السيد بلعابد يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للرياضة المدرسية    وزير الداخلية يبدأ زيارته إلى خنشلة بمعاينة فرع كوسيدار للفلاحة    العدوان الصهيوني على غزة : الرئاسة الفلسطينية تجري اتصالات مكثفة لوقف مجزرة اجتياح رفح    توقيع اتفاقية لتسويق منتجات الشركة الجزائرية للتخصصات الكيمياوية بموريتانيا    الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية    78 قتيلا جراء الأمطار الغزيرة في البرازيل    وسط تحذيرات من مجاعة.. الأمم المتحدة تتهم إسرائيل برفض دخول المساعدات لغزة    الأيام السينمائية الدولية بسطيف تزامنا وذكرى مجازر 8 ماي 1945 : الفيلم القصير "لعلام" للجزائري أحمد عقون يفتح غمار المنافسة    قدمها الدكتور جليد قادة بالمكتبة الوطنية..ندوة "سؤال العقل والتاريخ" ضمن منتدى الكتاب    بأوبرا الجزائر بوعلام بسايح..المهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية من 16 إلى 22 ماي الجاري    المغرب : الأشخاص في وضعية إعاقة يحتجون أمام البرلمان للمطالبة بالمساواة واحترام حقوقهم    العدوان الصهيوني على غزة: بوريل يدعو إلى وقف إطلاق نار إنساني فوري في قطاع غزة    عرقاب يستقبل نائب الرئيس التنفيذي للمجمع الطاقوي النرويجي إكوينور    ملتقى التجارة والاستثمار بإفريقيا: التأكيد على الدور المحوري للجزائر في الاندماج الاقتصادي القاري    وزير الداخلية يشرف على مناورة دولية للحماية المدنية    ميلة: بعثة من مجلس الأمة تعاين مرافق واستثمارات    والي أم البواقي يكشف: مساع للتكفل بالمستثمرين عبر 17 منطقة نشاط    طرحوا جملة من الانشغالات في لقاء بالتكنوبول: مديرية الضرائب تؤكد تقديم تسهيلات لأصحاب المؤسسات الناشئة    عنابة: استحداث لجنة لمتابعة تهيئة الواجهة البحرية    مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة: تطوير شرائح حيوية تعتبر الأولى من نوعها في العالم    الوزير الاول يلتقي عضو المجلس الرئاسي الليبي: الكوني يدعو الرئيس تبون لمواصلة المساعي لتجنيب ليبيا التدخلات الخارجية    في دورة تكوينية للمرشدين الدينيين ضمن بعثة الحج: بلمهدي يدعو للالتزام بالمرجعية الدينية الوطنية    رئيس الاتحادية للدراجات برباري يصرح: الطبعة 24 من طواف الجزائر ستكون الأنجح    مساع لتجهيز بشيري: الهلال يرفض الاستسلام    البطولة الإفريقية للسباحة والمياه المفتوحة: 25 ميدالية بينها 9 ذهبيات حصيلة المنتخب الوطني    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي    الجزائر تدفع إلى تجريم الإسلاموفوبيا    يقرّر التكفل بالوضع الصحي للفنانة بهية راشدي    وزيرة الثقافة زارتها بعد إعلان مرضها    ثبات وقوة موقف الرئيس تبون حيال القضية الفلسطينية    إشادة وعرفان بنصرة الرئيس تبون للقضية الفلسطينية    خارطة طريق لضمان التأطير الأمثل للحجاج    خبراء جزائريون يناقشون "الهندسة المدنية والتنمية المستدامة"    3 شروط من أجل اتفاق شامل ومترابط المراحل    24 ألف مستثمرة فلاحية معنية بالإحصاء الفلاحيّ    مهنيون في القطاع يطالبون بتوسيع المنشأة البحرية    توقُّع نجاح 60 ٪ من المترشحين ل"البيام" و"الباك"    على هامش أشغال مؤتمر القمة 15 لمنظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يجري محادثات مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي    بعد رواج عودته الى ليستر سيتي: إشاعات .. وكيل أعمال محرز يحسم مستقبله مع الأهلي السعودي    برنامج الجزائر الجديدة في حاجة إلى المؤمنين بالمشروع الوطني    موقع إلكتروني لجامع الجزائر    عمورة في طريقه لمزاملة شايبي في فرانكفورت    دراجون من أربع قارات حاضرون في "طواف الجزائر"    دليل جديد على بقاء محرز في الدوري السعودي    غيريرو يغيب عن إيّاب رابطة أبطال أوروبا    تعريفات حول النقطة.. الألف.. والباء    ثلاث ملاحم خالدة في الذّاكرة الوطنية    غرق طفل بشاطئ النورس    انتشال جثة شاب من داخل بئر    خلاطة إسمنت تقتل عاملا    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: 21 فيلما قصيرا يتنافس على جائزة "السنبلة الذهبية"    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا بديل عن الاحتكاك بين التجارب لتطوير أعمال الخشبة !
