قفزة نوعية في قطاع التربية    مذكرة تفاهم جزائرية تركية    مزيان يحثّ على النزاهة والمسؤولية    بو الزرد: الاقتصاد الوطني يشهد نجاعةً ونشاطاً    أطفال غزّة يتضوّرون جوعاً    مولودية وهران تتنفس    رئيس تونس يُقدّر الجزائر    السيد رخروخ يتفقد مقطع من الطريق الرابط بين ولايتي أدرار وان صالح    حادث انزلاق التربة بوهران: مولوجي تسدي تعليمات للمصالح المحلية لقطاعها لمرافقة التكفل بالمتضررين    ندوة تاريخية بالجزائر العاصمة إحياء للذكرى ال67 لمعركة سوق أهراس الكبرى    الجمباز الفني/كأس العالم (مرحلة القاهرة): تتويج الجزائرية كايليا نمور بذهبية اختصاصي جهاز مختلف الارتفاعات    البيض: جثماني المجاهدين سكوم العيد و بالصديق أحمد يواران الثرى    القمة الإفريقية لتكنولوجيات الإعلام والاتصال : تكريم أفضل المنصات الرقمية في الجزائر لعام 2025    مؤسسات صغيرة ومتوسطة : "المالية الجزائرية للمساهمة" تعتزم بيع مساهماتها في البورصة هذه السنة    بوغالي يؤكد أهمية ترسيخ الوعي بحقوق الشعوب في أذهان الناشئة    الطبعة الرابعة للصالون الدولي "عنابة سياحة" من 8 إلى 10 مايو المقبل    مستغانم: 14 مصابا في حادث مرور    اسبانيا: تنظيم وقفة تضامنية مع المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية بجزر الكناري    مزيان يدعو وسائل الاعلام العربية للعمل على تحقيق المزيد من التقارب العربي    جيجل: وصول باخرة محملة بأزيد من 10 آلاف رأس غنم قادمة من رومانيا بميناء جن جن    الاتحادية الجزائرية لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة و اتحادية تنس الطاولة تبرمان اتفاقية تعاون    كرة القدم/البطولة الافريقية للمحليين: مجيد بوقرة يستدعي 26 لاعبا للمواجهة المزدوجة أمام غامبيا    انطلاق أشغال الاجتماعات الدورية للمنسقين الإذاعيين والتلفزيونيين ومهندسي الاتصال العرب بالجزائر العاصمة    الجزائر العاصمة:عرض الفيلم الوثائقي " زينات, الجزائر والسعادة" للمخرج محمد لطرش    فلسطين : عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون باحات المسجد الأقصى المبارك    تطرقنا إلى السيناريوهات العملية لإنتاج النظائر المشعة محليا    أمطار رعدية ورياح قوية في 15 ولاية    الفلاح ملزم بالإنخراط في مسعى تحقيق "الإكتفاء الذاتي"    إطلاق جائزة أحسن بحث في القانون الانتخابي الجزائري    بدء عملية الحجز الالكتروني بفنادق مكة المكرمة    عطاف ينوّه بالإرث الإنساني الذي تركه البابا فرنسيس    الجامعة الجزائرية قاطرة الاقتصاد الوطني    ابنة الأسير عبد الله البرغوتي تكشف تفاصيل مروعة    حملاوي تستقبل ممثلي منظمة الطلبة الجزائريين    "الشفافية لتحقيق الأمن الغذائي" في ملتقى جهوي بقسنطينة    3 بواخر محملة بالخرفان المستوردة    ملتقى دولي حول مجازر8 ماي 1945    10 ملايير لتهيئة الطريق الرئيسي بديدوش مراد بولاية قسنطينة    إطلاق جائزة لأحسن بحث في القانون الانتخابي    الجزائر أمام فرصة صناعة قصة نجاح طاقوية    دينو توبمولر يدافع عن شايبي    لا حديث للاعبي "السياسي" إلا الفوز    منتخب المصارعة بخطى التتويج في البطولة الإفريقية    لا فائز