وسام الجامع لمتفوّقات الباك    بودن يشارك في مؤتمر بسويسرا    الوزير الأول يستقبل سفيري باكستان ومصر    توقيع عقود المرحلة الأولى من إنجاز مشروع بلدنا    استثمارات جازي ترتفع    عرقاب.. حشيشي وبختي في اجتماع هام    مرصد الأمن الغذائي العالمي يؤكد مواجهة غزة "أسوأ" سيناريو مجاعة    فلسطين ترحب بإعلان بريطانيا عزمها الاعتراف بدولة فلسطين    ماكرون الدولة الفلسطينية و فرقة حسب الله    الجاهل عدو نفسه (ترامب نموذجاً    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): السباحون الجزائريون يدعمون رصيدهم ب 8 ميداليات    بوقرة يستهدف اللقب القاري..    من يدرّب اتحاد الجزائر؟    شرطة المدية تطيح بشبكة إجرامية    والي بجاية يتفقد مشاريع ويستعجل استلامها    عربات التين الشوكي تغزو الشوارع    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    الألعاب الإفريقية المدرسية/الجزائر2025: المصارعة تعزز حصيلة الجزائر من الميداليات في ختام منافساتها    مجلة "الشرطة" تحتفي بالذكرى ال63 لتأسيس الشرطة الجزائرية    رئيس الجمهورية يجري محادثات ثنائية مع نظيره اللبناني    توقرت : توقف شخص في قضية حيازة وترويج المخدرات    وفاة 35 شخصا وإصابة 2225 آخرين    جئت للجزائر بشغف كبير وسأغادرها بإعجاب أكبر    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمائة    الجزائر تدعو إلى تحرك دولي عاجل وفوري لإغاثة غزة    استئناف الرحلات نحو بيروت اعتبارا من 14 أوت المقبل    الرئيس تبون يتلقى دعوة من نظيره الألماني    رؤية استراتيجية لتعميق التعاون مع الدول الأوروبية    الشرطة الجزائرية تحذر من مشاركة الصورة الشخصية مع الغرباء    كرة القدم/شان-2024: المنتخب الجزائري يتعادل وديا أمام موريتانيا (2-2)    رؤية متكاملة لدعم منظومة حقوق الإنسان    تمديد استثنائي لآجال إيداع الحسابات الاجتماعية للشركات التجارية    برنامج "عدل 3": أزيد من 1ر1 مليون مسجل اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    باريس تحتضن ندوة "إيكوكو" نهاية نوفمبر المقبل    ندوة حول تطهير العقار الفلاحي    "كيرا كوميدي" تعد بسهرة فنية مميزة    "قراءة في احتفال" تملأ فراغ أطفال البليدة    "الشيطان يرتدي برادا 2".. عودة الثلاثي الذهبي    مولودية الجزائر تلتقي الباجي التونسي وديا    هدفي العودة إلى المنتخب والمشاركة في "الكان"    المصارعة الجزائرية تحصد الذهب    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    الجزائر العاصمة : ندوة علمية حول ديناميكية الساحل الجزائري وعلاقته بالمواقع الأثرية    حجز 7 دراجات "جات سكي" بوهران    ضبط 2938 مؤثر عقلي    معالجة 501 قضية    المجاهد والكاتب والروائي الكبير، رشيد بوجدرة:الكتّاب الممجدون للاستعمار "ظاهرة ظرفية" آيلة إلى الزوال    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    هذه توجيهات وزير الثقافة والفنون    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناضل محنك...امتاز بقدرة عالية في التنظيم
«الشعب» في ضيافة عائلة الشهيد ''علي النمر''
نشر في الشعب يوم 04 - 07 - 2012

يتواجد منزل عائلة الشهيد الرمز علي النمر بحي الشهداء بوسط مدينة باتنة، حيث قمنا بزيارة منزل العائلة بعد الانتهاء من مراسيم إحياء ذكرى استشهاده والتي احتضنتها دائرة مروانة. ومن خلال اللقاء الذي جمعنا مع العائلة التي أعربت عن أسفها الشديد لعزوف بعض السلطات عن حضور هذه الذكرى، والتي وصفتها بالعزيزة على قلوب أبناء العائلة وكذا الأسرة الثورية وأبناء الاوراس بصفة عامة، مطالبة في ذات السياق السلطات الولائية بالحفاظ على مثل هذه المحطات التاريخية الهامة للذين ضحّوا بالنفس والنفيس من أجل أن تعيش الجزائر حرة مستقلة، وهي عبارات التأسف التي كررتها عائلة الشهيد طيلة تواجدنا معها...