أهل الكار يتحدثون عن التجديد في المسرح العربي
نشر في الفجر يوم 16 - 09 - 2012

تختلف الرؤى والأفكار في مسألة التجديد في المسرح العربي بشكل عام اختلاف الطرح المسرحي للقضايا المتناولة، لكن مبدعي الفن الرابع وإن تعددت وجهات نظرهم اتفقوا حول الشكل العام للتجديد المسرحي الذي تحدده مجموعة من العوالم ترسم تفاصيل مسايرته للعصر، وتفصل في مقاييس التطور في عالم أبي الفنون الذي وضع لبنته الأولى السلف ويواصل جيل اليوم مهمة الرقي به دون قطع الصلة بالماضي، وللبت في تفاصيل ما يحمله التجديد للمسرح العربي كان لأهل الاختصاص كلمة في هذا العدد الجديد من "الفجر الثقافي".
صونيا
"التواصل بين المبدعين أساس التجديد المستدام في الفن الرابع"

التجديد لا يتعلق بكم المواضيع بقدر ما يتطلب النوعية الجيدة في المواضيع المطروح على خشبة المسرح والتكيف مع كل المستجدات التي تطرح على الساحة الثقافية والاجتماعية وفي قدرة المبدعين على خلق طرح مستحدث يتماشى والأوضاع المحركة للفن بشكل عام والفن الرابع بشكل خاص، وفكرة التجديد في المسرح العربي تنطلق من جهود كل الفاعلين في الساحة الفنية، والاستفادة من التجارب المنفردة للمسارح العربية ثم صياغة مستجدات كل ما يتعلق بالعمل المسرحي من إخراج، تمثيل، السينوغرافيا وغيرها من المجالات، ثم العمل بجدية على تجسيد التواصل بين الدول العربية وتبادل الخبرات المسرحية.
كما أن معالم التجديد تتجلى في خلق سياق جديد للمسرح يستفيد من التجارب السابقة ويؤسس لأرضية صلبة لمسرح يستوعب إبداعات شباب اليوم المتحمس والجدير بأن يفتح أمامه المجال لمواجهة رهانات الفن المصقول بالخبرة التي لا تتحقق إلا بالتكوين المبني في شقه الأكبر على الجانب التطبيقي والاحتكاك الدائم بالخشبة، بالإضافة إلى تجلي مظاهر التجديد في التواصل الدائم مع القضايا الراهنة مثل ما يحدث اليوم مع أحداث الربيع العربي التي ستؤرخ في مختلف الفنون الإبداعية وعلى رأسها أبو الفنون هذا من ناحية المواضيع، أما فيما يخص الوسائل التقنية فصبغة التجديد في المسرح الجزائري لم تتحدد معالمه بعد وأقصد بالضبط على مستوى المسرح الجزائري الذي أعرفه جيدا لأنه لا يزال يعمل بتقنيات قديمة نوعا ما ولم نصل بعد إلى التقنيات المتطورة إن كان في الإضاءة، الإخراج، الصوت، السينوغرافيا وغيرها من متطلبات الحداثة التي تجعلنا نذهب بعيدا بالمسرح الجزائري والعربي على حد سواء.