في التنافس السلبي ضمن الحرب التجارية الراهنة    انطلاق الحجز الإلكتروني لغرف فنادق مكة المكرمة    جاهزية تامة لتنظيم موسم حج 2025    عدسة توّثق جمال تراث جانت بشقيه المادي وغير المادي    تلمسان في الموعد    عطاف يوقع على سجل التعازي إثر وفاة البابا    صيدال يوقع مذكرة تفاهم مع مجموعة شنقيط فارما    حج 2025 : إطلاق برنامج تكويني لفائدة أعضاء الأفواج التنظيمية للبعثة الجزائرية    الجزائر حاضرة في موعد القاهرة    الجزائر وبراغ تعزّزان التعاون السينمائي    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة الشباب العربي بين الموسيقي التقليدية والمستحدثة
نشر في صوت الأحرار يوم 13 - 10 - 2015

في البداية أود أن أشكر السلطات المحلية وعلى رأسها السيد واضح حسين والي ولاية قسنطينة و الشكر موصول أيضا إلى لخضر بن تركي المدير العام للديوان الوطني للثقافة و الاعلام وكدا السيد سامي بن شيخ محافظ تظاهرة " قسنطينة عاصمة -الثقافة العربية 2015" و السيد الأمين بشيشي رئيس الأكاديمية العربية للموسيقى التقليدية على دعوتهم الكريمة للحضور و المشاركة في هذا الحدث الكبير .هذا المهرجان الذي يقام في مدينة كانت منذ نوميديا العظمى ??وعاء للموسيقى في البحر الأبيض المتوسط. نتذكر من خلالها تلكم الولائم التي كان ينظمها ماسينيسا في سيرتا تحت أنغام وفرق موسيقية يونانية.

قسنطينة منارة لثقافات العالم
وإن كنت قد شاركت و ساهمت مسبقا في المهرجان في طبعته السادسة عشر برئاسة معالي الوزير السيد الأمين بشيشي إلا أنه يسعدني دائما أن أكون في خدمة الثقافة و الموسيقى على وجه الخصوص التي لدي فيها الكثير من الاسهامات من خلال كتب ومقالات نشرت على أعمدة الصحف الوطنية ، و لقد اخترت كمساهمة موضوع "رحلة الشباب العربي بين الموسيقي التقليدية والمعاصرة". كمقاربة ورؤية اثنو اجتماعية ضمن هذه الحركة التاريخية الواسعة لثقافات العالم.
الشباب بين الجمال والعاطفة
كيف يعبر الشباب العربي عن أحاسيسه و مشاعره في الجمالية الموسيقية أين تلتقي الأفعال الثقافية؟ فقسنطينة مدينة الفن والتاريخ، عاصمة الثقافة العربية تعطينا موعدا آخر مع "الألحان الموسيقية" تجعلنا نجول في مختلف الطبوع والطبقات بين التقاليد والحداثة.
وبالتالي عندما نريد المرور والانتقال من التقليدي الى العصري بدون المساس بالقيم و الهوية مابين الغربي والشرقي توضح لدينا ملامح التشابه للوصول إلى مستوى العالمية ؟ ماهو الشعور الذي يحدثه كلا المفهومين في انفسنا.؟ إذا كان أفلاطون يبرر كل ما هو جميل في شكل احساس للفكرة كمقدمة احساسية للواقع ، فإن هيغل يرى بأن الجماليات هي أدنى تعبيرالمفهوم في مجال الاحساس.
الشباب أمام التصاعد الموسيقي
يسجل جان ديرينغ في "كراريسه الاثنو سوسيولوجية " في مساهمته "رهان الحداثة في الفنون والموسيقى في الإسلام"، بأن الحداثة في الغرب هي إعادة تأهيل للإحساس يؤكد بذلك فكرة ?كانت- الذي يرى بان الاحساس مستقل عن المفهوم ، بما فيها نيتزش الذي يكرس التقاليد المبهرة في تعدد الاوجه و الابعاد. فان العلو و الصعود إلى القمة يخضع و ينحني امام التدفقات المتدبدبة للحياة و في هذا الخندق تختزن العصرنة.
