أمطار رعدية غزيرة على العديد من ولايات الوطن    استقلال فلسطين حق تاريخي ثابت يدعمه البرلمان العربي حتى يتحقق على أرض الواقع    شروط الصين لتصدير السيارات الأقل من 3 سنوات    الرئيس تبون يترأس اجتماع مجلس الوزراء    نحو قيام دولة فلسطين..؟!    الوساطة الألمانية عجز فرنسا عن إدارة نزاعها مع الجزائر    الوزارة بصدد تعديل القانون المحدد لقواعد منح السكن    خنشلة : توقيف شقيقين وحجز 5200 وحدة كحول    توقيف شخص تورط في قضية سرقة    ارتفاع نسبة اكتشاف حالات السرطان    ها هي الحرب الباردة تندلع على جبهة الذكاء الاصطناعي    عميد جامع الجزائر من بسكرة:رقمنة العربية مدخلٌ لصون الهوية وإرساخ السيادة الثقافيّة    اللغةُ العربية… إنقاذٌ أمِ انغلاق    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    الجزائر ركيزة إعلان الدولة الفلسطينية    الخضر يستعدون..    شهر للعربية في الجزائر    رفع الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة    الجزائر تشهد نهضة تنموية شاملة.. وعلاقتها بمصر نموذج للتضامن العربي    الجزائر ملتزمة بالارتقاء بعلاقاتها مع الفيتنام    ممتنون للجزائر دعمها القوي والحاسم.. ومهتمون بتجربتها التنموية    عودة العائلات المتضررة من الحرائق إلى منازلها    النخبة الوطنية تراهن على جمع نقاط مؤهلة لأولمبياد 2028    افتتاح معرض "لقاء الخط بوهران"    حرائق الغابات بتيبازة:العائلات تعود إلى منازلها    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    حنون تشرف على لقاء جهوي    إحصاء العائلات الحرفية المعوزة    الجيش الوطني يستفيد من مرافق صحّية جديدة    طموح كبير لدورفال    هؤلاء أبرز المرشحين لجوائز الأفضل من فيفا    الأستاذ محمد حيدوش : بناء مجتمع متعلم وذكي سبيل حقيقي لتقدم الأمّة    مشاركة جزائرية في الأبطال الخمسون    لاناب ترعى مسابقة وطنية ودولية    طلبة.. مُبتكرون    الثوابتة: الجزائر سند حقيقي    أربعة مبادئ حاكمة ترسم مستقبل غزة    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    "حرب الشتاء" بلا مغيث في غزة : غرق عشرات الخيام في مواصي خان يونس بمياه الأمطار    أولمبياد المهن 2025... منصة وطنية لترقية الكفاءات التقنية ودعم الشباب    تكريم الفائزين في الطبعة الخامسة من المسابقة الأدبية الوطنية "أم سهام" للقصة القصيرة    مذكرة تفاهم جزائرية–بريطانية لتعزيز قدرات الشرطة في التحليل المتقدم للبصمات الإلكترونية    حركة تنموية استثنائية بولايات الجنوب    هكذا تمارس "الخدمات الإلكترونية".. والحبس للمتلاعبين بالمعطيات الشخصية    الترجي التونسي يدعم بلايلي ويؤكد بقاءه مع الفريق    اكتشفت سليماني ومحرز وهذا سر تعلقي بالجزائر    يوم تكويني حول الخدمات النفسية في الأزمات والكوارث    فيانسو يرسم جسور الإبداع السينمائي    بحث سبل بناء منظومة متكاملة    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللهم احفظ لنا بوتين ليواصل قصفنا
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 12 - 2015


بقلم: هيفاء زنكنة
في متاهة الأحداث المفجعة في بلادنا يبدو مجيء صباح آخر لا يحمل في ساعاته مأساة جديدة أو مفارقة غرائبية موجعة للعقل والقلب شبه مستحيلة. المفارقات الغرائبية تهطل على الناس كالمطر الأسود بزخات لا يمكنهم فرزها أو التوقف للتفكير بها. فيصبح القبول بها هو الحل الواقعي الوحيد. ويصبح تسارع الأحداث هو المبرر لرخو مدارك دعاة القبول بالأمر الواقع على حساب الكرامة والوطنية والسيادة وإلا كيف نفسر مناشدة نخبة من مثقفين وساسة ورجال دين عرب ( بعد الترحيب الأجنبي) بقصف بلدانهم واحتلالها من قبل حكومات ذات سياسة خارجية فاشية سواء كانت السياسة متسربلة بالرأسمالية أو الاشتراكية أو الطائفية الدينية!