من جهة أخرى؛ لا يمكن إغفال عنصر تبادل التجارب المسرحية بين الدول الذي تلعب دورا هاما في إعطاء صورة متجددة للفن الرابع، وهذا التبادل مؤسس منذ أمد بين الجزائر والأشقاء العرب على غرار عديد الأعمال التي جمعت بين المسرح الجزائري والتونسي رغم أن مستوى التعاون المسرحي تراجع مؤخرا نظرا للأوضاع التي عاشتها تونس، لكن الزمن شاهد على وجود تبادل مستمر بين بلدان المغرب العربي بوجه خاص في هذا المجال، أما بالنسبة للمشرق العربي فالجزائر طالما كانت حاضرة في مهرجان المسرح العربي بالعراق وغيرها من المناسبات الدولية التي تجدد الخبرات الفنية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذا المهرجان لا يزال قائما؟ لأنني شخصيا لا أملك أي معلومة، لذلك فالإشكالية الأساسية تتعلق بالتواصل بين الفنانين العرب، والفجوة التي تفصل بين الفنانين العرب وتحد من الاحتكاك الفني بينهم والذي أراه شخصيا عائقا في وجه التجديد الفني بكل فروعه من سينما، فنون تشكيلية، غناء ومسرح والذي يعتبر حسب رأيي حجر عثرة في وجه كل أشكال التبادلات الثقافية.
مسرحية من الجزائر
نادية طالبي
"التكوين محرك التجديد الهادف في المسرح"
التجديد في الفن الرابع على المستوى العربي يرتكز أساسا على التكوين الجدي الذي يعمل وفق متطلبات العصر دون خلق القطيعة مع التجارب السابقة لأن هذا الأخير يعتبر ضرورية ملحة لخلق الاستمرارية بين جيل الأمس وجيل اليوم من الشباب هذا من جهة، إلى جانب قيمة التبادل الفني الذي يساهم في تطوير مستويات الإبداعات الفنية على اختلافها، على الرغم من أن هذا التبادل واجه في السابق بعض المعيقات خاصة بالنسبة للجزائر أين كان يطرح مشكل اللهجة بشدة، وبرزت عقدة اللغة العربية الفصحى بالنسبة للجيل السابق لأنها لم تكن معتمدة في الأعمال الفنية باعتبارها اللسان المشترك بين كل الشعوب العربية، لكن هذا الإشكال لم يعد يطرح لأن مبدعي اليوم تفطنوا لذلك وتجاوزوا هذا الحاجز فاتحين المجال أمام كل إشكال التبادل خاصة بوجود تقنيات الوسائط الالكترونية، وهو حسب رأيي تشجيع لكل فروع الفن من إخراج، تمثيل، كتابة السيناريو وما إلى ذلك.
لكنني لا أنفي شخصيا وجود أزمة نص سواء في الأعمال التلفزيونية، السينمائية أو المسرحية وهي المعضلة التي لم توضع لها حلول إلى حد اليوم، وما يعرض اليوم لا يخرج عن إطار إعادة أعمال سابقة برؤية مختلفة أو اقتباس ومجموعة ترجمات لمسرحيات أجنبية، ناهيك عن غياب التوثيق والأرشفة الذي لا يسمح بخلق مقارنة بين ما عرض وما سيعرض في المستقبل، وعليه لا يمكن الحديث عن التجديد دون وجود معايير تقيس درجات تطور أو تراجع الأعمال الفنية، وجل ما أتمناه هو التفكير الجدي في خلق أرشيف خاص بالمسرح خاصة ما تعلق بالنصوص.