ولكن هذه الحداثة التي توجه الفنون انطلاقا من الرومانسية هي منحصرة بين الفلسفية، المعرفية والسياسية والايديولوجية والجمالية قبل أن تصبح سوسيولوجية. فقد شهدت الثقافات في الشرق تطورمماثلا. فالفنون الجماليات الشرقية عرفت انقطاعات و اضطرابات أدت بها الى شكل من الحداثة.
"فالخليل بن أحمد الفراهيدي يرى بأن الحديث هو الجديد من الأشياء وهذا التعريف قائم على التقابل بين القديم و الحديث ونجد أن صاحب لسان العرب لا يخرج عن قول الخليل بأن الحديث نقيض القديم و الحدوث نقيض القدمة حدث الشيء يحدث حدوثا وأحدثه هو محدث وحديث وكذلك استحدثه "
الموسيقى بين الاحساس والمفهوم
يجب إعادة ضبط الفنون والموسيقى على وجه الخصوص وتعديلها تماشيا ومتطلبات هذا الوقت الذي نحن فيه. فالجمالية الشرقية لها اتصال مباشر ما بين الاحساس و المفهوم كما هو الحال بالنسبة للصوفيين الذين يتحسسون الظاهر والباطني.
فهل هناك هدف مقدس او هدف اخلاقي في التجربة الجمالية التي تحقق النشوة الروحانية على الأقل بالنسبة للموسيقى والشعر؟ فمن بين كل الفنون، يبقى للموسيقى الترتيب الافضل في العالم فيما يخص المفهوم.إذا كانت المجتمعات التقليدية لها تاريخها في الموسيقى ،يجب علينا مع مرور الوقت أن نرى ما تغير منها وما يمكن إدراجه في خانة التطور.
الحسن الخطيب ابتدءا من القرن الحادي عشر يلخص الموسيقى كعلم وممارسة ناتجة من الفكر أو العقل، فهو مولع ومتذوق بطريقة مفرطة للموسيقى قبل ان يكون عالما أو منظرا.ويمكن القول بأنه كان متقدما في فكره في ذلك العصر، وينفرد بقوله أن كل ما هو في الموسيقى الحديثة يبتعد عن المفاهيم الموسيقى القديمة فقليل منه ما يعتبر شيء جميل ومحبوب كذلك بالنسبة للمشاعر أوالأحاسيس فان الموسيقى غايتها اثارة كل ما يملك معرفتها . من جهته الفارابي،له رؤية حادة للتاريخ والتطورالموسيقى.
الشباب والذوق الموسيقى
ما هو هدف الموسيقى بالنسبة للقدماء ؟ بالنسبة لهم فهي مرتبطة بأهدافهم و ضرورتها و قيمها. وأن السمع المقيد بالعقل يعطي ذوق روحاني و ابتهاج فكري.
هل يمكن القول إذن ،بأنه شرخ بين ماهو تقليدي و عصري ؟بما نلاحظه اليوم من تراجع بعض المفاهيم التي كانت تقيد المجتمع القديم ، فالعصري هو كل ما يتعدى الموضة والاغاني الحديثة هي من الحان هذا العصر ، ولكل جيل زمنه و رؤيته ، فدائما حسب الخطيب فان" الموسيقى العصرية تتميز بمحسوسها واشراقها ومأثراتها الغنية والشهوانية، في وقت أن الفن التقليدي قي عزف الالة يتميز البسهولته والهدوء والرصانته"
الخلاف بين القدامى والمعاصرين
الخلاف بين القدماء والمحدثين يؤدي حسب كتاب الأغاني إلى المساس بالمعايير الجمالية. الزمن الموسيقي تجزأ سواء فيما يخص تقسيمه في قطاعه الايقاعية التي أصبحت تتخلى شيئا فشيئا عن الوصلات الموسيقية الطويلة. لا يكفي بأن يكون اللحن ممتع بقدر ما يجب ان يكون له ايضا معنى.
