الجزائر حريصة على تعزيز علاقات الأخوة بين البلدين    عسلاوي تشارك في أشغال المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية    حددنا مدة شهر بغرض منح وقت كاف للراغبين في التسجيل"    يربطان الجزائر بغوانزو الصينية وروتردام بهولندا    النفط يتراجع إلى (65.68 دولارا)    جامعة سوق أهراس تنجح في ترسيخ ثقافة المقاولاتية والابتكار    توغل قوات تابعة للجيش الصهيوني    استشهاد 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال الصهيوني    تساهم في "توجيه السياسات الصحية بصورة أكثر دقة وفعالية"    غيليزان : 31 جريحا في حادث مرور    يوم استعاد الجزائريون صوتهم وصورتهم    ميسي يتطلّع لمونديال 2026    ناصري يلتقي رئيس أنغولا    مقتل الآلاف وعمليات اختطاف في مجازر مروّعة    عملية ناجحة للشرطة بغرداية    أنطقتني غزة شعرا يصدح في مواجهة الاحتلال والخذلان    63 عاماً من السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون    إشادة بمواقف الجزائر ورئيسها وحرص على التعاون معها    الجزائر حريصة على تعزيز التنسيق حول القضايا الثنائية والقارية    نقص العقار أثّر على عدد السكنات والجانب الفني    700 عملية دفع مستحقات إلكترونيا    جريح في انحراف سيارة    "دينامو زغرب" يستعد لشراء عقد بن ناصر من ميلان    غياب الضبط يهدد سوق الزيوت الطبيعية    توقيف 25 مجرما خلال مداهمة    اكتشاف محل حجامة ينشط بطريقة غير قانونية    سأضحي لأجل الجزائر وأحقّق حُلم جدي    الفرنسيون يتحسّرون على غياب غويري عن مرسيليا    "الطيّارة الصفراء" يتوّج بثلاث جوائز في كندا    المهرجانات الثقافية محرّك اقتصادي للمدن المستضيفة    الفكر والإبداع بين جيل الشباب وثورة الذكاء الاصطناعي    الدكتور مصطفى بورزامة: الإعلام الجزائري منبر وطني حرّ وامتداد لمسار النضال    الإعلام الوطني مُطالبٌ بأداء دوره    سياسة الجزائر نموذج يحتذى به    الفلاحة رهان الجزائر نحو السيادة الغذائية    اتفاقية تنظم عملية تبادل البيانات    وزارة السكن تتحرّك لمعالجة الأضرار    مئات الاعتداءات على شبكة الكهرباء بالبليدة    التلقيح ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة    سيلا يفتح أبوابه لجيل جديد    إبراز اهتمام الجزائر بالدبلوماسية الوقائية لإرساء السلام في العالم    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    مراجعة دفتر شروط خدمات النّقل بالحافلات    مباشرة حملات تلقيح موسعة ضد الدفتيريا بالمدارس    ميزانُ الحقِّ لا يُرجَّحُ    ضرورة إدماج مفهوم المرونة الزلزالية    البوليساريو ترفض أية مقاربة خارج إطار الشرعية الدولية    دعوة إلى ضرورة التلقيح لتفادي المضاعفات الخطيرة : توفير مليوني جرعة من اللقاح ضد الأنفلونزا الموسمية    الشبيبة تتأهل    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    معيار الصلاة المقبولة    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جميلة بوحيرد ... محاكمة صمود جزائرية
محاكمات تاريخية
نشر في المسار العربي يوم 30 - 10 - 2010

قصة المناضلة جميلة بو حيرد، واحدة من مليون قصة لشهداء ثورة التحرير، وهي قصة لا تقل في بطولتها عما قدمه المليون و نصف المليون شهيد، لكنها بما احتوته من مآس وصمود ترتفع الى مستوى الرمز، لتعبر عن كفاح الجزائر، وتصبح مثلا على التضحية من أجل الاستقلال.
ولدت جميلة بو حيرد وترعرعت في عائلة متوسطة الحال. وقد تلقت تعليمها في مدرسة فرنسية، لكنها سرعان ما انضمت لحركة المقاومة السرية
كانت جميلة بو حيرد واحدة من الآلاف المؤلفة من المناضلين الذين كتب لهم سوء الحظ أن يسقطوا في قبضة العدو. فقد ألقي القبض عليها أثناء غارة شنتها القوات الفرنسية الخاصة، قدمت للمحاكمة في يوليو 1957، فحكم عليها بالإعدام.
