مجلس الأمن يخفق في تمرير مشروع قرار متعلق بانضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة    عطاف يجري بنيويورك محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة    فلاحة: القطاع على أهبة الاستعداد لإطلاق عملية الإحصاء العام    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    الناخب الوطني فلاديمير بيتكوفيتش يحضر جانبا من تدريبات النادي الرياضي القسنطيني    عطاف يشدد على ضرورة منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين    إحالة 14 ملف متعلق بقضايا فساد للعدالة منذ أكتوبر الماضي    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    كاس الجزائر أكابر (الدور نصف النهائي): مولودية الجزائر - شباب قسنطينة بدون حضور الجمهور    فلسطين: ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 33 ألفا و 970 شهيدا    زيتوني يشدد على ضرورة إستكمال التحول الرقمي للقطاع في الآجال المحددة    فايد يشارك في أشغال الإجتماعات الربيعية بواشنطن    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار وتوقيف 10 عناصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    الجهوي الأول لرابطة باتنة: شباب بوجلبانة يعمق الفارق    سدراتة و«الأهراس» بنفس الإيقاع    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي يؤكد: تشجيع الإشراف التشاركي في العملية الانتخابية المقبلة    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    عطّاف يؤكّد ضرورة اعتماد مقاربة جماعية    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    توزيع الجوائز على الفائزين    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    من يحرر فلسطين غير الشعوب..؟!    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    الجزائر تضع باللون الأزرق مشروع قرار طلب عضوية فلسطين بالأمم المتحدة    دعوة لضرورة استئناف عملية السلام دون تأخير    الصّهاينة يرتكبون 6 مجازر في يوم واحد    هذا موعد عيد الأضحى    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    بطاقة اشتراك موحدة بين القطار والحافلة    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيما يحكم المضاربون سيطرتهم على الأسعار: شيخوخة الأشجار و زحف الإسمنت يهددان إنتاج البرتقال بالجزائر
نشر في النصر يوم 24 - 01 - 2016

تعرف السوق الجزائرية في السنوات الأخيرة دخول أنواع غير معهودة من الحمضيات تستورد من إسبانيا والمغرب تسوق على حساب المنتوج الوطني المعروف بجودته ومذاقه الخاص، في حين تبقى أسعار أجود الأصناف المحلية طومسون وكليمونتين، مرتفعة بالنظر للأرقام الحقيقية التي يتعامل بها الفلاحون الذين أصبحوا يبيعون المنتوج قبل أن ينضج للتخلص من أعباء الجني والنقل ، ما يجعل الكميات التي تسوق تباع أكثر من مرة قبل أن تصل إلى الزبون بأسعار تتراوح ما بين 200 و300 دج.
زراعة الحمضيات التي عرفت بها الجزائر منذ الاستقلال وحتى نهاية الثمانينات وكانت من أهم المواد المصدرة للخارج ، تراجعت بعد اقتلاع أشجار و استغلال الأراضي لإنجاز مشاريع سكنية وطرقات أكلت الفواكه وخلفت لنا الإسمنت، وإن ظل سهل المتيجة يقاوم بالحفاظ على سقف إنتاج مقبول، فإن الدخلاء سيطروا على الوفرة وتحكموا في السوق وفق ما يلائم حساباتهم، فيما يطلق المنتجون بسكيكدة صرخة استغاثة لتجديد بساتينهم التي شاخت ويطالبون بالدعم لاقتحام السوق العالمية و استعادة مكانة فقدتها الولاية.
03 بلديات تنتج 33 بالمائة من الإنتاج الوطني
سهول المتيجة تتحول إلى أحياء و منتوج الحمضيات يباع ثلاث مرات
يشتهر سهل المتيجة بإنتاج الحمضيات بمختلف أنواعها، بحيث و رغم الصعوبات المختلفة التي يواجهها الفلاحون وزحف الاسمنت نحو الحقول الخضراء، والتقلبات الجوية غير المساعدة في بعض الأحيان، إلا أن المنطقة لا تزال تشتهر بإنتاج هذا النوع من الفواكه، وبإنتاج مزدهر عكس ولايات أخرى تراجع بها إنتاج الحمضيات بسبب ضعف وسائل الإنتاج لدى الفلاحين.
