أولمبياد المهن يمكن أن يفتح آفاقا واسعة    مبدأ الحكامة الانتخابية يضمن النزاهة والشفافية    اختتام فترة المراجعة الدورية    زروقي يشارك في مؤتمر التنمية العالمي للاتصالات    انتهاء أشغال إنجاز أكبر جسر للسكة الحديدية في الجزائر وإفريقيا    واشنطن تشارك تل أبيب احتلال القطاع    تكريم رياضي لرئيس الجمهورية    ترجي مستغانم يتعادل أمام اتحاد الجزائر    حملة وطنية لحماية الغطاء النباتي والثروة الحيوانية    59 حالة سرقة مسّت المنشآت الكهربائية والغازية    ارتفاع قياسي في سعر البيض    وردة آمال في ذمّة الله    الأستاذ محمد حيدوش : شجّعوا أولادكم على مشاريع شخصية لبناء الثقة وتطوير المهارات    مشاركون في المهرجان الدولي للفيلم القصير بتيميمون.. دعوة إلى تطوير الصناعة السينمائية وتحسين أدائها    هذا السبت بالمكتبة الوطنية.. منتدى ثقافي بعنوان "إلياذة الجزائر... النشيد الأبدي"    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    نشر الثقافة الدستورية وترسيخ قيم المواطنة الفعالة    مجلس الأمن لم يعتمد الأطروحات المغربية    التعديل الجزائري يمكّن الفلسطينيين من إقامة دولتهم    الجزائر ترفض جعل قرارها السيادي مطية للمساومات السياسية    الدفع بالشراكة الثنائية في مختلف المجالات    عروض "ريفولوشن" تضع الزبون في قلب القرار    تيميمون الأصالة وكرم الضيافة    مطالب بالترحيل ومنع رخص البناء عن المقاولات الخاصة    خطوة لحماية الفضاءات الطبيعية بسرايدي وشطايبي    دورات تكوينية لمحاربة الصيد الجائر حماية للثروة الحيوانية    المدرب عبد الحكيم مجاهد يرمي المنشفة    توزيع 136 عقد امتياز و43 عقد حيازة على الملكية    فريق عمل من "لوجيترانس" في تندوف    الهجوم هاجس المدرب بوقرة    شكرا تيميمون    ڈآيت نوري يؤكد طموحات "الخضر" في "كان" 2025    لابدّ من تعزيز قدرة السينما على إعادة رسم صورة الجنوب    الشعر التسمسيلتي مرتبط بالأرض والمعتقد    استغلال خام الحديد المستخرج من منجم غارا جبيلات .. خطوة استراتيجية لتعزيز السيادة الصناعية وتحفيز التنمية في الجنوب    النيجر : تعليق أنشطة عشرات المنظمات الإنسانية والتنموية    دعوة إلى تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية    المغير : تخصيص أزيد من 48 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية للاستثمار    وزير الشؤون الخارجية: حل الأزمة في مالي يكون عبر الطرق السلمية والسياسية الجامعة    الاحتلال ينفذ سلسلة غارات على شرق مدينة خانيونس .. عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    بوتين يعطي شارة البدء لبناء كاسحة الجليد النووية "ستالينغراد"    بالمغير وإيليزي..حملة تحسيسية حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان البروستاتا    سيدي بلعباس : عدة مشاريع تنموية قيد الإنجاز ببلديات دائرة رأس الماء    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    حذر من الضغوط..آيت نوري يرسم طريق الجزائر في كأس أفريقيا    حوارية مع سقراط    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    هو تجسيد فعلي لالتزامات رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية    مدينة لايبزيغ الألمانية تحتضن تظاهرة ثقافية    فتاوى : أعمال يسيرة لدخول الجنة أو دخول النار    أبو موسى الأشعري .. صوت من الجنة في رحاب المدينة    آية الكرسي .. أعظم آيات القرآن وأكثرها فضلا    ورقلة.. يوم دراسي لتعزيز ثقافة الاتصال داخل المرافق الصحية العمومية    وزير الصحة يبرز جهود القطاع    دعوة إلى تعزيز حملات التوعية والكشف المبكر    إبراز قدرات الجزائر ودورها في تعزيز الإنتاج الصيدلاني قاريا    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هرمجيدون لازالت قادمة؟!


