "تهمة الإثراء غير المشروع الموجه لموكلي، التي كانت في آخر لحظة لإحالة الملف مبنية على حقائق غير مؤسسة، فموكلي يملك شقتين فقط، الأولى تقع في الأبيار اشتراها عام 1985 والثانية ببلدية بن عكنون، اشتراها أيضا 2012، وهذه الأخيرة لديها 3 مواقف، إلا أن ديوان الترقية والتسيير العقاري حوله إلى 7 مواقف". وتساءل الأستاذ حجوطي، بخصوص الميراث: "كيف يمكن متابعة شخص استفاد من إرث من عائلته وبالضبط من والدته وأخيه مصطفى المتوفى، رغم أن القرآن الكريم والشريعة الإسلامية تقر بشرعية الإرث فكيف للقانون أن يمنع ذلك...؟" وبخصوص الإنابات القضائية، أوضح المحامي: "هناك 52 إنابة قضائية، كلها أفضت إلى سلبيتها، ما يعني أنها كانت لصالح موكلي، إلا أن الأمر بالإحالة لم يشر إليها ولو بحرف واحد، والأخطر أنها لم تمنح للدفاع نسخة منه ولم يتم مواجهتنا بها، في حين أن قاضي التحقيق اعتمد على نتائج إنابة قضائية حررت من طرف مصالح الأمن الداخلي، تتضمن حصر ممتلكات موكلي سعيد بوتفليقة، بصورة غير قانونية ومضخمة وغير قانونية ومبالغ فيها، رغم وجود إنابة قضائية محررة من طرف المحافظ العقاري لدائرة بوزريعة، تؤكد في مضمونها أن مجمل الأملاك العقارية المذكورة في الإنابة الأولى المنجزة من طرف الأمن الداخلي غير صحيحة ولا يمكن حجزها إطلاقا". وأردف الدفاع: "المتابعة ضد موكلي كانت ب7 جنح على أساس واقعة واحدة، رغم أن المادة 132 من قانون العقوبات تنص على أنه في حالة وجود واقعة واحدة تأخذ الوصف الأشد، وأكثر من هذا فإن قناة "الاستمرارية" المزمع فتحها ليست بقناة تلفزيونية كلاسيكية، بل هي بصورة صفحة "واب. تي. في" تنشر عن طرق مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار "الفايسبوك، وأنستغرام، وتوتير" وغيرها. وبخصوص تهمة التمويل الخفي للحملة الانتخابية أشار المحامي حجوطي إلى أنه لا توجد أي واقعة تضمنها الأمر بالإحالة تثبت إدانة موكلي بهذه الجنحة، كما أن العتاد محل المتابعة لا يوجد في الملف أي محضر معاينة يؤكد أيضا وجود هذا العتاد في مقر الحملة الانتخابية بحيدرة. من جهته، طلب المحامي سليم حجوطي ديراش من رئيس الجلسة تبرئة ساحة موكله سعيد بوتفليقة من جميع التهمة الموجهة له مع رفع الحجز عن جميع ممتلكاته واسترداد جوازات السفر قائلا: "من اللازم أن المحكمة تصدر أحكامها باسم الشعب وليس بتأثير من الشعب". أما المحامي نبيل بن وارث المتأسس كذلك في حق سعيد بوتفليقة، فاستعمل كل الإثباتات التي من شأنها أن تسقط التهم الموجهة إلى موكله وقال: "أبدأ مرافعتي من حيث انتهى وكيل الجمهورية الذي التمس في حقنا 10 سنوات كاملة دون أن يواجهنا بالأدلة والقرائن. والأخطر من ذلك، سيدي الرئيس، أوجه لكم أسئلة: "هل الميراث أصبح حقا غير مشروع.. هل الشريعة الإسلامية أخطأت والقانون أصاب.. حتى يتابع موكلي بتهمة الإثراء غير المشروع وعدم التصريح بالممتلكات.. هذه وصمة عار؟". وعاد الأستاذ بن وارث إلى الإنابات القضائية، حينما طالب ببطلان إجراءات المتابعة: "سيدي الرئيس، وجود 52 إنابة قضائية لم يتم تدوينها في الأمر بالإحالة، رغم كونها صحيحة وقانونية تبرئ موكلي، لكونها سلبية ولكن لم يتم الاعتماد عليها أو حتى تفحصها إطلاقا.. وهذا ما يعتبر خرقا للمواد 62 و62 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية". كما خاطب الدفاع هيأة القطب قائلا: "بالله عليكم، سيدي الرئيس، هل وجود العلاقة بين سعيد وحداد يعد جريمة يعاقب عليها القانون؟ وهل القانون يمنع الصداقة أو وجود اتصالات هاتفية بين شخصين تجمعهما "المعرفة"؟ حتى يلتمس وكيل الجمهورية 10 سنوات كاملة حبسا نافذا لموكلي سعيد بوتفليقة.. أليس هذا هو الظلم بعينه؟". ورجع المحامي بن وارث إلى تهمة عدم التصريح بالممتلكات: "وفقا لقانون الانتخابات وطبقا للمادة 36 التي تلزم المصالح المعنية بتبليغ موكلي بإجراء تصريح الممتلكات ومن تاريخ التبليغ تمنح له مدة شهرين للتصريح بممتلكاته وهو الشيء غير المنعدم في قضية الحال، حيث إنه لا يوجد أي تبليغ في هذا السياق، زد على ذلك، فإن موكلي لم يبلغ بهذا الإجراء، وهذا ليس بصفته شقيق الرئيس المتوفى، وإنما جميع المستشارين برئاسة الجمهورية لم يبلغوا بهذا الإجراء إلى غاية يومنا هذا، حيث تسير الأمور بنفس المنوال". الوسوم بوتفليقة حداد سعيد