حسب الأمين العام للإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين محمد عليوي في تصريحه على هامش تدشينه مهرجان الحمضيات ببلدية وادي العلايق نهاية الأسبوع الماضي.
ويجمع الفلاحون الذين تحدثت إليهم النصر على أن الحمضيات ستتحول إلى البترول الأخضر وتساهم بشكل كبير في رفع صادرات الجزائر خارج المحروقات، إذا لقيت الاهتمام والعناية اللازمة من جميع النواحي، وتم الحفاظ على الأراضي وعدم تحويلها للبناء، خاصة وأن سهل المتيجة يتوفر على أراض خصبة مناسبة بشكل كبير لإنتاج أهم أنواع الحمضيات.
وتعرف منطقة المتيجة بإنتاج حوالي 20 نوعا من الحمضيات من مجموع 250 نوعا معروفا في العالم، كما تعتبر بلدية وادي العلايق بولاية البليدة الأولى وطنيا في الإنتاج ثم تأتي بلدية موزاية في المرتبة الثانية والشبلي في المرتبة الثالثة، البلديات الثلاث تنتج ما يعادل 33 بالمائة من مجموع الإنتاج الوطني من الحمضيات، وحسب توقعات مديرية المصالح الفلاحية لولاية البليدة فإن المنطقة تنتج سنويا 04 مليون قنطار من الحمضيات، في حين يعرف الرقم في بعض المواسم تزايدا و تراجعا في مواسم أخرى وهو أمر مرتبط بالظروف المناخية، حيث أن الموسم الماضي عرف فيها إنتاج الحمضيات ارتفاعا كبيرا، وبلغ سقف 4.4 مليون قنطار حسب ممثلة مصلحة تنظيم الإنتاج، كما يتوقع هذا الموسم إنتاج 04مليون قنطار، في حين ووفق بعض المعطيات الموجودة لدى مديرية المصالح الفلاحية يتوقع أن يكون الإنتاج أقل هذا الموسم، وذلك بسبب هبوب رياح جنوبية في فصل الصيف الفارط أثرت سلبا على أشجار الحمضيات، ولهذا كان الإنتاج في بدايته ضعيفا، كما أثر على الأسعار أين وصل سعر نوع" الكليمونتين" إلى 300دينار بأسواق البليدة التي تتوسط حقول الحمضيات، في حين في ولايات أخرى خاصة الجنوبية منها يتوقع أن تكون الأسعار أكثر بكثير، أين تتدخل فيها عوامل أخرى ومنها المضاربة والنقل وغيرها، وحسب نفس المصدر فإن المساحة الإجمالية للحمضيات بولاية البليدة تقدر ب17820هكتارمنها17117هكتار منتجة، والبقية في طور النمو، وبذلك يتوقع حسب نفس المتحدثة أن يرتفع إنتاج الحمضيات خلال السنوات القادمة.
كما أوضحت ممثلة مصلحة تنظيم الإنتاج بأن الموسم الماضي فاق فيه الإنتاج كل التوقعات، وذلك بسبب عوامل الطقس التي كانت مساعدة، بحيث لم يشكو الفلاحون من قلة مياه السقي، وفي نفس الوقت أصبحوا يعتمدون على التقنيات الحديثة ، ويستعملون الأسمدة والأدوية المناسبة للأشجار، بالإضافة إلى تطبيقهم للإرشادات الفلاحية التي تقدم لهم، وأشارت نفس المسؤولة بأن الفلاحين أصبحوا يخضعون حاليا لحصص تكوينية في ما يتعلق بطرق الإنتاج واستعمال الأسمدة وغيرها، وهي عوامل ساعدت في وفرة الإنتاج، وأشارت ممثلة مصلحة تنظيم الإنتاج الفلاحي بمديرية المصالح الفلاحية بأن موسم جني الحمضيات السنة الماضية امتد من شهر أكتوبر إلى غاية شهر ماي بسبب وفرة الإنتاج الذي فاق التوقعات مما أدى إلى انخفاض الأسعار، بحيث انخفضت في أسواق الجملة إلى 35 دينارا والتجزئة إلى 50 دينارا، ووصل الأمر ببعض الفلاحين حسب نفس المتحدثة إلى إتلاف كمية منها بعد أن أغرق السوق ولم يتمكنوا من تسويقها، إلا أن هذا الموسم بسبب تراجع الإنتاج وصلت أسعار الحمضيات في قلب المتيجة إلى 300 دينار لبعض الأنواع مثل "كليمونتين، طمسون، واشنطن"
