عطاف يحل بالدوحة للمشاركة في الدورة الثالثة لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان    وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي يستقبل مجموعة من ممثلي المنظمات النقابية    عون يؤكد على أهمية الاستثمار في الصناعة التحويلية الغذائية    قسنطينة: إقبال لافت على الصالون الدولي للسياحة و الأسفار "سيرتا سياحة 2024"    الأمم المتحدة : بعثة أممية في غزة لتقييم الدمار اللاحق بمنشآت الأونروا    المجلس الأعلى للشباب/ يوم دراسي حول "ثقافة المناصرة" : الخروج بعدة توصيات لمحاربة ظاهرة العنف في الملاعب    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي/منافسة الأفلام القصيرة: أفكار الأفلام "جميلة وجديدة"    الكيان الصهيوني يكثف غاراته على جنوب لبنان    قال إن المركزية النقابية ستراجع منهجية عملها مستقبلا: تاقجوت يثمّن إجراءات الرئيس تبون لصالح العمال    لرفع العراقيل عن شركات النقل واللوجيستيك: إطلاق منصة رقمية لصندوق ترقية الصادرات اليوم    حملوه نقل تحياتهم إلى رئيس الجمهورية: العرباوي يلتقي الرئيسين الكيني والموريتاني ورئيس الوزراء الإثيوبي    بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية    عرقاب يؤكد من إيطاليا: الجزائر ملتزمة بتعزيز دورها كمزود موثوق به للطاقة    عطاف في مكالمة هاتفية مع نظيرته السنغالية: الجزائر تريد مرحلة جديدة في علاقتها مع السنغال    بعد سقوط الكاف في مستنقع الأخطاء    في انتظار ضبط تاريخ نهائي الكأس: تأخير موعد الجولة 25 لبرمجة مواجهتين مؤجلتين    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    سياسة الاحتلال الصهيوني الأخطر في تاريخ الحركة الأسيرة    هكذا يُمهّد الصهاينة لاجتياح رفح..    ترقية التعاون بين "كوصوب" وهيئة قطر لأسواق المال    مجلس الأمة يشارك في منتدى حوار الثقافات بأذربيجان    رابح بيطاط.. مسار مجاهد من التحرير إلى البناء    الشروع في تنفيذ غراسة نموذجية لإنتاج شتلات الأرقان    نظام جديد لتشفير بيانات متابعة طلبات الاستيراد    الاحتلال يفشل في تشويه "الأونروا"    بهدف القيام بحفريات معمقة لاستكشاف التراث الثقافي للجزائر: مولوجي:منحنا 152 رخصة بحث أثري على المستوى الوطني    هذه الأمور تصيب القلب بالقسوة    شباب بلوزداد يستنكر أحداث مباراة مولودية وهران    أنديتنا أظهرت مستوى رفيعا بالموعد القاري في وهران    منتخبو بلدية المحمدية ينهون حالة الانسداد    مفتشتان من وزارة الريّ بعنابة    "حماس" ترد على مقترح إسرائيل بوقف إطلاق النار 40 يوما    محرز يقود ثورة للإطاحة بمدربه في الأهلي السعودي    إبراز أهمية إعادة تنظيم المخازن بالمتاحف الوطنية    بلومي يُشعل الصراع بين أندية الدوري البرتغالي    بن رحمة يُهدي البياسجي اللقب!    لا بديل عن تعزيز الجهود لدعم ومرافقة مشاريع تربية المائيات    الشرطة تواصل مكافحة الإجرام    مصادرة 100 قنطار من أغذية تسمين الدجاج    لا أملك سرا للإبداع    السعي متواصل لاستكمال هويتها الفلسطينية الجزائرية    إخماد حريق شب في منزل    الجزائر تتحول إلى مصدّر للأنسولين    استئناف حجز التذاكر للحجاج عبر مطار بأدرار    عنابة: حجز قرابة 30 ألف قرص مهلوس    مهرجان عنابة.. فرصة مثالية لاسترجاع جمهور السينما    الوريدة".. تاريخ عريق يفوح بعبق الأصالة "    موعد عائلي وشباني بألوان الربيع    الجزائر وفرت الآليات الكفيلة بحماية المسنّين    ذِكر الله له فوائد ومنافع عظيمة    هنية يُعبّر عن إكباره للجزائر حكومةً وشعباً    سنتصدّى لكلّ من يسيء للمرجعية الدينية    دورة تدريبية خاصة بالحج في العاصمة    عون أشرف على العملية من مصنع "نوفونورديسك" ببوفاريك: الجزائر تشرع في تصدير الأنسولين إلى السعودية    تعزيز القدرات والمهارات لفائدة منظومة الحج والعمرة    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنما تنصرون بضعفائكم..
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 10 - 2013

ظل النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة يدعو الناس إلى توحيد الله وعبادته، سراً وجهاراً، ليلاً ونهاراً، ويحذرهم من الشرك وعبادة الأصنام، وكفار مكة ينتقلون من أسلوب إلى أسلوب آخر، في صدَّ الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن دعوته.