وكان دور جميلة النضالي يتمثل في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير ومندوب القيادة في المدينة ياسيف السعدي الذي كانت المنشورات الفرنسية في المدينة تعلن عن مائة الف فرنك ثمنا لرأسه!!
وفي أحد الايام كانت جميلة متوجهة (لياسيف السعدي) برسالة جديدة، لكنها احست ان ثمة من يراقبها؟ فحاولت الهروب، غير ان جنود الاحتلال طاردوها وأطلقوا عليها الرصاصات التي استقرت احداها في كتفها الايسر وحاولت المناضلة الاستمرار في الانفلات غير ان ابنة الثانية والعشرين سقطت بجسدها النحيل الجريح،وافاقت في المستشفى العسكري حيث كانت محاولة الاستجواب الاولى لإجبارها على الإفصاح عن مكان ياسيف السعدي ، غير انها تمسكت بموقفها، فادخلها جنود الاحتلال في نوبة تعذيب استمرت سبعة عشر يوما متواصلة، وصلت الى حد ان اوصل جنود الاحتلال التيار الكهربائي بجميع انحاء جسدها حيث لم يحتمل الجسد النحيل المزيد واصيب بنزيف استمر خمسة عشر يوما، لكن لسان جميلة بوحريد وجسدها كان اقوى من كل محاولات معذبيها بعدها انتقلت جميلة لسجن بار بدوس اشهر مؤسسات التعذيب في العصر الحديث، حيث بدأت نوبات اخرى من التعذيب استمرت احدى جلساتها الى ثماني عشرة متواصلة حتى اغشي عليها واصيبت بالهذيان، ثم بعدها السماح لها بوجود تحقيق رسمي، حيث حضر هذا التحقيق المحامي الفرنسي ميسو قرجيه الذي قال لجميلة بمجرد توليه الدفاع عنها "لست وحدك، فكل شرفاء العالم معك" ورغم ان القاضي المشرف على التحقيق رفض منحه ساعة واحدة للجلوس معها للاطلاع على ملابسات القضية،؟ ولم يستجب الا بعد ان هدد بالانسحاب من القضية وايدت جميلة التهديد بأنها لن تجيب عن اية اسئلة في غير وجود محاميها، واستمر التحقيق معها قرابة الشهر وقع خلالها حادث القاء مفرقعات بأحد المحال الجزائرية.
المحاكمة المفبركة
بدأت المحكمة يوم 11 جويلية 1957، بعد انتهاء التحقيق، وبعد ان رفض عديد من المحامين الفرنسيين الاشتراك في الدفاع عن (جميلة بوحريد) لرفض المحكمة اطلاعهم على ملف القضية ولرفضها ايضا استبعاد التحقيقات التي اخذت خلال جلسات التعذيب.
المحامي الفرنسي جاك فيرجيس يتطوع للدفاع عن جميلة
وكانت جلسة المحاكمة الاولى مجرد سجال عقيم بين المحكمة وجميلة بوعزة) زميلة جميلة بوحيرد) في الاتهام واعترفت فيها (بوعزة) بان (بوحيرد) هي التي حرضتها على إلقاء المتفجرات وكانت تتحدث بصوت عال وبشكل غير طبيعي الامر الذي دعا (مسيو فرجيس) لتقديم طلب للمحكمة لعرض (بو عزة) على طبيب أمراض عقلية فرفضت المحكمة طلبه، ورغم ذلك استمر في الدفاع عن (جميلة بو حيرد) وزملائها.
غير ان تشدد المحكمة وانحيازها الواضح دفعه لابلاغ المحكمة بأنه احترامه للعدالة واحترامه لنفسه يضطرانه الى الانسحاب والى ابلاغ نقيبهم في باريس.
وفي اليوم الثالث تم استجواب المتهمين الاربعة (جميلة بو حديد) و(جميلة بوعزة) و(طالب) و(حافيد) ، وكذا الاستماع الى الشهود والى ثلاثة من الاطباء العقليين بشأن الحالة العقلية ل(بوعزة) الذين رفضوا الافصاح عن حالتها بحجة سر المهنة.