بيع المنتوج قبل نضوجه والمضاربون يسيطرون على السوق
يعد ارتفاع أسعار الحمضيات بالمناطق الداخلية أو الجنوبية التي لا تنتج هذا النوع من الفواكه أمرا مقبولا لدى المستهلكين إلا أن ارتفاع أسعارها بأسواق المتيجة التي تحاصرها حقول الحمضيات من كل جهة أمر غير مقبول لدى المستهلكين، ويرى العديد من المواطنين بأن تراوح أسعار بعض أنواع الحمضيات بأسواق بوفاريك أو وادي العلايق والبليدة ما بين 200و300 دينار أمر غير مقبول، وإن كان لانخفاض الإنتاج دور في ارتفاع الأسعار، وهي قاعدة تجارية تنطبق على كل السلع، إلا أن المضاربة لها دور كبير في ارتفاع أسعار الحمضيات بأسواق المتيجة، والخاسر الأكبر من هذه الظاهرة هو الفلاح بدرجة أولى ثم المستهلك، بحيث يشتهر سهل المتيجة بانتشار المضاربين في حقول الحمضيات الذين يتحكمون في الأسعار، وقبل وصول المنتوج إلى السوق تكون حقول الحمضيات قد تم بيعها أكثر من 03 مرات، وفي كل مرة يزيد سعرها، وبذلك فإن سعر الكيلوغرام الواحد الذي قدره الفلاح لبيع الحمضيات في الحقل، يتضاعف عدة مرات قبل وصول المنتوج إلى سوق الجملة ثم المستهلك، وبذلك فالرابح الأكبر من هذه العملية هم المضاربون، والخاسر الأكبر هو المستهلك، كما أن الفائدة التي يجنيها الفلاح لا مجال فيها للمقارنة مع ما يجنيه المضارب، وفي نفس الوقت يتهم بعض الفلاحين خاصة من أصحاب المستثمرات الفلاحية العمومية بالتقصير والإهمال في خدمة حقولهم، ويلجأون إلى بيع هذه الحقول في فصل الصيف لتجار لا يحسنون تقنيات خدمة الأرض وإنتاج الحمضيات، كما لا يتوفرون على الوسائل اللازمة، ولا يولون العناية المطلوبة للأشجار على عكس صاحب الأرض، ما أثر سلبا استيلاء هؤلاء التجار الذين همهم الربح السريع على إنتاج الحمضيات، وحدث ذلك بعد أن تخلى الفلاح عن مهامه و لجأ إلى تأجير أو بيع حقول الحمضيات قبل نضجها لأشخاص آخرين يفقهون في التجارة والربح أكثر مما يفقهون في الفلاحة وخدمة الأرض.
وادي العلايق الأولى وطنيا
تعد بلدية وادي العلايق الواقعة على بعد 20 كيلومترا شمال غرب عاصمة الولاية البليدة الأولى وطنيا في إنتاج الحمضيات، وحسب أحد الفلاحين فإن المنطقة تنتج سنويا ما يقارب 800ألف قنطار، في حين عرف هذا الموسم الإنتاج تراجعا ب30 بالمائة بسبب ظروف الطقس، حيث أثرت الرياح الجنوبية التي ميزت المنطقة في الصيف الفارط على أشجار البرتقال ما انعكس سلبا على الإنتاج هذا الموسم، كما تقدر المساحة الإجمالية ب5553هكتارمنها 5118هكتار أراض فلاحية و2729هكتار مخصصة لإنتاج الحمضيات أي بما يعادل 53 بالمائة من مجموع المساحة.