لم تتوقف معاناة زوجة الشهيد علي النمر الحاجة ''لوشن العلجة'' ذات 87 عاما عند إصابتها بأمراض مزمنة التي تأكل جسدها يوميا والمتمثلة في داء السكري، الأرق، ارتفاع الضغط، الروماتيزم إلى جانب النقص في حاسة السمع، بل تعدت هذه المعاناة إلى صعوبة التكفل بأفراد عائلتها المتكونة من 16 فردا والمتمثلين في أحفادها
وأبنائها الذين يعيشون تحت سقف واحد بكل ما أوتيت من صبر وتفان في رعايتهم لا سيما وأنّ ابنها عمار يعاني هو الآخر من مرض ارتفاع ضغط الدم، ما يعني أنه يحتاج إلى رعاية خاصة، فهو لا يقوى على القيام بأعمال شاقة دون مساعدة على حد تعبير أحد أبنائه، الذي كشف لنا أن الراتب الشهري لأبيه لا يتعدى 15 ألف دينار، وهو راتب ضعيف جدا مقارنة بمتطلبات العائلة.
ومن جهة أخرى،كشف لنا أفراد العائلة بأنّهم سئموا كثيرا من رحلة البحث عن مناصب عمل قارة، فإحدى حفيدات الشهيد كانت تعمل كمراقبة في إحدى المتوسطات بعين ياقوت لتجد نفسها بقطاع النظافة رغم أنها تحوز على شهادة في التعليم الثانوي، إضافة إلى من يعمل بعقود مؤقتة أي مهن غير دائمة وقارة، فيما توجّه أحد أبنائه إلى فتح محل للحلاقة بغية الاسترزاق منه، ويضيف هؤلاء بأنهم وضعوا العديد من ملفات العمل إلاّ أنّهم لا يزالون يقبعون في طابور الانتظار.
وقد ناشدت العائلة الجهات المعنية ضرورة الالتفاتة إليهم وانتشالهم من دائرة النسيان والحرمان التي لازمتهم ومنذ سنين طوال على حد تعبيرهم، فيما تبقى أرملة الشهيد علي النمر على شعاع الأمل بأن تزور البقاع المقدسة، فهي آخر أمنياتها من هذه الحياة التي أرهقت كاهلها بمشاكلها اللاّمتناهية.
تأسّفت عائلة الشهيد الرمز علي النمر لعدم حضور السلطات ذكرى استشهاد هذا البطل التي قامت بأحيائها الأسرة الثورية بعاصمة الأوراس باتنة بدائرة مروانة،
والتي كانت عائلة الشهيد حاضرة فيها، حيث توجّه أعضاء الأسرة الثورية ممثلة في منظمة المجاهدين بباتنة إلى مقبرة الشهداء بمروانة أين تمّ وضع إكليل من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء، كما ألقى الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين السيد مسعود عبيد كلمة تطرق فيها إلى مناقب البطل على النمر وتضحياته إبان الثورة التحريرية، كما توجه الوفد إلى المعلم التذكاري للبطل بمشتة ''أم الرخاء''، وتم بالمناسبة تنظيم مجموعة من الأنشطة الثقافية والرياضية احتفاءا بالذكرى، وتوزيع الجوائز على الفائزين، إضافة إلى تنظيم محاضرة حول حياة الشهيد عرض خلالها شريط وثائقي مصوّر من إنشاء شباب حي علي النمر. وتضيف العائلة أنّ حضور السلطات يعطي للذكرى وزن كون البطل الشهيد علي النمر قد سجل اسمه بأحرف من ذهب في سجل التاريخ.