وكانت اعترافات جميلة بو عزة 19 سنة تقول: انه بناء على اشارة من جميلة بو حريد وضعت بو عزة قنبلة في سلة المهملات يوم 9 نوفمبر 1956 وفي يوم 26 جانفي 1957 وضعت قنبلة ثانية انفجرت في مقهى آخر نتج عنه قتل شخصين.
وايضا تم تضمين ملف القضية صورة من تحقيق ادعت المحكمة ان جميلة بو حريد قد أدلت به غير انها انكرت ذلك وانتهت المحكمة الى توجيه التهم التالية لجميلة بو حريد احراز مفرقعات والشروع في قتل والاشتراك في حوادث قتل وفي حوادث شروع في قتل وتدمير مبان بالمفرقعات والاشتراك في حوادث مماثلة، الانضمام الى جماعة من القتلة وخمس من هذه التهم عقوبتها الاعدام.
وعندما قرأت المحكمة المتواطئة الحكم بالاعدام على جميلة بو حريد انطلقت فجأة جميلة في الضحك في قوة وعصبية جعلت القاضي يصرخ بها لا تضحكي في موقف الجد ، وكأن الموقف بالفعل كان جاديا.
غير انها قالت في قوة وثبات "ايها السادة، انني أعلم انكم ستحكمون على بالاعدام ، لأن أولئك الذين تخدمونهم يتشوقون لرؤية الدماء، ومع ذلك فأنا بريئة، ولقد استندتم في محاولتكم إدانتي الى اقوال فتاة مريضة رفضتم عرضها على طبيب الامراض العقلية بسبب مفهوم، والى محضر تحقيق وضعه البوليس ورجال المظلات وأخفيتم اصله الحقيقي الى اليوم، والحقيقة انني احب بلدي واريد له الحرية، ولهذا أؤيد كفاح جبهة التحرير الوطني، انكم ستحكمون علي بالاعدام لهذا السبب وحده بعد ان عذبتموني ولهذا السبب قتلتم اخوتي بن مهيدي وبو منجل ولكنكم اذا تقتلونا لا تنسوا أنكم بهذا تقتلون تقاليد الحرية الفرنسية ولا تنسوا انكم بهذا تلطخون شرف بلادكم وتعرضون مستقبلها للخطر، ولا تنسوا انكم لن تنجحوا ابدا في منع الجزائر من الحصول على استقلالها.
وقد خرجت صرخة جميلة من قاعة المحكمة الى ارجاء العالم، فقد ثار العالم من اجمل جميلة، ولم تكن الدول العربية وحدها هي التي شاركت في ابعاد هذا المصير المؤلم عن جميلة فقد انهالت على داج همرشولد السكرتير العام للامم المتحدة وقتها البطاقات من كل مكان في العالم، تقول: "انقذ جميلة"
قام محاميها فرجيس بحملة علاقات عامة واسعة غطت العالم واكتسب من وراء هذه القضية، وما تبعها من قضايا مماثلة، شهرة عالمية. وكان من نتائج الضغط الكبير الذي مارسه الرأي العام العالمي تأييداً للبطلة جميلة بو حيرد أثر حاسم في إجبار الفرنسيين على تأجيل تنفيذ الحكم بإعدامها. وفي عام 1958، نقلت إلى سجن ريمس..
وتمر ايام قليلة ويتقهقر الاستعمار الفرنسي، ويعلن السفاح لاكوست انه طلب من رئيس جمهورية فرنسا وقتئذ العفو عن جميلة، ثم يتبجح ويقول "ما من امرأة اعدمت على أرض فرنسية منذ خمسين عاما"
وكانت جميلة رغم ذلك على بضع خطوات من حتفها؟ وقد تعمدوا اخفاء موعد اعدامها عن الاعلام، وتواطأت معهم وكالات الابناء الاستعمارية ، لكن ارادة الشعوب كانت هي الاقوى والابقى فوق ارادة الظلم الاستعمار ، ولم يتم اعدام جميلة بو حريد كما حكمت المحكمة الظالمة
وعلى الصعيد السياسي، تم في ماي 1962 توقيع اتفاقيات إيفيان وإعلان استقلال الجزائر. ومع تقدم سير المفاوضات، بإطلاق سراح الأسرى الجزائريين تدريجياً. وعندما أطلق سراح جميلة، تزوجت بعد أشهر من محاميها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.