وقد حافظت هذه البلدية على طابعها الفلاحي بامتياز، بحيث تعد من المناطق القليلة التي تحول فيها مستثمرات فلاحية لانجاز مشاريع سكنية، ما جعل تلك البلدية تحافظ على ريادتها في الشعبة على المستوى الوطني، وبغرض تشجيع الفلاحين أكثر على الإنتاج نظمت مصالح البلدية مهرجانا للحمضيات في طبعته الثانية الأسبوع الماضي واستمر لمدة 03 أيام تم خلاله عرض كل أنواع المنتوجات التي تشتهر بها المنطقة والتي تقدر بحوالي 20 نوعا، كما كانت التظاهرة فرصة للتواصل بين الفلاحين و مسؤولي معهد حماية النباتات للتعرف أكثر على الأخطار التي تصيب أشجار الحمضيات وغيرها.
الفلاحون يشتكون من نقص مياه السقي والأسمدة
طرح عدد من الفلاحين للنصر جملة من المشاكل التي تواجههم في إنتاج الحمضيات، وفي هذا السياق يقول أحد الفلاحين بأن الحمضيات تعد البترول الأخضر بالنسبة للجزائر، ولو لقيت العناية اللازمة والاهتمام الأكبر لاستطاعت الجزائر أن تنافس الدول الأوربية من خلال عملية التصدير، لكن المشاكل التي يعانيها القطاع الفلاحي وزحف الاسمنت نحو الأراضي الفلاحية، إلى جانب نقص مياه السقي، عوامل جعلت إنتاج الحمضيات لا يكون وفق المستوى المطلوب، كما تحدث الفلاحون عن معاناتهم في الحصول على الأسمدة بسبب نقصها الكبير، إلى جانب انتشار بعض الأمراض التي تصيب الأشجار والثمرات، وأشار محدثنا إلى إحصاء حوالي 40 مرضا يصيب الحمضيات، بالإضافة إلى انتشار ذبابة البحر الأبيض المتوسط التي تشكل ضررا كبيرا على الفاكهة، ودعوا المصالح المختصة إلى ضرورة محاربتها بالاعتماد على الطائرات المروحية.
وفي نفس الإطار تحدث عدد من الفلاحين على هامش مهرجان الحمضيات في طبعته الثانية بوادي العلايق عن مشكل نقص مياه السقي، وأشار في هذا السياق ممثل عنهم إلى أن نسبة 50 بالمائة من مياه السقي توفر للبساتين من الآبار، في حين أن مستوى المياه الباطنية بوادي العلايق انخفض من 15 مترا إلى 70 مترا، ولذلك أصبحت الآبار غير كافية، إلى جانب عدم حصول الفلاحين على تراخيص لحفر آبار جديدة، كما يطرح مشكل تقسيم المستثمرات الفلاحية الذي جعل بعضها فقط يتوفر على آبار ، و خلق هذا التقسيم نزاعات بين أصحاب هذه المستثمرات.
كما يطالب المنتجون بضرورة توفير مياه السقي للحقول من السدود للتخلص من هذا المشكل الذي أصبح يؤرقهم، و طرحوا مشكل عدم استفادة أعداد كبيرة منهم من عقود الامتياز ما يحرمهم من الحصول على التمويل من البنوك، إلى جانب منعهم من بناء سكنات في مستثمراتهم الفلاحية، وأغلبهم يقطنون في أماكن بعيدة عنها، كما يحرمون من الحصول على سكن في إطار مختلف الصيغ المعروفة بحجة أنهم يملكون أراض وبالمقابل يحرمون من بناء سكنات في مستثمراتهم .
وقد سطر المعهد الوطني لحماية النباتات ببوفاريك برامج متنوعة لتوعية الفلاحين بمختلف الأمراض التي تصيب الحمضيات حتى يكونوا على وعي بها، ويعملون على اقتناء الأدوية المناسبة لعلاج هذه الأمراض، وفي هذا السياق تتحدث ممثلة المعهد دنيا صادق عن هذه الأمراض التي تصيب الحمضيات، وحصرتها في أمراض بيولوجية ناتجة عن كائنات حية وأخرى فيزيولوجية فيروسية، وأوضحت بأن بعض الأمراض خاصة منها الفيزيائية تظهر نتيجة اختلال الوعي لدى الفلاحين، بحيث زيادة أو نقصان الأملاح المعدنية في التربة يؤدي إلى ظهور بعض الأمراض، وبهدف خلق الوعي لدى الفلاح سطر معهد حماية النباتات عدة حملات تحسيس وتوعية موجهة للفلاحين لتعريفهم بمختلف الأمراض التي تصيب الحمضيات وطرق علاجها والوقاية منها، كما أوضحت نفس المتحدثة بأن انتشار هذه الأمراض في حقول الحمضيات له تأثير على الإنتاج .