أما فيما يخص مظاهر التجديد فيعتبر التبادل عنصرا هاما في سلسلة مقوماتها لأنه يسمح بتجديد الخبرات وقد ركز كبار الفن الجزائري على الاحتكاك بالجماهير العربية فكان المسرح الجزائري حاضرا سنويا في سوريا والفضل يعود إلى أسماء فنية منحت للمسرح دون بخل أمثال، ياسمينة، مصطفى كاتب، علال المحب، عبد القادر علولة، كاكي، عز الدين مجوبي وآخرين، وعليه فأنا أشدد على أن التجديد في المسرح لا يمكن أن يكون خارج إطار التكوين، وتشجيع الفرق الشابة هذه الأخيرة التي تمنح نفسا متجددا للفن الرابع وتملك خزانا فنيا كبيرا بإمكانه بعث المسرح الجزائري والعربي إذا ما أتيحت لهم فرص الاحتكاك بالجمهور دون اعتبار الجهوية في التصنيف التي ساهمت في خلق العزلة للعديد من التعاونيات المسرحية وكبحت حرياتهم الإبداعية.
مسرحية من الجزائر
حميد رماس
"لا بديل عن الاحتكاك بين التجارب العربية لتطوير أعمال الخشبة"
التجديد في المسرح الجزائري والعربي بشكل عام يطرح العديد من النقاط لأن الاعتماد على إعادة الأعمال السابقة كبح مسار التجديد في هذا المجال، ناهيك عن غياب التبادل بين الدول العربية فلا عروض جزائرية تزور الجماهير العربية ولا مسرحيات عربية تلتقي الجمهور الجزائري ما عدا بعض المحاولات القليلة التي تعززها لقاءات مناسباتية على غرار المهرجانات، والمسرح كغيره من الفنون يتجدد بمبدعيه وبتضافر جهود كل المهتمين به، لكن تطويره اليوم قد يكون أسهل من السابق لإمكانية التواصل بين المبدعين العرب عن طريق الوسائط التكنولوجية التي أزالت حاجز المسافة بين المبدعين، لكنها خاصية لم تستغل بالقدر الكافي في الدول العربية فلا زال التعرف على إبداعات الغير يتطلب التنقل بين البلدان، ومشكل التعاون باستعمال التكنولوجيا يطرح في كل المجالات في الدول العربية ولا يقتصر على الفن بفروعه.
لكن صبغة التجديد في المسرح العربي بصيغة موحدة تحدها مسألة اللهجة التي تختلف بين المسارح العربية وتعرقل التعاون المسرحي بين الدول، رغم أن الجزائر لم تجد أي صعوبة في تقبل الآخر وتستوعب كل الثقافات واللهجات بل واحتكت مع مختلف العروض المسرحية العربية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تصل العروض الجزائرية الجماهير العربية بحجة اللهجة؟ لكن الحقيقة أن بعض الدول العربية وضعت حاجزا على الأعمال الجزائرية وحالت دون احتكاكها بالجمهور العربي وبهذه الطريقة من المستحيل التعود على اللهجة الجزائرية، فكيف يجد التجديد طريقه للمسارح العربية دون توحيد الرؤى والمفاهيم وضمان التبادل الفني؟
مسرحي من الجزائر

الدكتور كمال الدين عيد:
"المسرح المعاصر يخط معالمه المبدعون الشباب"
التجديد يكون على أكتاف الشباب وما ألاحظه شخصيا أن التجربة الجزائرية في هذا المجال جديرة بالاحترام لأنها تهتم بمسرح الشباب الذي يعتبر مسرحا متطورا ومفتوحا على إبداعات متجددة يصب في مسعى الحداثة والتقنيات المتطورة، وهذا مبشر رائع على تقدم المسرح في أي مكان، أما معالم التجديد في المسرح العربي فتخلف في بعض التفاصيل من بلد لآخر وإن اشتركت في رسم معالم الخطة العريضة للتجديد، فمثلا المسرح في مصر متوقف إلى حد كبير نتيجة الظروف السياسية والثقافية لذلك لا يمكن الحديث عن مظاهر التجديد في المسرح المصري مثلا، لكن هناك بعض المسارح العربية تعمل باجتهاد من أجل الرقي بالفن الرابع ومعاصرته بما يتماشى مع العصر هذا من جهة، من جهة أخرى لا يوجد تعريف واضح لمفهوم التجديد المسرحي لأن لكل مبدع رؤية خاصة به، ففي السنوات الماضية قدم زميلي المرحوم كرم مطاوع عندما درس في الجزائر قدم أعمال لكاتب ياسين في الوقت الذي لم يكن الجمهور المصري يعرف شيئا عن كاتب ياسين، ومنذ ذلك الوقت لم يقد كاتب ياسين في مصر، هذا مظهر من مظاهر التجديد وهو أن تمنح لمحبي الفن المسرحي فرصة اكتشاف أسماء فنية جديدة من كتاب، ممثلين، مخرجين وهلم جرى من مختلف الثقافات والبلدان، وهذا إن دل عن شيء فإنما يدل على أن المسرح في الجزائر و منذ قديم الزمان وبالضبط من بدايات القرن العشرين وصولا إلى المسرح الراهن وهو يهتم بالنهوض بإبداعات الشباب عن طريق المهرجانات الجهوية والوطنية لخلق التواصل بين الأجيال الفنية وضمان الاستفادة من الخبرات والطاقات المتجددة.
