فتحت مجزرة الغوطة النار على نظام بشار الأسد ولم يهدأ المجتمع الدولي منذ تاريخ الهجوم في الأسبوع الماضي، حيث تتوالى التصريحات المصاحبة لردود أفعال الدول المؤيدة والمعارضة لسياسة بشار الأسد في التعامل مع الأزمة لتتجاوز هذه المرة حدود الدعوات للحوار إلى التهديد باستعمال القوة ضد السلطات السورية كما يحدث مع واشنطن التي قالت أنها لن تتردد في القيام بتدخل عسكري في سوريا إذا ما ثبت استخدام النظام للسلاح الكيماوي في ريف دمشق. أعلن أمس وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أن الجيش الأمريكي مستعد للقيام بتحرك ضد النظام السوري في حال تلقى الأوامر من سلطات البلاد، مؤكدا أن واشنطن لا تزال تقيّم مجمل الادعاءات المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية في الهجوم الأخير الذي استهدف منطقة الغوطة بريف دمشق، وتحدث هيغل في تصريحات إعلامية من العاصمة الماليزية كوالالمبور محطته الأولى في الجولة التي يقوم بها إلى جنوب شرق آسيا عن أوامر الرئيس الأمريكي باراك أوباما باتخاذ كل التدابير اللازمة التي تتماشى مع مختلف الخيارات التي قد تلجأ إليها القيادة الأمريكية. وأضاف وزير الدفاع الأميركي بأن الولاياتالمتحدة وحلفاءها بصدد تقييم المعطيات المرتبطة بتنفيذ القوات السورية لهجوم كيماوي الأربعاء الماضي على معقل لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق، مشيرا أن القادة العسكريين قدموا سلسلة سيناريوهات متعددة للرئاسة الأمريكية والخيار الأول والأخير يرجع إلى القيادة العليا في البلاد، من جانبها تصّر باريس على اتهام النظام باستعمال الكيماوي، حيث صرح أمس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن كل الدلائل والحجج تثبت تورط بشار الأسد في المجزرة الأخيرة التي وقعت يوم ال21 من الشهر الجاري في ريف دمشق، معتبرا أن طبيعته كيماوية ”كل المؤشرات تقود إلى الإعتقاد بأن النظام وراء ما حدث في الغوطة”، وطالب هولاند خلال محادثات أجراها بهذا الصدد مع رئيس الوزراء الأسترالي كيفن راد بالسماح لمفتشي الأممالمتحدة من الوصول العاجل إلى المواقع المعنية بالهجوم. لكن الدول الحليفة للنظام السوري تستنكر المخطط الأمريكي على غرار إيران التي وجهت تحذيرا للولايات المتحدة منبهة إياها من خطر تجاوز ما وصفته بالخط الأحمر في التعامل مع الأزمة السورية، ونقلت وكالة أنباء ”فارس” أمس عن مساعد هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية العميد مسعود جزائري رده على تصريحات بعض المسؤولين الغربيين حول استخدام الخيار العسكري ضد سوريا، قوله أن الحرب الإرهابية الجارية في سوريا هي حصيلة مخطط وضعته أمريكا في المنطقة ضد المقاومة، مشددا على أن أي تجاوز لهذا الخط سيعود بتداعيات وخيمة على البيت الأبيض، وهو ما ذهب إليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي الذي رفض أي تدخل أجنبي في الشأن السوري معتبرا أن أي خطوة مشابهة ستصعد من حجم العنف في المنطقة، مشيرا إلى أن طهران لا ترى مخرجا للأزمة إلا من خلال الحوار الوطني الداخلي الذي يجمع الأطراف السورية المتصارعة على طاولة حوار مشترك.
