حوكمة الذكاء الاصطناعي.. خدمة الاستثمار وتحقيق التنمية    نتطلع إلى المزيد من الازدهار في علاقاتنا مع الجزائر    المدرسة العليا للإدارة العسكرية بوهران.. تكوين عصري وفعّال    توسيع القاعدة المنجمية ضمن استراتيجية وأولويات الرئيس    الجزائر- إيطاليا.. تعزيز الشراكة والتنسيق ضمن «ماتيي»    وزارة المالية تطلق دعوة للترشح.. قريبا    الجزائر مؤخرا تحولت إلى بلد مصدر،علي عون: بقينا نحتاج إلى صفائح المعدنية لصناعة السيارات    فيزا شنغن : تجديد تأشيرة الإقامة القصيرة    العضوية الكاملة لفلسطين بالأمم المتحدة    البوليساريو تحصي مكاسبها في ذكرى التأسيس    منتخبنا لأقل من 20 سنة يحرز9 ميداليات جديدة    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف    "العميد".. للاقتراب من اللّقب من بوّابة اتحاد خنشلة    مجلس أعلى للصحافة هو الحل..!؟    المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بإسبانيا    نحو بلوغ استغلال 60 % من المياه المُسترجعة    خنشلة..أحياء مُدمجة لضمان تواجد أماكن صديقة للبيئة    مولوجي تفتح الآفاق أمام إبداعات المرأة    "زئير الظلام".. يستقطب جمهورا واسعا بقسنطينة    إقبال كبير على الفيلم الفلسطيني "معطف حجم كبير"    استئناف حجز تذاكر الحج لمطار الجزائر    مستوطنون يحرقون مكتب "الأونروا" فيذالقدس المحتلّة    برج بوعريريج..نحو تهيئة متنزه بومرقد وجعله متنفّسا للعائلات    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا    بداني يُطمئن الصيّادين    عين الدفلى : توقيف 7 أشخاص وضبط 56340 قرص مهلوس    غرداية : تفكيك نشاط شبكة إجرامية وحجز 1500 مؤثر عقلي    قسنطينة : سحب وإتلاف أزيد من 7.5 قنطار من الخضر والفواكه    تتويج عالمي للزيت الجزائري    رخروخ يستقبل وفداً    أونروا : وقف إطلاق النار "الأمل الوحيد لتجنب إراقة المزيد من الدماء ويجب إعادة فتح طرق المساعدات"    شكوك حول مشاركة غنابري مع ألمانيا في أورو 2024 بسبب الاصابة    بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير وبجامعة باتنة1 : المنتدى الوطني الأول "الأخبار الكاذبة عبر منصات الإعلام الرقمي"    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    رئيس الجمهورية: السيادة الوطنية تصان بالارتكاز على جيش قوي واقتصاد متطور    غرداية: الفلاحون مدعوون إلى توحيد الجهود لإنجاح الإحصاء العام للفلاحة    مشاركة 37 ولاية في اليوم الوطني للفوفينام فيات فوداو    طاقم طبي مختص تابع لمنظمة أطباء العالم في مهمة تضامنية في مخيمات اللاجئين الصحراويين    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر القيادات النسائية لدعم المرأة والطفل الفلسطيني يوم السبت المقبل بالدوحة    دورات تكوينية لفائدة وسائل الإعلام حول تغطية الانتخابات الرئاسية بالشراكة مع المحكمة الدستورية    "تيك توك" ستضع علامة على المحتويات المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي    الديوان الوطني للإحصائيات: فايد يؤكد على ضرورة تحسين جودة البيانات    الجالية الوطنية بالخارج: الحركة الديناميكية للجزائريين في فرنسا تنوه بالإجراءات التي اقرها رئيس الجمهورية    صورية مولوجي تفتتح الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة بالجزائر العاصمة    البطولة المحترفة الأولى "موبيليس": نقل مباراتي إ.الجزائر/م. البيض و ش.بلوزداد/ ن. بن عكنون إلى ملعب 5 جويلية    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    انطلاق لقافلة شبّانية من العاصمة..    الحملة الوطنية التحسيسية تتواصل    رئيس الجمهورية يستقبل وزير خارجية سلطنة عمان    البروفسور بلحاج: القوانين الأساسية ستتكفل بحقوق وواجبات مستخدمي قطاع الصحة    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    "كود بوس" يحصد السنبلة الذهبية    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصر تنقل قصة نجاح حسان حشاش ابن ولاية قسنطينة: من طالب عشق الرياضيات إلى صانع للصواريخ!