71مستثمرة حولت لإنجاز سكنات و مرافق
يشير تقرير أعدته لجنة الفلاحة والري والسياحة بالمجلس الشعبي الولائي إلى تسجيل 71مستثمرة فلاحية بالولاية حولت لانجاز مشاريع سكنية ومرافق عمومية، بحيث أن نقص العقار المخصص للبناء دفع بالسلطات الولائية إلى تحويل مساحات كبيرة من الأراضي الفلاحية بالمتيجة لإنجاز مشاريع سكنية ومرافق عمومية مختلفة، مما أدى إلى تقليص مساحة الأراضي ، خاصة مستثمرات الحمضيات، كون نسبة كبيرة من مستثمرات سهل المتيجة مختصة في إنتاج الحمضيات، كما تجدر الإشارة إلى أن 41مستثمرة فلاحية كانت قد حولت في السنوات الأخيرة لإنجاز المدينة الجديدة ببوينان التي توجد قيد الأشغال حاليا، وأغلب هذه المستثمرات خاصة بالحمضيات، كما حولت 30مستثمرة أخرى بعدة بلديات بالولاية لانجاز مشاريع مختلفة، في حين أن تحويل الأراضي الفلاحية الذي يمرر للمصادقة من طرف المجلس الشعبي الولائي يلقى كل مرة معارضة واسعة من طرف الفلاحين والمنتخبين كونه يؤثر سلبا على الإنتاج الفلاحي ويقلص مساحة الأراضي الفلاحية، و تجدر الإشارة إلى المساحة الإجمالية لولاية البليدة تقدر ب147ألف هكتار منها 66ألف هكتار أراضي فلاحية خصبة، في حين هذه المساحة تقلصت بعد تحويل عدد من المستثمرات لإنجاز مشاريع سكنية .
نورالدين-ع
بعد أن كانت بساتين المنطقة تموّن أوروبا
تراجع إنتاج كليمونتين و طومسون بسكيكدة
تراجع إنتاج الحمضيات بولاية سكيكدة في السنوات الأخيرة بشكل رهيب لم تعهده المنطقة من قبل، و صار سكان البلديات التي كانت تصدر الحمضيات إلى فرنسا بحاجة لمن يأتيهم بالبرتقال و المندرين، من بلاد أخرى كالمغرب و اسبانيا، حيث لم تعد هذه الفاكهة في متناول المواطن البسيط و تجاوزت أسعارها 200 دج للكلغ، فيما يتهم المنتجون الوسطاء برفع الأسعار أربعة أضعاف معدلها الحقيقي.
فقد تقلصت المساحة المغروسة بأشجار الحمضيات نتيجة لغزو الاسمنت، و شيخوخة الأشجار، وانعدام الدعم، و صارت الثروة التي تشتهر بها المنطقة مهددة بالانقراض، لكن مؤشرات جديدة تدل على نمو قادم لم يؤت أكله بعد. فقد سجلت زراعة الحمضيات بولاية سكيكدة خلال سنتي 2014-2015 نسبة نمو تقدر ب 42 في المائة حسب ما جاء في تقرير المجلس الشعبي الولائي واحتلت الولاية المرتبة السابعة وطنيا عام 2014 ،و بلغ الإنتاج السنة الماضية 590 ألف قنطار بمعدل 245 قنطار في الهكتار على مساحة 2917 هكتار، حيث تتوزع زراعة الحمضيات ببلديات الحدائق و صالح بوالشعور وبدرجة أقل في عزابة، رمضان جمال، عين شرشار وبن عزوز.
النصر زارت حقول سكيكدة الشهيرة بنوعية البرتقال و المندرين و الكليمنتين و تحدثت إلى الفلاحين الذين يصارعون من أجل البقاء وسط أشجارهم التي يتهددها زحف الإسمنت.
