ربيقة: دور أساسي أداه الفقيد في كسر الحصار الاستعماري وإسماع صوت وطنه أحيا المتحف الوطني للمجاهد، ذكرى المجاهد المرحوم محمد خميستي رائد من رواد الحركة الطلابية خلال ثورة التحرير الوطني وأول وزير للخارجية للجزائر المستقلة، أمس، بمقر المتحف بحضور عائلة الفقيد ومجاهدين وممثلين عن وزارة التعليم العالي. أشاد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بشخصية المجاهد المرحوم محمد خميستي ومساهمته البارزة في الحركة الطلابية إبان ثورة التحرير، والتحاقه بصفوف الثورة مبكرا، حيث تحمل وإخوانه من الطلبة مسؤولية المساهمة في تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، وتنظيم الحركات الاحتجاجية للطلبة الجزائريين ودعمهم لكفاح التحرير الوطني، ونال في سبيل ذلك مرارة السجون والمعتقلات داخل الوطن وخارجه. وأضاف ربيقة، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، نور الدين السد:»هذا الرمز الوطني الذي نستحضر اليوم ذاكرته المجيدة، والجزائر مازالت تحتفي بالذكرى 68 لاندلاع الثورة التحريرية بشعار»ملحمة شعب وعزة أمة»، هي ملحمة خالدة خط سطورها بمداد الفخر والاعتزاز بنات وأبناء الشعب الجزائريين من أمثال سي محمد خميستي». وأبرز وزير المجاهدين الدور الأساسي الذي أداه الفقيد في كسر الحصار الاستعماري وإسماع صوت وطنه والدفاع عن قضيته والتعريف بها في كل المحافل الدولية، وبنضال الجزائريين، وظل على هذا السبيل القويم إلى أن تحققت الحرية بفضل تلك التضحيات، يضيف الوزير. وقال:» إذا كانت تضحيات رجالات الأمس قد أعادت للجزائر سيادتها، ومكنتها من استعادة مقومات شخصيتها ودورها في الحضارة الإنسانية، فإن الجزائر الجديدة اليوم على نهج هؤلاء العظماء، وبفضل قيادتها الحكيمة تحقّق انتصارات مشهودة في شتى المجالات». وأضاف:» وما نجاح القمة العربية في شهر الثورة المجيدة بقراراتها ومخرجاتها التاريخية، إلا دليل على تلك الحنكة الدبلوماسية التي تسهم بفعالية في استتباب الأمن والسلم في المحيط الإقليمي والدولي، وتعزيز فرص الحوار والتعاون في المجتمع الدولي». واستعرض وزير المجاهدين مسيرة خميستي النضالية، الذي ترعرع وسط أسرة فقيرة متشبثة بالقيم الوطنية السامية والمبادئ النبيلة، تابع مشواره التعليمي بتفوق، فكان الكشاف الملتزم والطالب المتفوق في دراسته. التحق الراحل خميستي بصفوف الثورة التحريرية مبكرا وساهم رفقة إخوانه في تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، كلفته قيادة الثورة بمهام ثورية خارج الوطن، وبعد خروجه من سجون الاستعمار تولى مهام التعريف بالقضية الجزائرية وتعزيز الدعم المادي للثورة عن طريق أصدقائها في أوروبا. وفي شهادة ابنة أخته حفيظة ايكاش، أكدت على نبوغه في الدراسات، حيث تحصل على شهادة البكالوريا بتقدير ممتاز في شعبة الرياضيات، وكان طبيبا في فرنسا بمونبولييه، ثم التحق بجبهة التحرير الوطني، ثم درس العلوم السياسية. وأضافت حفيظة :»كنا نناديه بأخي لأن والدتي هي من ربته لانه يتيم الأبوين، كان له شقيق شهيد وثلاث إخوة وأختين، كان ذكي جدا، ينتمي لعائلة فقيرة لكن لديها ذكاء خارق للعادة». وأشارت قريبة الشهيد أن هذا الأخير ألف كتابا عن سيرته في السجن، لكنه اختفى، آملة في العثور على هذا الكتاب. رجل منهجي وقال البروفيسور محمد رزيق بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن الرجل الذي عينه الرئيس أحمد بن بلة ذو علم ومستوى أكاديمي بدليل أنه بدأ بالطب ثم تحوّل إلى القانون والعلوم السياسية في سويسرا. وأضاف أن شهادات أشخاص كانوا معه في تلك الفترة، يؤكدون انه كان رجلا منهجيا في العمل، وأن الملفات التي اهتم بها في هذه الفترة هي ملفات كثيرة أهمها تجسيد وتطبيق اتفاقية إيفيان في مارس 1962 مع فرنسا، وأولى أهمية لقضية المغرب العربي إلى بناء علاقات متينة وصلبة مع دول المنطقة. وأبرز البروفيسور سعيدي مزيان، أن الحديث عن الشهيد خميستي هو الحديث عن الحركة الطلابية ومساهمتها في الثورة وعن الدبلوماسية، وقال إنه لابد من ذكرهم حتى لا نغفل حقهم، ونخلد ذكراهم مثلما قال الشهيد مراد ديدوش: «إذا متنا فلا تنسوا ذاكراتنا». واستعرض البروفيسور نبذة عن مسيرة الفقيد وأهم المحطات الخاصة بشخصيته، وأكد أنه أول وزير للخارجية للجزائر المستقلة، من مواليد 11 أوت 1930 بمغنية ولاية تلمسان وتوفي في 4 ماي 1963، تقريبا ستة أشهر بعد توليه منصب وزير الخارجية بعد استرجاع السيادة الوطنية. كان الأصغر في عائلته، احتك بشباب الحركة الوطنية وتكون في الكشافة الإسلامية أسوة بزميله احمد مدغري. عرف في محيطه بأخلاقه الطيبة وذكائه، واصل مشواره التربوي في تلمسان، وحاز على شهادة البكالوريا، التحق بكلية الطب بمونبولييه بفرنسا، وسيكون له دور كبير جدا أثناء الموسم الجامعي 1952-1953 سنتين قبل اندلاع الثورة التحريرية. وقال:» يمكن اعتباره من رواد الحركة الطلابية خاصة وأنه تمكن من إنشاء خلايا فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا في1955 قبل تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين». تأسيس المنظمات الجماهيرية محمد خميستي كان من بين المدافعين عن إدراج كلمة المسلمين لأنها تمثل هوية الجزائري خاصة، ترأس المؤتمر الثاني للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في 1956 انتخب أمينا عاما، كلمته الشهيرة: «كيف يمكن لنا أن ندرس إذا كنا نجر قيود العبودية الاستعمارية، إن الطلبة المسلمين الجزائريين مستأصلين عن عروبتهم بعدما تعرضت شخصيتهم للتشويه والمنفيين عن لغتهم وماضيهم، يطالبون أولا بحقهم في أن يكونوا كما هم، كما يطالبون بدراسة لغتهم والعودة إلى أصولهم الثقافية، إن قضيتنا قبل كل شيء هي قضية الحرية..». وأشار المحاضر إلى مساهمة خميستي في تأسيس فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم، وتأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني وغيرها من المنظمات الجماهيرية للدفاع عن الثورة الجزائرية. سافر إلى موسكو وبعض البلدان المشرقية والتقى بشخصيات منها خروتشوف وساهم في ترقية التضامن العالمي لصالح الثورة وترأس الوفد الذي ذهب إلى الصين والفيتنام، اعتقل في 1957 وسجن ثم نقل إلى سجن الحراش.