القصف الإنساني الذي تستجديه النخبة العربية متنوع المصادر. هناك قصف التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية المكون من 62 دولة (بضمنها السعودية والإمارات والأردن) بقيادة أمريكا المستهدف لسوريا والعراق سوية أو على انفراد. هناك قصف التحالف العربي بقيادة السعودية المستهدف لليمن. وقصف روسيا لسوريا الآن والعراق على الطريق إذا ما استجابت روسيا لدعوات مناشدة النظام خاصة بعد أن تجاوز القصف الروسي لفرط ترقبه والرغبة فيه مفهوم المساعدة الإنسانية ليستحوذ على بعد آخر في صلب التقرب والتواصل الديني - الآلهي. وانتقل من مرحلة التمني الفردي إلى الدعاء الرسمي الجماعي. حيث قال آية الله موحدي كرماني في خطبة صلاة الجمعة الماضية نيابة عن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي: أدعو الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على روسيا بنجاحات أكثر في القضاء على تنظيم الدولة فصرخ الحاضرون: آمين. مما شجع كرماني على استنباط سبب واقعي يبرر به السمو الروحي المفاجئ لبوتين فقال: إن الوضع في سوريا يتحسن بعد هذه الغارات وإن أكثر من مليون لاجئ سوري عادوا إلى أراضيهم عقب الغارات الجوية الروسية . السؤال هنا: إذا كان القصف الروسي قد أوجد الحل لمأساة مليون لاجئ سوري خلال أسابيع معدودة من القصف فلم لا يتبنى مجلس الأمن قرارا ملزما لبوتين بإرسال طائرات السوخوي لقصف أي بلد يعاني من مشكلة الهجرة من الصومال إلى نيجيريا؟ أليس هذا حلا منطقيا؟
الحقيقة هي أن القصف الروسي دفاعا عن مصالح القومية الروسية السياسية والاقتصادية ومنها منافسة أمريكا وبريطانيا على سوق تجارة السلاح أضاف إلى كارثة الدمار اليومي أداة قتل جديدة نجحت حتى الآن بقتل 550 مدنيا في سوريا. وإذا كانت بريطانيا المساهمة بقصف العراق بمعدل 300 مرة من مجموع 1300 مهمة طيران سنويا تقاتل الآن لتوسيع قصفها لسوريا مزاحمة بذلك أمريكا وفرنسا وروسيا في القصف لتضيف إلى الإرهاب إرهابا هل نلام إذا ما اعتقدنا أن هناك حملة إبادة لأهلنا بغض النظر عن سفسطة منهجية أو عفوية أو تخبط القائمين بذلك؟
العالم كله يعرف الآن أن مقاتلي تنظيم الدولة لم يعودوا يتواجدون في قواعد نائية خارج المدن. بل يتمركزون بين السكان لتجنب القصف المباشر. وكان وزير الدفاع الأمريكي السابق قد أشار إلى ذلك في سبتمبر 2014. فلم الاستمرار بقصف المدن الآهلة بالسكان بل والعمل على زيادة القصف كما تنوي بريطانيا وكما تفعل فرنسا قبل وبعد جريمة باريس؟ هل بالإمكان بناء سلام حقيقي عن طريق الانتقام؟
في هذه الحالة ما هو الفرق بين الحكومات والمنظمات الإرهابية إذا كان الكل يتعامل مع المدنيين كرهائن؟
هذا هو الفرق
لمحاولة جرد الفرق بين إرهاب وإرهاب يستحق القراءة تقرير الخليج أونلاين المعنون أخطاء التحالف باستهداف مدنيي الموصل المنشور يوم 28 نوفمبر. يقدم التقرير قائمة موثقة بالزمان والمكان وأحيانا بأسماء ضحايا قصف قوات التحالف من أهل الموصل. تمثل القائمة على كثرة الضحايا غيضا من فيض إذ ليس من صالح كلا الجانبين المتقاتلين إحصاء الضحايا. فكل قصف جوي مهما كان ادعاء دقته واستهدافه تنظيم الدولة ومع افتراض حسن النية يؤدي بالضرورة إلى سقوط ضحايا مدنيين قد يكونون في محيط العملية أو في المنطقة ذاتها أو جراء الإصابة بشظايا التفجيرات. ففي الأشهر الثلاثة الأولى من 2015 مثلا قتل أكثر من 30 مدنياً بينهم نساء وأطفال بتكرار قصف طيران التحالف لسيارات أجرة كانت تقلهم إلى بغداد هربا من تنظيم الدولة . في 21 ماي 2015 قتل نحو 25 مدنياً أغلبهم نساء وأطفال وأصيب أكثر من 50 آخرين إثر غارة جوية. في 29 سبتمبر 2015 سقط 11 قتيلاً من المدنيين وأصيب 31 بغارة جوية استهدفت مقر دائرة الوقف السني في الموصل الذي اتخذه التنظيم مقراً لديوان الدعوة والمساجد إذ تم إطلاق صاروخ على مقر الديوان الذي يقع وسط سوق مزدحم وعندما هرع المدنيون بعد الضربة الأولى إلى سياراتهم للفرار نفذت الطائرة ضربة أخرى على المرأب أسفرت عن ارتكاب مجزرة بحق المدنيين .
وبينما اعترف الجيش الأمريكي في السادس من جانفي 2015 للمرة الأولى باحتمال سقوط ضحايا مدنيين بغاراته على أراض في سوريا والعراق سارع عبود العيساوي النائب عن ائتلاف دولة القانون للدفاع عن التحالف معلنا عن عدم وجود تأكيدات حتى الآن على سقوط مدنيين في قصف طائرات التحالف الدولي !
الملاحظ أيضا أن أجهزة الإعلام الغربية والحكام العرب لا يتحدثون عن جرائم التحالف. ولم يحدث وأدانتها جامعة الدول العربية كما لم يصدر أي مثقف يساري أو تيار ديمقراطي عراقي بيانا يعلن فيه كما تم إزاء جريمة باريس تضامنه مع أهل الضحايا ضد الإرهاب.
ولعل الأكثر خزيا من الصمت على إرهاب الدول هو ترحيب المثقفين المعلن والضمني بالجرائم المرتكبة تحت سياسة محاربة الإرهاب مقدمين إياها كأنها ولدت من رحم مجتمعاتهم وقناعاتهم. هكذا أصبح بوتين الذي لا يقل استبدادا وانتهاكا للحقوق الأساسية عن الحكام المحليين والإقليميين بطلا نتمنى عليه أن يقصفنا أكثر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.