كانت وجهتنا الأولى بلدية صالح بوالشعور وبالتحديد بقرية شعبة زيان التي تتواجد بها العديد من المستثمرات الفلاحية أين التقينا بعدد من المنتجين بمزرعة مجموعة بن ناصر رقم 2، كان الكثير من العمال منهمكين في الاهتمام بأشجار البساتين و بعدما رحبوا بنا شرعوا مباشرة في سرد حكايتهم مع نشاطهم الذي ورثوه أبا عن جد.في منطقة معروفة بتربتها الخصبة التي تنتج شتى أنواع المحاصيل الزراعية وليس الحمضيات فقط، وهذا ما وقفنا عليه بعين المكان.
بساتين المزرعة تنتج أجود أنواع البرتقال على مساحة هكتارات وتحتل المرتبة الثالثة على المستوى الوطني والأولى بالجهة الشرقية من حيث النوعية وتشتهر بإنتاج أجود أنواع البرتقال من المندرين و الكليمونتين وخاصة صنف «الطومسون» الذي يحمل اسم واشنطن نسبة إلى عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية التي جلبت منها هذه الأشجار.
يؤكد الفلاحون بأن مستثمرة بن ناصر حسن هي الوحيدة بالولاية التي تنتج أزيد من 4 آلاف قنطار من هذا النوع من الحمضيات بمعدل 300 قنطار في الهكتار، فيما تختص بساتين المستثمرة المجاورة في إنتاج أنواع أخرى من البرتقال كالمندرين و الكليمونتين بإنتاج يصل إلى أزيد من 5 آلاف قنطار.
بواخر من البرتقال السكيكدي كانت تسوق في فرنسا
و نفى الفلاحون بشدة ما كان قد أخبرهم به مدير الأشغال العمومية السابق حين ذكر بأن البساتين التي يستغلونها حاليا ليست ملكية لهم و تعود للحقبة الاستعمارية و كانت تابعة لأحد المستوطنين الفرنسيين يدعى «الروجي».و تدخل أحدهم، ليؤكد بأن الأشجار جلبت من مدينة واشنطن الأمريكية في سنوات السبعينات و أكد أنه كان من ضمن العمال الذين قاموا بغرس تلك الأشجار و بالتحديد في سنة 1974، وأشار الفلاحون في مزرعة بن ناصر أن هذا الصنف من المنتوج كان في سنوات الثمانينات يصدر إلى فرنسا عبر البواخر انطلاقا من ميناء سكيكدة، بسبب نوعيته الرفيعة التي تفوق بكثير الأصناف التي تستورد حاليا من المغرب واسبانيا. و يتميز المنتوج بأنه طبيعي وله مذاق حلو يخلو من كل عمليات التهجين التي تعتمدها زراعة الحمضيات في البلدين المذكورين.
طريق مزدوج يلتهم 760 شجرة
بكثير من المرارة تحدث الفلاحون عن الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية باقتطاع حوالي 3.5 هكتار من إجمالي 11 هكتارا من المساحة المغروسة بمعدل 760 شجرة تقدر قيمتها الإنتاجية بحوالي مليار سنتيم. لإنجاز مشروع الطريق مزدوج يربط الميناء بالطريق السيار شرق غرب، رغم اعتراضهم الشديد على الإجراء الذي تسبب –مثلما- أشاروا في أضرارا كبيرة بالثروة الفلاحية والأراضي الخصبة، و قالوا أنه كان على مديرية الأشغال العمومية أن تختار موقعا آخر يتواجد بالجهة المقابلة للطريق الوطني رقم 44 الذي يربط قسنطينة سكيكدة، لأن الطريق الجديد سيخلق لهم مستقبلا مصاعب كبيرة في ممارسة نشاطهم الفلاحي لكونه يتوسط البساتين.
و طرح الفلاحون قضية التعويضات المالية التي وعدتهم بها مديرية الأشغال العمومية ولكنهم لم يحصلوا عليها لحد الآن، وفي هذا الخصوص ذكروا أن قيمة التعويضات زهيدة، حيث حددتها المديرية باحتساب قيمة كل شجرة ب 14 ألف دج وهي قيمة قليلة جدا، وأكدوا أنه كان يجب على الأقل احتساب هذا المبلغ لمدة 10 سنوات ومع ذلك فان إنتاج هذه الأشجار لا يمكن تعويضه بأي ثمن لأن الأشجار تمثل حسبهم مجهود أجيال سابقة و مستقبل أجيال جديدة.