نشر في النصر يوم 24 - 03 - 2019

طيلة 4 أشهر من السهر و العمل المتواصل ، عكف الطالب حشاش حسان ابن ولاية قسنطينة ، على تصنيع صاروخ متكامل رفقة زملائه، داخل إحدى ورشات جامعة سعد دحلب بالبليدة، ليحققوا إنجازا غير مسبوق ساعدهم رغم العقبات الكثيرة، على افتكاك المرتبة الثالثة في مسابقة وطنية نظمت العام الماضي، ليتحوّل حسان الذي عشق الرياضيات و العلوم منذ صغره، إلى مثال للطالب الطموح و المثابر و إلى نموذج كسر صورة نمطية سيئة رسمت عن الجامعة الجزائرية، التي أثبتت أنها قادرة على الابتكار و تحقيق التفرّد إذا توفر الدعم الكافي و الإرادة.
الطالب حشاش حسان ذو ال 24 عاما، يدرس حاليا في مرحلة الماستر بتخصص دفع المحركات على مستوى جامعة سعد دحلب، و قد أخبرنا أنه أحب العلوم منذ المرحلة الثانوية و كان متفوقا أكثر في مادة الرياضيات، لينال شهادة البكالوريا بمعدل 14.60 من 20 و يختار تخصص الطيران في جامعة البليدة، فحلمه في البداية، كان مثلما قال، هو أن يصبح طيارا لكن القدر كان يرسم له شيئا آخر.
و بعد الدراسة لسنة و نصف في الجذع المشترك، بدأت طموحات الطالب تتغير، فقرر اختيار تخصص المحركات، و هنا يقول "كنت أحلم أن أكون طيارا، لكن عندما عرفت معنى دراسة هندسة الطائرة و المحركات وجدت أن هناك ما هو أفضل من الطيار، فحتى الميكانيكي يمكنه أن يقود.. هذا التخصص ساعدني على المشاركة في مسابقات محلية و عالمية، و قد شملت الدراسة مادة الديناميكا الهوائية أو "الآيروديناميك" التي تتعلق بطريقة تشغيل و تصنيع المحركات و ما يجب فعله في حالة توقفها و غير ذلك من المقاييس المهمة".
قضيت ليال بيضاء و عيناي كانتا تؤلمانني من شدة التركيز
بداية المغامرة كانت مثلما أخبرنا حسان، عندما أعلن الجزائري عبد القادر خراط المقيم بكندا و المهندس لدى شركة الطيران "بومبارديي"، عن مسابقة "روكتري" لاقتراح تطوير المعارف و السماح للطالب بالخروج من النظري الذي يتعلمه في الجامعة إلى التطبيق، و قد فتحت المسابقة على كل الجامعات الجزائرية لفائدة طلبة علوم الطيران و الدراسات الفضائية و غيرها، فاقترح السيد بن طراد حسين و هو أستاذ بجامعة البليدة و دكتور في الميكانيك حاصل على ديبلوم في علم الطيران، على طلبته المشاركة فيها، و قد كان بينهم حسان الذي كان حينها
يدرس في مرحلة الماستر 1.
