عطاف يجري بإسطنبول محادثات ثنائية مع نظيره الماليزي    افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    البرلمان العربي يثمن جهود الاتحاد البرلماني العربي بقيادة الجزائر في دعم القضايا العربية    إيران تدعو إلى عقد جلسة "طارئة" لمجلس الأمن الدولي على خلفية الهجمات الأمريكية التي استهدفت أراضيها    الجوية الجزائرية للشحن مُستعدة للتكيّف    بداري يشرف على اجتماع تنسيقي    شايب يستعرض مختلف التدابير والإجراءات التحفيزية    استعراض رؤية الجزائر وتجربتها الرائدة    عطّاف يحذّر من حرب مفتوحة    التلفزيون الجزائري يعرض فيلم الاغتيال    الاتصالات الفلسطينية: عودة تدريجية لخدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة بقطاع غزة    بلايلي يكتب التاريخ    فريقان يحسمان تأهلهما إلى ثمن النهائي    اتحاد العاصمة يغرق    وزير الداخلية يُحذّر..    توقيف مشعوذ بالجلفة    فرق الدي جي حاضرة في الأعراس الجزائرية    هذا موعد انطلاق إنجاز الحوض الثالث بالميناء    الجزائر.. عاصمة للثقافة الحسانية    قسنطينة: إقبال لافت للجمهور على التظاهرة الثقافية "ليلة المتاحف"    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    رزيق يدعو إلى اكتساح السوق الإفريقية    وفد وزاري يزور المصابين في حادث ملعب 5 جويلية    الصالون الدولي للتجارة الافريقية البينية فرصة لعقد الشراكات : رزيق يدعو اكتساح السوق الإفريقية    سكيكدة: افتتاح فعاليات "لقاء روسيكادا السينمائي" في طبعته الأولى    نشر فاضح للمشاكل الزوجية على منصات التواصل    كيليا نمور تهدي الجزائر ذهبية ثانية    التعبئة الاجتماعية درع الجزائر في وجه المؤامرات    إيران تواصل الرد الحازم على العدوان الصهيوني    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية الجزائر تتوج باللقب و نجم مقرة يرافق اتحاد بسكرة الى الرابطة الثانية    الكيان الصهيوني يواصل حصار غزّة وعزلها عن العالم    إجراءات عملية لإعادة بعث مشروع مصنع الإسمنت    توطيد التعاون الجزائري - المصري في المجال الديني    العلاقات الاقتصادية الجزائرية - العمانية واقع ملموس    الجزائر تنضم إلى الاتحاد العربي للإعلام الإلكتروني    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    الجماهير تختار محرز أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا    انتقاء تشكيلة البطولة العربية في موعد بوسعادة    مضوي يودّع الفريق ويشكر المجموعة على ما قدمته    طقوس فريدة تميّز المجتمع العنابي    مذابح ماي 1945 لم تكشف بعد عن كل أسرارها    ''التويزة".. فعل تضامني متجذر بين سكان الأوراس    أمراض الصيف خطيرة والتحلي بالوعي الصحي كفيل بتجنبها    السيد شايب يشارك في ندوة حول موضوع "الاستثمار بالجزائر"    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بالعاصمة    الجوية الجزائرية للشحن مستعدة للتكيف مع متطلبات التصدير    مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي: عطاف يشارك في جلسة الافتتاح    وزير الداخلية: تخصيص أكثر من 7 مليارات دينار لتهيئة وإعادة تأهيل الفضاءات الشاطئية    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    سياسات رئيس الجمهورية ضامن لبسط دولة الحق والقانون    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    تكريم الممثلة الجزائرية رانيا سروتي    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصالح المعنية بقسنطينة فشلت في تفسير اللغز
نشر في النصر يوم 15 - 02 - 2012

منزل ب" عوينة الفول" يغرق في المياه منذ أكثر من سبعة أشهر
وجدناها عند عتبة الباب تقوم بكنس المياه التي غمرت بيتهم الصغير الواقع بأرض عميروش بحي قايدي عبد الله المعروف باسم " عوينة الفول" بمدينة قسنطينة ، في معاناة تعود إلى أكثر من سبعة أشهر قضتها عائلة معماش يمينة في جحيم حقيقي ، وهي تصارع مياها تتدفق بغزارة من أرضية دهليز يضم تحت سقفه البائس9 أفراد كل أملهم أن تسرع السلطات المحلية لإنقاذهم ووضع حد لهذا الكابوس الذي يؤرق نومهم ويجثم على أنفاسهم . البيت المنكوب رقم 422 زارته لجنة السكن الإجتماعي للقطاع الحضري سيدي راشد لمعاينة ظروف إقامة سكانه بعد استقبالهم من طرف والي الولاية شخصيا كما أخبرونا وذلك في اليوم الثالث من عيد الأضحى الماضي . وأرسلت مؤسسة تسيير المياه والتطهير " سياكو" فرقتها التقنية إليه مرتين ، إلا أنها فشلت في تحديد مصدر هذه المياه التي ما زالت تصب بغزارة داخله .
والعائلة التي تضم جدة يقارب سنها المائة عام وابنتيها مسعودة والزهرة اللتان يتجاوز سنهما الخمسين سنة ، بالإضافة إلى أحفاد خمسة توفيت والدتهما وأعاد والدهما الزواج فبقوا مع جدتهم ،وأكبرهم 33 سنة وأصغرهم 19 سنة ، لم يعد بمقدورها تحمل هذا الوضع ، فاستنجدت بالنصر لتذكير السلطات المحلية بمعاناتها ، وهي لا تجد ما يرد عنها برد شتاء قارص زاد تساقط الثلوج على المدينة لأكثر من أسبوع من قساوته.