ووضوح الموسيقى تكن مضمونة عن طريق الشعر الذي يضمن هو كذالك لها عروضها رنة صوتها و معناها.فتصبح لغة للقلب و رمز للمشاعر.الموسيقى تجتاح المجتمع المستهلك كل واحد يحسب نفسه مقتدر للحكم لكن حكم الجماهير هو الذي يصنع المواهب مع أو ضد ما يشتهيه و يريده الخبراء والموسيقين، وهذه علامة توحي تراجع التقليدي و تفوق العصري.
هل مفهوم الموسيقى التي جاء بها العرب قديما لا يوجد اليوم في الغرب المعاصر بقيمه الرفيعة ؟ إن الممارسة الموسيقية عند العرب في مجملها تظهر كأنها احتفال في شكله الملموس جدا ،الى غاية الحسية بدون مبررات فلسفية ودون مؤثرات تسمو الى الروحانية ،هذا النوع من الموسيقى الفعالة الخالقة في حميميتها و جمعها و تواصلها و تبادلها اكتشف فقط مؤخرا في الغرب مع موسيقى الجاز ( غناء الزنوج الروحاني) بعد المرور بتجارب عديدة للغناء العصري.
في بلدان المغرب العربي و الشرق الأوسط ظهر هناك نوع من الموسيقى الذي أبهر الأجيال الجديدة بهذه الازدواجية بين التقليدي و العصري و الذي يبق متصلا بالموسيقى التقليدية ممزوجا بالعصري. هذا ليس تناقض ولكنه تكاملا في أداء الألحان الموسيقية.
موسيقى ذات رقي وشاعرية
إن الشباب الذي يؤدي الأغاني السياسة والاجتماعية النفسية بخصوصية كل مجتمع ينتسب اليه كل مغني. بعض القمم من المغنيين الذين صنعوا مجد الأغنية العربية ككوكبة الشرق أم كلثوم ، فيروز ، اسمهان و وردة الجزائرية أليست بالأصوات التي أطربت عشاق الموسيقى ؟
الكثير من المجد امتازت بها هذه الشخصيات بكل ما يحمله المعنى من لاشراقة لغة عربية راقية وشاعرية. هذه الأصوات الشرقية الرائعة جالت من خلال الأنغام الجميلة كما هو الشأن بالنسبة لمحمد عبد الوهاب ، عبد الحليم حافظ ، فريد الأطرش الخ... بألحان بقيمة شعرية تقليدية استمدت بعض ملامح العصرنة و بالأخص المداخل الموسيقية فجاذبيتها السنفونية.
فابتداء من مختلف الأرصدة التي نشأت بالمغرب للمغنيين الذين يبحثون في التراث ينتفعون بكل ماهو شرق أوسطي و غربي.في قسنطينة مثلا فإن المالوف يعتبر موسيقى كلاسيكية بموشحاته و ازجاله و التي تلقب بالموسيقى العارفة، أعطت مؤديين كبار للأغنية التي تقترب من الغناء الشرق الأوسطي.
مند المؤتمر الأول للموسيقى العربية الذي أقيم سنة 1932 الذي احتضن و وافق على مقياس فيه 24 ربع نوتة متساوية في سلم العام للموسيقى العربية ، مثل هذه الملتقيات حول الموسيقى جلبت أفكار و باحثين ومثقفين.
الموسيقى العالمية والخصوصيات الثقافية
إن موجات الموسيقى العالمية تسمح بالمزج بأصولية نسخ اللحن الشرقي في نمط موسيقي أحيانا يكون غربيا.فان موضة "السنتيتيزور الموزع" الشرقي أحدث ثورة فنية و غير المعطيات في التوزيع الالي و الموسيقي.فالطبع حجاز كار الذي استعمله معظم الملحنين المعاصرين ابتدءا من سنة 1932 سجل عهدا جديد للنهضة العربية في ترتيب وتثبيت مقام الرصد وهو المقام الأساسي في الموسيقى العربية.
