الصفقة كلّفت البنك الوطني الجزائري خسارة 03 ملايير ونصف ناقشت أمس محكمة جنايات العاصمة واحدا من ملفات الفساد التي طالت إدارة بريد الجزائر بداية تسعينيات القرن الماضي، والتي تتعلّق بصفقة استيراد أجهزة هواتف نقّالة للسيّارات كلّفت بنك الوطني الجزائري وكالة (تشي غيفارا) خسارة 3 ملايير و500 مليون سنتيم، حيث تمّت متابعة مسيّر شركة (سيدام) وشريكه بتهم ثقيلة تتعلّق بجناية إبرام صفقة مع إدارة البريد والمواصلات والاستفادة من سلطة أعوان هذه الإدارة بالزيادة في الأسعار ونوعية الأجهزة الهاتفية المستوردة وإبرام صفقة مخالفة لمصالح الدولة وجريمة مخالفة قانون الجمارك. وقائع الملف التي عادت بعد الطعن بالنقض الذي تقدّمت به النيابة العامّة لدى المحكمة العليا على خلفية استفادة المتّهمين من حكم البراءة تعود إلى سنة 1991 عندما أعلنت وزارة البريد وتكنولوجيات الاتّصال عن صفقة اقتناء أجهزة هواتف نقّالة خاصّة بالسيّارات، وقد رسى العرض على شركة (سيدام) التي قامت بإبرام الصفقة مع شركة (تانكال) الدانماركية من أجل استيراد 1033 جهاز هاتفي من نوع (9200 ب 3) مقابل 10 ملايين أورو دانماركي عن طريق اعتماد مستندي بنكي، غير أنه تبيّن أن الصفقة عرفت عدّة خروقات من بينها عدم مطابقة المواصفات والنّوعية، إلى جانب عدم احترام السند البنكي المتّفق عليه. حيث توصّلت التحرّيات إلى أنه تمّ استيراد هواتف نقّالة من نوع (9000 ب 3) ولا تتميّز بنفس الخصائص الموجودة في العقد التجاري، إلى جانب أن عملية الاستيراد لم تحترم الإجراءات الجمركية، حيث كان من المقرّر أن تتمّ العملية على دفعات، حيث تضمّ الدفعة الأولى 250 جهاز والدفعة الثانية 285 جهاز أمّا الدفعة الثالثة فكان من المقرّر أن تضمّ 498 جهاز، غير أن العملية تمّت دفعة واحدة، ما جعل الجمارك تحجز 498 جهاز لعدم التصريح بها من طرف إدارة الشركة، فضلا عن فارق السعر المسجّل في الصفقة والمسجّل في العقد التجاري الذي استفاد منه أحد الشركاء في المؤسسة. خلال مواجه المتّهم (د. علي) صرّح بأنه هو من قدّم الشكوى أمام محكمة بئر مراد رايس ضد شريكه الفارّ (ع. أحمد) باعتباره هو من أحضر الصفقة وتكفّل بجميع الإجراءات الخاصّة بها، وأنه لا يوجد تزوير في الهيكل القانوني للشركة بعد انضمام المتّهم إليها، حيث تمّ رفع رقم أعمالها من 30 إلى 100 مليون سنتيم بوثائق صحيحة، وأن العملية تمّت عن طريق سند بنكي تمّ تسديده للبنك سنة 1995، أمّا بخصوص 200 راديو هاتف نقّال التي تمّ استيرادها خارج هذا السند فقد حمّل مسؤوليتها للمتّهم (ع. أحمد) الذي سافر إلى الدانمارك وعقد الصفقة مع المصدر، وأنه والمتّهم الثاني كانا مجرّد مموّلين فقط، وأن الهواتف لم تتمكّن إدارة البريد من تشغيلها في عنابة وقسنطينة بسبب عدم توافق قدرتها الاستيعابية. أمّا مسيّر الشركة فقد أنكر كلّ مانسب إليه وصرّح بأنه قدّم كفالة تضامنية للبنك مقابل الحصول على اعتماد مستندي مقابل عقد عقاري، محمّلا مسؤولية اختلاس أموال البنك الوطني للمدعو (ع. أحمد)، وعن جريمة مخالفة قانون الجمارك حيث تمّت العملية دون تصريح جمركي فقد فنّدها جملة وتفصيلا. من جهته، ممثّل الحقّ العام جرّم الوقائع والتمس تسليط عقوبة 5 سنوات حبسا ونافذا ومليونن دج غرامة مالية في حقّ المتّهمين.