بقلم: محمد السعيدي*
وثيقة استقلال الولايات المتحدة الأمريكية تم توقيعها عام 1776م وهي وثيقة سبقت الاستقلال الفعلي بسبع سنوات تقريباً لكن الولايات المتحدة ظلت تعمل بهذه الوثيقة فعلياً قرابة المائة وخمسين سنة وتحديداً حتى تورُطِها في الحربين العالميتين حيث يلاحظ المتابع أن روح المبادئ الأمريكية التي تضمنتها الوثيقة أصبحت مجرد شعارات لا حقيقة لها في السياسة الأمريكية الخارجية وإن كانت الحقائق في خارج حدود الدولة يتم تزييفها ليشعر بعض الناخبين الأمريكيين الذين لازالوا مؤمنين بمبادئ الإعلان بتوافق موقف بلادهم معها.
هذا الإعلان كتبه الأديب والفيلسوف والسياسي ابن الثلاثة والثلاثين عاماً في حينها توماس جيفرسون وتم توقيعه من قِبَل ستة وخمسين ممثلاً للولايات الثلاثة عشر والتي كانت ذلك الحين مجموع ما تسيطر عليه بريطانيا في الساحل الشرقي للقارة الأمريكية الشمالية.
تضمن هذا الإعلان: أن الله تعالى هو مصدر الحقوق تقول الوثيقة:(نحن نرى أن هذه الحقائق بديهية إن جميع البشر خلقوا متساوين وانهم وهبوا من خالقهم حقوقا غير قابلة للتصرف وأن من بين هذه الحقوق حق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة).
وتُعَد هذه الجملة: المؤثر الأكبر لعلاقة النظام الأمريكي بالدين منذ إنشائه حتى اليوم فإذا كانت هذه الحقوق منحة من الله تعالى فلا بد أن يكون تفسيرها مرجعه أيضا إلى الله تعالى وتعاليم الدين هي المعبرة عن مراد الله وكذلك فإن الاعتداء على حقوق البشر التي منحهم الله إياها يُعَد اعتداء على إرادة الله سبحانه وتعالى.
وإن كان تحرير الرقيق تم بعد هذه الوثيقة بمائة عام إلا أن أبرز الآباء المؤسسين والموقعين على الوثيقة كانوا من المؤمنين بحق العبيد في الحرية وعلى رأسهم جورج واشنطن الذي كان يرى ضرورة التدرج في تحرير الرقيق وقام بعتق جميع مماليكه في وصيته.
وفيما عدا موقف الولايات المتحدة بالغ السوء من الهنود الحمر كانت جل مواقفها في العالم داعم لمبادئ هذه الوثيقة.
أما الهنود الحمر فبقي طابع القسوة الشديدة في التعامل معهم هو الغالب على الحكومات الأمريكية بعد الاستقلال حتى توماس جفرسون الذي صاغ الوثيقة حين تولى الرئاسة كثالث رئيس للجمهورية عام 1801م قام بأعمال تضييق وتهجير للهنود الحمر وفيما سوى ذلك كانت الولايات المتحدة غالباً دولة محترمة من الجميع وأقول غالباً لأنه ولأسباب عديدة تأثرت سياسة الحكم بالفلسفات الجديدة في تفسير الأخلاق وأبرزها فلسفة وليم جيمس وجون ديوي النفعية والتي تُغَلِّب الباعث المصلحي على البواعث الدينية أو غيرها فحدثت جراء ذلك بعض الأخطاء التي خالفت فيها الولايات المتحدة مبادئ إعلان الاستقلال كالحرب الأمريكية الفلبينية عام 1898م لكن السِّمَة العامة للعلاقات العالمية الأمريكية كانت طيبة.
كان النفوذ الصهيوني الذي حذّر منه عدد من الآباء المؤسسين قد علا بشكل سريع وغير متوقع ويبدو أنه بعد الحرب العالمية الثانية بدأ يفعل فعله فتورطت أمريكا بادئ الأمر في جريمة دعم الصهاينة في إقامة كيانهم المزعوم في فلسطين ومن ثَمَّ الدعم العسكري للصهاينة في حرب 1948 في مرحلتها الثانية بعد الهدنة الأولى وأصبحت مصلحة هذا الكيان هي المحركة للسياسات والعلاقات الأمريكية في المنطقة وقد تضخم هذا الانحراف حتى لم يعد مقصوراً على سياسات أمريكا في الشرق بل طغى حتى على سياساتها في أمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا الأمر الذي جعل الولايات المتحدة من أكثر الدول كراهية على مستوى العالم.