الصوت الانساني في الموسيقى العربية التقليدية يمتلك لوحده مرونة مماثلة و مشابهة للآلات ذات الأجزاء المستمرة عند عزف طبوع في تغيرات النبرات و المزاج حسب الآلة وعزف كل موسيقي هذا لا يمنع للحن الموسيقي العربي في منظور متعدد الأنغام بأن يكون له تطور خطي مختلف. لقد أصبحت القاهرة مركز للفنون الحديثة والفنانين الذين تخلوا عن كل ماهو تقليدي من أجل اشباع رغبات الأجيال الجديدة.
الشباب والأغاني الملتزمة
بدى الشباب راغبا ومولعا بموسيقى (البوب) العالمية التي فرضها الاعلام و التكنولوجيات الجديدة كنوع آخر من الموسيقى الذي غير أساس الهوية بإيقاعاته و تجانسه مع الموسيقى الغربية.اللغة الموسيقية التي يفترض أن تكون " عصرية " و " عالمية " تصطدم باختلاف المزاج وتجد نفسها منحرفة بالنسبة للموسيقى العصرية المستوحاة من الموسيقى الغربية.
هذه الرغبة في الانفتاح على ثقافات أخرى يجب أن يكون بإرادة البحث عن الهوية التي تعبر بطبيعة الحال على الموسيقى في مسار اجتماعي بعيد عن كل غرابة.
الابتعاد عن الموسيقى الهجينة
بمعنى أنه سنجد موسيقى هجينة كاريكاتورية للموسيقى التقليدية الأصلية. يجب اقتراح العودة الى منابع هذه الموسيقى التقليدية بمعنى مرجع الأصالة بالنسبة للنسخة الأولية .فالجزائر هي ملتقى كل الثقافات المتوسطية سواء كانت شرقية أم غربية أمازغية عربية أو افريقية. وقسنطينة هذه المدينة النوميدية التي تستقبلنا اليوم على غرار الكثير من مناطق بلدنا ، تتأرجح بين ماهو تقليدي و عصري هذه الأرض للإنسان الحر بموسيقاه التقليدية من الصحراوي الى الترقي من الغناء القبائلي للالة خديجة الى الشعبي من الشاوي من أعالي الشيليا بجبال الأوراس مرورا بأغاني السطايفي بالهضاب العليا الى الغرناطي بلالة ستي و المالوف من جسور واد الرمال الى المدح من وادي ميزاب محتفظين بهويتهم وأصالتهم ومتفتحين على الموسيقى العصرية.
فتن الأجيال الجديدة
السؤال الذي يتبادر الى الأذهان لماذا الموسيقى الغربية أصبحت معنى للتطور و العصرنة بالنسبة للموسيقيين والمجتمعات العربية ؟ حتى وإن كانت موسيقى" الراي" عندنا تعتبر نوعا متقدما و متطور مستوحاة من التراث ولكنها لها توزيع موسيقي غربي فتن الأجيال الجديدة بتفتحها على كل ما ينتج عن مختلف الموسيقى الغربية.
الغناء الوهراني الذي ينحدر من الملحون جاء ليضاف الى النوبة الموسيقية الأندلسية المغربية فإدخال مثل الترومبات الأكورديون والسكسوفون والأورغ والقيتارة الالكترونية يؤكد هذا التحول الفعلي نحو العصرنة.
فالأجيال الجديدة تأخذ النصوص من الملحون الذي بعدما كان منحصرا بالبدو اقتحم اليوم المدينة المتحضرة انطلاقا من وهران الى المستوى الوطني فالدولي.
الشباب والصوتيات الجديدة
موسيقى "الراي" و" الراب" أصبحتا شكل من أشكال المقاومة و الثوران ضد الحياة القاسية فتربع على العرش لآلة "السنتيتيزور" و"علبة الإيقاع" سرعتا المرور من التقليدي الى العصري هذه الصوتيات الجديدة طبعت في أغنية "الراي" قوة جديدة في أداء الموسيقى على نمط موسيقى "الروك و" البوب" و"الجاز"و "الديسكو" الخ...