وأشير في هذا الصدد إلى قيمة التوثيق في المسرح رغم أن هذا الأخير يكلف الكثير من الأموال لذلك يشهد المسرح تراجعا ملحوظا على المستوى العربي فيما يخص هذه النقطة، وما يحسب للجزائر أن المسرح فيها منتشر أكثر من السينما على عكس التجربة المصرية في الفن الرابع، والفضل راجع حسب رأيي إلى الأسس الثقافية للمسارح الجهوية الجزائرية، على عكس ما يعرف بمسارح الأقاليم في مصر التي لا تعمل بنفس القوة ولا تصرف عليها ميزانيات محفزة، على الرغم من أن مثل هذه الفرق الشابة تضم شبابا خلاقا يتفاعل مع كل المستجدات ويمنح روحا متجددة للفن الرابع خاصة في احتكاكه مع الأساليب التكنولوجية الحديثة.
مظهر آخر من مظاهر التجديد يحققه التبادل الثقافي من خلال المهرجانات لأن تطور التقنية يقتضي أموالا ضخمة وهذه الأموال غير متوفرة على مستوى المسارح، لذلك يجب استغلال مثل هذه المناسبات لتجسيد التبادل عبر ورشات عمل مشتركة تضمن ربط حلقة التواصل بين الأطراف الفاعلة في الفن، وتجسده أيضا الفرق المختلفة المشاركة في تظاهرات مماثلة تدفع إلى تفجير طاقات إبداعية في مجال التمثيل، كتابة السيناريو، الإخراج وأمور أخرى، والأهم من ذلك وجود أرضية لتطبيق ما يؤخذ نظريا في مجال التكوين المسرحي وهو ما توفره فضاءات المسارح الجهوية، أما ما يعلق باستعمال التكنولوجيا في المسرح فهي لا تعتمد إلا بنسبة قليلة لا ترقى إلى المستوى المطلوب توفره في المسرح المعاصر.
مسرحي من مصر
عز الدين قنون
حركية التجديد في المسرح العربي لم تظهر بوادرها بعد
أظن بأنّ المسرح العربي لم يجد بوادر التجديد ولم تصل بعد إليه، فهو لايزال يبحث عن طريقة تساعده في البلوغ إليها، والمستلزم في هذا الإطار هو فتح مدارس التكوين والتأهيل داخل الوطن العربي بصفة عامة، بالإضافة إلى دعم حرية التعبير وحرية الخلق والإبداع حتى يتمكن الفنانون بنقل ما في صدورهم وكذا الظروف والمشاكل التي يعانون منها بدون رقابة وبخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، فأعتقد بأن الرقابة موجودة وبشكل اكبر بمختلف أنواعها في كل البلدان ولا يقتصر الأمر على البلدان العربية فقط، فغياب حرية الإبداع مرده إلى الأسباب التي ذكرتها بالإضافة إلى الرقابة الذاتية وهذا في رأيي مستمد من الثقافة، فالفنان العربي على المستوى الثقافي لم يتعود على الحرية بمفهومها الواضح، وبما أننا لم نعرف هذا الحقن بالرغم من ما شهدته بعض الدول العربية من اهتزازات واحتجاجات وثورات شعبية، إلا أنّ الإنسان العربي لا يزال يعاني من رقابة أرجعته إلى الوراء وحدّت من تطور مستواه في شتى مجالات الفن، لذا وجب إحداث تغيير جذري من اجل التخلص من هذه العقدة ثقافيا، وأدعو في هذا الصدد إلى إحداث رجّة كبيرة في الثقافة بكل ما تحمله من مفاهيم ومضامين وأشكال حتى نحقق ما نصبو إليه، لذا يكون التجديد بطبيعة الحال بإعطاء الفرصة للشباب من اجل التعلم من مختلف المدارس المسرحية وكذا منحهم كافة الحرية المفقودة بهدف أن يبدعوا دون قيود أوحواجز مفروضة على أفكارهم.