ومن هذه الأساليب التي انتهجوها محاولة إبعاد النبي صلى الله عليه وسلم عن المستضعفين والفقراء من أصحابه الذين آمنوا به، كخبّاب، وعمّار، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية، وغيرهم ممن لهم منزلة كبيرة عند الله، وإن لم يكن لهم جاه ومنزلة عند الناس.
فبين الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم علو شأن هؤلاء الصحابة الكرام، ومنزلتهم العالية عند الله، والتي يجهلها الكفار ويحاولون أن ينالوا منها، بل ويزيد الله على ذلك أن نهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن طردهم أو إبعادهم، فأنزل الله تعالى قوله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ }(الكهف: من الآية28).
وهذه الآية وإن كانت خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم فإنها خطابٌ وأمر لأتباعه من أمته، لما تقرر عند العلماء أن الخطاب له صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته وأتباعه ما لم يمنع مانع ويدل دليل على الخصوصية.
قال ابن كثير في تفسيره: وقوله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}، أي اجلس مع الذين يذكرون الله، ويهللونه، ويحمدونه، ويسبحونه، ويكبرونه، ويسألونه بكرة وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء، أو أقوياء أو ضعفاء).
وقال الواحدي في أسباب النزول: (عن سلمان الفارسي قال: جاء المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، وذووهم، فقالوا: يا رسول الله، إنك لو جلست في صدر المجلس، ونحيت (أبعدت) عنا هؤلاء، وأرواح جبابهم - يعنون سلمان، وأبا ذر، وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جباب الصوف لم يكن عليهم غيرها - جلسنا إليك، وحادثناك، وأخذنا عنك ! فأنزل الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم ْ}، حتى إذا بلغ {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً}(الكهف من الآية 29)، يتهددهم بالنار، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله تعالى قال: (الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا ومعكم الممات).
وعن خباب - رضي الله عنه - قال: (جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صهيب وبلال وعمار وخباب، قاعداً في ناسٍ من الضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حول النبي - صلى الله عليه وسلم - حقروهم، فأتوه فخلوا به، وقالوا: إنا نريد أن تجعل لنا مجلساً تعرف لنا به العرب فضلنا، فإن وفود العرب تأتيك، فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد! فإذا نحن جئناك فأقمهم عنك، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم إن شئت، قال: نعم، قالوا: فاكتب لنا عليك كتاباً، قال: فدعا بصحيفة، ودعا علياً ليكتب - ونحن قعود في ناحية -، فنزل جبرائيل عليه السلام فقال: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}(الأنعام: 52).
ثم ذكر الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن فقال: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ }(الأنعام:)، ثم قال: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}(الأنعام: 54).
فألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيفة من يده ثم دعانا، قال: فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته، وهو يقول: سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلس معنا، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُم ْ}: ولا تجالس الأشراف {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} يعني: عيينة والأقرع {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} .. قال خباب: فكنا نقعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها، قمنا وتركناه حتى يقوم) رواه ابن ماجه.
إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن رسولاً لفئة من الناس، بل كان رسولاً للناس كافة، للأسياد والعبيد، والفقراء والأغنياء، والرجال والنساء، وللعرب والعجم، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (سبأ:28)، ومن خلال حياته وسيرته صلى الله عليه وسلم رأينا أن تعامله مع الضعفاء والمساكين كان له شأن خاص، يعيش معاناتهم، ويقضي حوائجهم، ويزور مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويواسي فقيرهم، ويرحم ضعيفهم.
عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه قال : (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم) رواه الحاكم، وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه في وصفه للنبي صلى الله عليه وسلم قال: (.. ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته) رواه النسائي.
إنما تنصرون بضعفائكم
من الفوائد الهامة لهذا الموقف من حياة وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم الحثُّ على مجالَسة الصالحين الأخيار حتى لو كانوا فقراء أو ضعفاء، فإن في مجالستهم خيرًا كثيرًا، وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم فضلهم، وأنهم من أسباب انتصار المسلمين، فكم مِنْ نصرٍ عَبْر التاريخ نُسِبَ في الدنيا لشخصيات بارزة من أعلام القادة والعلماء والمجاهدين، وأما عند الله فقد يكون له سبب آخر، وهو دعوة صادقة خالصة من رجل صالح من فقراء وضعفاء المسلمين، لا يعلمه ولا يفطن إليه أحد.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (إنَّما يَنصر الله هذِهِ الأمَّة بضَعيفِها، بدَعوتهم وصلاتهم، وإخلاصهم) رواه النسائي، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كم من أشعثَ أغبر، ذي طِمرينِ، لا يؤبَه له، لو أقسمَ على اللَّهِ لأبَرَّه) رواه الترمذي.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما تُنصرونَ وتُرزقونَ بضعفائكم) رواه أحمد.
قال ابن حجر: (قال ابن بطال: تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء، وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا).
ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بالرحمة بالفقراء والضعفاء، والخدم والعبيد، وأوصى برحمة اليتامى وكفالتهم وإصلاح أحوالهم ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.