وزاد هذا الشعور في فترة حكم كل من رونالد ريجان وجورج بوش الأب ثم جورج بوش الابن.
مما اضطر المُخَطِّطين الأمريكيين الذين يعملون في الخفاء [تصور خاص] إلى السعي لتشجيع فوز شاب أسود بمنصب رئاسة الإدارة الأمريكية كي تُجَمِّل الصورة التي عمل ريجن ومن بعده في تقبيحها.
لكن هذا الرئيس الجديد ظل سائراً على السياسات المستأسرة للمصالح الصهيونية وكان من أبرزها دعم النظام الإيراني في جرائمه ضد شعبه وضد الشعوب المجاورة لدرجة إرسال رسائل لا خفاء فيها من قيادات إيرانية بأن هدفهم إسقاط الأنظمة المجاورة والاستيلاء عليها.
فرصة الرئيس ترمب اليوم في إعادة السياسة الأمريكية إلى أحد مساريها التاريخيين: المسار الإيماني الأخلاقي والذي وقع عليه الآباء المؤسسون أو المسار النفعي [ البرغماتي] فكلا المسارين يمكن التعامل معهما من قِبَل الدول الإسلامية لأنهما مساران يمكن فهمهما كما يمكن إعداد الخطط الاستراتيجية اللازمة للتعامل معهما.
أما الانحراف الشديد الذي بدأت فيه السياسة الأمريكية غير مفهومة حتى على نطاق المصالح الأمريكية فهو مسار يعجز عن فهمه حتى الأمريكيون والذي تمثل في دعم الفوضى الخلاقة في العراق وسوريا وافتعال ثورات وحروب ومشكلات خطيرة في المنطقة من أجل إعادة تقسيمها واغتصاب ثروات دولة كالعراق ضمن دعم مشاريع تقتيل أهلها وتهجيرهم ولعب مسرحيات كاذبة مع دولة إرهابية كإيران أو كيان مصطنع كالكيان الصهيوني وشن حروب على دول ضعيفة منهكة كأفغانستان والسودان وتربية تيارات متطرفة في الخفاء كالقاعدة وداعش ثُمَّ مقاتلتها في العلن من أجل الضغط على دولة حليف كالسعودية ونسبة هذه الجماعات المنحرفة إلى معتقدها.
هذا المسار لم يستطع أن يقدم أي منفعة سياسية للولايات المتحدة ولا منفعة مادية ومنفعته الوحيدة هي للكيان الصهيوني وتعزيز مكانته في المنطقة عبر إضعاف وتجزيئ الدول من حوله ولو كان ذلك على حساب الأرواح والحريات بل ولو كان على حساب الشعب الأمريكي المنهك نفسه.
نرجوا أن يكون الجديد في سياسة ترمب هو التخلي عن هذا المسار المنحرف الذي بدأت أمريكا في التقدم نحوه إبتداءً من عهد الرئيس رونالد ريجان الذي قال بكل جراءة لا أذكر أن أحداً من رؤساء أمريكا سبقه إليها _إن هرمجيدون قادمة_ وهي المعركة الفاصلة والتي تبشر الكتب اليهودية بأنهم سيقتلون فيها جميع الكنعانيين وهذا الطموح من رونالد ريجن صاحب الرؤساء الأمريكيين من بعده حتى لَيُخَيَّل إلينا أن جميعهم كانوا يُعِدُّون لهذه المعركة.
إن العقود بعشرات المليارات التي وقعتها بلادنا مؤخراً ليست إعانات تقدمها السعودية لأمريكا بل هي مشاريع يجب أن يستفيد منها الشعبان السعودي والأمريكي الشعب الأمريكي الذي ظل طيلة العقود الثلاثة الماضية يدفع الضرائب كي تغزوا بلاده دولا لا ناقة له فيها ولا جمل ينبغي أن تكون هذه العقود حلاً لمشكلاته المادية وتكذيباً عملياً للدعاية التي تحمل البغضاء والكراهية للمسلمين ويؤججها الإعلام الأمريكي.
الآباء المؤسسون لأمريكا لم يؤسسوها على عداوة المسلمين أو تسخير مقدرات بلادهم وقوتها من أجل نصر شعوب ضد شعوب أخرى: بل من أجل مبادئهم التي أعلنوها في وثيقتهم التاريخية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.