و بكل عزيمة و إصرار انضم 13 عضوا إلى الفريق الذي قاده حسان، و يتعلق الأمر بطلبة و طالبات ينحدرون من ولايات قسنطينة و باتنة و بجاية و سطيف و البليدة و المسيلة و كذلك تيزي وزو و سكيكدة، و قد كان بينهم من يدرسون في تخصصات الميكانيك و الالكترونيك و الكيمياء و علوم الطيران و غيرها، بما شكل فريقا متكاملا كان كل عنصر فيه ينفذ مهامه بتوجيهات من الأستاذ الذي حرص، مثلما يقول محدثنا، على تركهم يتعلمون حتى لو أخطأوا، من خلال تطبيق مع تم تلقينهم إياه في مدرجات الجامعة، و عن هذه التجربة يقول الطالب "كنا نبيت في الورشة داخل معهد الطيران بالجامعة، حتى أن الأستاذ بن طراد كان يترك عائلته لكي يقف معنا و يوجهنا، و ذلك طيلة صائفة كاملة ضحينا خلالها بالعطلة".
و قد بدأ العمل على الصاروخ الذي اختير له اسم "سيلفر هاوك" أو "الصقر الفضي" باللغة العربية، منذ شهر جوان، ليستمر إلى غاية آخر لحظة من المهلة التي حددتها المسابقة شهر سبتمبر، و هي فترة كان العمل خلالها يتواصل دون انقطاع داخل الورشة، باستثناء أيام العيد الفطر، و حتى أثناء الفترات القليلة التي تواجد فيها بالمنزل، كان حسان، كما أخبرنا، يحظى بدعم لا محدود من والديه، حيث يتابع قائلا "لقد دعمني أفراد العائلة كثيرا، فرغم أني كنت أترك النور مشتعلا طيلة الليل، و أصدر أصوات مزعجة أثناء العمل، إلا أنهم لم يتذمروا يوما بل شجعوني على ذلك، في حين أن عينيي كانتا تؤلمانني من طول مدة الاشتغال على الكمبويتر، حتى أن والدي لم يعارضا أبدا قضائي العطلة و أيام الراحة في الجامعة".
هكذا كسبنا معركة "السبونسورينغ"
و يقول حسان إن من أكثر المصاعب التي واجهت فريق العمل، هي توفير ممولين و ممونين للمشروع، فرغم أن هذه العملية تعتمد على ما يعرف ب "السبونسورينغ" أي بالإشهار للمؤسسة المعنية بوضع اسمها على الصاروخ كمقابل، إلا أن الطلبة وجدوا صعوبات كبيرة في تحقيق هذا الأمر، ما جعلهم يجوبون العديد من الولايات الوطن، و هو أمر استغرق منهم شهرا كاملا لتوفير الألياف الزجاجية و الأنابيب و الصفائح الالكترونية و غيرها من المواد الضرورية لصناعة الصاروخ، في حين تم تلقي المساعدة من جامعة البليدة و نادي الطيران ببسكرة، و بما أن أجهزة الاستقبال و الإرسال الكبيرة غير متوفرة في الجزائر، فقد اضطر الفريق إلى استيرادها، مثلما يتابع الطالب.
و قد تم الاعتماد داخل الورشة، على النظريات و القوانين التي درسها الطلبة، فأنجز هيكل الصاروخ بسواعدهم وفق دراسات محددة و مضبوطة شملت كل تفصيل من "الصقر الفضي"، و ذلك من أصغر مكون فيه إلى آخر أكبر جزء، إلى أن اكتملت الصورة بإنجاز صاروخ متكامل بمحرك و أجنحة و منصة إطلاق، مع إعداد 4 برمجيات للإعلام الآلي خاصة بعملية التشغيل، و التي اضطر الفريق إلى التنقل لغاية صحراء ولاية بسكرة من أجل تجريبها هناك.
ابتكار يرصد التلوث
و يدرس التربة
و قد وضع الفريق نصب عينيه هدفا أولا، و هو النجاح في المسابقة، بل و تقديم أكثر مما هو مدرج في دفتر الشروط، و هو ما تم بالفعل، فقد تم في ظرف قياسي لا يتعدى 4 أشهر، ابتكار صاروخ يصل طوله إلى 3 أمتار و نصف و يزن 15 كيلوغراما فقط، و ليس 25 كلغ التي حددتها المسابقة، بما يعني ربح 10 كيلوغرامات كاملة، أما المحرك فقد أنجز أيضا تطوعا من الطلبة، لتكون النتيجة صاروخ جزائري الصنع بإمكانه رصد التلوث في الفضاء الخارجي و التغيرات المناخية، كما أنه له أغراض علمية أخرى بعضها زراعية، مثل معرفة إن كانت النباتات في حاجة إلى المياه و دراسة المساحات الأرضية.