جوانب مضيئة في سيرة البطل
نشأته
ولد علي النمر في 16 مارس 1925 في مشتة أم الرخاء بدوار حيدوسة قرب مروانة التي كانت تدعى في العهد الاستعماري بلزمة أو كورناي، التابعة لولاية باتنة في سلسلة جبال الشلعلع، من أب يدعى مختار بن علي بن ملاح ، ومن أم تدعى (الطاوس حجام) وأصلها من بلدية (افرحونن) ولاية تيزي وزو من جبال جرجرة الشامخة، وقد أنجب أبواه عددا كبيرا من الأطفال فتوفوا جميعا ولم يعش منهم إلا طفلين وهما ذهبية وعلي.
تعليّمه
التحق بكتاب القرية لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم خفية عن أنظار العدو، ثم انتقل به والده غلى مدينة باتنة وهو لم يتجاوز بعد العقد الأول من عمره. وفي مدرسة الأهالي بمدينة باتنة واصل تعلمه باللغتين العربية والفرنسية، وراح يبحث عن العمل في مطلع الأربعينيات إبان الحرب العالمية الثانية لمساعدة أسرته الفقيرة. وقد مكّنته السنوات القليلة التي قضاها في المدرسة من الوصول إلى مستوى ثقافي معتبر، حيث يستعمل اللغتين العربية والفرنسية بطلاقة وأصبح خطيبا شديد التأثير على مستمعيه.
حياته الاجتماعية
عاش مرحلة طفولته كغيره من الشباب الجزائريين في الحرمان وضنك العيش الذي فرضه الاستعمار الفرنسي على سكان المنطقة خاصة والجزائر عامة، لا سيما بعد ثورة 1916 في كل من مروانة، باتنة، عين التوتة وما جاورها، أين شدّد الاستعمار قبضته الحديدية على السكان بعد قتل ونفي المئات، وتجريد الباقين من أراضيهم وجميع ممتلكاتهم، فكان علي النمر كبقية الوطنيين يتابع عن كثب هذا الوضع غير الطبيعي الناتج عن انتقام العدو من السكان بعد كل ثورة من الظلم والاضطهاد والتعسف وثالوث الفقر والجهل والمرض المسلط على الشعب.
تمكّن من إيجاد منصب عمل في الشركة الصناعية للقبائل الصغرى التي كانت تقوم باستغلال الخشب في غابات هذه المناطق، وقد اشتغل في هذه الشركة مدة ست سنوات كعامل متخصص في النجارة فتمكن بذلك من تخفيف أثر الفقر والبؤس عن أسرته الصغيرة، وقد تزوّج مبكرا في مطلع الأربعينيات وبالضبط عام 1943 بالسيدة (العلجة لوشن) بنت أحد قادة الثورة. أنجب ولدا وحيدا منها، سنة 1946 المدعو عمار النمر ولا يزال على قيد الحياة، وقد كرّر الزواج أثناء الثورة التحريرية بأرملة شهيد في المنطقة الثانية بآريس عندما كان على رأس المنطقة، ولم يخلف الأولاد من الزوجة الثانية.
لم تحظ عائلته بالرعاية الكافية بسبب تخصيص حياته للجزائر، الشيء الذي جعله لا يخلف شيئا من الممتلكات من حطام الدنيا الزائلة حيث كان يسكن منزلا متواضعا جدا لأبيه ببوعقال باتنة مبني بلبنات التراب ومسقف بنبات الديس فوق قطعة من الأرض مساحتها حوالي نصف هكتار، باعها أبوه ثناء الثورة التحريرية لينفق على عائلته، وقطعة أرض أخرى مساحتها حوالي 2 هكتار ببوعقال باعها أبوه أيضا بعد الاستقلال عام 1967 بثمن بخس لتغطية نفقات الأسرة وزواج حفيده عمار النمر الذي لم يترك له أبوه الشهيد شيئا. توفي أبوه سنة 1970، ثم توفيت أمه سنة 1977 بعدما عانا الكثير من الفقر لأن ولدهما البطل لم يترك لهما شيئا إذ كان ينفق دخله الشهري من عمله على المناضلين، حيث كان كريما جدا.
