نظم المجلس الأعلى للغة العربية أول أمس الثلاثاء ندوة فكرية بمناسبة أربعينية الشاعر السوري سليمان العيسى تكريما لوقوفه إلى جانب الثورة الجزائرية والخدمة التي قدمها للغة العربية. حضر هذه الندوة التي نظمت بمتحف المجاهد برياض الفتح في العاصمة، الوزير الأول عبد المالك سلال وأعضاء من الحكومة وعدد من المفكرين والشعراء وعائلة الفقيد. وأبرز المشاركون في هذه الندوة جوانب من حياة الأديب الذي ارتبطت أشعاره بالجزائر وتاريخها، وأوضحوا في هذا الفضاء الأدبي أن الشاعر تغنى بتاريخ الجزائر وأبطالها عبر عدد من القصائد استوحاها من عظمة ثورة أول نوفمبر التي ملأت الآفاق. وفي تدخله استعرض عز الدين ميهوبي، رئيس المجلس الأعلى للغة العربية المسيرة الأدبية لسليمان العيسى التي امتزجت بقضايا أمته وفي مقدمتها ثورة الجزائر مؤكدا أن الفقيد ومن فرط حبه لأرض الشهداء نازعنا في حب الجزائر فنازعناه في حب شعره، كما استذكر ميهوبي اللقاءات التي جمعته بالمرحوم في العديد من المناسبات مشيرا إلى أنه كان لا يخفي ارتباطه وحبه للجزائر في كل مناسبة حتى قال ذات مرة:"أنا لست صديقا للثورة الجزائرية وإنما ابنا لها". وقال الوزير الأسبق لمين بشيشي بدوره أن العيسى تعرض للسجن في العديد من المرات على غرار مفدي زكريا بسبب قصائده ومواقفه القومية لاسيما أثناء فترة الانتداب الفرنسي بسوريا. ومن جانبه أكد معن العيسى نجل المرحوم أن والده أحب الجزائر فاحتضنته بصدق ووفاء معتبرا أن تكريمه اليوم في هذه الندوة تعد تكريما لسوريا وللجزائر وللشاعر العيسى ولعائلته. كما عاد نجل الفقيد بذاكرة الحاضرين إلى سنوات الخمسينيات التي طبعها لهيب الثورة الجزائرية بدون منازع متطرقا إلى تفاعل والده عبر شعره وقصائده مع معاناة الشعب الجزائري ونضاله من أجل الحرية والإنعتاق. ولم تقتصر الندوة على المداخلات فقط بل تخللها إلقاء بعض قصائد المرحوم بالعربية مترجمة للأمازيغية إلى جانب قصيدة للشاعر إبراهيم صديقي تضمنت رثاء العيسى وحسرة على ما تعيشه سوريا في الوقت الحالي. وخلصت الندوة التي حضرها أعضاء من الحكومة ووجوه أدبية وفكرية إلى تقديم جملة من الهدايا الرمزية لعدد من المشاركين في الندوة يتقدمهم نجل الفقيد نيابة عن أسرته. للتذكير تلقى سليمان العيسى الذي ولد سنة 1921 بالنعيرية في أنطاكية بسوريا، تعليمه وثقافته الأولى على يد أبيه أحمد العيسى في القرية فحفظ القرآن والمعلقات وديوان المتنبي وآلاف الأبيات من الشعر العربي، وشارك بقصائده القومية في المظاهرات والنضال القومي ضد الانتداب الفرنسي على سوريا وهو في الصف الخامس والسادس الابتدائي ليواصل دراسته الثانوية في حماة واللاذقية ودمشق. كما اشتغل مدرسا بدار المعلمين ببغداد وفي مدارس حلب وموجها أولا للغة العربية في وزارة التربية السورية، كما فاز الفقيد الذي كان من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب سنة 1969 بالعديد من الجوائز وحظي بتكريمات من بينها وسام "صديق الثورة الجزائرية"سنة 2004، وفي سنة 1990 انتخب عضوا في مجمع اللغة العربية بدمشق وتحصل سنة 2000 على جائزة الإبداع الشعري.