و قد وقفت لجنة التحكيم التي تضم أساتذة من مختلف الجامعات الجزائرية، على كل هذه المزايا، فحصل صاروخ فريق البليدة على أحسن تصميم و تصنيع و عرض، كما أن هذا الانجاز راعى بدقة قوانين الفضاء الخارجي و الجو، ليحصد الفريق المرتبة الثالثة من بين 11 فريقا. و رغم أن عملية الإطلاق لم تكن ممكنة في الجزائر، إلا أن الطلبة شعروا بفخر كبير، مثلما يخبرنا حسان، و اليوم أصبحت ورشة جامعة سعد دحلب، كما يؤكد، مليئة بالصواريخ و الطائرات التي ابتكرها طلبة تشجعوا بهذا الابتكار الذي لقي إشادة كبيرة من الوكالة الفضائية الجزائرية "آزال".
الجزائري الوحيد الفائز
في مسابقة "رولز رويس"
و ليست هذه هي التجربة الأولى لحسان في مجال مسابقات الطيران، فقد خاض هذا الشاب الطموح مسابقة نظمتها الشركة العالمية "رولز رويس" الناشطة في مجال الفضاء و أنظمة الطاقة و الدفاع و صناعة المحركات، حيث نال العام الماضي المرتبة الثالثة عالميا بعد أن شارك فيها مع زميلته الطالبة مازاري خولة، ليكونا الفائزين الوحيدين من الجزائر بين 100 فريق من مختلف دول العالم خاض تصفيات صعبة.
و قد أعدّ الطالبان بحثا في إطار ما يسمى ب "الابتكار المزعزِع"، المُعتمِد على تطوير التكنولوجيات و خلق أسواق عالمية جديدة، حيث تركزت فكرة البحث على إعطاء حلول تقنية في حال حدوث عطب مفاجئ بالطائرة، لتسمح هذه الحلول بإصلاحه آليا دون الحاجة إلى الهبوط، إضافة إلى ذلك شارك ابن مدينة الخروب في مسابقات أخرى نظمتها "ناسا" في إطار ما سمي بتحدي "سبايس آبس شالنج".
"الجزائر تزخر بقدرات هائلة لكنها تحتاج الدعم"
و يطمح حسان اليوم إلى حصول على منحة للدراسة في الخارج، و كغيره من الشباب المولعين بعلوم الفضاء و الطيران، يحلم الشاب بالعمل في وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، و كذا الشركة العالمية "رولز رويس"، لأنه يرى بأن فرص البحث أكبر فيهما، و هنا علّق قائلا "سأتعب على حلمي و أضحي لأجل تحقيقه، أما في بلادي الجزائر فالإمكانيات موجودة و كثيرة و في كل الميادين، لذلك يجب تشجيع العلم و التخلص من التبعية في هذا الجانب".
و يؤكد محدثنا أنه اطلع على البرامج التي تدرس في مجال علوم الطيران، بدول غربية مثل فرنسا، فتبيّن له أنه لا يوجد فرق كبير بينها و بين ما هو معتمد في الجزائر، و الاختلاف الوحيد يتمثل، مثلما أضاف، في أن الدراسة هناك تكون مكثفة و أسرع، و بوجود المواد الأولية المساعدة على تطوير الابتكارات، بينما يتطلب الحصول على تمويل لمشروع بحثي في الجامعة الجزائرية، إعداد ملف يتألف من عدة وثائق و المصادقة عليها في البلديات، في حين أن بلادنا تضم شباب قادرين على النجاح في أي ميدان و يمتلكون قدرات هائلة، لكن ما يحتاجونه فقط، هو تلقي الدعم، مثلما يقول حسان في ختام حديثه للنصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.