71 عاماً على تفجير ثورة نوفمبر أقوى صفعة في وجه فرنسا ن. أ شكّل تفجير الثورة التحريرية ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 صفعة قوية لفرنسا الاستعمارية بل يمكن اعتبارها الصفعة الأقوى ومفاجأة كبرى لم تكن متوقعة من طرف قواتها حسب ما أكدته شهادات مجاهدين بمنطقة الأوراس. وبهذا الخصوص ذكر المجاهد محمد عمايري الذي التحق بصفوف الثورة مع نهاية 1955 بعد فراره من الجيش الفرنسي محملا بسلاحه أن الهجومات المنفذة في تلك الليلة أرعبت وأربكت جيش الاحتلال الفرنسي الذي سارع إلى حشد قواته لمحاصرة الأوراس في محاولة لإخماد لهيب الثورة والحيلولة دون توسع نطاقها. وأضاف المتحدث الذي كان ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 مجندا لأداء الخدمة الإجبارية في صفوف الجيش الفرنسي بمركز المنصورةبقسنطينة أن خبر اندلاع الثورة الذي تصدر الجرائد آنذاك أحدث هلعا في صفوف عساكر فرنسا وجعل الإدارة الاستعمارية تعمد إلى إرسال فرق مختلطة (جنود فرنسيين وجزائريين مجندين إجباريا) من قسنطينة إلى الأوراس مشيرا إلى أنه كان ضمن الفرقة ال25 التي وجهت إلى مركز جمورة ببسكرة فيما أرسلت فرق أخرى مماثلة إلى مناطق مختلفة بالجهة لا سيما باتنة وخنشلة. ودفعت حادثة فرار المجاهد أمحمد حابة (ابن تكوت المتوفي عام 2016) من منطقة لولاش (بلدية مزيرعة ببسكرة حاليا) والذي كان ضمن المجندين إجباريا والمرسلين في إطار الفرق المختلطة إلى منطقة الأوراس قوات الاحتلال إلى إصدار أوامر بإعادة هؤلاء المجندين في صفوفها إلى قسنطينة فورا لتفادي فرارهم والتحاقهم بالثورة يضيف ذات المصدر. أما المجاهدان المتوفيان أوصيف محمد لخضر بن مسعود ومحمد بن عمر بيوش واللذان كانا ضمن الفوج الذي نفذ الهجوم على الثكنة العسكرية بقلب مدينة باتنة ليلة الفاتح نوفمبر1954 فقد أكدا في شهادة سابقة لوأج أن تلك العملية كانت مفاجأة كبرى للعدو وأن الجندي الذي كان موجودا بباب الثكنة ظل في حالة ذهول ودهشة لما شاهد المجاهدين (2) بالأسلحة ولم يحاول إيقافهما أو إخبار الجنود الآخرين. وجاء في شهادة المجاهدين الراحلين قولهما: لم نكترث وقتها لتصرف الجندي الفرنسي وأكملنا مهمتنا بإطلاق النار على مركز المراقبة مخلفين 3 قتلى ثم غادرنا بسرعة لأن صفارات الإنذار دوت بمجرد إطلاقنا النار ليتم تطويق وسط المدينة بالعساكر والدبابات في أقل من ربع ساعة إلا أننا كنا خارج منطقة الخطر . وقد أجمعت شهادات ذات المجاهدين أن التكتم والحذر كانا سر الاندلاع الموفق لثورة الفاتح من نوفمبر 1954 حيث حرص الشهيد مصطفى بن بولعيد على إحاطة كل تحركاته بمنطقة الأوراس بالسرية التامة ومن ذلك الاجتماعين التاريخيين بدار الإخوة بن شايبة بدشرة أولاد موسى (إيشمول) وديار بولقواس بخنقة لحدادة بمنطقة تيبيكاوين (فم الطوب) اللذين تم خلالهما توزيع الأسلحة . وحسب شهادة المجاهد المتوفي عمار بن شايبة المدعو علي الذي احتضن منزله العائلي اجتماع توزيع الأسلحة بدشرة أولاد موسى فإن مصطفى بن بولعيد أعطى أوامر صارمة لمساعديه المقربين مفادها أن كل من يدخل ديار بن شايبة يوم 28 أكتوبر 1954 لا يخرج منها إلا بأمر شخصي منه أو في التوقيت المتفق عليه لكل فوج لبلوغ الأهداف عند الساعة الصفر من الليلة الموعودة (الفاتح من نوفمبر 1954) بمن فيهم الذين كانوا يقطنون بجوار دشرة أولاد موسى. وذكر المجاهد أحمد قادة الذي كان ضمن مجموعة من كانت تصفهم فرنسا الاستعمارية ب الخارجين عن القانون التي أرعبت المستعمر بجبال الأوراس في الأربعينيات أن اجتماع لقرين التاريخي الذي تم عقده في سرية تامة وحراسة مشددة لحوالي 200 مناضل في آخر أسبوع من أكتوبر 1954 بقرية بولفرايس (بلدية أولاد فاضل حاليا) بمنزل المناضل عبد الله بن مسعودة المدعو مزيطي كان منعرجا حاسما في مسار الثورة التحريرية المظفرة. وأشار إلى أنه تم استنساخ بيان أول نوفمبر 1954 وتوزيع الأدوار وتحديد الأفواج لمناطق باتنة وخنشلة وبسكرة والكشف عن موعد تفجير الثورة وكذا الأهداف التي سيتم ضربها بحضور كل إطارات الثورة بالأوراس ومنهم عباس لغرور وعاجل عجول وشيحاني بشير والطاهر نويشي. وقد افتتح مصطفى بن بولعيد اللقاء -حسب شهادة المجاهد قادة- بإلزام كل الحاضرين بأداء اليمين والوفاء وعدم إفشاء السر مهما كانت الظروف والأحوال حيث كان ذلك سر نجاح الثورة وانتصار المجاهدين على أعتى قوة استعمارية بفضل حنكة من خططوا لها وفجروها من أبناء الجزائر البررة الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل الاستقلال.