أعماله ودوره أثناء الثورة التحريرية وفي تفجيرها
إنّ أمر تفجير الثورة ليلة أول نوفمبر 1954 كان محاطا بسرية متناهية جدا لا يعلم لحظتها إلاّ مصطفى بن بولعيد ومناضلين قلائل، قسم ابن بولعيد مهام مناضليه إلى مهام عسكرية وأخرى سياسية قبيل لحظة اشتعال فتيل الثورة المباركة.
علي النمر من المناضلين الذين أسندت لهم المهمة السياسية في أواسط الجماهير الشعبية لدعم الجانب العسكري للثورة ماديا ومعنويا وغرس مبادئها في صفوف الشعب وتعبئتهم وتجنيدهم حولها، ويرجع ذلك إلى أن علي النمر كان من المناضلين الذين تكشفهم فرنسا، ولم تتمكن من معرفة نشاطه ودوره الحقيقي في الإعداد للثورة، لذا لم يبرز علي النمر كجندي في هجمات ليلة أول نوفمبر، ولم يكن تخلفه عنها تقاعسا منه كما يدعي عليه البعض ممن كانوا يكرهونه ويحقدون عليه قبيل الثورة وأثنائها، بل بأمر من قادة الثورة، الذين كلفوه بدعمها ماديا وسياسيا وهي مهمة صعبة جدا.
في الأيام الأولى من تفجير الثورة ألقي القبض على بعض المناضلين من الأحزاب الأخرى، حيث حملوا علي النمر بالتحضير للثورة ممّا أدّى إلى ملاحقته من طرف بوليس العدو واعتقاله في 11 / 11 / 1954، وسجنه في باتنة حوالي ثلاثة أشهر وتعذيبه ومحاكمته، وكان المحامي المدافع عنه اليهودي ''قج'' المعروف ولم تتمكن فرنسا من معرفة الدور الذي كان يقوم به فاضطرت إلى إخلاء سبيله في شهر فيفري 1955. وبعد أيام عالج فيها آثار التعذيب التي تعرض لها في السجن، وبعد أن تأكد أن قواة الاستعمار الفرنسي لم تعد تمهله وظلت تلاحق تحركاته التحق بالعمل العسكري في صفوف جيش التحرير، إلى جانب إخوانه المجاهدين في أوائل شهر مارس 1955.
مساهمته في نشر وتوسيع رقعة الثورة
منذ التحاقه بصفوف جيش التحرير الوطني عمل الشهيد علي النمر على نشر وتوسيع رقعة الثورة بتوعية وتعبئة الجماهير الشعبية وتجنيد الشباب في صفوف جيش التحرير الوطني، وتعيين مسؤولين لاسيما في الجهة الغربية من ولاية الاوراس حتى القبائل الكبرى في الولاية الثالثة. توجه إلى الولاية الثالثة مع القائد الشهيد محمد لعموري ثلاث مرات أولاهما في بداية 1955 لتبليغ البريد إلى مسؤولي القبائل الكبرى بهدف التعاون والتنسيق والتشاور لنشر الثورة ودعمها وعلى مواجهة حركة المصاليين والقضاء عليها.
كانت رحلته الثانية قبل مؤتمر الصومام في حدود نهاية ربيع 1956، وقد صاحبه المجاهد دعاس المسعود إلى غاية المسيلة، ثم واصل معه الطريق المجاهد بلقاسم خرشوش ومصطفى ملاح، وقد وصل جبال جرجرة والتقى بالقائدين سي عميروش وعمران. ومكث هناك ما يزيد عن عشرين يوما وشارك في بعض المعارك التي وقعت مع المصاليين في جرجرة. وبعد مؤتمر الصومام سافر للمرة الثالثة إلى القبائل الكبرى، وقد حضر عددا من الاجتماعات من مسؤولي منطقة القبائل في القرية (أفرحونن) بتيزي وزو بين 1 و11 جانفي 1957، كلّف القائد علي النمر بمهمة الاتصال بمنطقة القبائل الكبرى بسبب معارفه الكثيرة بهذه الجهة لأنّ أخواله من هذه المنطقة (جرجرة) وقدرته على الإقناع، حيث يعتبر مفاوضا محنكا وسياسيا بارعا كما يصفه زملاؤه ورفاقه في الجهاد.
ويتواجد قبره حاليا ببلدية يابوس بولاية خنشلة.
لموشي حمزة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.