طوابير ليلية للحصول على قارورة الغاز
عند وصولنا إلى هذا البيت المنكوب صباح يوم الجمعة الماضي على الساعة الحادية عشر كان ثلاثة من أحفاد هذه العائلة يغطون في النوم ، لأنهم قضوا ليلتهم إلى غاية الساعات الأولى من الصباح في طابور طويل ينتظرون وصول شاحنة قارورات الغاز التي قدمت إلى الحي بعد حركة احتجاجية قطعوا فيها الطريق على حركة المرور باتجاه هذا المعبر الهام ، للمطالبة بحقهم في التدفئة في أيام صعبة نزلت فيها درجات الحرارة إلى مادون الصفر، نفذت خلالها مؤونتهم من هذه الطاقة ، حيث يتم استهلاك قارورة واحدة بمعدل يومين لتدفئة الجدة المريضة وحدها ، و من السكان كما أخبرونا من لجأ إلى الإستعانة ببعض العيدان المبتلة لمنحهم بعضا من الدفء، خاصة وأن من بينهم نوافس ورضع وشيوخ.
برد الشارع وثلوجه أرحم من جحيم البيت
وداخل دهليز يتكون من غرفتين ورواق يستعين بإضاءة باهتة لتبديد ظلمته ليل نهار كانت الأرضية كلها غارقة في مياه الصرف التي تصب من حفرة تقع على مستوى جدار غرفة داخلية ، قام أحد جيرانهم بإبعاد الجدة مع ثلاثة من أفراد عائلتها من البقاء فيها مع اشتداد البرد في العواصف الثلجية الأخيرة .
وبقدمين مبللتين تنتعلان خفا بلاستيكيا في يوم وصلت فيه درجة الحرارة إلى مادون الصفر ، قالت لنا مسعودة وهي تحمل المكنسة بيديها المتورمتين من البرد والبلل ، أنها لا تتوقف عن كنس المياه المتسربة إلى غاية البالوعة المتواجدة عند عتبة الباب ، إلى حد أنها لم تعد تحس بقدميها المتجمدتين ، ولا تجد اختلافا كبيرا بين جو البيت في الداخل وخارجه ، بل وتعتبر لسعات البرد في الشارع في أيام الثلج أرحم من البقاء داخل مستنقع مياه الصرف الذي زاد من تعفن هذا الجحر الذي يقيمون به كمنكوبين طيلة أيام السنة ، وهي تشكو من إصابة على مستوى كتفها بسبب هذا العمل الشاق المفروض على جميع أفراد هذه العائلة التي لم تجد مأوى يحميها.
خدمت الوطن ولا تنتظر منه إلا سقف بيت يأويها
وداخل مستودع كان يستعمل لتخزين الخشب غير بعيد من مقر إقامتهم التقينا بالجدة المعمرة التي تم إيواءها في هذا المكان بصفة مؤقتة بسبب ظروفها الصحية الصعبة ، لأنها خضعت في الفترة الأخيرة إلى عملية جراحية لاستئصال المرارة ، للتخفيف بعض الشيء من الحمّى الشديدة التي لم تفارق جسدها الضعيف في هذا السن حيث تبلغ من العمر 97 عاما ، قضتها في نشاط مستمر ولم تتوقف فيه كما أخبرتنا ابنتيها عن طهي الكسرة وغسل ثيابها إلى أن لازمت الفراش بعد الجراحة.
ومن على فراش تلف به قطع الكارتون لمنع البرد عنها ، تتدثر فيه بعدة أغطية صوفية ، وتسد بقطع كارتون وبلاستيك شباك نافذة مكسورة ، قالت لنا الجدة يمينة بأنها لم تكن تتصور أبدا بأن يكون هذا مصيرها اليوم ، وهي التي خدمت بلادها أيام الثورة التحريرية ، وارتدت "القشابية الكحلة" للتنكر في زي الرجال لتمرير ما تطبخه بيديها من كسرة وبطاطا مسلوقة للثوار على ضفاف الأودية والجبال ، لم تنتظر عنه أجرا ولا شهادات شرفية بعد الإستقلال ابتغاء وجه الله . وتشير إلى العلم الوطني المعلق بالقرب منها ، و الذي تحرص على أن يكون رفيقها كما أخبرونا ، بأنها كثيرا ما تناجيه وتذكره بما قدمته للوطن من أجل أن يرفرف عاليا ، ثم تنخرط في البكاء لما آل إليه وضعها ووضع أسرتها . ولم تجد ما تقوله إلا عبارة " عرب لكراسى ربي يهديهم".
استبعدن أن تنظر لجنة السكن إلى " وليات مثلهن"
وعكس جميع الحالات المنكوبة التي زرنها سابقا فوجئنا بأن عائلة " مّا يمينة" لم تتقدم بأي طلب للحصول على سكن اجتماعي ، لأنهم استبعدوا الإستفادة منه ، أو أن تنظر لجنة السكن إلى " وليات مثلهن" و هم يعلمون بأن فيه من الجيران من أودعوا ملفات تعود لعدة سنوات ولم يأتي دورهم بعد ، ويرون اليوم بأن ظروف إقامتهم الصعبة تأشيرة كافية للحصول على هذا السقف الحلم ، ووضع حد لمعاناتهم .
وغادرنا البيت المنكوب وصوت العجوز يردد " هل لنا أخيرا أن نفرح ، ربي يفرح كل نفس مؤمنة ترفع عنا هذا الغبن ، لقد تعبنا وضاقت جميع السبل بنا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.