التمس ممثل الحق العام، صحراوي لخضر، بعد مرافعته التي دامت قرابة ثلاث ساعات، خلال الفترة الصباحية لنهار أمس الأربعاء بمحكمة الاستئناف للغرفة الجزائرية لدى مجلس قضاء بومرداس التي تجري أطوار جلساتها بقاعة المحاضرات بجامعة امحمد بوڤرة، في اليوم الثامن لمتابعة المتهمين ال 37 في ملف زلزال الأربعاء الأسود 21 ماي 2003.. إسقاط الدعوى العمومية في حق المتهم »بلعكاكز حمود« صاحب مؤسسة خاصة، والذي فارق الحياة بعد إدانته السنة الفارطة من طرف محكمة الجنح الابتدائية لمحكمة بومرداس بسنتين سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 50 ألف دج. فيما طالبت النيابة العامة تسليط أقصى عقوبة على 15 متهما، تمثلت في ثلاث سنوات حبسا نافذا، بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها 20.000 دج لكل واحد منهم، وذلك لارتكابهم جرم القتل والجرح الخطأ والغش في النوعية والكمية وعدم تطبيق القرارات الإدارية والتنظيمية والإجبارية في تشييد البنايات، وهي العقوبة التي التمسها ممثل الحق العام ضد المتهمين ال 16 الذين ينتمون إلى ديوان الترقية والتسيير العقاري (OPGI) بومرداس ومكاتب دراسات خاصة وكذا ممثلين عن هيئة الرقابة والبناء (CTC) بالإضافة إلى العديد من المقاولين الذين أسندت لهم عملية إنجاز المشاريع السكنية المنهارة والتي خلفت أكثر من 80 قتيلا في بعض البنايات المنهارة، نذكر منها على سبيل الحصر مشروع 122 مسكن بقورصو التابع لمؤسسة ترقية السكن العائلي (EPLF) ومشروع السكك الحديدية (SNTF) بنفس البلدية الذي خلف 49 قتيلا، أما فيما يخص تسعة (09) متهمين فقد طالبت النيابة بتسليط عقوبة مدتها عامين حبسا نافذا وبنفس الغرامة المالية مع إجبارية تنفيذها، حيث ينتمي المتهمون التسعة (09) إلى مؤسسات خاصة وهيئة الرقابة للبناء (CTC) ومكاتب الدراسات. كما تجدر الإشارة إلى أن النيابة التمست في مرافعاتها تسليط العقوبة ب 3 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 ألف دج للمتهم بومعزة حبيب، رئيس مشروع مؤسسة شعباني، التي أوكلت لها مهام إنجاز مشروع 252 مسكن ببلدية يسر، والذي خلف عشرة (10) ضحايا. أما فيما يخص المتهمين كركاش فراح ربيعة ومبيروك رضوان من مكتب الدراسات الذي أعد التصاميم لمشروع الترقية العقارية دريش حسان، أمر ممثل الحق العام بحبسهما مع ضرورة التنفيذ لمدة عامين حبسا نافذا بالإضافة إلى دفع غرامة مالية نافذة قدرها 10 آلاف دينار جزائري. أما فيما يخص كل من الرؤساء المدارء العامين لديوان (OPGI) وشركة السكك الحديدية ومؤسسة ترقية السكن العائلي (EPLF) إضافة إلى إطار بمديرية السكن والتجهيزات العمومية، بالإضافة إلى أربعة (04) متهمين ينتمون إلى مكاتب الدراسات ومؤسسات خاصة، فقد طالبت النيابة بتطبيق القانون الذي تراه هيئة المحكمة. كما فتحت هيئة المحكمة خلال نفس الفترة الصباحية المجال لهيئة الدفاع عن المتهمين في هذا الملف الذي يبقى لغزا تفكيك خيوطه صعبة، لكون البعض يرى بأن قوة وشدة الزلزال كانتا قويتين وأدتا إلى انهيار البنايات، فيما راح البعض الآخر يحمل المسؤولية إلى العيوب البشرية، حيث تسأل دفاع المتهم طاسيست حكيم، إطار بمؤسسة السكك الحديدية (SNTF) ممثلا في المحامي عزوز عن مسؤولية موكله بعدما تبين بأن المخبر الذي أعد الدراسة الجيو تقنية كانت خاطئة، لكون نوعية التربة رملية وغير صالحة للبناء، وتبقى هيئة الدفاع مستمرة في مرافعتها أمام هيئة المحكمة لإقناعها بأن التهم الموجهة إلى موكليها غير مؤسسة وتطالب بتبرئة ساحتهم. كما طالب دفاع المتهم ولد إبراهم آكلي، مهندس، ممثلا في المحامي ميلودي إبراهيمي بتبرئة ساحة موكليه باعتبار أن مهامه تنحصر في إعداد التصاميم للبنايات، فهو غير مسؤول عن نوعية الخرسانة ومواد البناء التي تعود إلى هيئة الرقابة التقنية المكلفة بالمراقبة في الورشة وبعد إجراء التحليل المخبرية، وهو مستثنا من تطبيق المادة 77 من قانون التهيئة والعمران. من جهة أخرى، قال المحامي خلال مرافعته بأن محكمة الجنح السنة الفارطة ارتكبت خطأ جوهريا بتكييف القضية من خلال أحكامها الصادرة في حق موكله والمتمثلة في القتل الخطأ والجرح الخطأ. وقد ركزت هيئة الدفاع في مداخلتها على شهادة الخبير شلغوم، خبير في علم الزلازل، الذي أكد بأن الشريط الساحلي الجزائري يقع في منطقة ذات حركة زلزالية كثيفة، وبأن البنايات المشيدة عليه مقامة على أرضية هشة تستدعي دراسة دقيقة ومعمقة. أما الأستاذ أرخيله عامر فقد أكد خلال مرافعته لفائدة موكليه من هيئة الرقابة التقنية (CTC) أن مصالح هذه الأخيرة ليست من صلاحيتها إعداد الدراسات الجيوتقنية والتصاميم، وكذا لا يقوم بدور المهندس أو دور المقاول أو مكتب الدراسات، بل يتمثل دوره في المصادقة على الدراسة الجيوتقنية التي يقوم المخبر بتحليل الأرضية والترخيص لصالح صاحب المشروع الذي تعاقد معه لاستلام أشغال وضع الأساسات والأعمدة من بداية إنجاز الحديد إلى وضع الخرسانة المسحلة، كما تساءل الأستاذ أرخيله عامر هل يمكن أن تعتمد هيئة المحكمة على تلخيص الوثائق واعتبارها تقرير خبرة قضائية دون أن تنتقل إلى موقع المشروع لنقل الحقائق الميدانية؟ وقد أجمع ممثلو هيئة الدفاع بأن الأحكام السابقة والتماس النيابة لنهار أمس الأربعاء مؤسسة، وبالتالي تبقى المرافعات مستمرة قصد الوصول إلى إقناع هيئة المحكمة بتبرئة جميع المتهمين من التهم الموجهة إليهم. واختتم أحد محامي هيئة الدفاع مرافعته بسؤال: كيف نحكم على أشخاص وندينهم بعقوبات قاسية في زلزال قوته الإلهية كانت وستبقى أكبر من القوة البشرية؟. ص. عبد الحميد/ ت. إبراهيم