مسرحي من تونس
خالد الطريفي
حركية المسرح العربي والتجديد
أنوه أنّه بالضرورة يكون هذا التجديد في المسرح العربي، فهو مثل جسم الإنسان فيه دائما هدم وبناء وفيه تركيب وتفكيك للجسد، من أجل بقائه مستمرا مادامت فيه أجيال الشباب التي تؤسس إلى مرحلة بناء مسارح ودوام لمهرجانات عربية مثل مهرجان قرطاج للمسرح، مهرجان المسرح الأردني، معاهد مسرحية وأكاديميات في الفن الرابع وغيرها، استطاعت أن تخرّج أجيالا وفئات في الميدان وهو ما يعني حسب اعتقادي بوجود استمرارية مميزة، فأتساءل كيف كنا قبل 50 سنة وكيف صرنا اليوم، ففي السنة الماضية برز مخرج شاب اسمه فوزي إبراهيم من الجزائر صاحب 27 سنة، وقدم عملا في الدورة السادسة لمهرجان المسرح المحترف بالجزائر، وهو نفس العرض الذي قدّمه في الأردن، حيث كان هناك تجاوب وترحيب كبير بهذا العمل نتيجة المعالجة الجيدة من قبل صاحبه، وهكذا دواليك يتجدد المسرح العربي مع الأجيال والأزمان، فقط تبقى النظرة الفنية للموضوع والرؤية والأفكار، حيث يظل التمثيل تمثيلا والإخراج إخراجا، كما يتجلى في صور عدة منها المفاهيم الحديثة المتعلقة بطرح العروض المسرحية بين المسرح الملحمي الأجنبي الذي تستمده مثلا من بريخت وتستوعب تمثيله على الخشبة في ملحمة الجزائر بروح وبإبداع جزائري، وأؤكد على أنّ اللغة العربية تلعب دورا هاما في خلق هذا التجديد الذي يمس بناء النص، المفردات، الجمل، الخيال، وكذا المفاهيم التي تتجاوز الواقع المعين. ففي هذا الإطار اعتقد بأنّ الطرح اختلف من فترة لأخرى فما كان سنوات السبعينيات وفي عصر الآن يختلف عن بعضه بكثير انطلاقا من هذه المعطيات، وكذا التأثير الحاصل على مستوى الصورة وعلى إيقاع العرض. غير أنني أقول بأن النص والمحتوى يظلان نفسهما فيما يتغير التعامل معهما وكيفية معالجتهما، وبالتالي فما هو الشيء الذي يجعل من محمود درويش وكاتب ياسين أوحتى فوزي إبراهيم يبدعون ويبرزون في العالم لولا طريقة التعامل والتناول مع اللغة العربية، من حيث استعمال الخيال والتراكيب اللغوية وتوظيفها في الكتابة والشعر، وهو الأمر الذي ينطبق على المخرج أوالممثل المسرحي على الركح، إذ يمكنه استحضار نصّ قديم لشكسبير ومعالجته وطرحه بشكل عصري.
