* د. علي العتوم قال تعالى: ومَنْ أحسنُ قولاً مِمَّنْ دعا إلى اللهِ وعَمِلَ صالحاً وقال: إنّنِي مِنَ المسلمينَ. ولا تستوي الحسنةُ ولا السيِّئَةُ ادْفَعْ بالتي هِيَ أحسن فإذا الذي بينكَ وبينهُ عداوَةٌ كأنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ. وما يُلقّاها إلاّ الذينَ صَبَرُوا وما يُلقّاها إلاّ ذو حَظّ عظيم . وإمّا ينزغنَّكَ مِنَ الشيطانِ نَزْغٌ فاستَعِذْ باللهِ إنَّهُ هُوَ السميعُ العليمُ (فُصِّلَت: 41/33-36). تعليقات: 1. التعريف: الخُلُق: أعظمُ ركائز الإسلام وأجملُ حُلاه. وبه مَدَحَ اللهُ أعظم بشر وهو الرسول الكريم بقوله: (وإنَّكَ لعلى خُلُق عظيم ). وقال عليه الصلاة والسلام عن نفسه: (إنّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارِمَ الأخلاقِ) وفي حديث آخر قال - لِمَنْ سأله بماذا يُوصيه -: (اتَّقِ اللهِ حيثما كنتَ واتْبِعِ السيِّئةَ الحسنةَ تمْحُها وخالِقِ الناسَ بخُلُق حَسَن ). وقال الحكيم: وإنّما الأُمَمُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ فإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أخلاقُهم ذَهَبُوا ومن عناصر الخُلُق الصبرُ على الأذى وطاعةُ الله والصفحُ عن الزلاّت والسماحةُ في التعامل والتروِّي في الحُكُم. ورأسُ كُلِّ ذلك الإيمانُ باللهِ. 2. المعاني: ومن أحسنُ قولاً: الاستفهام هنا معناه النفي أي لا أحدَ أحسنُ قولاً منه ويُذكر أنّ المقصود بهؤلاء المؤذِّنون الصلحاء كما جاء في صحيح مسلم: (المؤذِّنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة) وفي السُّنن مرفوعاً: (الإمامُ ضامنٌ والمؤذِّنُ مؤتَمَن. فأرشَدَ اللهُ الأئمةَ وغفر للمؤذِّنين) وإن كانت الآيةُ عامّةً في المؤذِّنين وغيرهم كما يقول ابن كثير. وليٌّ حميم: صديق مُخلِص مناصر حميم. ينزغنّك من الشيطان نزغٌ: يُصيبنَّكَ طائف من الشيطان فيصرفك عن الخير. 3. ما يستفاد من الآيات: أ- الداعية إلى الخير أيّاً كان المؤذِّنُ إلى الصلاة أو المُصْلِح بين الناس أو المُرَغِّب في دخول غير المسلمين في الإسلام أو اللافت نظر المسلمين إلى الاهتمام بأمور دينهم آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر أو المطالب بتحكيم شرع الله وإقامة حدوده هؤلاء لا أحد أفضل منهم. ب- فرق ما بين السيئة والحسنة بعيدٌ كبُعد ما بين السماء والأرض أو ما بين الحقِّ والباطل أو الحَسَنِ والقُبْح. فالسيئةُ داعيةُ منكر ونشر ضلالة وفساد والحَسَنَة داعيةُ معروف ونشر عدل وإحسان . ج- الخُلُقُ الحَسَن سيِّد الفضائل ومن أمثلته تقديم الصبر على الغضب والحِلْمِ على الجهل والعَدْلِ على الجَوْرِ وأنْ يُؤْخَذَ بالوسطية في الأمور فلا إفراط ولا تفريط. فهذا ينشر الوئام بين الناس ويقضي على الإحن والعداوات أو يُخفِّفها. والأخلاق الحسنة لا يُؤتاها إلاّ كُلُّ ذي حَظّ عظيم من رضوان الله. د- دواء عداوة الإنسان بالحِلْم عليه والصفح عنه والكلمة الطيبة تُلقى إليه وأمّا عداوة الشيطان فلا دواء لها إلاّ بالاستعانة بالله عليه والاستعاذة به منه.