غير بعيد عن صالح بوالشعور إتجهنا إلى بلدية الحدائق التي كانت بالأمس القريب عبارة عن سهول وبساتين تمتد على مساحات واسعة يراها الزائر من مسافات بعيدة بأشجارها الخضراء الشاهقة، لكنها حاليا تعرف تراجعا كبيرا في زراعة الحمضيات بعدما غزاها الإسمنت المسلح خاصة بالمساحات القريبة من الجامعة، التي أخذت في التوسع من سنة لأخرى على حساب أراضي بساتين الحمضيات.
الكثير من المستثمرات المختصة في هذه الشعبة تنازلت عن أراضيها للسلطات العمومية بدافع المنفعة العامة لتحل مكانها بنايات وهياكل وأحياء جامعية، ولم يتبق من البساتين سوى مساحة قليلة جدا وهذا ما وقفنا عليه في زيارتنا للمنطقة، و ذكر أحد المنتجين وجدناه داخل البستان بأن زراعة الحمضيات بولاية سكيكدة تتراجع من سنة لأخرى بفعل عدة عوامل في مقدمتها تقلص المساحات جراء غزو الإسمنت وأيضا بسبب شيخوخة الأشجار، و ذكر بأن المنطقة كانت مشهورة من قبل بإنتاج مختلف أنواع الحمضيات التي يتم تصديرها حتى إلى فرنسا عبر البواخر، ودلنا المعني على مستودع لا زالت بنايته قائمة، كان يستعمله المنتجون في ترتيب و توضيب الأكياس قبل تحويلها للباخرة.
فلاحون «قادرون على التصدير إن توفر الدعم»
منتجو الحمضيات تعترضهم حسب ما ذكر العديد منهم مشاكل تحول دون تطوير وتوسيع زراعة هذه الشعبة، في مقدمتها غياب الدعم الفلاحي حيث أن جميع الفلاحين لم يستفيدوا من مختلف أشكال الدعم الذي خصصته الدولة للفلاحين مثل قرض الرفيق.و يعتمدون على إمكانياتهم الخاصة رغم المصاريف الكبيرة التي تتطلبها عملية الصيانة والعناية بالأشجار وخاصة السقي، الذي يكلف الكثير من الأموال و كلها أعباء ثقيلة على كاهل المنتجين.
وأعاب منتجو الحمضيات على مصالح الري عدم تحكمها الجيد في توزيع حصص ومواقيت السقي التي تتم حسبهم بطريقة فوضوية لا تراعي متطلبات ومواقيت عملية السقي، حيث غالبا ما يتم فتح الصمام في الليل عوضا عن النهار، فضلا عن قصر مدة العملية التي لا تتجاوز الساعة أو ساعتين، ويضطرون في غالب الأحيان إلى شراء صهاريج المياه خاصة وأن الحمضيات تتطلب الكثير من الماء.
كما يطرح الفلاحون المستثمرون في هذه الشعبة مشكلة أخرى لا تقل أهمية، تتمثل في هرم أشجار البرتقال التي أضحت اليوم غير قادرة على الإنتاج، حيث أن مساحات واسعة يزيد عمر الشجرة فيها عن 40 سنة ومنها أشجار تعود إلى الحقبة الاستعمارية ،و الحل برأيهم يتمثل في قلع وتجديد هذه الأشجار وفق البرنامج الذي سطرته وزارة الفلاحة. و أبدى المنتجون استعدادهم لمواصلة نشاطهم بشرط مساعدتهم بمختلف صيغ الدعم التي قررتها الوزارة للمهتمين في هذه الشعبة ومعالجة كافة المشاكل التي يتخبطون بها ونحن قادرون -مثلما- يقولون على تحقيق الاكتفاء الذاتي وحتى التصدير للخارج، خاصة وأن سكيكدة تتوفر على موارد مائية هامة من سدود و وديان ناهيك عن تنوع المناخ والتضاريس من منطقة لأخرى، بالإضافة إلى التساقط الكثيف للأمطار.
بعض الفلاحين أبدوا رغبتهم في إنجاز مصانع تحويلية لإنتاج العصائر والمربى، وآخرون يعتزمون طرح مبادرة تنظيم عيد سنوي للحمضيات قريبا على مستوى بلدية صالح بوالشعور من أجل التعريف بالمنتوج على الصعيدين المحلي والوطني.