إنها فعلا جولة موسيقية للشباب في الموسيقى الآنية، حيث أصبح هذا الأخير يفضل الإيقاعات و الأنغام على حساب الكلمات التي لا تهمه كثيرا. فان علم العروض العربي يبقى كأي شعر له مرجعية تعود الى الحضارة العربية الأموية و العباسية التي سمحت بإدخال الموشحات و الأزجال هي الأندلس العربية و المغرب العربي لتنتج بعد ذلك ما يسمى بالنوبات.
الحفاظ على تراثنا الأصيل
إن هذا الإرث الذي يعود الى القرون الوسطى الذي تطور و تغير مع مرور الاجيال نحن نلتمسه و ندرسه بلغنا بفضل التوارث عن طريق الحفظ لشيوخنا الذين تداولوه ونقلوه على ممر الأزمنة و الأعمار.
ولهذا و حتى لا يضيع هذا الإرث مع ما حل عليه من تطور، يجب تدوينه عن طريق السولفاج موازاة مع التناقل السمعي في هذه الازدواجية المتكاملة بين التقليد و العصري.
هاتين الطريقتين تتعايش بين المحافظين و المجددين كل هذه الحوصلة و المجموعة من النصوص (السفينة و الكناش) من الموشحات و الأزجال و الملحون و العروبي و الحوزي و المحجوز و الحوفي و المدح كل هذه الطبوع تؤدى عن طريق ألحان تغنى في إطار الحفاظ على تراثنا الأصيل.
قطيعة ايبستمولوجية أم تجديد
خلاصة القول لا يمكن أن تكون هناك قطيعة بين التقليدي و العصري في مجال العلوم الموسيقية. فالأولى لا يمكن أن تستغني عن الثانية ، فوصفها بالجديدة أو المحافظ عليها لا يمكن أن يتملص من الهدف الموسيقي الذي يصبو ويتطلع اليه الشباب الذي يبق مرتبطا بتقاليده كمرجعية ومتفتحا على العالمية.
في الأخير فإن العصرنة في حد ذاتها لا تنأ أن تكون إلا مرحلة بمعنى مسار يمكن أن يمسه التأخر والذي ربما يكون شرطا وحافزا للتجديد.
"أن كل ما هو في الموسيقى الحديثة يبتعد عن المفاهيم الموسيقى القديمة فقليل ما يعتبر شيء جميل ومحبوب." على حسب قول الخطيب".
هذا هو مضمون هذه المداخلة مع شكري الخالص للحضور الكريم لهذا الملتقى لمجمع الموسيقى العربية الخامس في الجزائر و الأول بقسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
المراجع :
1- ايغلانجي رودولف من " الموسيقى العربية " المجلد الثالث فرنسا ب. قوتنار 1938.
2- هيجل ،جي و. فريديش:"الجمال"باريس بوف1945.
3- جان ديرينغ: " مسألة دوق".تحدي العصرنة في الفن و الموسيقى الإسلامية " الكراريس الاثنو سوسيولوجية7/1994،27-49.
4- أندري شيفنر: " أصل الآلات الموسيقية ? ادخال علم العروق البشرية في تاريخ الآلات الموسيقية "باريس نشر لحسن 1994.
5- م.د عارف عبد الصايل "الأصالة و الحداثة عند الناقد عزالدين اسماعيل " صفحة الكترونية ص 117.
6- فيليب ألبيرا :"دروس الغرائبية " كراريس الموسيقى التقليدية رقم 9 جوناف1996.
7- نداع أبو مرد:"اسلالم اللحنية و هوية الثقافة المشرق العربي"عقود جنوب فرنسا2005.
8- شهرزاد كاسم ?حسن :" دراسات في الموسيقى العربية ?موسيقى المدينة"دار النشر بيروت1991.
9- أمين بيهوم:"مجلة التقاليد الموسيقية في دول البحر الأبيض المتوسط و العربية"رقم 1بعبدا لبنان جامعة اونطونين 2007.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.