تسجل أيام رمضان ككل عام، توافدا معتبرا من الجزائريين على البقاع المقدسة لأداء العمرة نظرا للطابع القدسي الذي تكتسيه المناسك الدينية في هذا الشهر، وهو ما أدخل وكالات السياحة والأسفار في منافسة قوية، النجاح فيها للأكثر جدية. والجديد هذه السنة يتمثل في أن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف قامت باعتماد 133 وكالة سياحية، 29 منها جديدة لتنظيم رحلات العمرة وتأطيرها، خصوصا عمرة رمضان التي يكثر عليها الطلب، لا سيما في النصف الثاني من الشهر، الأمر الذي دفع بهذه الوكالات الى الاجتهاد أكثر وعرض أفضل الأسعار لجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن. وأقر مسؤولو بعض الوكالات السياحية أنه في الفترة السابقة لشهر رمضان يبذلون جهودا مضاعفة مقارنة بالفترات السابقة، مشيرين إلى أن الزبائن أصبحوا في السنوات الأخيرة أكثر تطلبا ويحرصون على الاستفادة من خدمات أفضل خصوصا فيما يتعلق بالإقامة. و في هذا السياق اعتبر نائب مدير إحدى الوكالات السياحية المعتمدة محمد روان أن تقلص عدد الفنادق في محيط الحرم المكي دفع الوكالة الى البحث عن أحسن الإقامات لزبائنها و أقربها الى أماكن تأدية الشعائر الدينية مشيرا الى أن العرض قليل جدا. وأضاف روان أن تكثيف الديوان الوطني للحج و العمرة لعمليات المراقبة ووضعه شروطا لمنح الاعتماد ساهم في تنظيم العملية باشتراطه لتوفير مرشدين في أفواج المعتمرين مؤكدا ان عدد الاشخاص الذين سيتجهون الى البقاع المقدسة عن طريق وكالته يناهز 3 آلاف معتمر. ولم يخف روان تأثر وكالته معنويا و ماديا من تأخر الرحلات خلال الاضراب الذي شنه مستخدمو الطيران التجاري لشركة الخطوط الجوية الجزائرية في شهر جويلية الذي أدى إلى تعليق كافة الرحلات المنطلقة من الجزائر العاصمة. و أضاف المتحدث أن تأخر الرحلات التي كانت مبرمجة خلال الإضراب أخلط أوراق الوكالة ووضعها أمام ضغط كبير، لا سيما بالنسبة لحجز الفنادق هناك بجوار البقاع المقدسة. و من جهته أكد بشير حاجي مدير وكالة أخرى للسياحة والأسفار أن الأزمة التي جرها إضراب بعض موظفي الخطوط الجوية الجزائرية كانت لها انعكاساتها على المعتمرين والوكالة في آن واحد، إلا أنه أشاد بتكفل الشركة بالمعتمرين المتأخرين في فنادق الى غاية حل المشكل. معتمرون من كل الأعمار وبعد أن أشار الى التغيير الذي طرأ على ذهنيات الجزائريين الذين أصبحوا يحبذون القيام بمناسك العمرة في سن مبكرة مقارنة بالأعوام الماضية، أكد حاجي أن وكالته تلقى مشاكل مع المعتمرين الذين يتعمدون التأخر و البقاء هناك الى غاية موسم الحج وهو ما يعرض الوكالة كما قال إلى عقوبات كما ينص عليه القانون السعودي. وأضاف أن الوكالات السياحية تعجز عن إيجاد حل لهذه المعضلة وتكتفي بتحذير المعتمرين من عواقب هذا التصرف الذي يضر بهم بالدرجة الأولى مشيرا الى أن أكثر الذين يقدمون عليه هم من فئة الشباب. وعلى صعيد آخر، أوضح المتحدث أن وكالته التي تنظم رحلات نحو العمرة منذ قرابة ثلاث سنوات تحرص على تأجير الغرف في فنادق لائقة لكسب ثقة المعتمرين وسعيا لراحتهم مؤكدا ان أعداد المعتمرين خلال فترتي المولد النبوي ورمضان ترتفع من سنة لاخرى بسبب الإقبال "المنقطع النظير" للشباب. ومن جهتها، كانت شركة الخطوط الجوية الجزائرية قد أكدت، الأسبوع الماضي، أن برنامج الرحلات نحو البقاع المقدسة خلال شهر رمضان سيعزز برحلات إضافية. وأفادت الشركة أنه سيتم إدراج رحلات إضافية وفقا لاتفاقيات الترخيصات المسلمة من قبل سلطات الطيران المدني السعودية كما أضافت أن هذه الرحلات ستضمنها الطائرات الخاصة للشركة وكذا طائرات كبيرة تفوق طاقة استيعابها 300 مقعد تم تأجيرها خصيصا لهذه العملية. أما المقبلون على أداء مناسك العمرة خلال هذا الموسم، فيعتبرون أن هذه الفرصة هي من أثمن الفرص التي يمكن استغلالها للتقرب من الله والظفر بأجر الحج متناسين بذلك المتاعب التي قد تعترضهم خلال تأدية العمرة. و في هذا السياق أكدت السيدة جميلة (56 سنة) أنها تتوق منذ سنوات إلى أداء هذه الشعيرة الدينية خلال شهر رمضان، رغم أنها لم تتعود على الابتعاد عن عائلتها في هذه المناسبة. أما جعفر (40 سنة)، فاعتبر ان فرصة تأدية العمرة في هذه الفترة تعد "حظا عظيما"، بحيث يتاح للشخص أن يعيش في أجواء إيمانية ويبتعد عن صخب الحياة العادية ومتاعبها.