الوسطاء يلهبون الأسعار
يرجع أغلب المنتجين الذين تحدثنا إليهم غلاء أسعار الحمضيات بالأسواق المحلية بالدرجة الأولى إلى المضاربين والوسطاء في مختلف المراحل انطلاقا من الجني، حيث بمجرد ما يصل المنتوج إلى أسواق التجزئة حتى يبلغ سعره أضعاف بيعه من قبل الفلاحين ثلاث أو أربع مرات.
ويؤكد أصحاب البساتين بأن الوسطاء ساهموا بصفة كبيرة في رفع الأسعار إلى درجة الالتهاب وبالتالي حرمان المواطن البسيط من تناول حمضيات تنتجها حقول قريبة منه، في عز فصل الشتاء موسم إنتاجها، كما أرجعوا سبب ارتفاع سعر البرتقال والحمضيات عموما إلى تراجع إنتاج هذه الشعبة خلال السنوات الأخيرة مقارنة بسنوات الثمانينات والتسعينات، التي بلغت فيها الكميات التي يتم جنيها كل موسم من بساتين سكيكدة ما يزيد عن 250 قنطار في الهكتار الواحد.
كمال واسطة
رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين
رخص الاستيراد رفعت الطلب على المنتوج المحلي من الحمضيات
أرجع رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار أسباب ارتفاع أسعار الحمضيات في الأسواق الجزائرية، إلى تراجع عدد الأشجار وارتفاع تكاليف الإنتاج ، مشيرا إلى أن رخص الإستيراد التي فرضتها وزارة التجارة على المستوردين، ساهمت في زيادة الطلب على المنتوج المحلي من الحمضيات.
وذكر بولنوار في اتصال بالنصر، بأن أسباب تراجع إنتاج هذا النوع من الفواكه وارتفاع أسعارها في الأسواق الوطنية، يعود بالأساس إلى المشاكل التي يغرق فيها الفلاحون ، حيث أكد بأن ارتفاع تكاليف الإنتاج وتناقص عدد الأشجار المثمرة لاسيما بمنطقتي المتيجة وبوفاريك واللتان كانتا في السابق تغطيان بوفرة احتياجات الأسواق المحلية، بالإضافة إلى الإضطرابات الجوية وما ينتج عنها من تذبذب في عملية التموين، كلها عوامل حسبه أدت إلى وصول أسعار البرتقال والمندرين إلى مستويات قياسية، لم تبلغها من قبل كما أثرت على النوعية والكمية على حسب تعبيره.
وقال رئيس جمعية التجار والحرفيين، أن هناك تراجعا في استيراد عديد الفواكه نتيجة إجراءات فرض رخص الإستيراد التي أقرتها وزارة التجارة في الآونة الأخيرة على المستوردين، وما ترتب عنها من زيادة في الطلب على الحمضيات المحلية، حيث ذكر بأن حجم الطلب على المادة كان متناقصا في السنوات الماضية مقارنة بالموسم الجاري، نتيجة توفر عديد الخيارات أمام المستهلك، أما حاليا فإن غالبية المحلات أصبحت تعرض الحمضيات بجميع أنواعها بالإضافة إلى فاكهتين أخريين في أحسن الأحوال، مشيرا إلى أن نسبة استيراد الحمضيات ضعيفة جدا ولم تسجل إلا حالات قليلة فقط على حد ذكره.
وأضاف بولنوار بأن قطاع الفلاحة لاسيما زراعة الحمضيات بات مهددا بالتراجع أكثر في كمية المنتوجات، بسبب النقص الرهيب في اليد العاملة المؤهلة، حيث ذكر بأن أزيد من 60 بالمائة من الفلاحين الحاليين يتجاوز سنهم الخمسين سنة، يقابلها عزوف كبير من طرف فئة الشباب عن خدمة الأرض وهو ما يتسبب في غالبية الأحيان في ارتفاع تكاليف الإنتاج، داعيا السلطات إلى ضرورة خلق استراتيجيات وآليات لتحفيز الشباب وتوجيههم للعمل في المجال الفلاحي خاصة وأن الكثير من الأراضي الفلاحية الخصبة عبر أرجاء الوطن مهملة لنفس لسبب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.