مخرج مسرحي أردني
غنّام غنّام
حركية المسرح العربي تجلّت في التمرد على الخشبة والانحياز إلى الشارع
أعتقد بأن التجديد سمة المسرح أيضا، فلما تعود إلى الوراء بنحو عشرية أوعشريات من عمر المسرح العربي تجده حمل تغيرا وتحولا مميزا في كافة النواحي، كما عرف مرور جيل جديد من الشباب عليه ترك بصمته جلية وواضحة، إلى جانب الرؤى والأفكار الجديدة التي جاء بها، وبالتالي فالفترة التي كان فيها غنام غنام تلميذا في الفن الرابع، أتى بعدها بمسرح يختلف عن الأوّل الذي تتلمذ على قواعده، لكنه يبقى امتداد للروح وامتداد للأهداف، فالتجديد حسب رأيي موجود في كل مرحلة وفي كل جيل وبالمقابل يتجلى بالاعتماد على رؤى جمالية وتقنيات، فالممثل اليوم جمالية وبنية نصية حديثة وبنية قوية للممثل أوالمخرج اليوم الذي ليس نفسه المخرج خلال السنوات الماضية، لذا أشير إلى وجود انشراح في الوسائل الجديدة، فالمسرح العربي طيلة السنوات العشر الأخيرة بدا ينحاز إلى الشارع العربي أكثر وأخذ يتمرد على الخشبة، وبدا أكثر اقترابا من الناس بوعي كبير، والدليل مجموعة الأعمال التي تشير إلى أنّ المسرح العربي في حالة من التجدد، من جهة أخرى، يمكن للباحث والدارس والناقد وغيرهم، أن يرسموا المعالم والملامح الحديثة له بتكسير البنى التقليدية شريطة عدم هدمها كلية، مع قتل المستقر نسبة إلى المقولة القائلة "إذا أردت أن تتمرد على الشيء اقتله بمعرفة"، وهذا في رأيي إضافة جديدة التي اعتبرها شغل الباحثين والنقاد والممثلين، لأن المسرح ليس لديه وصفة جاهزة، فما تقدمه أنت يختلف عما أقدمه أنا وقد لا يتوافق في مدى القرب والبعد عن الفكرة المطروحة، وبالتالي أؤكد على أن المسرح العربي حاليا خارج القوالب وخارج التعليب شريطة الانتباه من المسرحيين أن هذه الحرية تحتاج وعيا ومعرفة تقنية وإدراكا.
مسرحي فلسطيني مقيم بالأردن
عبد المجيد فنيش
نسجّل بعض الحركية والحكم عليها شبه مستحيل لأنها لا تزال فتيّة
أؤكد بأنّ المسرح العربي يعرف حركية مماثلة لحركية المجتمع في كافة بلدان الوطن العربي دون استثناء، وهذه الحركية تتمثل أساسا في محاولات التحرر من إشكاليات كثيرة يمكن أن نقول عنها تجاوزا أنها تقليدية وبسيطة، لأن طريق المسرح عموما في العالم العربي هو طريق فتي للغاية، وفي أحسن الحالات يعالج أحداث القرن الماضي وأزمان مرّت في البلدان العربية، حيث أضيف أنه مع ذلك نستطيع التقاط العديد من إشارات التجديد على مستويات متنوعة وأولها على مستوى المضمون الذي طلّق التقليد ذا البعد الاجتماعي ودخل مجالا آخر بأبعاد جديدة وفي مقدمتها الأبعاد النفسية المتمثلة في البسيكودراما، وكذلك الشكل فقد قطع أشواطا كبيرة في تقليد المسرح الكلاسيكي من حيث الإخراج والجوانب الفنية الأخرى، حيث تبنى اختيار الجانب التجريدي المحض الذي يؤسس أدواته بنفسه من الرمزية والبحث في الجسد والحركة كمعطى أساسي في الفن الرابع، لذلك أرى بأنّ التجديد رهين بمدى استعداد المتلقي له، لأنّه يعتبر أساسا ثورة على القائم والمتلقي معا. وأجزم في هذا الصدد أنّ حركية المسرح العربي لا تزال في مرحلة البداية وعليه يبقى الحكم عليها والحسم فيها شبه مستحيل، ما لم تعدّ دراسات وبحوث تطور وتدفع المسرح العربي نحو الأمام.
مسرحي من المغرب
الطاوس.ب/حسان.م/ص: سماعين جيدارت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.